أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - زهير الخويلدي - وجاهة ادانة الاستعمار وشرعية طلب الاعتذار














المزيد.....

وجاهة ادانة الاستعمار وشرعية طلب الاعتذار


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 6593 - 2020 / 6 / 14 - 03:25
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


" ان الفكرة الأساسية التي غذت الاستعمار الأوروبي صارت خالية من أي جوهر ولم تعد أوروبا المدافع الذي لا يخطئ أو الراعي الشرعي للمدنية"
تطالب العديد من الدول في الآونة الأخيرة الدول الاستعمارية بالاعتذار لشعوبها ومواطنيها على المظالم والتعديات التي تعرضت لها زمن الاحتلال والاجتياح والاستيلاء عن طريق الحروب المذلة والغزوات المباغتة على غرار دخول الجيش الالماني الذي شكله هتلر الى باريس عاصمة فرنسا في فترة وجيزة ومثلما زحفت الأساطيل العثمانية على سواحل البحر المتوسط والبوارج الحربية الأمريكية على الخليج. في هذا السياق يمكن اعادة التفكير في قضية مابعد الكولونيالية وحقيقة الاستقلال وواقع الاستعمار الجديد ورصد جملة من المفارقات تتعلق بالدولة الوطنية التي تشكلت في المنطقة الافريقية والأسيوية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وميلاد منظمة الأمم المتحدة سنة 1948 وتفعيلها حق الشعوب في تقرير مصيرها.
المفارقة الأولى تتمثل في التخلص من الاستعمار بتوقيع اتفاقيات حول الاستقلال الكامل والجلاء التام والحصول على السيادة الوطنية من ناحية ولكن الدول الرأسمالية من ناحية اخرى قد غيرت أشكال الهيمنة على الدول التابعة وانتقلت من الاستعمار المباشر الى الاستعمار غير المباشر ومن الاحتلال العسكري الى الاحتلال عن طريق الاقتصاد والثقافة والإعلام وظلت تتعامل معها بوصفها جزء من مجالها الحيوي.
المفارقة الثانية تكمن في دخول الشعوب في زمن مابعد كولونيالي على المستوى القانوني وضمن الوعي الحقوقي وشعورها بالعزة الوطنية والكرامة الانسانية من جهة وبقاء النخب الحاكمة مرتهنة للزمن الماضي ووفية للدوائر الرأسمالية ومرتبطة بالقوي الاستعمارية تحافظ على مصالحها من جهة مقابلة.
المفارقة الثالثة هي عزم الدول المستقلة في بناء تنميتها الشاملة الخاصة بها والتعويل على الذات وتحقيق الاستفاقة الاقتصادية والتحديث المطلوب من طرف مواطنيها ولكنها تطلب من الدول التي كانت قد احتلتها المساعدة على التطور وتتورط في الاقتراض والمديونية وتجدد المعاهدات معها باسم الشراكة والتعاون.
فماذا تمنحنا الفلسفة السياسية من عدة منهجية للتفكير النقدي في هذه المفارقات في العلاقات الدولية؟
معنى الاستعمار هو الاحتلال الغاشم للدول المغلوبة من طرف الدول المنتصرة وقهر الشعوب واستباحة أعراضها وافتكاك منافعها والاستيلاء على أراضيها وتدنيس سيادتها أوطانها وانتهاك كرامة مواطنيها. لا يحمل مصطلح الاستعمار اي فائدة دلالية حتى وان اقترن بالاعمار والتعمير والعمران ولا يجوز من الناحية الايتيقية الكلام عن منافع الاستعمار بالنسبة لبلدان تم السيطرة عليها والتي عانت من عدة ويلات. لقد كشفت مدرسة فرانكفورت منذ جيلها الأول مع هوركايمر وادرنو وبنيامين في تأليفها المنهجي بين أدوات التحليل بين كانط وهيجل وماركس ونيتشه وهيدجر على أن الاستعمار سليل التنوير وأنه استخدم الاستشراق والأنثربولوجيا والأثنولوجيا والاثنوغرافيا كقنوات معرفية لدراسة الشعوب التي يقوم بغزوها ولعل زيارة كارل ماركس الشهيرة للجزائر في ظل الاحتلال الفرنسي وتمييزه بين نمط انتاج رأسمالي مستند على عملية التصنيع ونمط انتاج أسيوي مبني على الريع دليل على توازي التفسير في علم الاقتصاد السياسي وتخليه عن الموضوعية العلمية وادعاء الاممية وخضوعه اللاواعي للمركزية الأوربية الغربية. لقد تم الانتقال من الاستعمار الغليظ والمروع الذي يستعمل أدوات قوة مادية عنيفة ويجهز الجيوش المقاتلة ويرسل الأسلحة الفتاكة الى الاستعمال اللين والمراوغ الذي يختفي وراء الرياء الديبلوماسي والحملات التبشيرية والعمل الخيري والإعانات الغذائية والقروض والمنح والهبات والصدقات والارساليات الثقافية والذي يصعب التفطن اليه ومشاهدته بالعين المجردة ومقاومته بالطرائق التقليدية والمواجهة المباشرة. غاية المراد أن التابع من حقه التفكير والدول الضعيفة من حقها الاستقلال التام وأن الاستعمار مدان بشدة ومصير كل احتلال هو الزوال الحتمي وأن التحرر عملية مركبة تستوجب الاستكمال لدوائر عديدة تبدأ بالسياسي والقانوني وتمر الى الاقتصادي والاجتماعي وتبلغ الثقافي والرمزي والإعلامي والحضاري وأن الشعوب الحرة التي بلورت من ترابها ثوراتها يجوز لها أن تطمح الى الاعتذار والاعتراف العادل. على هذا النحو يحقق الاعتذار الكثير من الأشياء المهمة للشعوب التي عانت وقيمته لا تتوقف على التعويضات المادية وإنما تتعدى ذلك الى المستوى المعنوي وترمم جراحات الذاكرة وتداوي الاهانات التاريخية التي تعرض لها الضمير الجمعي من طرف السياسة العقابية للمستعر وتمنح المجاهرة بالحقيقة والاعتراف بالجرائم. لكن توجد الكثير من التحفظات على المستوى اللوجستي عند المطالبة بفك الارتباط بين الشمال والجنوب والمركز والمحيط وبين الغرب والشرق وإلغاء التبعية وشطب الوجود المدان للمستعمر من قبل المستعمر ولعل اولها هو فقدان خيوط الانعاش وقنوات الامداد وضياع بوصلة التحديث والتقدم وإمكانية العصرنة وفشل المنوال التنموي الذي يحاول الانكفاء على الذات واعتماد اقتصاد الحرب وتبني الحمائية التجارية. فما العمل لتفكيك سجن الاحتلال المباشر وغير المباشر؟ وكيف يمكن بناء علاقات ندية سيادية بين الدول؟
المصدر:
جيرار لكلرك، الأنثربولوجيا والاستعمار، ترجمة جورج كتورة، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، مجد، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية، 1990،ص162.



