أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - صلاح عبد العاطي - الاقليات وحقوق الانسان في المجتمع العربي















المزيد.....



الاقليات وحقوق الانسان في المجتمع العربي


صلاح عبد العاطي

الحوار المتمدن-العدد: 1590 - 2006 / 6 / 23 - 11:05
المحور: حقوق الانسان
    



مقدمة عامة:-

تضم معظم دول العالم أقليات كبيرة متنوعة بأصولها أو ثقافتها أو ديانتها، إذ نادراً ما نجد في دولة مجتمعاً أحادي الدين واللغة، ولا يؤدي وجود أقلية دينية أوعرقية أو مذهبية بالضرورة إلى قيام معضلة سياسية وإلى بداية حرب أهلية، فهناك كما يرى غسان سلامة بحق:" أقليات نشطة سياسياً وأخرى مستكينة، أقليات تسعى إلى الإبقاء على الشعور"الاقلاوي" وعلى شخصيتها الذاتية وأخرى أكثر استعداداً لمستوى عال من الاندماج الاجتماعي- السياسي" .

وفي الوطن العربي ترفق التفاعل التاريخي بين المجموعات الأقليّة والأكثرية ، مع انهيار الإمبراطورية العثمانية ونظام الملل الذي أحدثته، والتدخل المتواصل للقوى الإستعمارية والامبرالية، ونشأة الدول القطرية، والتي تعايشت مع انحسارها للديمقراطية، واستمرار العمل بقوانين الطوارئ، وتعليق نصوص الدساتير العربية، وتتالي الهزائم العربية أمام إسرائيل، وتدهور الأوضاع الإقتصادية، وتراجع مؤشرات التنمية البشرية، وأدت هذه التراكمات في الواقع إلى إهمال العوامل المسبّبة لعدم الاستقرار بالدول العربية، وما ساهم أيضا في تفاقم مشكلة الأقليات في الوطن العربي غياب الديمقراطية، والمجتمع المدني ونقص إحترام حقوق الإنسان، والذي بدوره أدي الى إيجاد حالة من التوتر في العلاقات، الكائنة بين المجموعات الأقليّة والأكثرية، في الدول العربية، أحسن استغلالها الاستعمار والامبريالية، ما جعل من هذا الأمر أكثر المحظورات السياسية والثقافية تحريماً. باعتبارها إحدى أكبر مصادر الاضطراب وعدم الاستقرار في المنطقة، وواحدة من أشهر المبرّرات المستخدمة لاستمرار الممارسات القمعية فيها، ومبرراً للتدخل الامبريالي، الذي يحسن العزف علي وتر التناقضات الداخلية في المجتمعات العربية والثالثية، من أجل بسط مزيد من الهيمنة علي المنطقة ومقدراتها.

وكون حالة من الاستقرار في المجتمع العربي الملئ بفسيفساء من الاثنيات والأقليات، مرهونة بهيمنة هوية وطنية إندماجية، خاصة لدى صناع السياسات العامة، ترى بالفرد – أيا كان انتماؤه العرقي أو الديني أو المذهبي- "مواطنا" متساوياً في الحقوق والواجبات تحت كل الظروف، وبكلمات أخرى، تفترض الولاء للمجتمع أو الأمة، وهذا الولاء كما يشدد حليم بركات:" يقوم على الاقتناع، إنطلاقاً من قواعد ومبادئ وقيم تقيم توازناً بين ضرورات الامتثال ومتطلبات الحرية، وتهدف إلى تجاوز التناقضات" .

فالمنطقة بحاجة ماسة اليوم لإيجاد حلول خلاقة لمشاكلها الأساسية ترضي جميع الأطراف المعنية، فلم يعد من المقبول استمرار حالة انتهاك حقوق الإنسان في المجتمع العربي وعلي كافة الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الأمر الذي يوجد مجتمع وإنسان رخو عاجز أمام التحديات الداخلية والخارجية علي حد تعبير سمير أمين.

فالأنظمة العربية لا تزال تحافظ على نظام "المشاركة الانتقائية" في السلطة وفي صنع القرار، والذي يتم من خلاله أخذ تطلعات بعض الفئات المهيمنة علي السلطة فقط، على حساب تطلّعات وآمال وطموحات الفئات الأخرى.

ففي منطقة لا تزال الديمقراطية وحقوق الإنسان تترقب فرصةً لازدهارها ونموها فيها، لا يمكن اعتبار أيٍ من النخب السياسية القائمة الآن ممثلاً حقيقياً لآمال وتطلعات شعبها أو مسئولة عنهم، و ينطبق هذا الحال على كل الجماعات الإثنية المعنية كما يري سعد الدين إبراهيم. فالدمقرطة تتحقق إلى حد كبير، بالاعتراف بالتعددية العرقية أو الدينية أو الثقافية بأكثر ما تتحقق بإنكارها" ، كون عملية إشراك كل فئات المجتمع في عملية صنع القرار هي جوهر الديمقراطية؛ التي لا مجال للتقدم في حقوق الأقليات و تساوي الفرص بدونها.
وبوجه عام يعد احترام التنوع الحضاري المبدأ الأساسي من أجل مجتمعات تعمل على المساواة والتضامن و فتح المجالات للأقليات (الدينية والعرقية والاجتماعية والوطنية) للمشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية كبوابة أساسية للقضاء علي العنصرية والتمييز وكره الأغلبية للأقليات؛ والعكس يتم بسبب الجهل من جهة والتحيز من نواحي أخري، كون الأقليات في العالم العربي تعاني انحصار فرص المساواة في حقوق المواطنة، مما يؤدي إلى نشوء أفكار مسبقة عرقية بين المواطنين في المجتمع .

ونظرا لما تحظى به دراسة حقوق الإنسان من أهمية خاصة، تعود إلى الارتباط الوثيق بين احترام حقوق الإنسان من جهة والحكم الرشيد والتنمية المستدامة من جانب آخر نتاج الاهتمام العالمي بحقوق الإنسان؛ والتي من بين أهم موضوعاتها حقوق الأقليات ومكانتها؛ نظراً لارتباطها الوثيق للاستقرار والسلم الأهلي في داخل المجتمعات، فالصراع بين الأقليات والأغلبيات غالباً ما يؤدي الى وقوع اضطرابات محلية في الدولة الواحدة؛ وأحيانا يمتد هذا الصراع ليشمل أكثر من دولة، وإذا كان الواجب يحتم على الدولة تنظيم علاقة الأقلية بالأغلبية، إلا أن عدد من الدول قد تغفل عن قصد وسوء نية أو حسن نية خصوصية الأقليات الأمر الذي يضر بحقوقها.

تهدف هذه الدراسة إلى التعرف على أوضاع الأقليات في العالم العربي، ومدى تمتعها بحقوقها باعتبارها حقوق إنسان، كما وتهدف الى التعرف على الحقوق الخاصة بالأقليات المنصوص عليها في المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، والتي يجب على الدول العربية مراعاتها، وتناول الدراسة عدد من القضايا المرتبطة بحقوق الأقليات بقصد الوقوف على أوضاع وكيفية تنظيم حقوق الأقليات في العالم العربي، قاصرين الدراسة على حقوق الأقليات في العالم العربي.

وتنقسم الدراسة لثلاثة فصول، تناول الأول منها مفاهيم الأقليات والجدل الدائر حول طرح قضاياها، وتناول الفصل الثاني حقوق الإنسان وحقوق الأقليات، وأوضاع الأقليات في العالم العربي، واختص الفصل الثالث بالأقليات وأزمة الهوية، التدخل الأجنبي، واختتمت الدراسة بتصور مقترح لقضية الأقليات في المجتمع العربي.


الفصل الأول
أولاً: ما الأقلية ؟

لا يوجد تعريف متفق علية حول الأقليات في العالم، وينسحب هذا الأمر علي الأقليات في الوطن العربي، وسنحاول هنا :الاقتراب من تعريف الأقليات من خلال ما توفر لدينا من مراجع ودراسات في هذا المجال.
يعرف سعد الدين إبراهيم، في كتابه تأملات في مسالة الأقليات، مجموعة من التعريفات من بينها التعريف المأخوذ من الموسوعة الدولية للعلوم الاجتماعية والذي جاء بأن "الأقلية هي جماعة من الأفراد يتميزون عن بقية أفراد المجتمع عرقياً أو دينياً أو لغوياً ".
واقترح بعد إيراده مجموعة من التعاريف الأخذ بالأقليات كمجموعة بشرية تختلف عن الأغلبية في واحد أو أكثر من المتغيرات التالية : الدين أو اللغة أو الثقافة أو السلالة" العربي" . وهو التعريف يقترب من تعريف الموسوعة البريطانية، كونها تعرف الأقليات بأنهم "جماعة من الأفراد يتمايزون عرقياً أو دينياً أو لغويا أو قومياً عن بقية الأفراد في المجتمع الذي يعيشون فيه" .
وتعرف الأقلية من الناحية السياسية "بأنها جماعة تشترك في واحد أو أكثر من المقومات الثقافية أو الطبيعية أو عدد من المصالح التي تكرسها تنظيمات وأنماط خاصة للتفاعل وينشأ لدى أفرادها وعي بتميزهم في مواجهة الاخرين، نتيجة التمييز السياسي والاجتماعي والاقتصادي ضدهم، مما يؤكد تضامنهم ويدعمهم"
ويمكن إضافة هنا تعريف الموسوعة الأمريكية للأقلية " بأنهم جماعة لها وضع اجتماعي داخل المجتمع أقل من وضع الجماعات المسيطرة في نفس المجتمع وتمتلك قدرا أقل من النفوذ والقوة وتمارس عددا أقل من الحقوق مقارنة بالجماعة المسيطرة في المجتمع، وغالبا ما يحرم أفراد الأقليات من الاستمتاع الكافي بحقوق مواطني الدرجة الأولي .
وكما يعرف البعض الأقلية: بأنها مجموعه قوميه أو اثنيه أو دينيه أو لغويه تختلف عن المجموعات الأخرى الموجودة داخل الدولة ذات سيادة .

أما تعريف الأمم المتحدة للأقليات، فهو يأتي ضمنا من خلال الإعلانات والمواثيق والاتفاقيات والقرارات.
مما سبق نري بأن هناك معياران لتوصيف وتعريف الأقليات، الأول معيار ديناميكي متغير، يتعلق بالحقوق والمساواة والمشاركة وهي أركان المواطنة، بناء عليه تعرف الأقلية إذا كان هناك انتقاصاً لحقوق المواطنة في أحد أركانها أو جميعها لجماعة ما في وقت ما في مجتمع ما.
ولكننا نري بأنه بموجب هذا المعيار فإن فئات متعددة يمكن إدخالها ضمن نطاق الأقليات ، وبرغم أن المعيار لا يتعلق بالعدد وإنما بوضعية الحقوق، فقد تكون الجماعة الأقل عدداً هي المسيطرة كما كان حال سيطرة الأقلية البيضاء في جنوب إفريقيا سابقا، وسيطرة السنة في العراق بأن فترة حكم صدام حسين، وسيطرة الأقلية العلوية الآن في سوريا.
والثاني معيار ثابت، يتعلق بالتمايز الظاهر لجماعة ما تشكل أقلية عددية، سواء كان هذا التمايز في العرق أو الدين أو اللغة أو الشكل واللون أو الثقافة.

