لماذا كان النسيئ زياده فى الكفر ؟

هشام حتاته

الحوار المتمدن-العدد: 6592 - 2020 / 6 / 13 - 10:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ ۖ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ ۚ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (37) التوبه

اولا : ماهو النسيئ
لغويا : في معجم المعاني الجامع
( نسا: (فعل)
نسَا يَنسُو ، انْسُ ، نَسْوَةً ، فهو ناسٍ ، والمفعول مَنْسُوّ
نسَا الشّيءَ: تركه )
النسئ هي شعيرة من شعائر العرب في الجاهلية كان يقوم بها بنو فقيم من قبيلة كنانة العدنانية من أهل الحرم المكي ، حيث كانوا ينسأون الشهور على العرب فيحلون الشهر من الأشهر الحرم ويحرمون مكانه الشهر من أشهر الحل ، ويؤخرون ذلك الشهر.

ولماذا قالوا بالنسيئ ؟
لاحظ عرب الجزيرة ان الشهور القمرية لاتتناسب مع مواعيد الشتاء والصيف والزراعه والحصاد ورحلتى الشتاء والصيف وبالذات فى الحج حيث لم يكن ياتى فى وقت معين من السنه ويختلف بين الشتاء والصيف والربيع والخريف ، فعرفوا من اتصالهم بمصر ان السنه الشمسية هى التى تولد الزمن
فلهذا قاموا باعتماد السنه الشمسية فيما ذكرناه سابقا من الزراعه والتجاره والحج
وبناء عليه كان ذو الحجه ياتى فى نهايه السنه الشمسية كل عام ، وحتى يتم ضبط هذا الميعاد قاموا بعمليه النسيئ .

كيف يتم النسيئ ؟
من المعروف ان معظم الشعوب قديما كانت تعتمد القمر حتى فى مصر الفرعونية
ولما كان موعد وصول الفيضان الى مصر مهم جدا حتى يتم قبلها تسوية الارض وبذر البذور ثم الصعود الى اعلى ضفتى النهر انتظارا ان يغمرها الفيضان ، لهذا وجدوا ان موعد الفيضان حسب السنه القمرية يختلف من عام الى عام
فنظروا الى السماء وعرفوا ان العام يتولد من دورة الارض حول الشمس بـ 360 يوم ثم وفى خطوة تطورية اخرى اضافوا اليهم 5 ايام لتصبح ايام السنه 365 يوم مما يجعله يزيد عن السنه القمرية بـ 11 يوم وقسموا العام الى 12 شهر
ولكن مع مرور الايام وجدوا ان الفيضان ياتى قبل ميعاده بعده ايام ، فعاودا النظر الى السماء فوجدوا ان النجم سيرس ( الشعرى اليمنيه ) يتوافق ظهوره مع الشمس كل اربعه اعوام ، ولهذا اصبح العام ليس شمسيا تماما بقدر ماهو كوكبى ، وتم زياده هذا اليوم فى شهر فبراير كل اربعه اعوام ، وهذا ما اثبته العلم الحديث ، اى ان العلوم المصرية فى الفلك كانت سابقة على علومنا الان بالالاف السنين

قام عرب الجزيرة باعتماد التقويم الشمسى فقاموا بزيادة الشهور القمرية ب 11 يوم كل سنه لتكون الزياده كل 3 سنوات شهر قمرى فتصبح 13 شهرا وساعتها يحذفوا هذا الشهر حتى ياتى الحج كل عام فى الشهر الاخير من السنه القمرية
وبقيت معضلة الايام الخمسة ، فكان يتم نقصانها من السنوات الثلاثة الاضافيه
ولهذا كانوا كما قال القران ( يزيدونه عاما ينقصونه عاما )
وقد اجمعت كل التفاسير على الزياده والنقصان وانها كانت نقيصة فى عرب الجاهلية دون ان يعلموا الحقيقة

ولماذا تم تحريم النسيئ ؟
عندما سالوا النبى عن الاهله ، وكيف يبدا الشهر بالهلال ثم يزداد يوما بعد يوم حتى يصل الى الاكتمال ثم يعاود النقصان فرد عليهم قرآنا (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ۗ..... ) 189 البقرة
اذن ... منازل القمر هى ميقات الناس ليعرفوا بها عدد السنين
ونلاحظ هنا كلمه ( والحج )
اى ان الحج ياتى فى ذو الحجه من كل عام قمرى

ثم ناتى الى الاية (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ..... ) 36 التوبه
والى عمده التفاسير – الطبرى – نقرأ :
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إن عدة شهور السنة اثنا عشر شهرًا في كتاب الله، الذي كتبَ فيه كل ما هو كائن في قضائه الذي قضى =(يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم)
16684- حدثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال، حدثنا زيد بن حباب قال، حدثنا موسى بن عبيدة الربذي قال: حدثني صدقة بن يسار, عن ابن عمر قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بمنًى في أوسط أيام التشريق, فقال: " يا أيها الناس, إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض, وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا, منها أربعة حرم, أوّلهن رجبُ مُضَر بين جمادى وشعبان، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم ".
16691- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا)، قال: يعرف بها شأن النسيء ما نقص من السنة.

16692- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد في قول الله: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله)، قال: يذكر بها شأن النسيء.

فماذا نفهم من هذا ؟
هناك اشكاليه بين العلم الدينى وعلم التاريخ ( وقد سبق ان تعرضت كثيرا للعديد من تلك الاشكاليات )
ان القران يقر بان الشهور القمرية هى الاساس فى توليد الزمن منذ خلق الله العالم
ولهذا كان النسيئ الذى كان موجودا فى الجاهليه يتعارض مع كتاب الله، الذي كتبَ فيه كل ما هو كائن في قضائه الذي قضى حسب السنه القمرية ...!!!
ولهذا كان النسيئ زياده فى الكفر
وواضح ان العام الذى حج النبى فيه النبى كان متوافقا مع السنه الشمسية فكان ذو الحجه اخر شهر فيها ، ولهذا قال (يا أيها الناس, إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض )
ومازال الحج حسب السنه القمرية مره ياتى فى الصيف واخرى فى الشتاء او الربيع او الخريف وان التقويم القمرى هو المعمول به فى المملكة العربية السعوديه منذ عهد النبى حتى عامين مضوا حين امر محمد بن سلمان باعتماد السنه الشمسية فى تاريخ المملكة بدلا من القمرية ، الا ان الحج مازال حسب العام القمرى
وقضى التقويم الشمسى فى المملكة منذ عامين على التضارب بين السنه القمرية حسب رؤية الهلال وبين المواعيد الرسمية للمملكة فتم اختراع تقويم ام القرى
فتقويم ام القرى لاشان له برؤية الهلال ، ولكنه تقويم تقريبى منه ، فكنا احيانا نرى الشهر القمرى حسب الرؤية يختلف بيوم او يومين عن تقويم ام القرى .
نلتقى على خير

#هشام_حتاته (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات