أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن خليل غريب - لا للدول الدينية وأخواتها من الأنظمة الطائفية السياسية














المزيد.....

لا للدول الدينية وأخواتها من الأنظمة الطائفية السياسية


حسن خليل غريب

الحوار المتمدن-العدد: 6584 - 2020 / 6 / 5 - 23:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إذا كان من غير المفيد أن نجترَّ الماضي، بغثِّه، لكن من المفيد أن نستعيد سمينه إلى الذاكرة، ونعمل على تعميقه وعصرنته. أثارت هذه الفكرة في ذهني إعادة قراءة بداية تكوين الحركة الفكرية العربية، حتى ولو كانت بلمعاتها الأولى التي بدأت تشعُّ في بواكير الدعوة الإسلامية. حينذاك، وبعد أن بدأت نواة الدولة الإسلامية تتكون؛ وأخذت المشكلات الناجمة عنها تطل من رحم عقول النخبة، وتقف أمام إشكاليات فرضتها ظروف الانتقال من المجتمع الإسلامي الأول، إلى مجتمعات أوسع، لها ثقافتها الخاصة، حتى بدأت الأسئلة تتكاثر، بعضها كان يساعد السلطة على تثبيت نفسها، والدفاع عن استمراريتها، وبعضها الآخر كان يكشف عورات السلطة ويعريها.
من تلك اللمعات الأولى، انتشرت بعض الفرق الكلامية التي رفعت السؤال العقلي، التي تكوَّنت خارج قيد النزاع على السلطة، ولم تكن لها أهداف سياسية بأكثر من أنها كانت تضيء على تلك الأهداف. لكن هذا لم يكن ليضيرها سواءٌ أستفادت منها السلطات القائمة، أم استفادت منها المعارضة وما كان أكثرها.
ما كنت لأعيد نبش ما يسميه البعض أفكاراً خشبية يعود تاريخها إلى أكثر من ألف وأربعماية سنة، لو لم يكن خشبها لا يزال صالحاً كوقود لمصهر مشكلاتنا الراهنة التي نعاني منها الكثير. فوجدت أن ما أثيره ليس خشبياً، بل مشكلاتنا لا تزال خشبية، وما يضرنا لو عالجنا خشبية إصرارنا على منع العقل من أن يأخذ دوره، كما لو كان الواقع الذي نعيشه الآن شبيه تماماً بواقع كان معيوشاً منذ ألف وأربعماية عام؟
واستناداً إلى تلك الأسئلة التي ولَّد النص إشكاليات حولها، عمل البعض من العرب المسلمين الأوائل على إنتاج أجوبة عنها، سأقوم بمقاربة بين العصرين: عصر ما قبل تلك الأعوام الطويلة التي كان العقل العربي فيها يحبو، وعصرنا الراهن الذي امتلأ بضجيج العقل وضوابط استخدامه. وسأستند في المقارنة، أو المقاربة، إلى تكثيف اللمعات العقلية التي أخذت تضيء سماء أجواء إجتماعية كانت عابقة بالوجدان الديني الذي كان يترافق مع الدعوة الإسلامية في بواكيرها الإيمانية الأولى. تلك المفاهيم كانت جديدة ومثيرة في عصر كان البعض فيه يغامر في إدخال طفل العقل إلى ميدان اجتماعي كان متأثراً بثقافة دينية ذات طابع قدسي. وربما كان ذلك العقل مسلوباً من نويات الثورة على التقليد الإيماني.
في بواكير محاولة بناء دولة إسلامية يحكمها رأس خليفة واحد مدبِّر لشؤونها، منذ بداية عهد الخلفاء الراشدين. وكان تأسيس ذلك البناء قائماً كبديل لتقاليد القبائل المُشتتة، عرفت تلك المرحلة، من ضمن ما عرفت، ولادة فرقتين اثنتين حصرنا الكلام بهما دون غيرهما لعلاقتهما بالموضوع الذي نعالجه في هذه المقالة، وهما فرقتا الجبرية والقدرية.
كانت فرقة الجبرية تعتقد بأن الإنسان مجبور على أعماله، وهذا يخدم السلطة السياسية، بأن وصولها إليها، كان بتقدير من الله. وأما فرقة القدرية، فتستند إلى مبدأ الاختيار، وهذا يعني أن السلطة الحاكمة تتحمَّل وزر اختيارها.
وبمراجعة أعمق لتأثير تلك الإضاءات الفكرية، كانت الجبرية تصب في مصلحة الأنظمة السياسية القائمة، والقدرية كانت تصب في مصلحة المعارضة. ومن اللافت أن فتاوى المؤسسات الدينية، ومن دون استثناء تعددياتها المذهبية، كانت تستند إلى مبدأ ديني ثابت وهو (الإيمان بقدر الله خيره وشره). وهذا يؤكد وقوف تلك المؤسسات، في كل الظروف، إلى جانب نصرة السلطة السياسية لتوحي وكأن الله قدَّرها واختار من يتولى شؤونها. وهذه الحقيقة تؤكد، أن تحالف رجل الدين مع السياسي، كان تحالفاً وثيقاً وثابتاً؛ فالأول، واستناداً إلى النص الديني، كان يدافع عن عقيدته الدينية ورؤيتها للسلطة؛ وأما الثاني فكان يدافع عن موقعه في السلطة بأسانيد دينية. وإذا كانت بعض المذاهب غير الحاكمة تحمل سلاح القدرية لمواجهة السلطات الحاكمة، فإنها عندما كانت تصل إلى السلطة ترتدَّ على أعقابها لتحصين نفسها وحماية أنظمتها السياسية بسلاح مبادئ الجبرية. إن هذه الحقيقة، تثبت أن قيام أي سلطة دينية، أو أية معارضة دينية للسلطة، لا يمكن أن يُوثق بما تعلنه أي منهما، بل بما تُبطنه، لأن جميع الدول الدينية لا ترى سلطة شرعية أخرى غير سلطتها، واستناداً إلى رؤيتها العقيدية ومصالحها السياسية.
وهنا، ماذا نستفيد من مفاهيم البواكير الأولى للحركة العقلية التي أشرنا إليها في مقدمة المقال؟
إن تحالف رجل الدين مع السياسي حقيقة قديمة ترافقت مع بناء أول نواة للدولة الإسلامية، ليس بالضرورة أن يكون صادماً لأنه حقيقة تتواصل حتى الآن. وفي هذا السبب ما يدفعنا إلى النظر بحذر لأي تحالف يحصل بين رجل الدين ورجل السياسية، أي تحالف المؤسسات الدينية مع السلطة السياسية، لأنها تحمل دائماً عوامل تبادل المنفعة بينهما. ويسوأ الأمر أكثر إذا كان البعض من تلك المؤسسات الدينية يعتبر المطالبة بإسقاط السلطات السياسية الظالمة يقع بالضد من إرادة الله.
إن خطورة تلك الدول، وتلك المشاريع هي أنها تسلب المؤمنين بها حرية اختيار النظام السياسي، خاصة إذا تمَّ تدجينهم حسب قواعد الفرقة الجبرية. لأنها لا تزال حية تُرزق منذ ألف وأربعماية سنة، ناهيك عن أنها رافقت آلاف السنين التي سبقتها.
إن هذه الحقيقة تؤكد ضرورة استبدال أي سلطة قائمة على أسس دينية، أو على ما يشبهها كالطائفية السياسية. لا بل رفض أي مشروع سياسي ديني يُروِّج له أصحابه لأنه إذا وصل للحكم فسوف يُسبغ على نفسه شرعية إلهية أيضاً، يتخيَّل أنه يحكم باسم الله، ويظلم باسم الله، وينحر حرية البشر باسم الله.