ومما سبق يتضح لنا صعوبة إيجاد تعريف مرض عموما للأقليات، ولكن هناك مجموعة من المعايير اتفق المجتمع الدولي عليها في تعريف الأقلية نوردها لأهميتها،هذه المعايير تشمل مجتمعه جميع الأقليات "وهي :
1- أعدادها : من الواضح أن الأقليات يجب أن تقل عدداً عن بقيه السكان الذين يمثلون الأغلبية، و لكن قد تكون هناك حالات لا تمثل فيها أي جماعه أغلبية، و يحدث أن يكون حجم الأقلية على درجه من الكبر تسمح لها بتكوين خصائصها المميزة، وغني عن القول أنه لا يجوز أن تتعرض أيه أقلية، مهما كان صغر حجمها لأي شكل من أشكال المعاملة السيئة أو التمييز، و أن أفرادها يجب أن يتمتعوا بالأحكام العامة لحقوق الإنسان المنصوص عليها في القانون.
2- عدم هيمنتها: لا بد من أن تكون الأقلية في وضع غير مهيمن يبرر توفير الحماية لها، فهناك أقليات مهيمنة لا تحتاج إلى حماية، بل أن بعض الأقليات المهيمنة تنتهك بشكل جسيم في بعض الأحيان مبادئ المساواة.
اختلافها في الهوية الإثنية أو القومية: في اللغة أو الدين، فلأقليات سمات اثنيه أو دينيه أو لغويه ثابتة تختلف عن سمات اغلبيه السكان في الدولة، و من المتفق عليه عموما أن أفراد الاقليه يجب أن يكونوا من مواطني الدولة التي يعيشون فيها.
3- مواقفها الفردية : لأفراد الأقلية سبيلان للتعبير عن هويتهم :الأول هو مشاركة الجماعة رغبتها القومية في الحفاظ على خصائصها، الثانية التعبير عن الهوية، " أي ممارسة الاختيار بين الانتماء إلى الأقلية أو عدمه"، فبعض الأفراد قد يفضل الاندماج في أغلبية السكان، و هذا حقه، و لا يجوز للأقلية أو الأغلبية وضع العراقيل في طريقهم، والبعض الآخر يفضل التمتع بحكم ذاتي أو تقرير المصير إذا كانت أوضاعه مهيأة" .

ثانيا: الأقليات والمفاهيم الأخرى

البعض يدخل تعريف الأقليات ضمن نطاق الاضطهاد والتهميش وسنورد هنا مصطلحي الاضطهاد و التهميش ونورد معها مقاربة للأوضاع التي تعيشها الأقليات وهل يمكن إدراجها ضمن هذا النطاق:-

أ- الأقليات والاضطهاد:- يتفق دعاة الحريات إنه إذا كان هناك تمييز منظم ضد فرد أو جماعة تقوم به حكومة ما، أو تتستر عليه، أو تتواطأ مع منفذيه، أو تنكر وجوده، أو تخلق المناخ الذي يشجع عليه، أو لا تتعهد بمقاومته والتخفيف منه ، فإن هذا يعني اضطهاد هذه الحكومة لذلك الشخص أو تلك الجماعة، فالاضطهاد في الأساس هو انتهاك متعمد لحقوق المواطنة من قبل حكومة ما، مع عدم القيام بمعالجة هذا الانتهاك، فالمفروض في الاضطهاد إنه عارض وأن القانون يقاومه، والأصل أن تتصرف الحكومة على أرض الواقع بطريقة تظهر بوضوح مقاومتها لهذا الاضطهاد، وتبعا لذلك تعتبر معظم الأقليات العربية مضطهده، مع العلم بان معظم المواطنين العرب قد ينطبق عليه وصف المضطهدين.

ب- الأقليات والتهميش:- المهمشون مصطلح معمم ومتداول في العلوم الاجتماعية والإنسانية ومن ضمنها بطبيعة الحال الشرعة الدولية لحقوق الإنسان ، و يقصد به فئات اجتماعية بعينها تجمعها صفات عامة في مختلف المجتمعات البشرية (التهميش) وهذه الفئات هي المرأة والطفل وذوي الاحتياجات الخاصة،إضافة إلى الأقليات القومية والدينية والعرقية ، وبشكل عام فهذه الفئات تعاني بشكل متفاوت من الضعف والتهميش المجتمعي والسياسي، هضم ومصادرة لحقوقها السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية، ومحدودية حصتها من الثروة الوطنية، و بحكم هامشية دورها وضعف تأهيلها وعدم قدرتها على منافسة الفئات المتنفذة في المجتمع.

هنا نشير إلى أن مفهوم التهميش يتسع ليضم في ثناياه، فئات متعددة، حيث الشعب بأكمله في الوطن العربي أيضاً يعيش حالة من التهميش والاستلاب، عدا عن شريحة ضيقة تنعم بمقدرات الدولة وهي الشريحة التي تشكل قاعدة النظام السياسي .

ومن خلال المقارنة بين مختلف التعاريف الواردة أعلاه نجد أنها تتقاطع فيما بينها باعتبار أن أغلب العناصر المكونة لكل مفهوم يمكن أن نجده ضمن المفهوم الأخر، ويمكن لكل هذه المفاهيم أن تتطابق أحياناً في حالات محددة لكن يمكن أن نجد أمة واحدة تتشكل من عدة شعوب وعدة اثنيات.

ومن خلال ما سبق يتبنى الباحث التعريف الإجرائي التالي للأقلية : " بأنها جماعة غير مهيمنة، من مواطني دولة ما، أقل عدداً من بقية السكان، يرتبط أفرادها ببعضهم عن طريق روابط عرقية أو دينية أو لغوية أو ثقافية، تميزهم عن بقية السكان، ويترابط أفراد هذه الجماعة فيما بينهم للحفاظ على خصائصهم المميزة وتنميتهم".

وترتيباً على تعريفنا السابق يخرج الأجانب واللاجئون والعمال المقيمون في دولة ما من تعريف الأقليات، لأنهم لا تتوافر فيهم عنصر المواطنة من جهة، ومن جهة اخرى هم محل لحماية قانونية أخرى يقدمها القانون الدولي، ويخرج من هذا التعريف أيضا السكان الأصليين باعتبارهم مقيمين في اراضي الدولة منذ غابر الزمان" .

ثانيا: الجدل حول طرح قضايا الاقليات

يثور جدل كبير في العالم العربي عند طرح قضايا وحقوق الأقليات بين مدافع ومشكك، و يركز أحد الانتقادات الرئيسية لطرح قضايا الأقليات، بأن طرح الأمر للنقاش يضعف الشعور بالمواطنة، ويذهب أصحاب الانتقاد إلى أن التركيز على الأقليات يمكن أن يفاقم مشاعر الانفصال، وعدم الانتماء في صفوف الجماعات الأقلية، مما يزيد من عزلتهم عن بقية المجتمع، ويزيد في تغذية الشكوك الطائفية والإثنية الموجودة بين الأقلية والأكثرية في المنطقة.
ويري فريق آخر ضرورة إثارة هذا الأمر من منطلق إحلال الديمقراطية وحقوق الإنسان كون الأهداف المعلنة في الدساتير العربية ومواثيق حقوق الإنسان تشير إلى أن جميع المواطنين متساويين أمام القانون.
ويري فريق ثالث من مناصري حقوق الأقليات بأن هذا القلق مشروعاً أول الأمر، لكنه يخطئ النقطة الجوهرية، وهي الحاجة للتحرك إلى ما وراء الاعتبارات العمومية، المتصلة بمشاكل الأقليات في المنطقة، باتجاه تبني برامج عمل أكثر تحديداً وملموسية ، ذلك لأن أفكار المواطنة والمساواة أمام القانون وتكافؤ الفرص، لن تكتسب وجوداً واقعياً حقيقياً من غير أن يتم تناول مسألة التوترات الطائفية والإثنية المتزايدة التي تقسّم الناس في بعض البلدان، ويؤكدون بأنه لا يمكن كسب فرد من أفراد الجماعات المضطهدة، على أساس وعود عمومية غائمة حول حقوق المواطن، كما لا يمكن وضع ذكريات وتاريخ الاضطهاد والتهميش جانباً بهذه البساطة .

وتزداد هذه المسألة تعقيداً بفعل حقيقة أن النخب الحاكمة في بعض البلدان، والمنحدر بعضها من أقليات تمارس سلطة استبداد، سلطة لا تحترم حقوق الإنسان العربي عموماً، بذريعة أن هذه هي الطريق الوحيدة لضمان الحفاظ على حقوق مجتمعاتها المحلية المحددة، وأحيانا بذريعة منع التدخل الأجنبي، ومن الطبيعي أن من شأن أوضاع من هذا القبيل تغذية انعدام الثقة بين جماعات الأقلية وبين الأغلبية، ومن الواضح أن لا سبيل لمعالجة أي من هذه القضايا بدون طرحها للنقاش الوطني.
وينسحب الأمر علي مستوي المفكرين العرب والفكر العربي حيث تعددية الاتجاهات، في التعاطي مع مسألة الأقليات بتعدد التيارات الفكرية، فالتيار الإسلامي يقدم صيغة لمعاملة الأقليات في أطار الرؤية الإسلامية ، أما المفكرين الليبراليين، فيرون أن مشكلة الأقليات يمكن أن تحل بتطبيق مبادئ المواطنة، ويرفض آخرون، أمثال إسماعيل صبري عبد الله ،التوسيع المبالغ فيه لموضوع الأقليات، باعتباره يركز على أن تحقيق الوحدة العربية، سيضمن احترام حقوق الأقليات داخل حدود الدولة العربية الجامعة، ويرى سعد الدين إبراهيم، بان إهمال مسألة الأقليات سيفاقم المشكلة، وسيكون له اثأر خطيرة على الهدف العروبي الجامع، ويذهب اتجاه أخر، إلى استحالة حل مشكلة الأقليات بدون ضمان الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرياته الأساسية كقسطنطين زريق ومحمد فائق، وعموما يمكن القول بان الفكر العربي عدا استثناءات محدودة يتأرجحون بين وجهات نظر متعددة وإن كانوا يتفقون على أهمية أيجاد معالجات فكرية وقانونية تضمن احتياجات الأقليات من جهة وتماسك المجتمع من جهة أخرى.

وهنا نري بأهمية طرح هذه القضية فالواقع يشير أننا بحاجة لإحلال الديمقراطية وتطوير بنية المجتمعات المدنية في المنطقة وتعزيز إحترام حقوق الإنسان، كشرط أساسي لازم لعملية التنمية بكافة أبعادها السياسية والإجتماعية والإقتصادية، وحتى نصل لذلك تبقي قضايا انتهاك حقوق الإنسان مدعاة للعمل عليها، وخاصة انتهاك حقوق الأقليات، بقصد منعها.

وبدون توفر الإرادة والشجاعة، سنستمرّ بتجاهل المشكلات الأساسية لحياتنا ومجتمعاتنا، وهي المشاكل التي يرجح أن تعود لتقضّ مضاجعنا، بشكل أو آخر، في مستقبل ليس بالبعيد جداً، الأمثلة كثيرة في عالمنا العربي فمن لبنان إلى العرق والذي يظهر فيه اليوم صراع الاثنيات والأقليات، ولعل الهموم المتصلة بعلاقة الأغلبية والأقلية تذكرنا بقول - غاندي "الحكم على حضارة ما يجب أن يعتمد على معاملتها للأقليات الموجودة فيها .

