أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - أيمن نور - المصادرة .. والحصار ليل نهار















المزيد.....

المصادرة .. والحصار ليل نهار


أيمن نور

الحوار المتمدن-العدد: 1589 - 2006 / 6 / 22 - 09:34
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


القطة فوريره وزوار الفجر
ليس السجن بهذه البشاعة أي ليس كل ما فيه من هذه الماركات بين صرصار وذباب وبعوض فهناك كائنات لطيفة بعضها مسجون معنا صيفا وشتاء .. وبعضها لعله قرر أن يقضي فترة الصيف معنا وينطلق في الشتاء باحثا عن مشتى آخر. ومن بين الكائنات المسجونة معنا بل أن معظـمها من مواليد السجن وربما لا تسجل ذاكرتها ـ من فضل الله عليها ـ زمنا للحرية وآخر لغيابها أو اغتيالها كما تسجل ذاكراتنا.. قطيع من القطط البلدية المتمردة والتي يتعامل بعضها بوصفه ابن المكان وصاحب حقوق أصيلة فيه ولم أكن أعرف عدد القطط في السجن إلا يوما وقف احد المنتمين للجماعات الإسلامية ـ قبل ترحيل معظمهم من السجن ـ وكان معتقلا منذ 13 عام تقريبا ووقف إلى جواري مطلقا أصوات لا هي صفارة ولا هي نداء بل بين هذا وذاك وكأنه استخدم بوقا مطلقا هذا الصوت فوجدت مالا يقل عن مائة قطة تأتى من كل مكان جرياً وهرولة إلى حيث يقف هذا الشاب مطلق النداء.. عرفت بعدها انه يجمع بعض بقايا أكل المعتقلين ويقدمه لهم يوميا وربما ليس لهم بل لآبائهم وأجدادهم بوصفه معتقل منذ عهد الأجداد بالنسبة لهم. وبعد أن تم ترحيل هذا الشاب، وبعد أن صدرت التعليمات بمنعي تقريبا من الخروج والتجوال لم تعد هناك فرصة أن أرى هذا القطيع.. إلا قطة وحيدة وتدعى "فوريره" وهى قطة نحيلة ربما لم تبلغ بعد سن الزواج لكنها تتسم بقدر كبير من النضوج والتمييز والإصرار والعناد وقصة فوريره أنها باتت هي القطة الأكثر شهرة من بين قطط السجن كلها لارتباطها النفسي بشخصية كبيرة ومحترمة مسجونة في السجن منذ سنوات خمس تقريبا حيث كانت فوريره في علم الغيب لكن فوريره بعد أن ولدت تعرضت لحادث كسرت فيه احد أطرافها مما دفع هذه الشخصية الكبيرة والشهيرة والمحترمة أن تحنوا عليها وهو ما حمل فوريره أن ترتبط به نفسيا فتسير خلفه وتجلس حينما يجلس وهو رغم كل شيء يعطى لفوريره أولوية فى تقديم ما يمكن أن يعينها على الحياة الأكثر اطمئناناً عن غيرها من قطط السجن.. وهو ما يحمل فوريره للاطمئنان إلى المسجونين ويشجعها على أن تخترق كل الحواجز بعد مواعيد إغلاق الأبواب الحديدية علينا لتدخل إلينا حتى أنها تكاد ان تكون تصلى معنا كل فجر حيث يحلو لها ان تنكمش وتعبر من تحت المسافة الفاصلة بين الأرض وأعتاب الباب الحديدي في زيارة الفجر يوميا وكأنها من زواره.
مظاهرة الصباح
وإلى جانب زائرة الفجر "فوريره" هناك كائنات أخرى أحسب أنى لم الحظ وجودها بهذه الكثافة إلا في شهور الصيف. فمع إشراقة الصباح نستقبل أصوات أجمل مظاهرة ينطلق هديل أصواتها داخل السجن بعد أن افرغ من صلاة الفجر بحوالى نصف ساعة حيث تنطلق آلاف العصافير وكأنها تهتف للحرية في أكثر مكان شهد ذبح الحرية وهذه الأسراب من عصافير الصباح عندما تبدأ مظاهرتها اليومية التي تتدفق إلى هتافاتها عبر القضبان أشعر أنها تهتف للصباح الجديد ولى ولمصر ولأولادي في تحدى خطير للأمن والسجن والسجان في تحدى لكل وسائل القهر والقمع حيث تدوي الهتافات انه مهما كانت مهارة الصيادين وغلظـة السجانين فستظل العصافير بأجسادها الصغيرة وأصواتها الجميلة قادرة أن تغتال حواجز الصمت والخوف ورهبة السجن والسجان معلنة عن ذلك التحدي التاريخي بين بنادق الصيادين وأجساد وأحلام العصافير.
د . الحيوان ومظاهرات المساء
تصادف مساء الأربعاء الماضي 14 يونيو 2٠٠6 أنى سمعت هتافات تتعالي من العنابر المجاورة لم يتبين لي تحديدا هل هي صادرة من إخواني أعضاء كفاية والغد أم أنها من إخواننا من جماعة الإخوان المسلمين والتي تصاعدت هتافاتها في بداية الأسبوع الماضي احتفاء بما عرفته في اليوم التالي من حصول الدكتور حسن الحيوان عضو المكتب السياسي للجماعة على حكم البراءة في إحدى القضايا التي نسبت إليه ولآخرين فيها حيازة أسلحة نارية وخلافه لزوم الانتخابات البرلمانية. ولم يكن لدى شك مطلقا أن نجل أستاذي الكبير الراحل محمد الحيوان لا يمكن أن يحمل سلاحا اخطر من سلاح والده وهو القلم لكنى لم أكن واثقا من أمور أخرى.. وقدر سعادتي بنبأ براءة الدكتور حسن الحيوان بقدر دهشتي عندما كنت متجها إلى مكان الزيارة لاستقبال زميلي في الغد الأستاذ مجدي الجندي المحامى الخميس الماضي ولمحت الدكتور حسن الحيوان وهو مازال خلف الأسوار.. واذكر أنني وصلت إلى سجن طره في نفس الوقت تقريبا الذي وصل فيه الدكتور حسن الحيوان وكنا في البداية نلتقي في المسجد يوم الجمعة أو بالمصادفة في الملعب الفاصل بين مكان إقامتي ومكان إقامته إلا أن التطورات التي حدثت بالنسبة لي من منع قصري من الحركة والاتصال بغيري من السجناء حال دون استمرار التواصل مع الدكتور الحيوان الذي تمنيت أن أقدم له التهنئة بالبراءة حبا في الحرية وفى والده أستاذي الراحل محمد الحيوان ومن أخي وصديقي باسل الحيوان سكرتير الغد وفي شخصه لكن هكذا تريد السلطة أن تسجنني داخل سجني وان تظلمني داخل ظلمي وان تستمر معي في مسلسل الانتقام الرهيب والقتل المعنوي بإجباري على الصمت ومنعي من الكتابة ومن التراسل ومن الحديث مع الآخرين حتى داخل السجن الكبير والصغير..
الخميس الخامس
النظام الديمقراطي لم يكتف بحملة تشويهي ولا باختلاق قضية كاذبة ملفقة لأقضى فترة الانتخابات الرئاسية لاهثا بين أقفاص المحاكم ولم يشف غليله ما ارتكب ضدي من تجاوزات وتزوير في هذه الانتخابات وإسقاطي في الانتخابات البرلمانية في دائرتي وإنجاح ضابط أمن دولة عن حزب النظام إمعانا في الهزل بل لم يرو ظمأه للانتقام إصدار حكم ظالم ضدي بالسجن خمس سنوات وقضاء ستة أشهر داخل السجن ـ فأيد الحكم في يوم الخميس18/5/2006 ولم يكن هذا كافيا ففي الخميس التالي 25/5/2006 ذكرى الاستفتاء وما صاحبه من أحداث أصدر النائب العام قرارا يؤيد ما قامت به الداخلية قبل هذا الخميس بأسابيع وأيضا يوم خميس بمنعي من الكتابة ومنع تبادل أوراقي مع محامىّ وذوى وأسرتي.. وفى يوم الخميس التالي الموافق أول يونيو2006 أعلنني النائب العام بقرار جديد بإغلاق التحقيق وحفظه مع اللواء الذي استعمل القسوة معي وأحدث إصابات في جسدي عاينتها النيابة إلا أن النائب العام رفض انتداب الطب الشرعي وحفظ التحقيق يوم الخميس 1/6/2006 ودون أن يكلف نفسه التحقيق مع اللواء المتهم أو سماع الشهود الذين طلبت الاستماع إليهم ودون أن يستجيب لطلبي في معاينة الطب الشرعي. والخميس التالي كان خميس الحرق وهو يوم إشعال النار في مجمعي الثقافي مكاني الأثير الذي أعلنت فيه ومنه ترشيحي لانتخابات رئاسة الجمهورية.
مصادرة الخطابات
أما الخميس الماضي الموافق 15/6/2006 فقد كانت حلقة جديدة من مسلسل التنكيل والانتقام حيث قرأت في جريدة المصري اليوم العدد 723 قيام الداخلية بتنفيذ مخطط جديد لاغتيال حقوقي الدستورية واللائحية عبر إصدارها قرار بمصادرة رسائلي التي ترد اليّ من خارج السجن وكان الخبر هزليا ومضحكا وكأننا في غابة من الجنون وغياب العقل والقانون فقد صادرت خطابا وارد إلى من الزميل وائل نواره سكرتير عام حزب الغد يبلغني فيه بأخبار الحزب والصحيفة ويطمئن فيه على صحتي.. هذا ما قالته الداخلية في محضر حركة السجون لمدير أمن القاهرة اللواء إسماعيل الشاعر الذي لم يدخر جهدا ورفع الأمر كما يقول الخبر إلى أمن الدولة ثم أحاله إلى النيابة التي تباشر التحقيق.. لا أخفيكم أنى أصبت بهستريا من الضحك عندما قرأت الخبر المأساوي فأين الجريمة إذن؟. وأين القانون الذي ينص صراحة على حقي في تلقى كل ما يرد لي من رسائل وأين الدستور الذي يحمى ويكفل هذا الحق صراحة في إطار حديثه عن حرمة الحياة الخاصة المادة 40 منه إنهم يغلقون النوافذ الدولة بجميع أجهزتها وروافدها أعلنت الحرب عليّ بهدف تجريدي من حقوقي كإنسان حي، علي الأقل حتى كتابة هذه السطور ـ فبعد ان توهمت أن تجريدي من حريتي يحقق لها ما تريده إلا أنها سرعان ما توحمت على قلمي وورقي فحرقت الدستور والقانون وساعدها النائب العام ـ كما ساعدها في تجريدي من حريتي.. ثم بعد أن تصورت أنها نجحت قررت أن تكمم فمي ثم قررت أن تكبل يدي وساعدها في كل هذا النائب العام أما آخر قراراتها بمنع وصول الرسائل إلى هو محاولة لإغلاق النوافذ من خلال هذا الإجراء المخالف للدستور والقانون والذي يصاحبه كم من الإجراءات التعسفية مثل مراقبتي المستمرة ليل نهار 24 ساعة داخل السجن ومنع اتصالي بالعالم المحيط بي ـ حتى داخل السجن ـ وارتكاب كل المخالفات في سبيل تحقيق هذا الهدف.. ألم تسأل هذه السلطة القوية الباطشة التي تملك كل أدوات القهر نفسها لماذا تخشى من قلم سجين ؟! لماذا هي تصاب بكل هذا الهوس من أن يتلقى سجين بين أيديها رسالة من صديق أو زميل لا تحمل شكلا من أشكال الجريمة غير جريمة الوفاء؟!. ألم تسأل السلطة نفسها ما الذي يفزعها من أن يلتقي مسجون مثلي بغيره من السجناء من أن يلتقي بأسرته وأولاده بعيدا عن مجلس الأمن القومي الذي يجتمع في كل زيارة من زياراتي ممثلا عن معظـم جهات الأمن وكأن زيارتي اجتماع لتنظيم سرى.. ألم يسأل هؤلاء أنفسهم عن أسباب منعي من الكلام والحركة والتنفس؟. ألم يفكر هؤلاء ماذا لو قال التاريخ كلمته في كل هذا الظلم والقهر والعناد والاستبداد؟. ألم يفكر هؤلاء ماذا يمكن أن يختار المٌخير بين خيار شمشون وهدم المعبد؟. إن هذه السطور التي تصلكم قيصريا كل أسبوع هي الدليل أن يد الله لن تترك المظلوم.. لن تحمله يوما أن يرفع الراية البيضاء في مواجهة هذه الصفحة السوداء من كتاب الفساد والاستبداد والقهر والظـلم.



