رد على مقالة غسان مفلح

سلطان الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 1589 - 2006 / 6 / 22 - 09:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

أولاً: بعد قراءة أولى لمقالك أيها السيد، وجدت نفسي تائه بين أفكار عدة، و سريعة و مشتتة و عدت فقرأت ثانية بتأن أكبر فوجدت أنك – عذراً منك- أنت التائه بين الكثير من الأفكار المطروحة و الواضح أنها أفكار انفعالية.
ثانياً: تتهم أحد المنادين بإعلان سوريا أنه ناطق رسمي باسم تجمعات طائفية أو أثنية؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ليتك تعرف هويته الحقيقية أم أن ما ذكرت تشويشاً إعلامياً لا أكثر.

ثالثاً: استنتاجك عن توقيع السريان على إعلان ليس دقيقاً كي لا أقول أنه خال من الصحة،

فالسريان يا سيدي الكريم لا يعتبرون أنفسهم شعباً منفصلاً بتكوينه القومي عن العروبة فالسريان في سوريا هم عرب سريان و في الهند هم هنود سريان.... هل وصلت الفكرة؟ و أما تلك المجموعة من الناس الذين تاجروا بفكرة اضطهاد السلطة للسريان ليجدوا مبرراً عند الدول الغربية لاستقبالهم فهؤلاء يا سيدي لا هم بالسريان ولا هم بالعرب و لاهم بالسوريين، و أبشرك وأبشرهم أنهم لن يكونا يوماً سويديين أو دانمركيين و لا حتى أمريكيين، فمن يغادر بلده خائناً إياها بالفكر بالفعل لن يجد موطناً آخر، و من يعبر نفسه صاحب حق في سوريا فليقعد في بلده و يناضل من أجل قوميته - إن أراد-، عندها سنحترمه و إن اختلفنا معه.

و أنبيك أيضاً أنني سرياني من منبت آرامي أعتز بسريانيتي وهويتي السورية و أعرف تراثي و تاريخي السرياني بعمق، و لكني أعرف أيضاً أننا نحن السريان لا نشعر بالغبن و لا بالظلم من السلطة لأننا سريان. و أرجو منك ألا تربط المسألة الكردية بالمسألة التراثية و الحضارية السريانية فكل منهما على حدة في واد مختلف. وطبعا نحن لا نغفل ما يعانيه الشعب الكردي اليوم في نضاله المستمر من أجل وصوله الى (ما يريد هو وليس المتاجرون باسمه).

أما موضوع الليبرالية أيها السيد الكريم و الذي يبدو أن لديك حساسية شديدة تجاهه، فيا ليتك تعلم أن بذور الفكر الليبرالي التي نشأت على يد جون لوك، قد استندت و في عمق مبادئها الأخلاقية على الفكر المسيحي، و هذه حقيقة لا نستطيع التحايل عليها. و لا يعني هذا أن الفكر الليبرالي الذي نسعى إليه اليوم هو فكر مسيحي بحت، فلنقل إن كان يرضيك أنه فكر إنساني بحت، و ليس المطلوب مني أن أتخلى عن انتمائي الطائفي لأكون ليبرالياً فهذه قضية عقائدية و تلك قضية فكرية.



ليست الطائفية شعوراً بالانتماء بل هي مهرب يلتجئ إليه الضعيف و واهن الفكر، و غير القادر على أن يساير تطور المفاهيم الدينية و المدنية.

أين أنت يا سيدي من حركة التاريخ.......................الإنساني، ما تقوله بات بائتاً و عذراً منك مرة أخرى، لكن إن كنت حقاً تهدف إلى نشر المعرفة فأرجو منك ألا توكل نفسك للتحدث باسم من هو موجود وحاضر و قادر على أن يقول كلمته، و هو ممتلئ بشعور المواطنة التي يشعر بها كل إنسان متحضر، و يعاني مما يعانيه كل مواطن كمواطن في بلده مهما كانت ملته أو دينه.

و إن كان حضور الجماعة ينطلق من أماكن لها صبغة دينية فهذا لأن طبيعة النظام لا تسمح بإنشاء التجمعات المدنية، و إن كان هناك تحايل فهو من قبل هذه الجماعات و هي تمارسه على السلطة التي تعلم و هي غير ممانعة، و أرجو أنك تعلم أن أسرة الإخاء السورية و جمعية إيمان و نور(وقعتا على إعلان سوريا) اللتان تهتمان بالمعوقين جسدياً تهتمان باستقبال أي طفل دون السؤال عن دينه أو طائفته.

