أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - أيمن نور - هذا يا بني عمك جمال















المزيد.....


هذا يا بني عمك جمال


أيمن نور

الحوار المتمدن-العدد: 1582 - 2006 / 6 / 15 - 11:54
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


هذا يا بني عمـــك جمـــــال حتى موعد مثول الغد للطبع لم تصل مقالة الأخيرة ووصلنا في مظروف مغلق تركه مجهول هذه الرسالة الخاصة التي نعرف من خطها وأسلوبها ورائحة صدقها انها خارجة توا من قبل كاتبها سجين الحرية زعيم الغد ايمن نور ولما وجدناه فيها من مشاعر صادقة بصدق انفعال كاتبها وانفعال كل شرفاء مصر والعالم مع ما يتعرض له لم نتردد لحظة في وضع عناوين للرسالة وننفرد بنشرها وقلوبنا يعتصرها الألم تضامنا وحبا وتقديرا للراسل وتعاطفا مع المرسل اليهما ابناء مصر كلها نور وشادي ايمن نور سجن طره المزرعة 25 مايو ٦٠٠٢ ابني الحبيب نور.. ابني الحبيب شادي أقبلكما قبلة طويلة بطول الشهور والأسابيع، والأيام، والساعات والدقائق، والثواني، التي لم نلتق فيها، وأضمكما إلي صدري، وأتلمس ملامحكما الغضة، وأنفاسكما الدافئة التي تصلني مختلطة بدعواتكما رغم مسافات الزمان والمكان التي تفصل بين سجني ومنزلنا الذي فارقته وفارقتكما فيه يوم ٥ ديسمبر الماضي، حيث لم نتمكن في هذا اليوم، لأول مرة ــ منذ سنوات أن نحتفل معًا بيوم مولدي هل أحد منكما يمكن أن يتصور أنه مضي علي هذا اليوم الآن ستة أشهر، وعشرون يومًا وثلاث عشرة ساعة؟ الأيام تمر بسرعة والأيام تمر ببطء، اليوم هنا لا يبدأ بدقات ساعة بج بن ولكن بصراخ حديد القضبان الباب الداخلي الذي ينفتح في الصباح وينغلق عصرًآ فينتهي اليوم مبكرًآ جدًا لكن الليل هنا يا أحبائي طويل، كنت أغتاله بالكتابة لكم، وعنكم، وعن الغد الجميل، الذي كنت وما زلت أحلم أنه قادم قادم لا محالة كي لا يري أحد منكما ومن جيلكما لحظة تغتال فيها حريته وحقوقه دون ذنب أو جريمة الليل طال كثيرا هنا، وتحديدًا منذ ٥٥ يومًا، عندما صدر فرمان بمنعي من الكتابة عقب مقالي الذي رددت فيه علي حديث جمال مبارك مع»طنط« لميس الحديدي زوجة عمرو أديب الذي تحبون برنامجه في الأوربيت« وتضحكون كثيرًا علي قفشاته غريب بل ومثير للدهشة ما يحدث منذ ٥٥ يومًا، فبعد نشر هذا المقال بساعات تحول السجن إلي قطعة من الجحيم حيث صدرت التعليمات بمنع كل ما كان مباحًآ ومسموحًا قبل هذا المقال، فالكتابة ممنوعة، والخطابات والحركة داخل السجن بل وتبادل السلامات بيني وبين المسجونين والمعتقلين الذين تم ترحيل مئات منهم إلي سجون مختلفة حتي لا يتحدثون معي أو حتي ينظرون إلي من علي بعد وتحولت غرفتي إلي معسكر حربي ومنطقة معارك جنود ومخبرون وضباط ٤٢ ساعة بل أن هناك ضباطا انتدبوا خصيصًا لمرافقتي في كل حركة أو سكنة في كل لحظة أو جزء من اللحظة داخل غرفتي أو إذا ما تحركت منها أو إليها إنهم مهذبون لكن مهمتهم قد لا تبدو كذلك بالنسبة لي وربما بالنسبة لهم أيضًا لكنها تعليمات عليا ظالمة تخالف كافة القوانين والدستور بل والمنطق والعقل لا أعرف كيف يصاب الظالم المدجج بكل أنواع السلاح بكل هذا الذعر من المظلوم المجرد من كل أنواع السلاح؟ وكأن الظلم يخيف الظالم أكثر مما يخيف المظلوم؟ وكأن كل هذه القيود والأسوار، وكل هذا الحصار، لا يكفيهم فالمطلوب هو إسكاتي بل إخراسي فالحق يزأر رغم الأسوار والظلم مهما فتحوا أمامه كل الأبواب فهو فاتر باهت خافت المشكلة يا نور ويا شادي أني أؤمن أنه لا قيمة للإنسان إذا لم يكن بذاته قيمة مضافة فاعلة عاملة وليس من حق إنسان أن يصدر قرارًا بتنظيم عدد رقاب قلب إنسان آخر أوعدد مرات شهيقه وزفيره يتوحمون علي قلم أبيكم يبدو أن كل هذه الطبول والميكرفونات والإذاعات والقنوات والفضائيات لا تشبع شهوتهم ورغبتهم بل إن كل هذه الصحف والأقلام والمباخر لا تحول دون توحمهم عي قلم أبيكم؟ منعوني أن أكتب، وإذا كتبت يمنعون خروج أوراقي باعتبارها أكثر الممنوعات وأشهرها الآن داخل السجون والمعتقلات والعقوبة عليها أشد فتكًا من ضبط المخدرات والموبايلات التي كانت أخطر السلع قبل أن تقفز مقالات أبيكم وكلماته لتحتل قمة جدول الممنوعات في هذا الوطن السجين الحزين الذي بات يقاوم كلمة الحق بعنف أكبر مما يقوم به سموم المخدرات وعبوات المولوتوف فجأة يا أحبائي يا فلذة كبدي ونور عيني أعلنت الدولة بكافة أجهزتها الحرب علي مساحة السنتيمترات القليلة الفاصلة بين قلمي وأوراقي رقابة مستمرة ليلاً ونهارًا ما أن أمسك بالقلم أو أشعل المصباح فوق المساحة المحدودة التي أنام فيها إلا وتنطلق صفارات الإنذار وترتفع أصوات أجهزة اللاسلكي إشارة إنه يكتب إنه توقف إنه يتثاءب يتحرك تجاه الحمامات ربما يتوضأ إنه يصلي يرفع يديه للسماء إنه يدعو علي الظلمة ويحتسب عند الله وهنا فقط قد تسمع الطرف الآخر يهمس قائلاً آمين ؟ وأظن أنه ربما يكون فقط ينادي علي شخص إلي جواره اسمه أمين بالمناسبة يا نور ويا شادي هل تذكران عمكما أمين الديب الشاعر الجميل الذي كان يرافقنا في جولات انتخابات الرئاسة ويلقي قصائد رائعة تلهب مشاعر الناس هو الآخر هنا في السجن لكنه في زنزانة ربما تكون بعيدة أو قريبة لا أعرف كل ما أعرفه أن شاعر الغد هنا لكنه كغيره من المعتقلين السياسيين وأسرهم وزائريهم ممنوع عليه أن يري ظلي أو يقابلني حتي بالمصادفة فإذا ما خرجت يتم إخلاء الزيارات والطرقات حتي لا ألتقي بأحد من هؤلاء خاصة معتقلي الغد والإخوان وكفاية وغيرهم إنهم يريدون قلمي محطماً، وفمي مكمماً ويداي مقيدتين لكنكما تعلمان أني لا أؤمن بأن هناك مستحيلاً غير المستحيل والمستحيل بالنسبة لي هو الاستسلام للبطش وللظلم فلو فعلت فكأنني أسير في مواكب الظالمين سأقاوم حتي بدبوس أحفر به طريقًا للفجر للغد لمستقبل لا تصنعه كل هذه الآليات الضخمة التي يمتلكون بغير حق ناصيتها ورغم هذا تربكها وتفزعها تلك اللحظة التي أمسك فيها بالدبوس أو القلم يا أحبائي إن الليالي الطويلة لم تغتلني، بل إني أغتالها بهذا الدبوس السحري والذي لا يمكن أن يكتشفوا سره الخطير وهو أنه من خلف القضبان تمتد إليك يد تساعدك، تعاونك، تزيل لك كل الصعاب وتهدم كل العقبات والأسوار والحصار إنها يد لا تخشي ولا ترتجف ولا ترتعد من حالة الطوارئ التي نعيش فيها ولا من