أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صلاح عبد العاطي - العلمانية والأصولية في المجتمع العربي















المزيد.....

العلمانية والأصولية في المجتمع العربي


صلاح عبد العاطي

الحوار المتمدن-العدد: 1579 - 2006 / 6 / 12 - 13:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يعاني الفكر العربي من حالة الالتباس والتداخل وعدم التحديد في كثير من المفاهيم والمصطلحات المتداولة، وقد نتبين هذا بوجه خاص في الخلاف الفكري المحتدم في واقعنا العربي الراهن بين مصطلح الأصولية الإسلامية ومصطلح العلمانية فما أكثر ما يخرج هذا الخلاف من حدوده الفكرية إلى النزاع السياسي والعملي والسلوكي الذي يرتفع أو بالأحرى يتدنى إلى حدود التكفير والصدام و العنف، والواقع أن هناك بعض الأصوليين الإسلاميين الذين ينكرون نسبة الأصولية إلى حركتهم كما أن هناك بعض العلمانيين الذين يفضلون تجنب مصطلح العلمانية ، مالا شك فيه بأن هناك التباسا وتداخل في المصطلحين.
فقد افرز العقد الأخير من السنوات نقاش وصراع قديم جديد مفتوح اليوم، علي أشدة حول مفاهيم الاصولية والعلمانية ومفاهيم أخري، والتي يبدو أنها بحاجة على الدوام، إلى تدقيق وإلى عودة المنطلقات المعرفية لا المنطلقات السياسية لمناقشتها، فما يجري من تحولات وتغيرات في العالم كلل بانتقال التاريخ العالمي إلى مستوى جديد " العولمة وصدام الحضارات، وتنامي ظاهرة المد الأصولي في العالم ككل، وفي المجتمع العربي علي وجهة الخصوص، جمعيها عوامل تفرض الدراسة الدائمة لها ولتداعياتها علي المجتمع العربي.

كثيرا ما نوقش مفهوم إشكالية العلمانية والأصولية وعقدت له عشرات المؤتمرات واللقاءات ورش العمل وكتبت له عشرات الأبحاث والدراسات، وتحت عناوين متعددة و متنوعة، ورغم ذلك لا تزال هناك إشكاليات وصراع لم ينهي حولهما، وتتنوع المواقف بتنوع الأفكار والمرجعيات الفكرية لكل من كتب حولها، وساعد في احتدام النقاش والجدل حولها بتقديري، الاختلال بين قوى وعناصر ومكونات العملية الاجتماعية، ومن بينها العلاقة بين الثقافة والسياسة.
فالمجتمع عربي علي المستوي الخارجي ضعيف وعاجز عن مواجهة تحديات العولمة والأمركة والامبريالية التي تتحكم في موارده وتهمين علية، وعلي المستوي الداخلي تغيب عنة الديمقراطية، واقتصاده لا يزال ريعي تبعي لا يستفيد منه إلا ثلة من المواطنين، وثقافته تعاني من انغلاق وصراع بين اثنيات الحداثة والماضي، العلمانية والأصولية، شرق وغرب، هذه الاثنيات التي حكمت العقد العربي والمجتمع العربي، وساهمت في أذكاء الصراع بين أنظمة حاكمة تقليدية أحسنت استخدام الشكليات " القومية-الاشتراكية –العلمانية- والدين وعلماء السلاطين " في أحكام سيطرتها علي مجتمعاتها وتهميشها واستلابها، بين حركات سياسية أصولية تستخدم الدين بالمعني السياسي للوصول لتحقيق أهدافها في وسط عالم لم نصنع فيه حتى القلم التي كتبت به هذه الورقة.
والعوامل السابقة وأخري لعبت في فرز تداعيات متنوعة فرضت نفسها بالمجتمع العربي منها انتشار المد الأصولي في واقع الحياة العربية وقد عرفت هذه الظاهرة في جميع الأقطار العربية دون استثناء وإن تفاوتت من درجة حدتها من قطر إلى آخر.

ما أدي بدورة إلى بروز مجموعة من الجماعات الاصولية التي ترى أنها وحدها هي من تمثل الإسلام الصحيح ، مستخدمة في ذلك كافة أدوات ووسائل الحركات السياسية بدءا من الوعظ والإرشاد، والدعوة إلى المبادئ التي تؤمن بها، من خلال الندوات والصحف والكتب والجمعيات، ومحاولة أقامة نظام اقتصادي موازي للنظام الاقتصادي القائم في المجتمع، وصولا الى استخدام العنف الفردي والجماعي . مسلحين برغبة قوية لتغيير أوضاع البلاد.