#أيمن_نور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نزيف قلم سجين
- هذا يا بني عمك جمال
- النقض والحرق والسجن والموت
- الخطايا السبع لنظام مبارك
- حكاية أطول يوم في حياتي عندما تقرر علاجي بالتعذيب البدني وال ...
- نحن لا نضرب ودعاً .. سيناريو تنفيذ مخطط التوريث
- قمة الكسوف السياسي !!
- رد أيمن نور على المتحدث باسم رئاسة الجمهورية


المزيد.....




- حملة مداهمات واعتقالات في رام الله ونابلس والخليل وبيت لحم
- عباس يرفض طلبا أمريكيا لتأجيل التصويت على عضوية فلسطين في ال ...
- زاخاروفا تدين ممثل الأمين العام للأمم المتحدة بلسانه
- 2.8 مليار دولار لمساعدة غزة والضفة.. وجهود الإغاثة مستمرة
- حملة مداهمات واعتقالات في رام الله ونابلس والخليل وبيت لحم ( ...
- أكسيوس: عباس رفض دعوات لتأجيل التصويت على عضوية فلسطين بالأم ...
- اليونيسف: استشهاد ما يقرب من 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب ...
- اعتقال عدد من موظفي غوغل بسبب الاحتجاج ضد كيان الاحتلال
- الأمم المتحدة: مقتل نحو 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب
- موقع: عباس يرفض طلبا أمريكيا لتأجيل التصويت على عضوية فلسطين ...


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - أيمن نور - المصادرة .. والحصار ليل نهار