البطش والتنكيل والترويع إنها يد الله عز وجل الذي قال وعز من قائل »الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانًا، وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء« صدق الله العظيم الله لا يتخلي عن مظلوم بقرار جمهوري حبيبي نور أشتاق لإصغائك الحنون، وأريد أن أطمئن عليك، وعلي امتحاناتك الأخيرة وقد أزعجني جدا يا حبيبي ما قرأته في الصحف يوم الخميس ٨١ مايو الماضي عندما نشروا صورتك بجوار أمك الحبيبة وهي تحتضنك وملامح الفجيعة كانت تكسو وجهيكما عند سماع الحكم لا تتصور يا حبيبي قدر ألمي عندما شاهدت هذه الصورة رغم شوقي الشديد لرؤيتك حتي لو علي صفحات الصحف افزعني يا نور قلبي ما قلته في »المصري اليوم« من أنك لم تنم لمدة ثلاثة أيام قبل الجلسة لانشغالك بالصلاة والدعاء لله كم كنت يا نور بالفعل في حاجة لدعواتك هذه وصلاتك التي تصلني وأتقوَّى بها لكن يا حبيبي ماذا عن اختباراتك النهائية والتي عرفت من والدتك الحبيبة أنك بدأتها بالفعل قبل الجلسة بيومين؟ لقد كنت أتمني أن تستجيب لرغبتي مثل شادي ولا تذهب للمحكمة، ليس لأني أشك في صمودك وصبرك وصلابة معدنك لكني يا نور ما كنت أريد أن أري هذه النظرة في عينيك يا ولدي فكم أنت صغير علي هذا الحزن؟ كم أنت صغير علي كل هذا الألم؟ يا بني ثق بالله، وثق أن الظلم يجيء سريعًا، والعدل يجيء بطيئًا لكنه لابد أن يأتي فالله هو العدل والخناجر الجديدة الغادرة الظالمة التي تغمد في ظهري يجب ألا تصيب قلوبكم لأنها لم تعد تصبني يا نور ولا تؤلمني صدقني يا بني لأنها تصيب الخناجر القديمة وليس ظهري فإذا تخلت عني العدالة البشرية بقرار جمهوري فلا يمكن يا نور أن يتخلي الله عن مظلوم بقرار جمهوري اقرأ يا نور قوله تعالي في سورة فافر الآية ٤٤ ، ٥٤ »وأفوض أمري إلي الله، إن الله بصير بالعباد فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب« صدق الله العظيم الناس يا نور هنا في السجن كانوا يقولون لي عن بُعد وبعيونهم وإشاراتهم »شد حيلك« لكنهم لم يعودوا يقولونها الآن هل تعرف لماذا؟ لأنهم تأكدوا أن حيلي شديد بالله وإيماني بصواب ما فعلت، ولو عادت الأيام ما فعلت غير ما فعلته وأن الخناجر التي تتدافع إلي ظهري هي أكبر دليل أني حي بفضل الله فلا أحد يمكنه أن يطعن ميتاً فكم يفزعهم يا بني أني لم أحن رأسي رغم كل هذه المطارق التي تهوي كل صباح عليها والتي لم تنجح ــ بفضل الله ــ أن تجعلني أسقط علي الأرض، أو أتضرع لغير الله أو أؤمن بغير هذا الوطن فهذه الضربات زادت من قوة احتمالي وقدرتي علي الصبر وإيماني أن الغد قادم والظلام راحل فما يحدث لي قد يتصور البعض أنه يوم القيامة لكني أراه يوم البعث فالحقيقة يا بني تدفن بعض الوقت لكنها لا تموت أبدًا وأحمد الله أن أفقد اليوم بعض حريتي ويبقي لي حب الناس واحترامهم فهذا أفضل من أن أسترد بعض حريتي بطريقة أفقد فيها حب واحترام الناس تصور يا نور ويا شادي وأنا أكتب الجملة السابقة انطلق صوت كروان وكأنه علي بعد متر واحد من شباكي يقول الملك لك لك لك ذاكرًا ومسبحًا الله »العدل« وبعدها بلحظة انطلق صوت لأحد المساجين القريبين مني يقول هيعدلها ربنا ــ وآخر رد عليه »ثأرنا علي من ظلمنا يا رب« هذا عمكما جمال؟ وصلني خطابكما الأخير منذ ساعات وهو الأول بعد حكم الخميس الماضي والأكثر صعوبة وألمًا لي ولكما يا نور ويا شادي عليكما أن تدركا أهمية الإيمان واليقين بالله وعدله، وأن الحكم الصادر ضدي لم يهز ثقتي في عدالة قريبة إن شاء الله وفرج قريب، ولا أخفيكم سرًا أن هذا الحكم كنت أعرفه أو أتوقعه منذ أيام طويلة قبل صدوره، فقد صدر هذا الحكم يا أبنائي عندما ذهب عمكما جمال مبارك الجمعة الماضية يشتري وقتًا إضافيا من البيت الأبيض ملوحًا بما أسماه نكسات ديمقراطية وعندما قال كلامًا غير مفهوم عن تعديل المادة ٦٧ في حواره مع والد صديقك يا شادي »المنياوي« في ذلك الحوار الذي تم علي هامش منتدى شرم الشيخ وربما هذا الحكم صدر قبل هذا بكثير وتحديدا عندما رفضت أن ألعب دور »الأراجوز« في الانتخابات الرئاسية كاشفًا للجميع أن مصر ليست فقط عمك جمال كما يريد البعض أن يشيع ويتصور هذا الحكم كان واضحًا يوم أن منعوني أو حاولوا ــ وما زالوا ــ من الكتابة، يوم أن امتنع النائب العام لمدة ٥٥ يومًا من أن يصدر قرارًا بإعمال الدستور والقانون في موقف غير مفهوم ولا مبرر وبالمناسبة يا نور أرجو أن تراجع مرة أخري فكرة دخول كلية الحقوق العام القادم إن شاء الله فأنا لم أعد بذات الحماس للفكرة افعل ما تراه يا ولدي لك الله وإلي جوارك في كل خطوة لكني يا بني حزين جدا أن القانون الذي كنت ترغب أن تدرسه مثل والدك وجدك ربما لن تجده فهو يا حبيبي في إجازة طويلة أما أنت يا شادي فربما يكون احترافك للموسيقي بعد إنهاء دراستك بالمدرسة ثم الجامعة إن شاء الله لم يعد يلقي ذات الممانعة من جانبي فأنا عرفت مؤخرًا أن الموسيقي والغناء يا بني لهما حصانة في مصر الآن أكبر بكثير من حصانة والدك التي انتزعت عنه في لحظات ظلمًا فلعلكما سمعتما الحكم الصادر بإيقاف تنفيذ عقوبة السجن عام عن تامر حسني في عدة جرائم تزوير اعترف بها واستفاد منها بينما سمع نور بأذنيه ما صدر ضدي بالسجن خمس سنوات مشددة في اتهام كاذب ملفق مفضوح لا منطق ولا دليل عليه إلا أنها قواعد العدالة والقانون في زمن غياب العدالة ماذا حدث تسألانني في الخطاب أصعب سؤال وهو ماذا حدث؟ وكيف كانت كل التوقعات هي قبول النقض والبراءة أو إعادة المحاكمة علي أسوأ الفروض كما طالبت النيابة ذاتها في مذكرتها لمحكمة النقض وللأسف ليس لدي إجابة محددة لكني طالعت موضوعًا نشرته صحيفة واشنطن بوست عدد ١٢ مايو الحالي ربما إذا دخلتما علي الانترنت ستجدان إجابات كثيرة لما حدث ويحدث لكن أرجو أن يظل إيمانكما بوطنكما قويا وثقتكما أن الإصلاح قادم وأن جيلكما لن يري مثل ما نراه ــ إن شاء الله ــ وأن مصر أكبر من أن تحتكر وأن بقاء الأوضاع علي ما هي عليه هو المستحيل بعينه، وعليكم بالصبر والإصرار فمن يولدون في العواصف مثلكما ابنّي لا يفزعون من زئير الرياح فهذه الرياح هي التي ستفتح لكما ولجيلكما أبواب الغد والحرية إن شاء الله أسئلة صعبة؟ نور سألتني في خطاب سابق لك في شهر مارس، ماذا أنصحك أن تقرأ الآن؟ وربما أكون آثرت ألا أجيبك إلا بعد انتهاء اختباراتك وأقول لك اقرأ كل شيء ممكن أن تجد وقتًا لقراءته بعد القرآن الكريم وأحاديث الرسول جدك وشفيعك ومعلمك وحافظك بخلقه وتحديدًا أريدك أن تقرأ كتاب ترجمه أحمد بهاء الدين عن رسائل نهرو من السجن إلي ابنته أنديرا غاندي التي أصبحت يا نور رئيسة وزراء الهند لاحقًا كما أتمني أن تجد نسخة من كتاب خطابات مصطفي أمين من السجن لابنته ربما تجده في توزيع الأخبار وبعد أن تنتهي منهما أرسلهما لي علي السجن كي أعاود قراءتيهما مرة أخري واقرأ يا نور عن الشيخ محمد عبده وعن سعد زغلول ومصطفي النحاس وقاسم أمين وهدي شعراوي والشيخ رفاعة الطهطاوي، اقرأ عنهم لتعرف تاريخ الحركة الليبرالية المصرية ولتنقل لرفاقك وجيلك أننا لسنا دعاة تخريب بل إننا أصحاب رؤية مصرية ليبرالية خرجت يا بني من رحم الأزهر وأعلت شأن الإسلام والحرية والوحدة الوطنية وردت للمرأة مكانتها وللآخر حقوقه، وهناك كتاب جديد اسمه تحرير الرجل للدكتورة مني هيكل ستجد فيه جديدًا وأتمني يا نور وكذلك يا شادي أن تواظبا في الإجازة علي مطالعة مواقع مهمة علي الانترنت وأن تشاركا في كل هذه المواقع بالرأي والدفاع عن حق مصر الغد بلدكما في الحرية والديمقراطية والعدالة وحدثا ضمائر العالم وشبابه باللغة التي يعرفون منها أن في مصر جنين حي سيتمخض عنه عملاق كبير قولا للكافة أن التاريخ سيسجل من فرط في حقوق وطنه وتنازل عن سيادته ومصالحه الإقليمية في سبيل البقاء والاستمرار، ومن اتهم ظلمًا وزورًا بما استحقه غيره لا تتركا بابًا للحرية إلا واطرقاه، اطرقاه بشدة افتحاه تنفتح أمامكما سبل الحياة الحرة الكريمة أنصحكما أيضا بمتابعة القناة الثقافية المصرية وكذلك قناة التنوير فهما من المفاجآت التي أدهشتني في حجم رقيبيهما والفائدة الفكرية والثقافية لهما أما عن سؤالك يا شادي عن الحياة في السجن فهي حياة وسجن أوضح لك أن الجسد يمكن أن يسجن في مساحة ضيقة ولكن الروح والفكر فلا يملك أحد أن يسجنهما وأوصيكم بقراءة حياة المناضل الأفريقي نيسلون مانديلا بل ومخاطبته عبر الإيميل وهناك في مكتبة المنزل عدة كتب عنه فهو نموذج رائع لمن يقدم حياته التي قضي معظمها في السجون والمعتقلات لأمته لينهض بها ويقودها إلي التقدم والرقي والانطلاق الحقيقي وإذا تذكرت كتباً أخري بعد أن تبلغواني بفراغكما من هذه الكتب فسأسعى لتدوينها لكما في وقت قريب إن شاء الله ولا تنسيا أولاً القرآن الكريم والصلاة في وقتها وفي الجماعة والمواظبة علي الحفظ مع الشيخ طاهر فهذه أولوية أولي وثانية وثالثة أين الأصدقاء أعرف أنكما مندهشان لاختفاء بعض الأصدقاء وربما الأقارب والزملاء وكما فهمت من كلامك يا شادي ــ ولا تندهش يا حبيبي وقرة عيني، ولا تنزعج مما حدث من عمك موسي وأرجو يا نور لا يبدو عليك أي تغيير في العلاقة مع ابنه وابنته زميلتك فلا ذنب لهما ولا تحمل يا نور أي شيء في نفسك تجاههما فهذه هي الحياة وأظن أن بعض الأسماء التي تدور في ذهنك يا شادي ـ عماد وغيره ـ لو كان يا ابني السجن لم يقدم لي سوي سقوط الأقنعة عنهم فقد قدم لي الكثير فهناك ضعفاء مساكين حتى ولو كانوا ممن يتصور الناس أنهم من أصحاب المال والجاه وهناك بسطاء رجال وشرفاء لا يظهرون إلا في وقت الشدائد وأظن أنه يكفيكم ويغنيكم عن البحث في ذكريات لم يصنعها البعض وفاء وحماس وإيمان لآخرين علي مستوي الرأي العام المصري والعربي والدولي هم أصدقاء لم نطلبهم ولم ننتظرهم بل ربما لم نتوقعهم لأننا لا نعرفهم لكنهم يحيطوننا بحبهم وثقتهم ودعواتهم الجميلة المخلصة التي لا غرض منها ولا هدف ولا هوي سيجيء يوم تعرف فيه الدنيا كلها الحقيقة وتعرف قدر المعاناة التي تحملناها جميعًا وفي مقدمتنا أمكما العظيمة التي يحق لي ولكما ولأولادكما إن شاء الله أن يفخروا بها وبدورها سيجيء يوم تبيض فيه وجوه وتسود فيه وجوه وسيخجل من تبحثون عنهم الآن أو تسألون أين هم كثيرا من سقوطهم في أول اختبار يا بني من يناضلون بعرقهم ودموعهم ودمائهم وأعصابهم من أجل أوطانهم ومبادئهم يجب ألا يتوقفوا عند بعض الأتربة أو الأحجار التي قد تسقط من علي الجبل فسقوط مثل هذه الأحجار تزيد صلابة من الجبل حجمه ولا تنقصه أو تضعفه ويا نور يا شادي إن كل يوم يمضي من المعاناة، والضغط، والتقشف وتحمل ظروف لا اختيار لنا فيها هو يوم يقربنا من لحظة الانفراج يقربنا من لحظة النور ويبعدنا عن الظلام فهذه الأزمة وقتية علينا أن نحتملها برجولة هي محنة زائرة وعابرة هي بكل صعوباتها ومتاعبها وآلامها وتقشفها وضغوطاتها يجب ألا تنتصر علينا أنتم يا أحبائي رغم صغر سنكما أقوي منها بكثير ــ إن شاء الله ــ لأن الحق معكما والحق هو الله والزمن معكما والزمن هو الله فمن لديه منكما احتياج كبير أو هم أو ألم كبير عليه أن يتذكر أن هناك »رب كبير« كنت أتمني أن لا يكون هذا الحصار مفروضًا علي لأرسل لكما مئات الخطابات الحنونة من أشخاص لا أعرفهم ولا يعرفونني تصلني علي سجني أقرأها عشرات المرات لأستمد منها القوة وأتغرغر بها من مرارة الظلم وتخلي بعض الأصدقاء فمن تخلوا عنا يحصون علي أصابع اليدين ــ وهم من حملناهم فوق أكتافنا ــ ومن لم نحملهم سوف يرسلون لي خطابات تحملني علي أكتافهم وفي عيونهم فقد تعلمت من جدتكما أمي حب الناس وتعلمت في هذه الأزمة كم يساوي هذا الحب عندما ينير لك ظلام ويبدد وحدة السجن وآلامه أكتبوا لي رسائلكم تحييني يا حبيبي الغاليين نور وشادي أعتذر لكما علي ما حدث معكما من ذلك اللواء الوقح في محكمة جنوب القاهرة مؤخرًآ وأعتذر لكما أن النيابة العامة لم تلتفت لبلاغ والدتكما كما أهدرت بعض عشرات البلاغات مني ضد تجاوزات سيسجلها التاريخ والضمير الإنساني وسيلعن من ارتكبوها وسيحاسب الله كل من تستر عليهم وساعدهم في الإفلات مما يستحقون لكن بالحب اغسلوا قلوبكم الطاهرة كل صباح ومساء ولا تحملوا لأحد حتى ممن آذانا أو أساء إلينا حقدا أو ضيقا وفوضوا واحتسبوا الله هو الذي لا تنام عيناه ولا تغفلان فما يحدث الآن هو أننا ندفع ضريبة مقدمة لأيام حلوة سنعيشها في المستقبل ــ إن شاء الله ــ وكعادة مصلحة الضرائب تمنح تخفيضًا عظيمًا لمن يسددوا ضرائب الغد قبل قدومه وأنتما وقبلكما أمكما وأنا دفعنا من حياتنا استحقاقات لأيام سعيدة قادمة إن شاء الله تجمعنا وسنمرح فيها سويا كما لم نفرح أو نمرح من قبل ونحاول أن نرسم سويا البسمة علي وجوه من يحتاجون هذه البسمة كما نحتاجها الآن جميعا فأسعد الناس يا ابناي هم من يعيشون حياتهم لإسعاد الناس الطيبين، فهؤلاء الناس الطيبون الشرفاء هم درعنا يوم أن سقطت السهام علينا وكانوا الشعاع يوم أن أظلمت الدنيا وغربت شموس ونجوم مزيفة وحاول البعض أن ينال من ثروتنا الوحيدة وهي كلمتنا وشرف موقعنا وثباتنا علي المبدأ وحبنا لكل الناس حبيباي اكتبا لي فخطاباتكما تسعدني وانتظرها بفارغ الصبر ولا تدخرا تفاصيل فكل صغيرة وكبيرة تجعلني أشعر أني أعيش معكم أري الحياة والحرية بعيونكما الصافية وبسطور أحباء أوفياء أعرفهم ولا أعرفهم لكني علي يقين أن يومًا ما بعد ٧٣ شهرًا متبقية أو قبل ذلك بقليل أو كثير جدا أو بكثير لن يكون لدي شيء أشرف من أن أذهب إلي هؤلاء جميعا أصافحهم وأشكرهم وأصادقهم فهم العملة السليمة في الزمن الرديء فإذا كان قدرنا التضييق في الكتابة والزيارات خلال هذه الشهور فلا تحرماني أن أتنفس عبر سطوركما وعبر نعمة لا يقدرها إلا من هو مثلي عندما يكون لديه ما يكتبه ولا يجد سبيلاً للكتابة ولديه ما يقوله ويجد من يغتال صوته وحقه خلف أسوار غليظة لكنها باليقين أكثر رأفة ورحمة من البعض يا رب لا تحرمنا من الذين يحبوننا ونحبهم، اجمعنا بهم عندما تشرق شمس غد جديد امسح يا رب دمعة كل مظلوم، أعد بقدرتك البسمة لأولادنا، ورد لهم الأمل المسروق من عيونهم الصافية البرئية ورد إليهم ثقتهم في عدالة إن لم تأت فأنزلها عليهم من السماء فأنا لا أحمل هم نفسي فثقتي في عدلك بلا حدود ساعدنا يا رب أن نملأ الدنيا عدلا وتعود البسمة لكل الوجوه الحزينة يا رب أنا مؤمن بك أسلم أمري لك ــ أعرفك إن وعدك الحق وأن لكل ظالم نهاية ولكل ظلم سقفا وإنه كلما اشتد الظلام رأيت نورك وكلما قست قلوب بعض البشر شعرت بيدك تربت علي كتفي، وتشد من أزري يا رب خذ حياتي وابق لي إيماني صباح الخير يا مصر يا بلد العجايب رسالتي ليكي ليه العدل فيكي غايب؟ الصديق هو من تعرفه في وقت الشدة، وغالبا تكتشف أنك لم تكن تعرفه ــ للأسف ــ قبلها الصديق الوفي مثل العنقاء ومثل تعديل المادة ٦٧ »خدعة كبري« الصديق النذل كيف بالله عليك تنظر في المرآة؟ كم أشفق عليك من هذه اللحظة الصعبة النائب ممدوح إسماعيل بعد إحالتك لمحكمة »الجنح« تأكدت أن العدالة في مصر بخير وأنك أقوي من »سنجام« وتامر حسني النائب الدكتور فتحي سرور لو أنت مكاني ماذا ستكتب في هذه الرسالة؟ اكتبها يا دكتور وتلقها بنفسك وبانتظار ردك النائب الدكتور جمال زهران إضافة كبيرة ومكسب لمجلس الشعب وخسارة أنني لم أشرف بزمالتك برلمانيا النائب الصديق مصطفي بكري للأسبوع الثاني أشكرك وما زلت في انتظار زيارتك النائب الصديق محمد عبد العليم هناك نواب الحكومة وهناك نواب المعارضة وهناك مستقلون وهناك نواب للضمير وأنت منهم نائب »الغد« محمد العمدة أحبك بقدر حبي وامتناني لكوم امبو وأهلها الكرام وأنتظر منك الكثير فأنت رجل وفي وأنتظر منك نائبا عظيما وشريفا ونظيفا بألف نائب من النواب أصحاب الألف وجه النائب السادات نشتاق لصوتك