هل تعلم أن الكنائس دون استثناء كان لها مساهمة كبيرة في التبرعات لصالح الانتفاضة الفلسطينية حين قامت و كالة الغوث بإطلاق حملة "يداً بيد" و قد قدمت التبرعات دون النظر إن كانت ستذهب للمسجد الأقصى أو لكنيسة المهد.

هل تعلم أن شيعة وسنة العراق حتى هذه اللحظة، يأخذون مساعدات من الكنائس السريانية في سوريا، ونحن لا نفتخر بذلك، فهو واجب إنساني، نُقدمه بكل محبة.

تتحدث عن الغطاءات و التلونات ولأني لا أحبذ كيل الاتهامات لكنت تساءلت عن مقالك الرفيع الذي يبدو لي أنه غطاء لتقديم أفكار تخدم و تزيد من غل الإخوان المسلمين الذين لا و لن يكونوا الفئة السنية بأكملها.

رسالة وصلتني من سيدة فاضلة، أعتذر منها، وأسمح لك بقراءتها:



قالت لي صديقة – و هي سنية محافظة و مؤمنة و محجبة- إثر سماعها خبر لقاء خدام بالبيانوني " هل يمكن أن يستلم الإخوان المسلمون السلطة؟!!!

سألتها: لم؟

قالت: لأن هذه ستكون نهاية النور في هذا البلد. فما الفرق بين البيانوني و خدام؟ ، و كلنا يعلم أن سلاح الإخوان أمريكي الشيكات". و مثلها كثيرات. وهؤلاء كلهن أمهات........... !

هل وصلك جواب على سؤالك؟ لم و لن يحكم الإخوان سوريا، فهم لا يمثلون نموذجاً لأية حالة إلا أنفسهم، و أرجو أنك تعلم أن الدائرة المغلقة لا حياة فيها و الإخوان دائرة مغلقة تؤول للجفاف.

سيتم تداول سلطة عل أرضية نفس السلطة كما هو مطروح في إعلان سوريا، لأن فيها مواطنين يفكرون و ينتجون إعلان سوريا و غيره، وهؤلاء أصابوا أم أخطئوا يكفيهم شرفاً أنهم يعملون و يحاولون و يأملون و يناضلون و يفكرون في سبيل سوريا و لا أحد غير سوريا الوطن الحبيب. و لأن سوريا بتلونها الثقافي و إرثها الحضاري تشكل نسيجاً مجتمعياً أهم و أعمق و أكبر من كل الأفكار الضيقة التي يتم طرحها من قبل من لا يحبونها و من يفكرون أبعد من أنفسهم،ومن هم خارج مسار التطور الفكري الإنساني.

حتى الآن تحدثت اليك في العموميات، واليك أجوبة مباشرة، على كل تساؤلاتك.



سأتحدث الآن عن حقوق الإنسان رغم أن هناك من هو أحق وأقدر مني على الجواب على سؤالك:عن دور المنظمات الحقوقية في إعلان سوريا.

إعلان سوريا، اسمه هكذا، وبالتالي فهو يخص كل السوريين، بكافة انتماءاتهم ومختلف توجهاتهم وتنظيماهم. وإذا كان دعاة حقوق الإنسان، لا يهتمون بحق المواطنين في العيش الآمن، والمحترم، داخل حدود وطنهم، فمن الذي يهتم.

منظمات حقوق الإنسان، كما تُصدر بياناتها الشاجبة للاعتقال والنفي والتعدي على حقوق الإنسان السوري من قبل السلطات السورية، عليها أن تذكر أيضا في بياناتها، وتندد بالإرهاب الفكري والجسدي الذي تمثله جماعات الأخوان المسلمين عبر الفتاوى التي يُطلقها مرشدوها ودعاتها والتي تجيز قتل هذا وقتل ذاك، ومنع هذا الكتاب، وطعن ذلك الكاتب، وتفريق الآخر عن زوجته، وتهديد كاتب آخر بسبي بناته، أليس كل هذا انتهاكا لحقوق الإنسان ومن أفضل من منظمات حقوق الإنسان في الوقوف بوجه هذا الإرهاب الاخواني الفكري. كما قلت ليس لي أن أجيب عن موقف منظمات حقوق الإنسان ولكن اعتقد أنها مقصرة كثيرا في كشف مدى القمع والاستبداد والقتل والإرهاب الذي تمارسه جماعة الأخوان المسلمين في سوريا.

