أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسن خليل غريب - الكل ينهبون والكل يكذبون














المزيد.....

الكل ينهبون والكل يكذبون


حسن خليل غريب

الحوار المتمدن-العدد: 6599 - 2020 / 6 / 22 - 23:04
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


منذ السابع عشر من تشرين الأول من العام 2019، لفَّ الأوساط السياسية والدينية في لبنان ذهول مما يحصل في الشارع، وظهر لأصحاب السلطة كأنه حدث مفاجئ لهم في الوقت الذي لم يحسبوا أي حساب للاعتراض الشعبي على كل ما يمارسونه من موبقات ونهب وسرقات.
راحت تلك الأوساط تفرك عيونها وهي لا تصدِّق أن شرائح واسعة تمثِّل كل الطيف اللبناني تنزل إلى الشارع هاتفة بإسقاط كامل الطبقة السياسية الحاكمة. حاولوا قمعها وتحجيمها باتهامها بشتى صنوف العمالة والالتحاق بالخارج. لقد كانت ولادة تُنبئ بفجر جديد لم تعتد عيونهم على رؤيته. لذلك تراوحت ردود أفعالها، بين مُكذِّب لها ومشكك بمقاصدها. وكانت ردود أفعالها على أساس أنها سحابة فجر، أو سراب كاذب، ستبددها خيوط شمس يرونها من زاوية واحدة، وهي زاوية الرؤية عندهم. فهزأوا بها، وكأنها شلَّة من شباب لبنان وشاباته سيتخبطون في ردود أفعالهم، ولن يطول الأمر بهم لينكفئوا على أعقابهم، فيعودوا القهقرى تحت ضغط أو تهويل يقوم بها بعض من أزلامهم، من خدم وحشم ومضلَّلين ولاعقين لبعض ما تركوه لهم من بقايا القدور الدسمة.
لم يكن فجراً من سراب، بل استمرَّت خيوطه الذهبية بالإشعاع والانتشار، وراح يوجِّه أنواره كاشفاً عما أخفته تلك المؤسسات في الظلام الذي افتعلته وغطَّت به على ما ارتكبته من فضائح وجرائم، ذبحت لبنان من الوريد إلى الوريد.
وكان المضحك المبكي، الذي فجَّر خصورنا من الضحك، تلك الاتهامات التي أخذ بعض من وظَّفوا ذكاءهم في خدمة أحزاب السلطة، وكلها متهمة، أنهم نسبوا أسباب بزوغ الفجر الجديد إلى فعل من أفعال سفارات الخارج، متناسين أن أولياء أمورهم يفتخرون بوقوفهم أمام تلك السفارات. لا بل يتبارون من هو الأكثر ذكاء من الآخر في ابتكار فنون الحصول على دعم خارجي يُتخم جيوبه، ويُشبع بها بطون أنصاره.
وأما لماذا تتهم الانتفاضة كل من شارك في السلطة بالنهب والفساد؟ فهل في الاتهام شيء من المبالغة والتجني؟
تعريفاً، وحيث يرد مصطلح (المؤسسات الطائفية)، نقصد به ما يلي: (المؤسسة الطائفية هي نتيجة تحالف بين طرفين: الأول مجموعة من النخب السياسية والاجتماعية التي استطاعت بوسيلة أو أخرى أن تصل إلى كراسي السلطة باسم الطائفة، والثاني المؤسسة الطائفية الرسمية التي تدعمها وتستفيد من عائدات الدولة بعشرات المليارات).
علماً أنه لا حزب سلطوي في لبنان من دون مؤسسة طائفية تحميه، صمد فجر 17 تشرين الأول، في مواجهة شدِّ وقمع أحزاب السلطة، ومن يدين لها بالولاء من مؤسسات دينية، فانتصر لقوة تأثيره وصموده واستمراره، بانتزاع الاعتراف من المؤسسات الطائفية جميعاً بأحقية المطالب ومشروعيتها. وراحت من بعدها تلك الأحزاب تتبارى في كسب ودِّ الذين ملأوا الشوارع والساحات. ولم يبق منهم أحد لم يعترف بمشروعية المطالب، ويُغدق الوعود بالعمل لأجلها. وبلغ سقف تأييد أحزاب السلطة حداً جعل التمييز صعباً بين من هم أصحاب السلطة ومن هم أبناء الانتفاضة ضد السلطة.
كان الانتصار الأول لانتفاضة 17 تشرين، في أنهم انتزعوا اعترافاً صريحاً وواضحاً بمشروعية حراكهم من أحزاب السلطة. ولعلَّ أكثرها وضوحاً هي أنهم راحوا يتبرؤون مما ارتكبوه من نهب وفساد، بحيث راح البعض منهم يتنصَّل من المسؤولية ويلقي التهمة على الآخر، ووصل الأمر إلى حدود أنهم جميعهم بدوا أبرياء منها. وإذا كان الأمر هكذا، وإذا كانوا أبرياء جميعاً، فهل يمكنهم أن يوضحوا عمن يقف وراء الكارثة الاقتصادية التي ألمَّت بلبنان. الكارثة التي أعلن الجميع أنها وصلت إلى حد الإفلاس؟
من ينتظر أن تعترف أحزاب السلطة بالمسؤولية فهو واهم. ولذلك كان شعار الحراك، منذ ما قبل 17 تشرين، (كلن يعني كلن)، هو الشعار الحقيقي الذي أوصل لبنان إلى الكارثة. بحيث تؤكد كل الوقائع مبدأ شمول الجميع بتحمل المسؤولية، إما بالمشاركة وإما بالتواطؤ. فكيف حصل ذلك؟
لأن نظام الطائفية السياسية، وهو نظام المحاصصة، يعني أنه لا تحتكر طائفة واحدة أية مؤسسة رسمية، من أصغرها وصولاً إلى أكبرها شأناً. فكل مؤسسات الدولة تتمثَّل فيها جميع الطوائف بشكل عادل ودقيق. ولأن العدالة في هذا النظام غير موجودة سوى في توزيع الحصص بين أمرائه، فإن أية وظيفة جديدة عليها أن تخضع للتدقيق من قبل المؤسسات الطائفية لتحسب كم تبلغ حصتها فيها.
ولأن كل مؤسسة طائفية لها حصتها في كل مؤسسات الدولة، ولأنها هي التي تختار موظفيها من أبناء طائفتها، يعني ذلك تحميلها مسؤولية تقصيرهم، ومحاسبة هؤلاء على أي تقصير.
ولأن كل دائرة رسمية تضم خليطاً من ممثلي الطوائف، فهذا يعني أن كل الطوائف تتحمل مسؤولية أي تقصير. المسؤولية التي يتحملها الموظف والمؤسسة الطائفية التي اختارته. فمعيار المسؤولية الموحَّد: (حراس الطائفة يختارون ممثليهم في الوظائف، إذن هم مسؤولون عن إخفاقهم بعملهم).
ولما كانت أحزاب السلطة، كأحزاب طائفية، مدعومة من مؤسساتها الدينية،
ولأنه أصبح من الثابت أن النهب والفساد يعمُّ كل مؤسسات الدولة، فإن تلك المؤسسات الطائفية السياسية تتحمل المسؤولية بالتكافل والتضامن.
ولأن الجميع ينأون بأنفسهم عن المسؤولية، وكي نحمي المسكين، (الفاعل المجهول)، من تهمة النهب والفساد، نعلن الحقيقة الكاملة، قائلين: (الجميع ينهبون، والجميع يكذبون).



#حسن_خليل_غريب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو تصحيح لقواعد اللعبة الأميركية الإيرانية في العراق
- في الصراع الأميركي - الإيراني الخائن وحاضنه في مكيال واحد
- لا للدول الدينية وأخواتها من الأنظمة الطائفية السياسية
- عرض كتاب (الردة في الإسلام) الحلقة الثالثة (3/6)
- عرض كتاب (الردة في الإسلام) (3/6)
- الحلقة الثانية من كتاب (الردة في الإسلام) (2/ 6)
- الحلقة الأولى من كتاب (الردة في الإسلام) (1/ 6)
- عرض مكثف لكتاب (الردة في الإسلام) على حلقات
- أفعال الإنسان بين التواكلية والخلق الذاتي
- النظام الطائفي السياسي في لبنان منهج تاريخي متخلَّف (1/ 3)
- المسلسلات التلفزيوية تطبيع نفسي لترويِج صفقة القرن
- لا خلاص لنفس بعد الموت لا تسعى لحياة سعيدة قبله
- برمجة العقل العربي بين مطرقة الثقافة التقليدية وسندان ثقافة ...
- إنزعوا غطاء الطائفية والمحسوبية عن رغيف الخبز
- في زمن الكورونا لعلَّ في الإعادة إفادة: الثورة داخل الثورة
- فيروسات الرأسمالية والصهيونية أشدُّ فتكاً من كورونا
- وباء الكورونا أزمة أخلاقية وليست بيولوجية
- لا طاعة لرجل دين لا يُشهر سيفه بوجه الفاسدين
- أموال المؤسسات الدينية ملك للفقراء
- لكم طوائفكم ولي طائفة الكفاءة والنزاهة


المزيد.....




- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسن خليل غريب - الكل ينهبون والكل يكذبون