الفصل الثاني
حقوق الإنسان والأقليات في العالم العربي
أ. حقوق الإنسان في العالم العربي:
نعني بحقوق الإنسان: مجموعة من الامتيازات تتصل طبيعياً بكل كائن بشري، يتمتع بها الإنسان ويضمنها القانون ويحميها, وهي حقوق عالمية يتمتع بها جميع البشر بغض النظر عن عرقهم ولونهم وجنسهم، هي حقوق كلية غير قابلة للانتقاص أو التجزئة.
"ومع المتغيرات العالمية في القرن الحادي والعشرين زاد التركيز على حقوق الإنسان والتي أصحبت جزءا من القانون الدولي بوجود أكثر من مئة معاهدة واتفاقية وعهود دولية صادقت عليها غالبية دول العالم، حيث أصبحت المواثيق والإعلانات هي المرجعية الدولية لحقوق الإنسان وقد أنشئت الأمم المتحدة آليات لمراقبة تنفيذ الاتفاقيات المهمة، والتي نقلت حقوق الإنسان من مجرد شأن داخلي لتصبح عالمية مستمدة من وحي الأديان السماوية السمحة ومن قيم التراث الإنساني والحضاري" .
أصبحت قضية حقوق الإنسان من أهم القضايا على الساحتين السياسية والثقافية خلال السنوات الماضية، وعلى الرغـم من هذا الانتشار، فإنها لا تـزال محاطة بقدر من التشوش، ولا تزال خاضعة لذاتية التفسير والممارسة، فقد شنت حروب ودمـرت دول وارتكبت مجازر وانتهكت حرمات، باسم حقوق الإنسان، وما من دولة إلا وتدعي أنـهـا تحـترم حقوق الإنـسان في سياساتها الخارجية وعلاقاتها الدولية وفي تعاملها مع مواطنيها ،" فلم تعد حقوق الإنسان اختياراً داخلياً وحسب، وإنما هي التزام دولي وضرورة لا غنى عنها للتكيف مع متطلبات التغير والمستجدات الدولية، وإذا كانت بلدان العالم العربي تواجه تحديات من قبيل استمرار التعذيب والاعتقال التعسفي والاختفاء وعدم الإقرار بحرية الفكر والعقيدة والتنظيم وممارسة العزل السياسي والتمييز ضد المرأة وهدر حقوق الأقليات، والتدخل في الحياة الشخصية للمواطنين، وهذه سمة عامة تكاد تكون مشتركة لأنظمة العالم الثالث، فإن غالبيتها ما يزال يعاني من العوز والحاجة التي تصل أحياناً إلى حد المجاعة، كما تعاني من الاستخدام غير الرشيد للموارد ومن التصحر فضلاً عن نمو بعض مظاهر التطرف وانفلات العنف والانتقام وغيرها" .
في الوقت الذي يتم فيه تطبيق المعايير الدولية بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان، يتم فيه غض الطرف عن انتهاكات أخرى، مما يعزز الاعتقاد بأن التدخل "للدفاع عن حقوق الإنسان" استهدف الدفاع عن المصالح الخاصة بالدرجة الأولى، وهو ما يطلق عليه سياسة الكيل بمكيالين وبمعايير مزدوجة، خير مثل في هذا المجال انتهاكات إسرائيل المتكررة لحقوق الإنسان واحتلالها للأراضي العربية والفلسطينية وعدم التدخل الدولي لإلزامها باحترام الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وعلى الرغم من التوظيف السياسي لمبادئ حقوق الإنسان على المستوى الدولي فإن ما يهمنا هنا هو الاختلالات التي تؤثر على مستوى الالتزام بمبادئ المواطنة على المستوى الداخلي، حيث تتمتع النخبة الحاكمة،وفي الوطن العربي بمجموعة من الامتيازات السياسية والاقتصادية الكبيرة، وتقوم بترويج ثقافة لا تساعد على التقدم السياسي والاقتصادي، وتبرر كل أشكال انتهاك حقوق الإنسان الناجمة عن تجاوزات الحكومة وتشوهات النظام السياسي" ، وتؤكد المعطيات علي الأرض و تقارير المؤسسات العربية العاملة في قطاع حقوق الإنسان، إلي استمرار الانتهاك لحقوق الإنسان العربي، من قبل السلطات الحاكمة بالدولة، ما يدلل بان حالة حقوق الإنسان في المجتمع العربي ومستوي تتمتع الفرد بحقوقه السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في أدنى المستويات.
كما ويؤكد المثقفين العرب، والفاعلين في حقوق الإنسان بأنه " لا يمكن تحقيق مساواة لجميع المواطنين إلا في ظل الدولة الديمقراطية والتي يمكن أن توصف أيضاً بالدولـة المدنية، ذلك أن مفهوم المجتمع المدني بمعناه الواسع يشمل العلاقة ما بين الدولة والمجتمع والسوق، بهذا المعنـى يقصد به المـجتمع الـذي تنظم فيه العلاقة بين الدولة والمواطنين على أساس القانون، وهو بالتالي نقيض المجتمع العسكري، والمجتمع القبلي أو العرقي والمجتمع العنصري، حيث تقوم العلاقات بين أفراده على أساس القانون، وليس على أسـاس التراتبية القبلية والعرقية، ولا يمكن تحقق ذلك إلا في ظل انتشار ثقافة حقوقية مدنـية قائـمة على المساواة والحرية والعدالة والاعتراف بالأخر والاحتكام إلى القانون وحل الخلافات بالطرق السلمية .
ولتفسير ما كان وما هو كائن اليوم في الحالة العربية من تراجع وغياب للديمقراطية وحقوق الإنسان والمجتمع المدني، يقول برهان غليون- إن ما حدث في المجتمع العربي هو انهيار شامل للنمط القديم وإفساد عميق لآليات النمط المدني العصري. من هذا المنطلق فإن بنيان المجتمع العربي بالتالي يختلف عن الأنماط القديمة والحديثة من حيث أن مكونات المجتمع العربي الآن لم تعد تنجز المهام نفسها ولا تقود إلى النتائج ذاتها، لأن الرأسمال الذي شكل علاقة تنظيم قوى الإنتاج البشرية والمادية وحركة التقدم التقني والعلمي والعملي في اقتصاديات الغرب قد تحول إلى بناء اقتصادي تابع، كما أن الدين والعصبيات ظلت إطاراً لبناء عقائد ومذاهب سياسية متعددة، فالبنيان القائم هو نمط مختلط هجين، نمط لمجتمعات فقدت رشدها وتوازنها الداخلي، وفقدت وتيرة تقدمها وأصبحت حركتها مرهونة بحركة غيرها. فالمجتمع العربي ليس مجتمعاً حديثاً وإن التقت فيه معظم مظاهر الحداثة، كما أنه ليس تقليدياً وان تواجدت فيه كل مظاهر التقليد، وهذا ما عبر عنه نادر سعيد باللامعيارية. السؤال هل يمكن احترام حقوق الإنسان وقيام ديمقراطية في مجتمع غير مدني؟ وهل يمكن بناء مجتمع مدني بأسلوب غير ديمقراطي؟ وللإجابة علي هذا التساؤل نري بأن طرح إشكالية الديمقراطية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان في الحالة العربية الراهنة، يكتسب طابعاً دراماتياً يعبر عن وعي الشعب ووعي النخبة المثقفة بالخصوص، في هذا الوقت بالذات، وبصورة لم يسبق لها مثيل، بغياب الديمقراطية والديمقراطيين وغياب "المجتمع المدني" ونقص احترام حقوق الإنسان في الوطن العربي، في كل قطر من أقطاره، حيث تغيب دولة المؤسسات، الدولة التي تستمد وجودها وشرعيتها من مؤسسات مستقلة عنها، وليس العكس، إن ما هو قائم اليوم في الأقطار العربية هو أما دولة الفرد (أو الحزب الوحيد) وأما دولة المؤسسة العشائرية (القبلية) وأما دولة تخفي جوهرها اللاديمقراطي بمظاهر ديمقراطية شكلية ومزيفة .
والمتأمل في تجارب الشعب العربي السياسية والاجتماعية والاقتصادية يشعر بعمق الأزمة وصعوبة إيجاد مخرج لها، مما يتطلب وضع تساؤلات حول سلامة الاستراتيجيات السياسة، وتفعيل الأدوات الاجتماعية والسياسية والتربوية والثقافية والمدنية والاقتصادية التي تستطيع أن تقدم إطاراً يعيد بناء الذات العربية، وعلاقاتها الناظمة التي تعبر عن آمال ومصالح مشتركة بعيداً عن مفاهيم الإلغاء والتهميش والإقصاء، وتغليب مفاهيم التعاون والمشاركة الإيجابية والطرق الحضارية والحوار كأسلوب لإدارة الصراع سلمياً بدلاً من التناحر. وهكـذا، فالإشكالية المطروحة هي مشكلة الانتقال من وضعية غير ديمقراطية - أو ذات مظاهر ديمقراطية مزيفة - إلى وضعية ديمقراطية حقيقية في ظل ظروف تختلف جذرياً عن الظرف الذي تم فيه الانتقال التاريخي "الطبيعي" إلى الديمقراطية في أوروبا الحديثة". فمعظم الأنظمة العربية جاءت للحكم من خلال حركات تحرر وانقلابات عسكرية، نادت بوحدانية السلطة، لذا يرى فواز طرابلسي أن ثمة صلة عميقة بين قرار إنفراد حركة التحرر بالسلطة وبين قطيعتها للمجتمع وديمقراطية النظام الذي تبنيه، وديمقراطية التنظيم الداخلي لتلك السلطة، ويستنتج طرابلسى أن قرار وحدانية السلطة باسم الشرعية الثورية أدى سلفاً إلى بناء سلطة استبدادية، وأن تبني التعددية في السلطة أو في المجتمع أو في الدولة الاستبدادية هو شرط ضروري وليس كافيا للديمقراطية، والشرط الكافي هو تحويل الشرعية إلى شرعية ديمقراطية، عبر انتخابات دورية بالتوافق مع إطلاق كافة الحريات، وقد أكد تقرير التنمية الإنسانية العربي على أن " إحترام حقوق الإنسان وتعزيز الديمقراطية في العالم العربي يتطلب العمل على الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية كافة في نفس الوقت وبتوازن دقيق، كما يتطلب التعلم من الدروس واستخلاص العبر والتصرف بشكل مسئول حيال إصلاح مؤسسات السلطة – المجتمع ".
إن إضعاف المجتمع وحرمان الأقليات من حقوقها، ومن خلق أدواتها التعبيرية والتأطيرية الجماعية وتعطيل مؤسسات المجتمع المدني أو احتوائها أو تحويلها إلى هياكل مفرغة، جميع هذه إلاجراءات تؤكد سياسة الإقصاء سواء للأقليات المهمشة أصلاً ، و تهميش وإقصاء المواطنين عموماً.

وبمراجعة تاريخية لحالة حقوق الإنسان في الدول العربية تطهر بأنها متأخرة كثيراً في ميدان حقوق الإنسان، وبرغم أنها وقعت على المواثيق والعهود الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، إلا أنها لم تهتم بتطبيقها وممارستها، إلا خلال السنوات الأخيرة، حيث أصبح موضوع حقوق الإنسان يشغل بال الجميع باعتبار ان الدول التي لا تحترم حقوق وحريات الإنسان تهدد بالعزل والعقوبات واحيانا الحرب" ، فجميع الأقطار العربية، دون استثناء تعاني أوضاعاً تتسم بغياب الديمقراطية والافتقار إلى مقومات المجتمع المدني واحترام حقوق الإنسان، بما تشمل من حقوق للأقليات.

وبرغم حدوث الانتخابات في دول مختلفة من الوطن العربي رئاسية وتشريعية ومحلية، إلا أنة لا يزال من المبكر جداً القول بتوافر الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، فيما حدث كان في معظمه نتيجة ضغوط خارجية أكثر منها ضغوط محلية.