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أرسطو وإعادة الاعتبار للفن
- مسارات التحرر في الفلسفة المعاصرة
- مفارقات الفن عند أفلاطون
- حوار مع أندريه كونت سبونفيل حول كوفيد19
- حوار مع جورجيو أغامبين حول السياسة الحيوية
- الفلسفة الملتزمة والشأن العمومي
- في الدلالة الفلسفية للفن
- جماليّات البيت العتيق
- قراءة آلان باديو للوضع الوبائي الراهن
- أحاديث موريس مرلوبونتي وتجربة الحوار
- حوار مع رجيس دوبراي حول أزمة الكورونا
- مقابلة مع جان بول سارتر حول الأدب والفلسفة
- ساعة من اللقاء بين مارتن هيدجر وتيزوكا طوميو
- المثقفون والسلطة، مقابلة ميشيل فوكو مع جيل دولوز
- الحوار الهرمينوطيقي بين الأزمة البيشخصية والكتابة
- التعويل على التجربة في فيزياء آينشتاين
- مشكلة التجربة الفلسفية عند فرديناند أليكييه
- تطور الطب التجريبي عن طريق كلود برنار
- المعالجة النقدية للتجربة من طرف كانط
- تجريبية ديفيد هيوم بين الريبية والذاتية


المزيد.....




- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - زهير الخويلدي - وجاهة ادانة الاستعمار وشرعية طلب الاعتذار