أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سامي الاخرس - معركة الأيديولوجيا















المزيد.....

معركة الأيديولوجيا


سامي الاخرس

الحوار المتمدن-العدد: 6310 - 2019 / 8 / 4 - 00:32
المحور: القضية الفلسطينية
    


يقول نيتشه“ إن المبدع يطلب رفاقًه بين من يعرفون أن يشحذوا مناجلهم، وسوف يدعوهم الناس هدامين ومستهزئين بالخير والشر، غير أنهم يكونون هم الحاصدين والمحتفلين بالعيد“ هذه الاستهلاله التي دائمًا نقرأ عنها في تاريخنا الذي استرشدنا به في الماضي القريب، الذي لا زلنا ناظرينه في سير من سبقونا في معترك الثورة، وشكّل انطلاقة فعليه عندما أدرك بعض الشباب الفكرة، وانطلقوا للبحث عن الرفاق المبدعين لتشكيل وبلورة كيان حي يعيد للأمة مهابها الذي أهدرته الحراب غير المؤطرة في معركة عشوائية غير منظمة لتضع حد للتاريخ وتحرف مداميك الانتصار الذي كان يمكن له أن يرسم الخريطة الحقيقية للجغرافيا السياسية والإنسانية، فكان الراحل جورج حبش يبحث في مدرجات الجامعة الأمريكية وغيرها عن الإبداع لنقش الفكرة الأيديولوجية التي من خلالها يمكن له أن يهتدي لسبيل البندقية المؤدلجة ويخوض فيها غمار معركتين، كل معركة بحاجة لجند مبدعة، وفيالق مدربة في مقارعة العدو الأشرس في تاريخ البشرية الذي يتميز بكولونيالته واستناده لتزيف مراسم التاريخ، ومعالم الجغرافيا، فاهتدى لرفاق مبدعين في المجالات السياسية، الأدبية، الفكرية، العسكرية، وحواس قتالية مستمدة ومستوحاه من تكوينات الحرب الأيديولوجية، فرسم غسان كنفاني معالم الطريق إلى حيفا ويافا والنقب وصفد ...إلخ من خلال مبضعه الحبري (قلمه)، ويهتدي بناجي العلي الذي ترجم السحر البياني بريشته الكاريكاترية، مكملين الرواية الحربية لحرب الأيديولوجيا، في فيلق المواجهة والتصدي لتزييف الحقيقة والواقع في شقيه العام مع العدو الصهيوني وداعمته الإمبريالية الرأسماليه، وشقه المحلي المتغول والمتسلح بهجومه الشاذ، وفي الناظر الآخر يكون تعبيد الطريق بأيديولوجيا تتسلح بالرصاصة وشعارات الحرب التاريخية على أرض الميدان برًا وبحرًا وجوًا من خلال وديع حداد وكتيبته الاستشهادية التي انتفضت بفعل الأيديولوجية الهجومية للفكرة لترسم خارطة فلسطين في كل المواقع التي حلقت بها كتائب العمل الخارجي وروافدها الداخلية التي قادها القائد الفذ محمد الأسود في قطاع غزة، مع كتيبة أخرى من الرفاق الذين أبدعوا في شتى مجالات الحرب التكوينية للفكرة والرفيقات اللواتي خاضن معارك قاسية مع الأفكار المعلبة في بوتقة الإرث السحيق من قرون التحجر، لتنتصر الرفيقة المرأة في مجتمع تقليدي وتسجل اختراق انتصاري لحائط التحجر العقائدي من جهة، وجدران العادات الرثة من جهة أخرى وتثبت في مناظرات الفعل مستله إيمانها بذاتها، وربما للرفيقة الشهيدة شادية أبو غزالة دروب في معارك المجتمع من جهة والعدو من جهة أخرى لتدون في بادئة المعركة بالدم انطلاقة الإبداع التي أرادها المؤسس للفكرة الثورية.
” أن المبدع لا يتخذ له رفاقًا إلَّا من كانوا مثله مبدعين، أنه يتخذهم ممن يحفرون سننًا جديدة على ألواح جديدة“، هذه السنن الجديدة هي التي رسمتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عندما قرر المؤسسون أن تكون أحد الألواح الجديدة في معركة الأيديولوجيا في واقع متقولب الفكرة، مسجون العقيدة، مكبل العادات والتقاليد، لذلك كان لها وكان لهم ما أرادوا لأنهم شرعوا دربهم بالمبدعين من رفاق مقاتلين متسلحين بمعركة الأيديولوجيا التي خاضوا بها معركتهم الرئيسية ومعاركهم الثانوية في محاور التفكير الإنساني، والإبداع المطلوب في استيعاب هذه العلاقات الفلسفية وتنظيمها في التصور الذهني للإنسان الذي يضع معركة الوعي في خنادق بالية رثة، وينطلق بفطرته التقليدية التي سقطت في ثورة 1936 ومن ثم حرب 1948 ومن ثم حرب 1967 فكان السقوط المتكامل لمعركة الجغرافيا والتاريخ معًا، إلَّا أن تمَّ إعادة صياغة مقومات الإستنهاض الأيديولوجي من فيلق المبدعين الذي شكله المؤسس جورج حبش وأعاد به صياغة التاريخ الذي تمَّ السطو عليه، وتحريف مساره في عملية تعليب الوعي الذهني للإنسان المقاتل المجرد من الأيديولوجيا الثورية التي تشكل قوة الدفع الفلسفية التي يناور من خلالها لتحقيق النهوض والنصر والتقدم بخطوات الثبات، وهو ما استدركه العدو الصهيوني والقوي الطفيلية الملتصقة به من الرجعيات المحلية والعربية التي قادت معركة التصفية لهذا الفيلق من المبدعين المتنمرين على التخلف والاحتواء، فكان لصدى الصوت والضوء فعل الزلزلة التي استقطبت كل المبدعين على البسيطة ليلتحقوا بركب الثورة الإبداعية الأيديولوجية المنطلقة من مركز الصراع، وقلب المعركة.
هذا الاتجاه النظري الأيديولوجي الثوري الذي بدأ ينقش إحداثياته على أرض المعركة من خلال التعبير عنه بلغة الواقعية الجدلية والتي بمنطقها لا مبرر لرد المعركة والعودة عن فلسفتها، ولا للفصل التام أو الجزئي بينهما، كما أنه لا مبرر لرد الوعي الأيديولوجي إلى الوعي الزائف، فكان النظر إلى الأيديولوجيا من وجهة الواقعية الجدلية يفترض أن ماهية الأيديولوجيا الثورية مغايرة لأيديولوجيا وماهية الزيف، لذلك فقد انطلقت العلاقة القتالية بينهما من واقع تفارق، والالتحام بعلاقة التشارك مع التقدمية الثورية التي ساهمت في إيقاظ الوعي العالمي نحو المعركة التاريخية في الجغرافيا الأكثر اتساعًا، من خلال فلسفة البناء الأيديولوجي واتخاذ المواقف من كلِّ اتجاهات الصراع حتى مع الصراع الفلسفي المناقض من أجل تحقيق غاياتها.
هل حققت الحرب الأيديولوجية غاياتها؟!
أثنان وخمسون عام على انطلاقة الفكرة الثورية الأيديولوجية في معركة شمولية متصلة الحلقات في صراعها، هي مسيرة المسيرة الرابضة على مواقع التقدم نحو الأمام، طرحت من خلالها العديد من الشعارات الواقعية المستوحاه من جدلية الصراع الفلسفي القائم على الوجود أو اللاوجود، حشدت من خلاله جيوش من المبدعين وفق نظرية النخب في عملية الانتقاء لجنودها على كلِّ المسارات فكانت تحلق بجناحيها كلّما سمع الكون ضجيج أحد تلك الشعارات من خلال ” الحقيقة كل الحقيقة للجماهير“ والالتفاف المبدع الذي شكله غسان كنفاني في بوتقة الهدف الناطقة باسم كل المضطهدين والمظلومين على هذه المعمورة، فاستقطب آلاف المقاتلين من أجل الحقيقة وساد الشعار الممارسات العينية في معارك الفلسفة الجدلية لمدارس الأيديولوجيا المختلفة، فسقط صاحب الشعار مدرجًا بإبداعه واستمر الشعار من جيل إلى جيل يزداد بريقًا ولمعانًا في معركته الوجودية، ومن ثم استلهم المبدع وديع حداد شعار آخر في منحى آخر وميدان آخر شعار“ وراء العدو في كل مكان“ واستطاع الشعارين أن يتطورا في زمان ومنطق خاصين بهما، مكتملان الأهداف منسجمان، وبدأ الشعار المبدع يجد ساحات ومسافات شاسعه في الوجدان العام والوعي العام في صراع الأضداد، ولا زال الشعار قائم يحاول الالتحاق به كل من انتقدوه وهاجموه، بل ومن تركوه وأصبح المبدع صاحب الشعار مطلب للوعي العام. إذن ومن خلال نموذجين فقط يمكننا الإجابة المطلقة بنسبيتها الواقعية أن الأيديولوجيا وحربها حققت اختراقات وانتصارات في المواجهة بكلِّ فروعها وتناقضاتها العامة والخاصة.
لماذا التراجع؟
الأزمة تزداد تعقيدًا كلما أسهبنا في طرح تفاصيلها وجزيئياتها لأننا نمتلك اجابتها ولكن لم نقف عليها، بل أصبحنا كمن يقف على ذنبه، ويتوقف عن التطور في عملية تجميد لفلسفة الفكر الأسطوري القديم للعصور الوسطى عندما كانت تجابه الأيديولوجيا أسطورة الفكر الديني، الذي كان باسط سيادته على الوعي، وهي المعركة التي تعيد إنتاج ذاتها، فتجد استسلام ومسايره لها وعدم القدرة على مجابهة ومواجهة صراع الأيديولوجيا الذي انتصر في حقبة المبدعين، فاختفى هؤلاء وتراجعت مواجهة الأيديولوجيا التنويرية الفكرية لتحرير الإنسان من رتابة الانحباس في مكونات الوعي، فكان لابد من التراجع لأن المبررات لم تعد قائمة على المواجهة، ولأن المبدعين المنتجين للمواجهة وشعاراتها تشرذموا في ترهلات الواقع والواقعية القائمة دون الإستعداد لخوض المعركة أو إعادة احياء المعركة من جديد لبسط الحرب الأيديولوجية في ميادينها المتنوعة وصراعها العنيف مع مكونات الزيف. إذن فالتراجع ليس وليد أزمة عقيمة معقدة بل هو وليد أزمة في تحرير المجتمعات من طغيان السلطة السياسية التقليدية للفكر والوعي.
ما الحلول؟!
بعد هذا التحليل المقتضب والاستعراض المبسط لمعالم المعركة فإن القصور في انتاج المبدعين والدفع بالنخب في واجهة المعركة هو أهم مكونات الأزمات العميقة التي أدت لاضمحلال القوة التحفيزية الدافعة لخوض المعارك التي خاضها السلف المبدع في مقارعة كل الجبهات وليثبت على أرض المعركة والواقع في حرب الأيديولوجيا ليرتد إما ضعفًا أو عجزًا أو انحيازًا لمصالح الأقوى أو تبعثر في مقومات الوعي التي نجح العدو والمرتبطين به من أحداث زلزلة فاعلة في فيالق المبدعين للإستسلام لما هو قائم.
إذن فخلاصة الأمر أن الحرب الأيديولوجية هي الحرب المفصلية في معركة الصراع العام بكل مكوناته مؤثراته، وأن هذه الحرب تحتاج جيشًا من المبدعين للوقوف على صلابة الانتصار الذي يعيد للمعركة سطوتها وللأيديولوجيا انتصارها وثباتها.



#سامي_الاخرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متطلبات وقف الإتفاقيات مع دولة الكيان الصهيوني
- المقاومة بين الإستراتيجي والتكتيك
- مصر ورسائل الأمن
- مؤتمر البحرين عوار فلسطيني
- ثلاث حكومات في الربيع
- اليسار السوداني يقود ثورة فعلية
- المقاومة مشروع متكامل
- حصاد اليسار... التجمع الديمقراطي الفلسطيني
- حكومة فصائلية متطلب حالة أم هروب
- حرب نفسية في المواجهة مع دولة الكيان
- السودان في اتجاه معلوم
- اقليم ليس متمرد
- الظاهرة الطبيعية في انطلاقة الجبهة الشعبية
- ليسوا مطبعون بل منفذون
- رأفت النجار لا أعرفك ولكني أعرفك
- خطاب الرئيس محمود عباس بين القديم والجديد
- روسيا وتركيا في سوريا
- هدنة الوهم أم وهم الهدنة
- القضية الفلسطينية على موائد التاريخ والحلول
- ماذا بعد الرئيس محمود عباس


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سامي الاخرس - معركة الأيديولوجيا