وبالرغم من أن ظاهرة الأصولية لا يختص بها دين دون آخر، كما أن التعصب لا تمارسه فقط بعض التيارات الدينية دون غيرها، بل يشمل أيضا تيارات سياسية وأيديولوجية أخرى لا تزال متمسكة بأطروحات فكرية مغلقة وإقصائية، لكن صعود التيارات الراديكالية المنتسبة للساحة الإسلامية في السنوات الأخيرة والتي تتخذ من العنف والإرهاب أداة لتغيير الأوضاع، زاد من تفاقم الظاهرة وخطورتها، وجعلها تحتل أولوية على الأصعدة المحلية أو الدولية" .

ومع إقرارنا بان الخصوصية الإسلامية تمييز عن الاستثناء الثقافي الأوربي العلماني الطابع بامتلاكها سلاحا ماضيا إضافيا اسمه المقدس – إلا أن إضفاء الأصوليين "للصبغة الإلهية لمفهومهم الذاتي للإسلام يجعلهم يدخلون في الحلقة المغلقة للتفسير الأحادي الذي يرفض ما سواه، ولا يمتنع عن نعت مخالفيه بالكفر والشرك والزندقة" .
فبمقدر ما تسود التنشئة الدينية الاصولية بقدر ما تتمكن" السلطات- الحركات " السائدة من استخدام الدين كاده سيطرة، ولعل هذا ما حدث عندما حولت الأنظمة العربية والحركات الاصولية استخدام الدين لتحقيق إغراضها السياسية ما انعكس بدورة علي سيادة مذاهب الإقصاء والتحريم.
فمن ذهنية التحريم وما بعد التحريم التي أشار إليها صادق العظم - حيث حذر وخوف العلماء والمفكرون من العلمانية، ففي زمن التحريم والتكفير، يستدعي الاقتناع بالعلمنة الجرأة باعتبار العلمانية ضرورة قصوى للنهوض، لذا يعد العمل على إيصالها إلى الرأي العام على حقيقتها نضالا شاقا، فليس صحيحا أن العلمنة دعوة للإلحاد أو إلغاء الدين أو التخلي عن الإيمان، وإنما النزوع التاريخي لقيام العلمانية جاء نتيجة ضرورات الحياة، ولتامين الحريات وحقوق الإنسان و مساواة البشر بمعزل عن خلفياتهم أو انتماءاتهم في إطار أنساني تسامحي حضاري و ديمقراطي . كما وشكل الهجوم التكفيري لكل محاولات نقد الخطاب الديني ضررا بالفكر الديني والفكر العلماني كون الفكر لا ينمو إلا في مناخ الحرية وهذا ما حل في الثقافة العربية في القرن العشرين .

مما ساعد في تاجيج الصراع بين العلمانية والأصولية، هو غياب أو ضعف النخب القادرة علي ايصال حقيقة المفاهيم وتبيئتها بما يتناسب مع مصالح مجتمعاتها، فالنخبة لدينا" أصولية وعلمانية" منشغلة بتامين مصالحها الذاتية -الفئوية - الخاصة، والصالح والهم العام ابعد ما يكون من إن تتناوله نخبنا العربية والفلسطينية، لذا يتم تجميل أو تزيف الوعي من خلال تملق عواطف الجماهير، وكسب نصرتها ولو علي حساب الوعي الحقيقي الفاعل.

وتحمل العلمانية في المجتمع العربي معها بالضرورة إرثين ثقيلين من تراث الثقافة السياسية التي سادت السياسة العربية خلال العقود الماضية، ومازالت تسود في الكلام العربي اليوم . أولهما هي قضية خصوصية الهوية الثقافية وجملة الأساطير الذائعة بيننا بخصوص فكرة العولمة الثقافية وصنوها الاستثنائية العربية في مواجهة عمومية المعرفة . وثانيهما إرث التجربة السياسية العربية التي سادت ومازالت تسود علاقات المواطنين العرب، من أفراد وجماعات، بالسياسة . وبهذا الخصوص، فإن أبرز تحديين تواجههما فكرة العلمانية في البلاد العربية، هو تحدي الحركات والجماعات الأصولية ، والتحدي الثاني هو أنظمة الاستبداد والعسف في المجتمع العربي وما بينهما من ثقافة يؤسسها كلا بطريقته الخاصة ،فالعلمانية قوة، لا يمكن أن تقوم بدورها، إن لم تنغرز وتتجذر كفكرة في وسط اجتماعي ثقافي وسياسي واقتصادي يتفاعل معها .
وليس أدل على ذلك، من أن اللوحة العربية هي اليوم غريبة عن الحركة الواسعة التي يشهدها الفكر الإنساني والمعرفي في دوال العالم المختلفة، ولعل الضعف الفلسفي يشرح الوهن الفكري والمعرفي لدينا؟ قد يرجع ذلك إلى هيمنة الجانب السياسي على الكلام العربي، غير أنه يعكس على مرآته واحدة من الأزمات الفكرية والسياسية والاجتماعية المركزية التي يعاني منها المجتمع العربي ، وأرجح أن إشكالية العلمانية والأصولية تفصح عن أكبر تحد تواجهه وسوف تواجهه في السنوات القادمة .
ففي عالم تستخدم فيه كل الأشياء من اجل المصالح " في إطار حرب الكل ضد الكل" حرب المصالح، الداخل مطلق والخارج مطلق، حرب الكلمات والمفاهيم – هذه هي الحرب الدائرة في عالم اليوم علم الهيمنة والأصوليات القديمة الجديدة، حرب نهاية التاريخ وصراع الحضارات وتكيف وإعادة هيكلة الوطن العربي وشمال إفريقيا ضمن مشروع الشرف أوسط الكبير، ونحن اليوم منشغلين ومشتغلين في حرب كلامية أساسها الصراع علي من يصعد إلي ساري السفينة الغارقة أصلا، ربما قد رسب العرب في امتحان التاريخ بجدارة، كوننا لا نتعلم من أخطائنا، ما يؤهل المجتمع العربي إلي حالة رسوب قادم اخطر.


الهوامش

1. التقرير الاستراتيجي العربي، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية ، الأهرام ،1988 ص 240 .
2. محمد أركون الفكر النقدي والبعث الروحي، الاصواليات الاسلامية في عصرنا الراهن، القاهرة ، قضايا فكرية للنشر والتوزيع، 1995ص488.
3. لقد انضم الشيخ محمد الغزالي ومحمد عمارة إلي هذا المفهوم. أنظر : الفلسفة الإسلامية المتميزة، في: الأبعاد الثقافية لحقوق الإنسان في الوطن العربي، مركز ابن خلدون، 1993، ص 151 وما بعدها.
4. انظر جلال صادق العظم، ذهنية التحريم ، وما بعد ذهنية التحريم ، دار المدي للثقافة والنشر،سوريا،1997.
5. حليم بركات، المجتمع العربي المعاصر "بحث في تغير الظروف والاحوال"، مركز دراسات الوحدة العربية بيروت ، 2000 ص506.



#صلاح_عبد_العاطي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموقف القانوني من الانفصال احادي الجانب واعادة الانتشار لقو ...
- الحماية الاجتماعية بين الحاجة .. و الإطار القانوني
- الفلتان الأمني .. ظاهرة خطف الأجانب.. تلحق أفدح الضرر بالقضي ...
- العمل النقابي في فلسطين ... بين الواقع والطموحات؟؟
- السلم الأهلي و نبذ العنف في القانون الأساسي والمواثيق الدولي ...
- المرأة والقانون
- المرأة الفلسطينية والمشاركة السياسية والاجتماعية
- الديمقراطية والتنمية في العالم العربي وفلسطين
- الحكم المحلي والهيئات المحلية في فلسطين
- قراءة في التعاطي القانوني والرسمي مع ملف الأراضي التي ستخليه ...
- حقوق المواطن في ظل الواقع الراهن ..وسؤال ماالعمل؟؟
- قانون رعاية الشباب الفلسطيني الي اين...؟
- دور منظمات المجتمع المدني في الرقابة على الانتخابات
- قراءة في تقرير الهيئة المستقلة لحقوق المواطن -الرقابة علي ان ...
- ازمة الثقافة
- ما العمل؟؟!
- جدار الضم والفصل العنصري
- الشباب والانتخابات
- واقع الطفل الفلسطيني في ظل اتفاقية حقوق الطفل
- الحركة الطلابية الفلسطينية بين الواقع.. والمامول؟


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صلاح عبد العاطي - العلمانية والأصولية في المجتمع العربي