اليوم يعد المجتمع العربي أكبر منطقة طاردة للجماعات، الأقلية المتميزة أو المغايرة ، سواء أكانت جماعات دينية أم جماعات عرقية أم جماعات رأي وثقافة سياسية ومعارضة، وجميع هؤلاء يقصدون الدول الصناعية الكبرى المتقدمة، حيث يسود التسامح والحريات الدينية والفكرية، ويعززون من طابعها التعددي، في الوقت الذي تنحو فيه المجتمعات العربية مثلها مثل المجتمعات المتأخرة الأخرى، إلى التجانس وكبت التنوع، والخوف من التعدد حتى داخل الطائفة أو الجماعة العرقية الواحدة.

في ظل تلك الملابسات ظهرت الحركة العربية لحقوق الإنسان، وإن كان دورها محدود التأثير، بسبب المضايقات من قبل الحكومات العربية، إلا أن مؤسسات حقوق الإنسان نشطت في البلدان العربية، وبتفاوت ملحوظ ويمكن القول: أن كثير من الحكومات العربية لا تستطيع أن تتجاهل تقارير ودراسات حقوق الإنسان، بل أن حكومة المغرب قد عينت وزيراً خاصاً بحقوق الإنسان ضمن وزرائها.
وربما بسبب كل هذا – استهدف نشطاء حقوق الإنسان العرب وتعرضوا لألوان من الأذى والكيد تفوق الوصف وتفوق الحصر، بدءاً من القتل والتصفية الجسدية، مروراً بالاختطاف، والاعتقال، والتعذيب، والتشريد والفصل التعسفي من العمل، والنفي وإسقاط الجنسية، والتشهير وتلطيخ السمعة .

رغم التقدم النسبي الذي حققته الحركة العربية لحقوق الإنسان، فإن هذه الحركة تعيش في نهاية القرن أزمة عميقة متعددة الأبعاد والجوانب، ومن الصعب تجاوز هذه الأزمة، دون الاعتراف بوجودها أولاً، ثم التقييم المعمق لمقوماتها ثانياً، وعقلنة رغبة الخروج منها ثالثاً، لقد دخلت حركة حقوق الإنسان العالم العربي، كتعبير عن حاجة، الأمر الذي لا ينقص من أهميتها بل على العكس يعطيها شرعية، ولكن دخولها جاء في لحظة صعبة وحرجة من تاريخ المنطقة، ومن جيل حرم من أبسط تعبيرات الحرية، ولعل نهاية الدولة المغلقة التي تسد الباب والنافذة على رعاياها، أصبح مفقود الآن أثر تطور المعرفة وسائل الاتصال، بعد حقبة أزمنت فيها السلطات التسلطية في الحكم، وغيب فيها المواطن العربي عن كل ما يقرر مصيره الفردي والعام ، إلا أن المفترض شيء والحياة الفعلية شيء آخر .
وحقوق الإنسان " قد لا تنجو من التسييس أو من الاستهداف، كذلك لا تعدم أن يكون في داخلها من يوظفها لغايات شخصية مالية أو سياسية أو غير ذلك ، ولكي تحافظ حركة حقوق الإنسان على الحد الأدنى لمصداقيتها، فعلي الفاعلين فيها أن يدركوا أن حقوق الإنسان هي قضية التزام قبل أن تكون قضية امتياز، ومادة عطاء لا موضوع كسب، وبيئة تجاوز للأخلاق التي أنتجها الاستبداد لا إعادة إنتاج لهذه الأخلاق"."
ومن خلال العرض السابق يتضح لنا بأن حقوق الإنسان العربي ليست بخير، نتاج ضعف أو غياب الديمقراطية والمجتمع المدني والتنمية الإنسانية، كون العناصر المذكورة مفاعيل ضرورية لاحترام حقوق الإنسان.

ب. حقوق الأقليات في التشريعات الدولية والإقليمية والمحلية.

تتمتع الأقليات بمجموعة من الحقوق يطلق عليها الحقوق الخاصة، والتي تهدف الى الحفاظ على وجود وهوية الأقلية وصفاتها الجماعية، حيث تنص المادة 27 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على أنه « لا يجوز في الدول التي توجد فيها أقليات إثنية أو دينية أو لغوية أن يحرم الأشخاص المنتسبون إلى الأقليات المذكورة من حق التمتع بثقافتهم الخاصة، أو المجاهرة بدينهم وإقامة شعائرهم، أو استخدام لغتهم بالاشتراك مع الأعضاء الآخرين في جماعتهم .فللأقليات الحق في منع التمييز ضدهم والحق في تحديد الهوية التي تعطي أعضاء الأقلية القدرة على الحفاظ على الخصائص المميزة لهم ، والحق في تقرير المصير" .
وتتمتع الأقليات بحقوق عامة هي جميع حقوق الإنسان التي نصت عليها المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان من حيث الحق في الحياة، والجنسية، وحرية التعبير، والحق في تكوين الجمعيات والأحزاب، والحق في العمل والتعليم، والضمان الاجتماعي، وحظر التعذيب، وحق المشاركة في أدارة الحكم...الخ من الحقوق الواردة في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان باعتبار الحقوق التي أوردناها وغيرها حقوق فردية يتمتع بها جميع البشر، وتتسق أيضاً مع الضمانات الواردة في الإعلان بشأن حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو أثنية وإلى أقليات دينية ولغوية الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 1992م .
و تبقي الإشارة إلى أن معظم مواثيق الأمم المتحدة قد نصت علي حقوق خاصة للأقليات مثل: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وميثاق الأمم المتحدة ، واتفاقية منع جريمة إبادة الأجناس، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والإعلان بشأن القضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد، واتفاقية حقوق الطفل، وإعلان حماية الأقليات الصادر عن الجمعية العامة في 18 ديسمبر 1992، وكذلك الصكوك الدولية الأخرى ذات الصلة التي اعتمدت على الصعيد العالمي أو الإقليمي أو تلك المعقودة بين الدول بشكل منفرد - الأعضاء في الأمم المتحدة .
لذلك وكنوع من الإنصاف والحماية لهؤلاء أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة "إعلان بشأن حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات" عام 1992، ملخصه أن المنتمين لأقليات دينية أو أثنية هم مواطنون كاملي الحقوق أسوة بمثلائهم من المواطنين ،ولتحقيق هذه الحقوق بشكل فعلي فقد طالبت الحكومات مراعاة ذلك في تشريعاتها الوطنية وعبر إجراءات إدارية حكومية لضمان وجود الأقليات وهويتها الثقافية والدينية واللغوية، وضمان مشاركة الأشخاص المنتمين إلى أقليات في الحياة الثقافية والدينية والاجتماعية والاقتصادية والعامة مشاركة فعالة ، كذلك أكد الإعلان المذكور على ممارسة جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية الخاصة بهم ممارسة تامة وفعالة دون أي تمييز وفي مساواة تامة أمام القانون .
وفي القوانين المحلية في الوطن العربي قضت مجموعة من أحكام الدساتير العربية من حيث المبدأ بمساواة المواطنين في الحقوق والواجبات، بصرف النظر عن الدين والعرق والأصل وإن كانت قد تباينت في تفاصيل أحكامها بهذا الشأن" .
أما في المجال العربي فقد وردت بعض النصوص الخاصة بحماية حقوق الأقليات، في الميثاق العربي لحقوق الانسان والتي تنص بأنه لا يجوز حرمان الأقليات من حقها في التمتع بثقافتها أو إتباع تعاليم ديانتها "المادة 37 من النص الأصلي وجزء من المادة 30 من النص المعدل"

نخلص مما سبق الى أن الأقليات يتمتعون بجميع حقوق الإنسان التي نصت عليها الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، كما ويتمتعون بحماية القوانين والتشريعات المحلية في بلدانهم باعتبارهم موطنين فيها، ويتمتعون ايضا بحقوق خاصة تهدف الى الحفاظ على وجودهم وهويتهم، بما يضمن لهم ممارسة فعلية لحقوقهم، وبالرغم من الحماية الدولية والإقليمية والمحلية لحقوق الأقليات.

إلا أن حقوق الأقليات الأساسية في العالم العربي تتعرض لانتهاكات جسيمة و متواصلة في الكثير من البلدان العربية، و تدل التجارب على أنه لا القمع الذي يمارس ضد الأقليات، و لا إهمال مشاكل هذه الأقليات قد حل هذه المشاكل، و قد جربت أحيانا عمليه الاندماج و لكنها أخفقت في كثير من البلدان، فالنزوع للحفاظ على الهوية قوي و هو ينطبق على الأقليات كانطباقه على الدولة ( الأمة )" . ونؤكد هنا بأن إحترام حقوق الإنسان والحريات العامة وعلى رأسها المساواة التامة في الكرامة والمواطنة وفي التمتع بكافة الحقوق، يشكل المدخل السليم للتعامل مع مشاكل الجماعات القومية والدينية والثقافية واللغوية في العالم العربي.
أوضاع الأقليات في العالم العربي
الجزيرة العربية كانت موطن شعوب متعددة تتكلم بلغات، هي والعربية من أصول واحدة، وتطورت لغاتها بعد خروجها من الجزيرة، وبقيت العربية أقرب إلى الأصل. ثم تعربت تلك الشعوب بصورة تدريجية، ودون ضغوط أو إكراه. كما دخل قسم كبير من تراث الأقليات في الحضارة العربية والإسلامية- وشهدت مرحلة ازدهار الحضارة الإسلامية، اتخاذ العربية لغة رسمية، ما ساعد في انتشار اللغة العربية الأدبية إلى جنوب الجزيرة إضافة إلى شمالها.
برزت مشكلة الأقليات بصورة حادة في المنطقة العربية والبلقان أثر انهيار الحكم العثماني حيث كانت السلطنة العثمانية تميز بين الطبقة الحاكمة والرعايا، وتقسم الرعايا على أساس نظام الملل العثماني الذي أعطى لكل طائفة حق إدارة شؤونها الدينية بنفسها، وبناء مؤسساتها التربوية،الثقافية، والاجتماعية، وإدارة أوقافها عبر مجلس ملي لكل منها دون تدخل مباشر من جانب السلطنة، لكن نظام الملل العثماني الذي شكل نموذجا متطورا للتعايش بين المذاهب والطوائف والجماعات الدينية والفرق الصوفية وغيرها في مرحلة القوة التي امتدت طوال القرنين السادس والسابع عشر، تحول إلى عبء عليها في مرحلة الضعف" .

وعلي أثر تفلك وانهيار الدولة العثمانية سعي الاستعمار الأوربي إلى إثارة نعرات الأقليات مستخدما في ذلك منطق فرق تسد، كما وعجزت معظم الدول العربية، بعد الاستقلال في احتواء التميزات الثقافية والاختلافات الجماعية لمجتمعاتها عبر اتجاهها الى ضرب الديمقراطية وازدراء حقوق الإنسان، والاستناد الى شرعية منقوصة قوامها تثمير التميزات الثقافية بين ابناء البلد الواحد لتقليد جماعة معينة على حساب الجماعات والأقليات الاخري والقيام بممارسات تمييزية ضدها بعدم إعطاءها وضعاً متساوياً مع الغالبية في ميدان المشاركة أو التوزيع العادل للثروات مستخدمة في ذلك وسائل العنف والإكراه والعزل" .
يوجد في الوطن العربي أقليات متنوعة تصنف ضمن خانة الأقليات، منها من يعد بعشرات الملايين مثل الأكراد، حيث يقدر عددهم بحوالي 25 مليون كردي، والأقباط في مصر ويقدر عددهم بعشرة ملايين، هناك الأمازيغ في دول شمال أفريقيا، ويقدر عددهم بأكثر من عشرين مليون، كما أن خارطة الأقليات في الوطن العربي، تضم عددا كبيرا من الطوائف المسيحية، والإسلامية، واليهود، والصابئة، وجماعات العبادات المحلية في جنوب السودان، كما أن هناك أقليات عرقية كالأرمن، الشركس، والتركمان، والشيشان، وبقايا الجاليات الأوروبية، وغيرهم، وإجمالا يشكل المسلمون العرب السنة والشيعة غالبية سكان العالم العربي . البالغ عددهم قرابة ثلاثمائة مليون عربي.
وكما أسلفا، فلا تزال معظم الأقطار العربية تحرم مواطنيها من الأقليات من أبسط حقوقها، بل وتتهمها بضعف ولائها للدولة، أو برغبتها في الانفصال، غير أن تلك الحكومات تنسى – أو تتناسى أن الأقليات هي جزء من النسيج الإجتماعي في بلادها، ولها ما للاكثرية من الحقوق والالتزامات، فاستأثر الأكثرية بالسلطة، ورفضها للآخر المتمثل بتلك الأقليات، من خلال حرمانها من أبسط حقوقها الإنسانية "ممارسة لغاتها او التمتع بإبداعات ثقافاتها وملامح فولكلورها ..."، هي التي تدفع تلك الاقليات العرقية والدينية والمذهبية ،الى التمرد على الاغلبية ،والتظلم من استبدادها اوطلب المعونات الخارجية" .
ولعل مقارنة مع الأقطار الأوروبية تشير بأنها قد استطعت إن تحل مشكلة الأقليات منذ منتصف القرن العشرين بالاعتراف بحقوق تلك الأقليات، السياسية والثقافية ، في أطار الديمقراطية والتعددية، شرط أن لا يؤدي ذلك الى ألحاق أجزاء من تلك الدول الأوروبية بدول الجوار بحجة حق تقرير المصير أو التمتع بفضائل الفيدرالية الديمقراطية ، لاسيما وان الاتحاد الأوروبي – بتشكيلته الحالية – قد حلّ هذه المعضلة بجمع شتات كل الأقليات ضمن دولة الاتحاد .

أن الاضطهاد والاستبداد الممارس على الانسان العربي، يشير إلى عدم تمتع معظم المواطنين العرب بحقوقهم، ولا شك بأن أوضاع الأقليات، في صورة كهذه يدلل على مدى التمييز والاستبعاد الذي يمارس ضدها ،ولعل نظرتها تظل قاصرة وان كان طموحها أن تحظى بما تحظى به الاغلبية المسحوقة أيضا، ومن المفترض ان يتلاحم هدف الاغلبية مع هدف الاقلية في السعي الى انبثاق إرادة مجتمعية قادرة على فرض واقع ديموقراطي حقيقي، ينعم به جميع المواطنين بالحرية والعدل والمساواة وإحترام حقوق الانسان" .
"أن الديمقراطية وحقوق الإنسان، وجهان لعملة واحدة ومكملان لبعضهما، فهم ركائز دولة القانون، التي تعتمد علي الحوار والتسامح و المساوة، لكي تستطيع تحقيق الصالح لعام والعدالة الاجتماعية للجميع، كما انها تكرس الولاء الجغرافي للهوية الوطنية الديمقراطية باعتبارها أساس الانسجام الاجتماعي، والحل الديمقراطي المأمول لمشكلة الأقليات في الدولة والمجتمع العربي عمموما." .
وبحكم الظروف التاريخية و السياسية تعيش الأقليات حالة قلق و خوف على مصيرها و مستقبلها, لذلك فهي في حالة توتر دائم تزداد طردا مع القمع و البطش في ظل أنظمة استبدادية تضرب بعرض الحائط مبادئ و قيم حقوق الإنسان، والأشد خطرا عندما يحاول نظام الاستبداد توظيف الأقلية بمفومهما الاثني و الطائفي و القومي بمواجهة الأغلبية، والتي تنجح بسبب النظرة التمييزية الضيقة من مجتمع الأكثرية، التي يغلب عليها نظرة تقوم على أساس مواطن من الدرجة الثانية أو الثالثة .
فالنظام الاستبدادي – يؤدي إلى ضرب الوحدة الوطنية, من ثم تفكيك الولاء للوطن، فالولاء في ظل أنظمة وطنية ديمقراطية تحترم الإنسان يكون للوطن, و في نظام الاستبداد يوضع الإنسان على الرف، و يسود قانون الغاب، وتقسم ولاءات الناس عنوة إلى ولاءات ما قبل وطنية، إلى ولاء للعشيرة أو الطائفة أو المذهب، حتى يفقد الوطن مضمونه، والمجتمع تلاحمه، مرتدا به في ظل غياب كلي للقانون إلى مجاهل القرون الوسطى " .
وتجدر الاشارة إلى أن خصوصيات كل قطر عربي أفرزت مشاكل ومعطيات متفاوتة تشير الي انفجار مشكلة الأقليات، في بعض الدول العربية والي بودر ظهور أزمة الأقليات في مجتمعات أخري ونظراً لتعدد الأقليات وبالتالي تعدد مشكلاتها، سنشير إلي مثالين حول أوضاع الأقليات في المجتمع العربي.

أمثلة لأوضاع الأقليات في العالم العربي

1- " النموذج السوري: "يتميز المجتمع السوري بوجود فسيفساء عرقية ودينية ومذهبية، فالسنة العرب يشكلون 70%، والسنة الأكراد حوالي 8% وأقل من 1% من السنة الشركس، وتبلغ نسبة الشيعة من العرب وسواهم 1%، بينما يشكل العلويون العرب من 8 إلى 9%، أما الدروز فتبلغ نسبتهم من 2 إلى 3%، وهناك أقل من 1% من أقليات أخرى كاليزيدية والإسماعيلية وعدة آلاف من اليهود. أما المسيحيون الأرثوذكس فتبلغ نسبتهم حوالي 8%" .
تتعرض حقوق الأقليات في سوريا لعدد من الانتهاكات لحقوقهم، و تشكل حالة الأكراد المجردين من الجنسة والمكتومين، أكثر الحالات انتهاكا سافرا لحقوق الإنسان و للدستور السوري و للمواثيق و العهود و الاتفاقيات الخاصة بحقوق الإنسان التي صادقت عليها سورية ،حيث جرد آلاف من المواطنين الأكراد من جنسيتهم، بموجب الإحصاء الاستثنائي عام 1962 في محافظة الحسكة ، ومع مرور 43سنة تضاعف العدد، وكرس مشاكل اجتماعية و اقتصادية و قانونية و سياسية، وثقافية.
وحاولت السلطة الحاكمة احتواء أقليات ما تلافياً للقلاقل، كالأكراد التي حاولت "تعريب" مناطق وجودهم الكثيف، أو القبول ببعض نشاطاتهم ضد العراق وتركيا، انطلاقا من أراضيها، مما قرب بعضهم من دمشق .
إلا أن هذا لا يمثل الصورة كاملة، إذ يتعرض الأكراد لاعتقالات بدون مبرر، ويحظر نشاطهم الحزبي، إضافة إلى حرمان بعضهم من الجنسية ، ليس أخرها ما تعرض له المواطنين الأكراد من اعتقالات و تعذيب إثر أحداث القامشلي."
وتؤكد منظمة العفو لدولية بان هناك توجه جديد وخطير،في سوريا: حيث قُبض على مئات الأشخاص لأسباب سياسية، وكان معظمهم من الأكراد، كما يتم تعذيب المعتقلين السياسيين والجنائيين، بما في ذلك الأطفال. وتُوفي ما لا يقل عن تسعة أشخاص من جراء ذلك، حسبما ورد، وبينهم خمسة أكراد.
إن علاقة الأقليات بالسلطة الحاكمة، خاصة إذا ما تحالفت معها، من شأنها أن تضعف التلاحم الطبقي وتؤثر سلباً على نزوع الفئات للتنظيم على أساس طبقي، وبالتالي على ميزان القوة ما بين المجموعات المستغِلة والمستغَلة من ناحية، والدولة من ناحية أخرى، إضافة إلى أن هذا السلوك قد يقوض فرص الاندماج الاجتماعي .
ويقدم العلويون مثالاً واضحا على هذا الأمر، فهذه الطائفة التي كانت من أكثر شرائح المجتمع السوري بؤسا، لم تنجب الرئيس فحسب، بل أنجبت أيضا جزءا كبيرا من النخبة، فانطلقت بذلك من آخر الصفوف إلى القمة، محتلة مراكز قوية في الجيش وأجهزة الأمن والحرف المهنية والحزب، بل وفي كل مؤسسة في جميع أنحاء البلاد. وهو ما اغضب كثيرا من السوريين الذين شرعوا يعتقدون أن للعلويين رعاية وتفضيلا أكثر من اللازم .

2- "النموذج اللبناني " فمنذ نشوء لبنان وحتى الآن لم تتوقف السجالات الضمنية والعلنية بين مجمل الفرقاء المختلفين على هوية لبنان، لدرجة وقوع الحرب الأهلية، ووجود الصراع الدائم بين مختلف الأقليات، لدرجة أصبحت فيها حقوق الإنسان والحرية والسيادة في هذا السجال الطائفي إلى كلام حق يراد به باطل، لأن الحرية لا تستقيم في ظل صراع الطوائف والهويات وتصبح ترجمتها الوحيدة هي حق الطائفة في إملاء شروطها على الطوائف الأخرى، حيث لكل طائفة مفهومها الخاص لحريتها، ولكل طائفة قراءتها الخاصة للديمقراطية وهذا هو الحاصل في لبنان الامس واليوم ، ويؤكد المفكرن بأن الطائفية هي أشرس أعداء الحرية والديمقراطية، ولا قيامة لمجتمع حر إلا في ظل نظام مدني ديمقراطي " .
لقد تحولت الطائفية في اللغة السياسية لعربية من ظاهرة تاريخية اجتماعية متحولة إلى لعنة أبدية، وعاهة مجتمعية لا يعرف أحد كيف يمكن احتواء تأثيراتها السلبية، ولا التخلص منها، وأصبح الخوف من تفجراتها المحتملة عقبة أمام تطور المناقشة السياسية نفسها، فهي فتنة نائمة والحديث فيها بأي شكل جاء لا يمكن أن يكون إلا إيقاظا ملعونا لها وإطلاقا لبراكينها الكامنة، ولا يعادل الكره الذي تراكمه الثقافة السياسية العربية ضدها، بكل تياراتها اليسارية واليمينية، الاستبدادية والديمقراطية، سوى الخوف من التأمل الموضوعي فيها وفي أسباب بقائها وانتشارها. ولذلك قر السلوك العربي على نوع من السكيزوفرينيا أو الانفصام في السلوك السياسي إزاءها. وهكذا نجد الفرد الذي لا يكف عن إدانة الطائفية والتبرؤ من شرورها لا يتردد في أغلب الأحيان من الانصياع لقانونها والاندفاع في أحيان أخرى، بإرادته وأحيانا من دون إرادة، وراء رهانات وتلاعبات وحسابات طائفية لا حدود لها .

والمجتمع العربي عموماً غني بأمثلة كثيرة لإنتهاك حقوق الأقليات، فمشاكل السودان والجزائر والعراق والجزائر،خير شاهد أيضا علي تنامي مشكلة الاقليات، وبالتالي تنامي الضغوط والتدخلات الأجنبية بحجة وقف انتهاكات حقوق الإنسان، وحقوق هذه الأقليات، وان كنا نعتقد فعلا بان هناك انتهاكات لحقوق الأقليات في العالم العربي، الا أننا نقر أيضا بان الأقليات نفسها يمكن ان تساهم في انتهاك حقوقها وحقوق الآخرين، وظهر ذلك في المثالين السوري واللبناني بشكل جلي.


بيانات توضح نسبة الأقليات في عدد من الدول العربية"

جج
العـراق، المسيحيون غير العرب 3%، الصابئة المندائيون أقل من1%،الأكراد 18%، الايرانيون1.5%، التركمان 2% .
سـورية، العلويون 10%، الدروز 4%، الاسماعيليون 7%،المسيحيون غير العرب3%، الأكراد 4% ، الترك 1%، الشركس1% .
الأردن، المسيحيون1.5 %، الشركس 1.6 %، الشيشان أقلية ضئيلة، الأرمن 0.5%، الأكراد 0.3% ،التركمان 0.12% .
لبنان، الدروز 6%،العلويون أقل من 1%، المسيحيون العرب 33%، المسيحيون غير العرب 5%، الأكراد 1%، الترك أقل من 1% .
مصر،النوبيون2%،البجا (ومنهم البشارية) أقل من 0.5%، البربر(السيويون)أقل من 0.5%،أفارقة،وغجر2%، الأقباط 9% .
السودان ، البجا 6% ، الهوسا 4% ، النوبيون 3% ،الفور 2% ، شعوب صحراوية أخرى 4 % ، القبائل النيلية وشبه النيلية 16%، البانتو2 %، الوثنيون (كلهم من غير العرب) 25%، المسيحيون 5% .
الجزائر، المسيحيون العرب أقل من 1%، البربر السنة (أهمهم الشاوية والقبائليون والشلوح) 26% ـ الاباضيون (المزابيون، وهم من البربر) أقل من 1% ،الطوارق (بربر سنة من البدو الرّحّل) أقل 0.5% ـ المسيحيون البربر (خصوصاً في جبال القبائل)أقل من 1% .
المغرب ، البربر 36% ، الطوارق (بربر من البدو الرّحّل. أقل من 1% ، اليهود 0.2 % ، الأوروبيون (الاغلبية مسيحيون) 1% ، الأفارقة (الزنج) أقل من1% .
موريتانيا، المولّدون (عرب وبربر) 40 % ، الأفارقة الزنج 20 % ، البربر (بمن فيهم الطوارق) 2.5%.

...............................


الفصل الثالث
أولا : الأقليات وأزمة الهوية

في ظل تسارع وتيرة الأحداث السياسية والعسكرية التي شهدتها المنطقة العربية والعالم في السنوات الأخيرة، والتي تركت آثارها على الجميع، دولاً وشعوب، وأحدثت تغيرات في مواقف البعض وبدلت مواقع البعض الآخر، كما أنها غيرت الكثير من الأفكار والمفاهيم التي كانت سائدة لدى البعض، وربما من أهم التداعيات السياسية المباشرة التي أفرزتها هذه التطورات على دول المنطقة، هي إبراز العديد من القضايا والمسائل المهمة على السطح السياسي، مثل قضية الديمقراطية وحقوق الإنسان ومشكلة الأقليات وقضايا الهوية ...

فلم تأت الحدود السياسية لدول المنطقة العربية، متوافقة مع الحدود الثقافية أو مع الخريطة الديمغرافية للشعوب والقوميات التي ألحقت بها، لهذا فهي تواجه، إشكالية في تحديد وتعريف هويتها الثقافية والوطنية، هذه الإشكالية مطروحة اليوم بقوة في الوطن العربي، وهنا يكون من الضرورة والأهمية أن تركز الدولة جهدها على تقوية وتعميق (الرابطة الوطنية) من خلال نشر الثقافة الوطنية الديمقراطية وإقامة مؤسسات المجتمع المدني، وأحياء جميع الثقافات الموجودة في المجتمع، التي تشكل جزءاً أساسياً من الثقافة الوطنية، حتى يسمو الشعور الوطني والولاء له، على جميع الولاءات والانتماءات الأخرى" .
فالأقليات في حال استبعادها وتهميشها ستواجه من دون شك عقبة في طريقها إلى الاندماج الثقافي والاجتماعي والسياسي في الدولة والمجتمع، خاصة إذا مارست عليها الأغلبية سياسة الاستعلاء القومي، فأنه من العبث أن ينتظر من أية جماعة أثنية أو عرقية أن تتخلى عن هويتها الخاصة وتتقبل هوية الأغلبية الحاكمة، إذ ستبقى كل أثنية تدافع عن خصوصيتها وتتمسك بها قدر ما تستطيع فهي تميل دوماً إلى الاستمرار في الوجود، لأن هذه الخصوصيات الثقافية نشأت في مراحل تاريخية طويلة، لا يمكن لها أن تمحى وتزول بقرار أو بالقفز فوقها وتجاهلها .

ووجود أقلية دينية أو عرقية أو مذهبية في المجتمع لا يؤدي بالضرورة إلى قيام معضلة سياسية أو إلى بداية حرب أهلية، حيث يرى غسان سلامة بأن هناك" أقليات نشطة سياسياً وأخرى مستكينة... أقليات تسعى إلى الإبقاء على الشعور "الاقلاوي" وعلى شخصيتها الذاتية وأخرى أكثر استعداداً لمستوى عال من الاندماج الاجتماعي- السياسي" .

تعريف الهوية:
هناك أيضاً إشكاليات متعددة في تعريف الهوية حيث يخلط المفكرين والكتاب بين الهوية ومفاهيم أخرى مثل الأمة والجنسية والقومية .
والبعض يعرف الهوية اعتماداً على المقارنة مع الآخر، أي أننا لا نعرف من نكون حتى نعرف من ليس نحن، وكان ذلك يتم غالباً عندما نعرف نحن ضد من، هذه الرؤية العدوانية تجاه الآخر أعاد صياغتها من جديد هانتغتون في كتابه عن ما يسميه صراع الحضارات، حيث العنف والمجابهة هما الأساس في بناء وبقاء الحضارات. وحسب رأيه فإن الغرب قد استطاع أن يكسب العالم ليس فقط بسبب تفوق أفكاره أو قيمه أو دينه، إنما بالأحرى بسبب تفوقه في تطبيق العنف المنظم."
ويعرف آخرين الهوية بأنها " الوعي بالذات الاجتماعية والثقافية، والهوية ليست ثابتة وإنما هي تتحول تبعا لتحول الواقع، بل أكثر من ذلك هناك داخل كل هوية هويات متعددة ذوات مستويات مختلفة. فهي ليست معطى قبلي بل إن الإنسان هو الذي يخلقها وفق صيرورة التحول."
الهوية العرقية : يتداخل المفهوم العام للهوية مع الهوية العرقية، إلا أن قاموس العلوم الاجتماعية يعرف الجماعة أو الهوية العرقية بالقول (يطلق في غالب الأحيان على أي جماعة تختلف عن الجماعات الأخرى في واحدة أو عدد من عادات حياتها) فتميز جماعة بهوية لا يعني تطابق أفراد الجماعة، إن التماس الوحدة والتجانس والتماثل أبداً هو التماس لموات الوجود والتماس لخاصية التحجر والجمود وبالتالي تتناقض مع جوهر الديمقراطية، الهوية الحقة هي تطابق الهوية مع الاختلاف كما ذهب هيجل.

ويري الدكتور رياض الأسطل بأن: هناك هوية سلبية وهوية إيجابية : فالإنسان هو الذي يحدد دور الهوية في واقعه المعاصر، فتقاعسه وترهله وكسله لا يحوّل الهوية إلى بديل عنه، وإنما تجعله يفسر قيم الهوية تفسيراً تبريرياً، والإنسان الفاعــل والدينامي، سيحول هويته إلى مصدر ثراء وحيوية وفعل حضاري.

أزمة الهوية
يعتقد سمير أمين بأننا لو نظرنا إلى الثقافات لوجدناها متشابهة ولا توجد خصوصيات لثقافة دون ثقافة. وبالتالي لا توجد أزمة هويات. ومن يقول أن هناك حرب حضارات من أجل المحافظة على الهويات، إنما يعاني من أزمة داخلية مجتمعية فاشلة في مواجهة التحديات الحقيقية. فالحضارات دائما متصالحة وتغدي بعضا البعض من الثقافة والعلوم والمعرفة، ويؤكد كلامه هذا بالنظر إلى المجتمعات التي تخلصت من أزمتها ونجحت فعلا في التطور وتكيفت وغيرت هويتها بل دون تساؤل أحيانا عن هويتها الأصلية ويستدل سمير أمين على أن المجتمعات الشرقية المسيحية صارت تدريجيا مجتمعات عربية إسلامية دون التركيز على خصوصيات فولكلورية لا مضمون لها ".
بقدر ما تتحرر هوية وثقافة المجتمعات التعددية من هيمنة الأغلبية، بقدر ما تتحقق الديمقراطية وتمارس الحريات الفكرية والسياسية، حيث باتت القضية المركزية أو المحورية في الدول والمجتمعات التي تتميز بالتعدد القومي والثقافي واللغوي، هي مسألة "إنجاز (هوية وطنية توافقية) تعبر عن رغبة جميع القوميات والإثنيات والثقافات والعقائد الدينية في المجتمع التعددي، وإن درجة تحقق هذه الهوية التوافقية، تعكس بشكل أو بآخر مستوى الوعي الوطني الديمقراطي في المجتمع
كما أن التوافق على هوية وطنية مشتركة لا بد من أن تتجسد في نظام سياسي واجتماعي يتوافق ويناسب بنية وتركيبة المجتمع التعددي، وقانون ودستور يعزز هذه الهوية ويقدم الضمانات الكفيلة باستمرارها وحمايتها" .
وتلعب الدولة دوراً رئيسياً في هذا المجال، فهي - بجهازها البيروقراطي الضخم- من شأنها إتباع سياسات تؤدي إلى حروب أهلية، وأخرى على العكس تشجع التعايش والاندماج .
ولكن الدولة تتعرض أحيانا لتشوّهات خلقية خطيرة حين تدخل حيز التنفيذ أو يساء استعمالها نتيجة الحط من شأن المضامين المقررة لها، أو إفراغها أو تحريفها لجهة الانفراد بالسلطة واحتكارها.. لاشك أن هناك دولاً عديدة في العالم لم تستكمل شروط التكوين الدولتي التامة، بفعل عوامل محلية ودولية، وهناك دول مازالت حدودها لم تتطابق تماماً مع حدود الأمة المنضوية داخل حدودها. بكلام آخر، مازالت الدولة القومية، في أجزاء عديدة من العالم، في طور التشكّل كونها تفتقد إلى شخصية متميزة، أو تمتلك قلة من المصادر الكافية وآليات التكامل والاندماج السياسي .
الهوية الوطنية :
تختص الهوية الوطنية عن غيرها من مفاهيم الانتماء والولاء المختلفة والكثيرة، في أنها حالة سياسية وإرادية خالصة، تتسم بطبيعتها الجماعية حصراً، وتقوم على الإتفاق وعن وعي تام بين سكان إقليم معين، على العيش معاً في مجتمع سياسي يتمتع بالسيادة الكاملة، يشترط هذا الاتفاق الإجماع على عناصر أساسية في مقدمتها الإقليم المعرّف والمحدد، والحكومة الواحدة والقانون الواحد الذي يسري على جميع السكان"" .
فالهوية إذن ليست شيء ساكن، ولا تتكون فقط نتيجة الرغبة في العيش والبناء المشترك، ولكن نتيجة للعيش في ظل وضع موضوعي أنشأه التاريخ.

ويري معظم المثقفين العرب علي إختلاف تواجهاتهم بأن حل قضية هوية الأقليات لا يمكن إيقافه إلا بنضال مشترك من أجل دولة حرة مدنية و ديموقراطية لكل مواطنيها "سواء الدولة القطرية أو دولة الوحدة " ، فيها حقوق متساوية سياسية واقتصادية وثقافية لكل الجماعات الإنسانية، حيث يلعب وجود هوية وطنية جامعة واندماجية أو غيابها، دورا مركزيا في نظرة الأقليات بتنوعاتها المختلفة، إلى تعريفها لنفسها وعلاقاتها ببعضها البعض، علاوة على الدولة وشرعيتها، بالمقابل يلعب المجتمع المدني دورا رئيسيا في بلورة وعي طوعي، باتجاه مجتمع وطني قائم علي المساواة، أو نحو "تمييز ايجابي" للأقليات، أي المضي نحو مجتمع سياسي ومدني، لا يحتكر الأنا ويتقوقع داخلها، بل يوسع مفاهيمه ليقبل الأخر ويعترف بحقوقه .


ثانيا: الأقليات والتدخل الخارجي

تظهر أسئلة التدخل الخارجي في موضوع الأقليات والتدخل الخارجي علي نوعين كما سيرد ايضاحة:-
ج
التدخل الأجنبي: فالتدخل الأجنبي أرتبط في المنطقة العربية بالاستعمار سواء ما سمي بالحروب الصليبية أو موجة الاستعمار التي احتلت المنطقة في النصف الأول من القرن العشرين، وصولا إلي الهيمنة الامبريالية والأمريكية علي المنطقة العربية، والمرتبطة بنهب ثروات الشعوب.
التدخل الدولي: ارتبط بمساندة الشعوب وحقوقها، ويكون متوافقا مع القانون الدولي والمواثيق الدولية، ويتم من خلال مستويات متعددة،عبر المنظمات الدولية، أو المنظمات الإقليمية أو منظمات المجتمع المدني الدولي أو حتى الرأي العام الدولي.
و تلعب الدولة دورا رئيسيا في هذا المجال، فمن شأنها إتباع سياسات تؤدي إلى حروب أهلية وتدخل أجنبي أو دولي، أو أتباع سياسات تشجع التعايش والاندماج، ولكن الدولة تتعرض أحيانا لتشوّهات خلقية خطيرة حين تدخل حيز التنفيذ أو يساء استعمالها نتيجة الحط من شأن المضامين المقررة لها، أو إفراغها أو تحريفها لجهة الانفراد بالسلطة واحتكارها.. لاشك أن هناك دولاً عديدة في العالم لم تستكمل شروط التكوين الدولتي التامة، بفعل عوامل محلية ودولية، وهناك دول مازالت حدودها لم تتطابق تماماً مع حدود الأمة المنضوية داخل حدودها. بكلام آخر، مازالت الدولة القومية، في أجزاء عديدة من العالم، في طور التشكّل كونها تفتقد إلى شخصية متميزة، أو تمتلك قلة من المصادر الكافية وآليات التكامل والاندماج السياسي" .

هذا ويمنح ميثاق الأمم المتحدة الحق لأي دولة عضو فيها أن تتدخل عبر المنظمة الدولية، للاحتجاج وإدانة أي انتهاك لمقررات الأمم المتحدة في دولة أخرى، ولا يعد ذلك تدخلا في الشئون الداخلية للدول، فكل دولة عضو في الأمم المتحدة هي من المفترض، بمثابة حارسة لميثاقه ومقرراته واتفاقياته، بل أن تصنيف الأمم المتحدة لجماعة ما على أنهم أقلية هو نوع من التدخل الدولي أو التدويل، لأن أي انتهاك لحقوق هذه الأقلية هو انتهاك لإعلان الأمم المتحدة لحماية الأقليات، يستوجب احتجاج وتدخل الأمم المتحدة عبر آلياتها المختلفة،إذن فالتدخل الدولي مشروع تماما بمشروعية القانون الدولي والمواثيق الدولية وعضوية المنظمات الدولية " .

فقد يحدث لحماية جماعة دينية أو عرقية مضطهدة كما حدث في البوسنة وكوسوفو، بل وحتى لإجراء تحقيق في قضية جنائية فردية، كما حدث في لجنة ميليس التي تحقق في اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، وقد يكون التدخل الدولي تدخل شعبي مثل لجان التضامن مع الشعوب ودعم نضالها ضد التمييز العنصري.
وإن كنا نعرف بان الامم المتحدة لم تسلم من عملية تسيس مقرارتها حسب موازين القوي فيها، فهناك قِوى، مهيمنة تنشط لإعادة تشكيل المنطقة، و ينادي العديد من مسئوليها وخبرائها ودون مواربة إلى إحداث تغييرات في الأنظمة ويدعون، بشكل أو آخر، لترتيبات جديدة على غرار سايكس بيكو، ما يحتّم علينا الانتباه، وتذخل القوي المشار اليها يضيف تعقيد وتشابك و تصعيد لمشكلة الاقليات، ذلك أن الوقوف إلى جانب الأقليات بالحق أو الباطل ضد الشرعية، أنما يقوي من ضراوة الصراع خارج دائرة الحوار والتفاوض والتجاذب السلمي ،وقد رأينا مثل هذا الموقف في كثير من القضايا المعاصرة- كايرلندا الشمالية، وتيمور الشرقية، والصحراء الغربية، ومشكلة دارفور.
وعموما سواء كان التدخل دولي أو أجنبي وتم فية استخدام القوة والعنف فيعد بحد ذاته تصعيد متواصل وتأزيم للحالة، وإشعال للفتنة، ولعل الضغوط السلمية بحد ذاتها هي من تساعد أطراف النزاع على الجلوس على مائدة المفاوضات، وإنهاء جميع المسائل العالقة دونما أي استعمال لقوة ردع أو حماية دولية.

إضافة إلى كل ذلك فإن، تدخل الدول العظمى في شأن كهذا، إنما ينبع في كثير من الأحيان من رعاية مصالحها في هذا الجزء من العالم أو ذاك والأمثلة :على ذلك لا تحصى ولا تعد عبر التاريخ، فلقد أصبحت مشكلة إزداوجية المعايير في تطبيق قواعد حقوق الإنسان والأقليات بسبب الهيمنة الأمريكية على الأمم المتحدة ومجلس الأمن تصب في خانة الاستخدام المعيب لفكرة التدخل الإنساني" .

ولكي لا يصبح موضوع الأقليات مدعاة للتدخل الأجنبي والضغط الخارجي والدولي فعلي الدول العربية أن تحسن معاملتها لمواطنيها ككل، وان تبدل كل ما في وسعها لضمان امن واستقرار مجتمعاتها وان تحسن هندسة الأقليات فيها.


تصور مقترح لقضية الأقليات في العالم العربي:-

في ضوء تنوع الأقليات، ومشكلاتها، والتكوينات القومية والدينية والمذهبية وثقافاتها في البلدان العربية، والتدخل والتعدد في انتماءاتها، فهل ثمة معالجات ممكنة ومتوازنة وواقعية، يمكن الأخذ بها لحل قضية الأقليات في بعدها الوطني ؟! برائينا المستخلص من مجموع الدراسات التي تم الاطلاع عليها نري التالي :
- حل موضوع الأقليات لا يمكن أن يتم إلا في إطار دولة ديمقراطية، يتم فيها منح جميع الأقليات القومية حقوقها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، و تكريس إحترام حقوق الأقليات باعتبارهم مواطنين متساوين في الحقوق كافة دون أي استثناء لحق سياسي أو ثقافي أو غيرهما من بقية الحقوق الأخرى" ، كما "أن ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتوابعها، هي" المرجعية الحقوقية " التي يمكن أن يصدر عنها دستور وطني يحترم حقوق الأقليات، وما عدا ذلك لن يكون إلا مجرد إعادة إنتاج قيم التخلف المؤسسة على قيم طائفية وعنصرية " .
- المجتمع المدني ومؤسساته له دور هام، حيث تصب جهود المجتمع المدني باتجاه تكريس مفاهيم المواطنة والمساواة، بغض النظر عن الخلفية الإثنية أو الدينية أو المذهبية، ولكن هذا الربط بين المجتمع المدني والدولة والهوية الاندماجية ليس صائبا دوما، إذ قد يؤدي إلى نتائج عكسية، فالمجتمع المدني ليس لاعبا مستقلا عن اللاعبين الرئيسيين فيه وانتماءاتهم وثقافتهم ومصالحهم المختلفة، ولكن عزمي بشارة يري :" أن تعريفا للمجتمع المدني يتلخص في المقابلة بذاتها مع الدولة، لا يعني إلا تدهور المجتمع إلى مرتبة الانتماءات العضوية للإفراد، أو إلى مرتبة القومية الإثنية مقابل الدولة متعددة القوميات " .
- الإقرار بالتعددية الثقافية والسياسية، في إطار وحدة الكيانات السياسية القائمة هو، على الأرجح، السبيل الأكثر ملائمة لحلول عقلانية وواقعية، وغير مكلفة كبديل عن الصيغ الانفصالية أو العنفية من كل الأطراف المعنية، وبما يضمن حقوق الإنسان وحقوق الجماعات التي يتكون منها المجتمع، وبما يضمن كذلك نمو وتفاعل وازدهار ثقافاتها المتنوعة، هذا من جهة، وبما يضمن بقاء الكيانات السياسية القائمة أو تطويرها بالأشكال المناسبة بالتوافق وبالإرادة الطوعية الحرة للجميع من جهة ثانية .
- تعزيز الوعي الثقافي المشترك، وترسيخ مبادئ الحوار الديمقراطي واحترام الرأي الآخر، فضلاً عن احترام كل جماعة للجماعات الأخرى ولثقافاتها، واللجوء إلى الحلول الوسط الممكنة لمواجهة القضايا التي يختلف عليها بين الجماعات نفسها من جهة، وبينها وبين السلطة المركزية الملتزمة بضمانات دستورية وقانونية، بالديمقراطية من جهة ثانية.
إن اختيار هذا التوجه بدلاً من استخدام العنف، وكذلك التزام كل جماعة بواجباتها تجاه نفسها وتجاه الجماعات الأخرى، وكذلك بابتعاد الجماعات الأصغر أو الأقليات القومية عن أي نهج أو ممارسة انعزالية، وابتعاد الجماعات الأكبر، أو القومية الأكبر، في المقابل، عن أي نهج أو ممارسة عنصرية أو استعلائية متغطرسة .
إن كل ذلك، سيوفر أكثر الشروط ملائمة للتعايش بين الجماعات المختلفة وثقافاتها، بل ويجعل حتى من "استقلال" أية جماعة من الجماعات نضج مقوماته، في ظروف سياسية وتاريخية معينة، استقلالاً ودياً لا تنجم عنه عداوات تؤدي إلى صراعات وصدامات وحروب ثأرية تدور في حلقة مغلقة لا تنتهي.
وتجدر الإشارة إلى بعض التجارب العربية في التعاطي الايجابي مع موضوع الأقليات، ونخص بالذكر المجتمع الفلسطيني، حيث قامت السلطة الوطنية الفلسطينية، ومن خلال قوانين الانتخابات مثلا بإدماج الأقليات الدينية والإثنية في الحياة السياسية والعامة، وتمثل هذا الأمر في إصدار قرار رئاسي (مرسوم )تحدد بموجبه حصة معينه لها في البرلمان أو الهيئات المحلية(الكوتا)."
وفي التجربة الفلسطينية ورغم حداثتها فقد نص قانون الانتخابات الذي أجريت على أساسه انتخابات المجلس التشريعي الأول على كوتا للمسيحيين والسامريين، أما انتخابات 2006 فقد تم إلغاء الكوتا في القانون الجديد واستعيض عنها بمرسوم رئاسي حدد عدد المقاعد للأقليات ب6 مقاعد كما وسمحت السلطة لهم بفتح مدارس خاصة ومحاكم خاصة للأحوال الشخصية لهم وقامت السلطة بإشراكهم في توالي المناصب العامة، وبرغم وجود الاحتلال من جهة، وسوء الإدارة في السلطة وتراجع مؤشرات احترام حقوق الإنسان في المجتمع الفلسطيني، إلا أن الفلسطينيين أثبتوا نضجاً سياسياً وثقافيا أهلهم لتجاوز النعرات الطائفية مما فوت علي الاحتلال الإسرائيلي أهدافه في إيجاد صراع بين المسحيين والمسلمين في فلسطين وان كان لا يزال يحاول إثارة هذه النعرات الطائفية تماشيا مع سياساته الهادفة إلي بلقنة المنطقة العربية .

خاتمة:-

يرتبط إحترام حقوق الأقليات ارتباطاً وثيقاً بحقوق الإنسان مفهوماً وممارسة, وإن ضمان ذلك يأتي من خلال تنظيم العلاقة بين الفرد والدولة، وفقا لما تحدده القوانين العادلة " الدساتير والتشريعات"، والمتناسبة مع المواثيق الدولية, والقائمة علي المساواة بين جميع أفراد الوطن أمام القانون، واستقلال القضاء, وجود منظمات مجتمع مدني قادرة علي الدفاع عن الحقوق والحريات العامة, وكذلك إنهاء جميع إشكال التمييز بحق الأقليات، كون صراع الطوائف والأقليات يورث حواجز وعوائق داخل المجتمع ، وهذه مسألة تتطلب نضال علي كافة الصعد من أجل مجتمع موحد، وهذا ما يتطلب النضال من أجل تعزيز الديمقراطية وثقافة حقوق الإنسان , كإطار وسيط يتم فيه العمل لمواجهة مختلف مظاهر الاستبداد أيا كانت مواقعها وأيا كانت حواملها.
ونستطيع أن نستفيد من تجارب البلدان التي تعيش فيها أغلبية السكان في إنسجام مقبول مع أقلية واحده أو أكثر، وهذه التجارب تلخصت بمنح الحقوق التي أقرها المجتمع الدولي ونادي بها الإعلان الخاص بحقوق الأقليات، والتي تتمثل في حق الأقليات في الوجود، حقها في التمتع بالثقافة واللغة وتطويرهما، الحق في إنشاء المدارس والمؤسسات التعليمية والثقافية، و إدارتها والتحكم في المناهج والتعليم بلغتها الخاصة، الحق في ضمانات بشان التمثيل السياسي في الشؤون السياسية للدولة، ومنح الاستقلال الذاتي في معالجه الشؤون الداخلية التي تخص الأقليات، و منها في ميدان الثقافة والتعليم والدين والأعلام والشؤون الاجتماعية، والإدارة المحلية، وتطبيق ذلك مقرون بالأدوات اللازمة لأداء هذه المهمات، الديمقراطية ، والمواطنة، وبناء المجتمع المدني، والحكم الصالح.
فالمجتمع العربي الضعيف المفكك والعاجز عن التقدم، فيه ما يكفيه من التحديات، وكلما اشتدت به حمى الأقليات والطائفية كلما أصبح ضعيفاً في مواجهة الأخطار، وربما لو حقق وحدته الداخلية لأصبح قادراً على الانشغال بالتحديات الخارجية، القادمة من رياح الامبريالية والعولمة المتوحشة، والتي تحاول إثارة نعرات الأقليات وتوظيفها بما يخدم مصالحها.








المراجع:-

1. حليم بركات المجتمع المدني في القرن العشرين- بحث في تغير الاحوال والعلاقات،مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2000.
2. عزمي بشارة "أي مجتمع مدني ؟ في ورقة زياد أبو عمرو: المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في فلسطين، ط1 (مواطن المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية، 1995.
3. رشيد، عبد الوهاب حميد: التحول الديمقراطي والمجتمع المدني "مناقشة فكرية وأمثلة لتجارب دولية"، دار المدى للثقافة والنشر، سورية-دمشق، 2003.
4. حيدر علي، وميلاد حنا، أزمة الأقليات في الوطن العربي، دار الفكر، دمشق، سوريا.
5. سعد الدين ابراهيم، تأملات في مسألة الأقليات، دار سعادة الصباح، الكويت، 1992 .
6. نيفين مسعد، الأقليات والاستقرار السياسي في الوطن العربي، مكتبة النهضة المصرية ، القاهرة، 1988.
7. الكتيب الخاص بحقوق الأقليات ،وقائع وصكوك دولية، لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، 1998.
8. محمد فائق، حقوق الانسان بين الخصوصية والعالمية، المستقبل العربي، سنة 22،العدد 245،يوليو 1999.
9. مصطفى الفيلالي، نظرة تحليلية في حقوق الانسان ،المستقبل العربي،السنة 20، العدد 223،ايلول 1997.
10. محسن عوض، مستقبل حقوق الانسان في الوطن العربي، المستقبل العربي، السنة 14، العدد 151، سبتمبر 1991.
11. تقرير التنمية البشرية برنامج دراسات التنمية – جامعة بيرزيت 2002 م.
12. روجر أوين وآخرين ديمقراطية من دون ديمقراطيين، ، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، الطبعة الأولى 1995.
13. حيدر علي وميلاد حنا، أزمة الأقليات في العالم، دار الفكر، دمشق.
14. برهان غليون، الديموقراطية وحقوق الإنسان في الوطن العربي، مشاكل الانتقال وصعوبات المشاركة، المستقبل العربي، سنة 13، العدد 135، مايو 1990 .
15. هيثم مناع، حقوق الإنسان في العالم العربي ، المنظمة العربية لحقوق الإنسان ، مصر 2002.
16. غسان سلامة، المجتمع والدولة في المشرق العربي مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1987.
17. وائل علاّم، حماية حقوق الأقليات في القانون الدولي العام، دار النهضة العربية، 1994.
18. حقوق الإنسان، حقوق الأقليات، صحف وقائع حقوق الإنسان، مركز حقوق الإنسان، الامم المتحدة، جنيف.
19. قائد محمد طربوش ردمان، حقوق الإنسان في العالم العربي دارسة مقارنة حول حقوق الإنسان في الدساتير العربية ص 53، دار المعارف للدراسات والنشر 1991.
20. جورج جبور،الميثاق العربي لحقوق الإنسان، عرض وتحليل ونقد، دار العلم للملايين، بيروت، يناير 1998.
21. مسعود طاهر،الأقليات في التاريخ العربي" عرض عوني فرسخ" المستقبل العربي، العدد 196، حزيران 1995.
22. دهمام العزاوي، الأقليات والأمن القومي العربي، دار وائل للنشر والتوزيع، عمان، 2002 ، ص 92 .
23. عبد الحسين شعبان وآخرين ، ثقافة حقوق الإنسان، المنظمة العربية لحقوق الإنسان، و رابطة كاو للثقافة الكردية بيروت ، "2001.عبد الحليم الرهيمي، تنوع الثقافة والتعددية والوحدة .
24. سعد الدين ابراهيم، واخرون، المجتمع والدولة في الوطن العربي، مركز دراسات الوحدة العرية، بيروت، 1996،.
25. برهان غليون واخرون، حقوق الانسان العربي، مركز دراسات الوحدة العربي، بيروت، ص 75 .
26. الحوار المتمدن ،إبراهيم الدقوقي http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp
27. تقرير حالة حقوق المواطن الفلسطيني عامي ،1997، 2005 الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن فصل السلطة التشريعية.
28. المنظمة السورية لحقوق الإنسان التمييز ضد الأقليات القومية : حاله حقوق الإنسان في سورية التقرير السنوي لعام 2004.
29. الحزب السوري الاجتماعي http://www.ssnp.net/main/modules.php?name=News&file=article&sid=642
30. مسعود ضاهر ، فسيفساء من الأعراق واللغات والديانات شكلت هوية المنطقة.. ومشاكلها ، موقع ثروة.
31. محمد عابد الجابري: تكوين العقـل العربي، (بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية) ط5، 1991م.
32. عبد العزيز الدوري: التكوين التاريخي للأمة العربية، دراسة في الهوية والوعي (بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية)، 1986م، ص 19.
33. محمد المسيري العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة المجلد الثاني، صفحة 224-267، دار الشروق القاهرة 2002 .
34. مصطفى عنترة هل يعـرف المغرب حربا حول الهوية
35. http://www.hrinfo.net/hotcase/05/0227.shtml.
ج
36. نجادة الموسوي لقاء مع المفكر سمير أمين صحيفة الأيام، صفحة 25 بتاريخ 20/2/2005
37. غسان سلامة : المجتمع والدولة في المشرق العربي، ط 1(مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1987).
38. سلافة حجاوي مقدمات في الهوية الفلسطينية واشكالياتها 1871-1914 مجلة رؤية العدد 10.
39. أحمد مولود الطيار مقال بعنوان الأقلية في مواجهة الأغلبية - اللعبة المفضلة لأنظمة الاستبداد،الحوار المتمدن.العدد: 1108 ، 13/2/20052 .
40. سلامة، غسان: الديمقراطية كأداة للسلم المدني، في ديمقراطية بدون ديمقراطيين- سياسات الانفتاح في العالم العربي/ الإسلامي- بحوث الندوة التي نظمها المعهد الإيطالي "فونداسيوني ايني انريكو ماتيي"، إعداد: غسان سلامة، ط1(مركز دراسات الوحدة بيروت، 1995).
41. حماية حقوق الاقليات في القانون الدولي العام، مرجع سابق، ص212 – 264 والاقليات والامن القومي العربي.
42. يقولا الزهر الحوار المتمدن/ http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=29021.
43. سمير أمين جريدة الأيام - 20 فبراير 2004م ص16.
44. إسماعيل نوري الربيعي الحداثة وتحولات الهوية http://www.arabrenewal.com/index.php?rd=AI&AI0=2230 .
45. صالح خلف الحمارنة طمس الهوية العربية المسيحية يصب في مصلحة الحركة الصهيونية ، مجلة حوار العرب السنة الأولى /العدد 7/ يونيو (حزيران) 2005 .



#صلاح_عبد_العاطي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحركة السياسية الفلسطينية -دراسة تطبيقية- حركة القوميين الع ...
- العلمانية والأصولية في المجتمع العربي
- الموقف القانوني من الانفصال احادي الجانب واعادة الانتشار لقو ...
- الحماية الاجتماعية بين الحاجة .. و الإطار القانوني
- الفلتان الأمني .. ظاهرة خطف الأجانب.. تلحق أفدح الضرر بالقضي ...
- العمل النقابي في فلسطين ... بين الواقع والطموحات؟؟
- السلم الأهلي و نبذ العنف في القانون الأساسي والمواثيق الدولي ...
- المرأة والقانون
- المرأة الفلسطينية والمشاركة السياسية والاجتماعية
- الديمقراطية والتنمية في العالم العربي وفلسطين
- الحكم المحلي والهيئات المحلية في فلسطين
- قراءة في التعاطي القانوني والرسمي مع ملف الأراضي التي ستخليه ...
- حقوق المواطن في ظل الواقع الراهن ..وسؤال ماالعمل؟؟
- قانون رعاية الشباب الفلسطيني الي اين...؟
- دور منظمات المجتمع المدني في الرقابة على الانتخابات
- قراءة في تقرير الهيئة المستقلة لحقوق المواطن -الرقابة علي ان ...
- ازمة الثقافة
- ما العمل؟؟!
- جدار الضم والفصل العنصري
- الشباب والانتخابات


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - صلاح عبد العاطي - الاقليات وحقوق الانسان في المجتمع العربي