ونحتاج لشجاعتك النائب العام قلت الأسبوع الماضي أني سأضع كل أسبوع رسالة لك أكتب فيها علامات استفهام وكل أسبوع أضيف علامة جديدة وبعد قرارك الأخير سأحذف كل علامات الاستفهام وأضع علامة تعجب كبيرة الزميل محمد عبد القدوس شكرا لك ولكل الزملاء أعضاء مجلس نقابة الصحفيين وهذا ليس غريبًا عليكم يا عمنا الزميل خالد البلشي مقالك الأخير بالشقيقة »الدستور« أبكاني وزاد يقيني وإيماني أن الأمل فيكم الزميل عصام إسماعيل فهمي رسالتي إليك إن »الغد« بحاجة لخبرتك وموقفك الذي قد تندهش إذا عرفت أن استجابتك التي أتمناها وأتوقعها منك ومن صديقنا المشترك ستعفيني علي الأقل من آلام عقوبة نصف المدة زملائي الصحفيون الشرفاء أقلامكم ومساندتكم للغد دين كبير جدا نحن بحاجة أن نطوق به الآن والآن تحديدا داعيا لكل قلم حر ألا يسلط عليه ظالم يحول بينه وبين حقه الدستوري والإنساني في أن يتنفس وهذا دعاء لو تدركون وتعلمون عظيم * المناضلون الشباب شرقاوي والشاعر هكذا يكون الظلم عندما يكون النضال قلبي معكم * إخواني زملائي في أسرة جريدة الغد أعلم كم تعانون وكم عانيتم ولكن التاريخ لن ينسي لكم ما ضحيتم به فداء للحق والوطن * زملائي عبد الرسول والنحيف وعبد الفتاح وعبد الرازق تدفعون أثمانًا وأثمانًا ولكن المقابل أيضا لايقدر بمال استمروا والله معنا ومعكم * أخي الحبيب إيهاب البدوي لا تتخلي أبدا عما بنيناه سويا وعن الحلم الذي تحقق جزء كبير منه بجهدك وصبرك كان الله في عونك * الزميل حمدي رزق أشكرك علي نواياك الطيبة وإن كنت أتمني أن تسمح الظروف أن تعرف تفاصيل أكثر قد تكون مفجعة، فالحقيقة مختلفة تماما يا عزيزي ويبقي الشكر والحب * الزميل وائل الإبراشي قلبي معك وكنت أتمني أن أملك أن أكون كلي معك ولكن أدعو الله ألا تكون كلك معي



#أيمن_نور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النقض والحرق والسجن والموت
- الخطايا السبع لنظام مبارك
- حكاية أطول يوم في حياتي عندما تقرر علاجي بالتعذيب البدني وال ...
- نحن لا نضرب ودعاً .. سيناريو تنفيذ مخطط التوريث
- قمة الكسوف السياسي !!
- رد أيمن نور على المتحدث باسم رئاسة الجمهورية


المزيد.....




- بيان للولايات المتحدة و17 دولة يطالب حماس بالإفراج عن الأسرى ...
- طرحتها حماس.. مسئول بالإدارة الأمريكية: مبادرة إطلاق الأسرى ...
- نقاش سري في إسرائيل.. مخاوف من اعتقال نتنياهو وغالانت وهاليف ...
- اعتقال رجل ثالث في قضية رشوة كبرى تتعلق بنائب وزير الدفاع ال ...
- بايدن و17 من قادة العالم يناشدون حماس إطلاق سراح الأسرى الإس ...
- البيت الأبيض يدعو حماس لـ-خطوة- تحرز تقدما في المفاوضات حول ...
- شاهد.. شيف غزاوي يعد كريب التفاح للأطفال النازحين في رفح
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات مستقلة في المقابر الجماعية بغزة ...
- بلجيكا تستدعي السفيرة الإسرائيلية بعد مقتل موظف إغاثة بغزة
- العفو الدولية: الحق في الاحتجاج هام للتحدث بحرية عما يحدث بغ ...


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - أيمن نور - هذا يا بني عمك جمال