#حسن_خليل_غريب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عرض كتاب (الردة في الإسلام) الحلقة الثالثة (3/6)
- عرض كتاب (الردة في الإسلام) (3/6)
- الحلقة الثانية من كتاب (الردة في الإسلام) (2/ 6)
- الحلقة الأولى من كتاب (الردة في الإسلام) (1/ 6)
- عرض مكثف لكتاب (الردة في الإسلام) على حلقات
- أفعال الإنسان بين التواكلية والخلق الذاتي
- النظام الطائفي السياسي في لبنان منهج تاريخي متخلَّف (1/ 3)
- المسلسلات التلفزيوية تطبيع نفسي لترويِج صفقة القرن
- لا خلاص لنفس بعد الموت لا تسعى لحياة سعيدة قبله
- برمجة العقل العربي بين مطرقة الثقافة التقليدية وسندان ثقافة ...
- إنزعوا غطاء الطائفية والمحسوبية عن رغيف الخبز
- في زمن الكورونا لعلَّ في الإعادة إفادة: الثورة داخل الثورة
- فيروسات الرأسمالية والصهيونية أشدُّ فتكاً من كورونا
- وباء الكورونا أزمة أخلاقية وليست بيولوجية
- لا طاعة لرجل دين لا يُشهر سيفه بوجه الفاسدين
- أموال المؤسسات الدينية ملك للفقراء
- لكم طوائفكم ولي طائفة الكفاءة والنزاهة
- إلى تجار السياسة والاقتصاد والدين
- الداعشية اسم حركي لكل القوى الطائفية
- أنت مع النظام الإيراني، إذن، أنت تذبح العراقيين


المزيد.....




- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسن خليل غريب - لا للدول الدينية وأخواتها من الأنظمة الطائفية السياسية