((يعتبر المجتمع الدولي الإرهاب وسيلة عمل محظورة وغير مشروعة، وحكمه حكم الأجرام الذي يستوجب إنزال العقاب الصارم بحق منفذيه. وينبع هذا في الدرجة الأولى لكون مقترفي الإرهاب يختارون المس المتعمد بالمدنيين الأبرياء من أجل تحقيق أهدافهم)).

أما عن سؤالك الثاني، فأنا يا سيدي لست ناطقا باسم أي تنظيم طائفي، سوى التجمع العلماني الليبرالي (عدل) وأستطيع الآن وبكل بساطة، اتهامك بالكذب المبين، والطلب منك إظهار إثباتاتك، وفي حال عدم تمكنك من ذلك، أطالبك باعتذار رسمي، هذا إذا كنت تؤمن بأن من يخطئ يجب عليه أن يعتذر. وأستطيع يا سيدي أن أتهمك، بأن مقالك ليس له أول ولا آخر وأنك مشتت فيه، فكرة يمين وفكرة يسار، لكنني شبه واثق، أن البصارة قالت لك: هناك رزقة موعود بها ولكن عليك أن تبرهن أنك تستحقها. ------. وأشفق عليك من هذه النهاية، ولكن كما تعلم القصص تدور وتصل، وبات معروفا لما تهب الشهامة النجدية الخدامية (الاخوانية) فجأة .

وليبراليا أقول لك: يجب فضح المخططات الاخوانية، والتي توزع ((الرزقة)) وليكن معلوما أنه بسبب هؤلاء الذين ينتظرون (الرزقة) يستمر القمع في سوريا. من قال لكم أن الشعب السوري معتوه؟ حتى يُناضل ويُقاتل ويُطالب من أجل التغيير، لصالح أولياء الرزقة وخدامهم اليوم. الشعب السوري، مارد جبار، ينحني للعواصف، ولكنه أبدا لا يستجدي (الرزقة) تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها. ويبدو أنكم هناك، وعلى الأقل بعضا منك، تعودتم على (الرزقة) تأتيكم معمدة بدماء الشعب السوري.كما سمعنا وكم نسمع، كيف أن جماعة أبو مفلح انضووا تحت لواء أبو جمال، بانتظار الرزقة الحريرية.

بالفم الملآن، وبما أمثل في وطني، أقول لكم، إن إعلان سوريا، كان من أجل سوريا، وليس من أجل المرتزقة.فاياكم أن تنضموا اليه.

إن طالبي الرزقة في الخارج، والمتبجحين بالديمقراطية والمدنية، يدفعونا إلى خيار: السلطة بقمعها واستبدادها ولا عصابات الأخوان المسلمين ومن يعيش على فتاتها.

إعلان سوريا كان من أجل التغيير السلمي الوطني، ولم نكن كالمستجير من الرمضاء بالنار.

السوريون لديهم أجندة مؤجلة، يكتبون عليها بجوعهم، بفقرهم، بحرمانهم، بدمهم. أسماء من يرتزقوا ويعتاشوا باسم الدفاع عنهم، وسيكون حساب الشعب عسيرا جدا. لا تظنوا أنكم هناك، تستطيعون أن ترتزقوا دون معرفتنا، فكل شيء يصل!!

القضية الكردية مرة أخرى: أسمى من أن يُتاجَر بها. ولك أن تسأل عن موقف التجمع الليبرالي من هذه القضية. فسيخبرونك، أننا قلنا: دعوا الأخوة الأكراد يُقرروا ما يريدون ونحن معهم على السراء والضراء. ولم يُخطئ إعلان سوريا عندما اعتبرهم مكون تاريخي أصيل، إلا إذا كان لك رأي آخر يصلح للتجارة في زمن الاسترزاق هذا.

((ـ ضمان حقوق جميع مكونات الهوية السورية كمكونات تاريخية أصيلة وجزء من "الكل" السوري من حيث "المواطنة" في الحق والواجب. والحفاظ على خصوصيتها، ورعاية حقوقها الثقافية، وصياغة مفهوم جديد للهوية الوطنية يعكس هذا الطيف المتنوع في إطار وحدة البلاد وتحت سقف القانون. وحل جميع القضايا الوطنية العالقة في سوريا حلا عادلا واعتبارها قضايا وطنية بامتياز تمثل نسيجا وطنيا سوريا واحدا وفي مقدمتها قضايا الجنسية والهوية)).



أما بالنسبة لجماعة المحور الثالث، فأنا مثلك، أستغرب، كيف يكون هناك معارضة في الخارج ، وطنية، لا تنتظر الرزقة من أحد.

#سلطان_الرفاعي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات