مهدت للحوار الستراتيجي .... الخارجية الامريكية تؤكد المشاركة في الحمل المالي لتعافي العراق فورا

محمد رياض حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 6585 - 2020 / 6 / 6 - 23:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

مهدت للحوار الستراتيجي
الخارجية الامريكية تؤكد المشاركة في الحمل المالي لتعافي العراق فورا
سجال دبلوماسي محموم بين طهران وواشنطن في العراق لتقوية وجود كل منهما أو لإضعافه أو لإزاحة نفوذ أحداهما للأخرى. تمثل بزيارات وتصريحات وتكثيف إعلامي ترويجي متبادل ، وذلك منذ ان تسلم مصطفى الكاظمي رئاسة الحكومة في 7 أيار 2020 وإعلان العاصمتين إسناده ب"النوايا الحسنة" واضطرارا ، في الداخل ، حتى ممن إتهمه بالتواطئ في مقتل قاسم سليماني وابو مهدي المهندس.
لعل واشنطن سبّاقة في فهم الضائقة المالية ، بل الأزمة المستدامة، التي يمر بها العراق ليأتي إتصال وزير الخارجية الأمريكي " مايك بومبيو" يوم 4 حزيران الحالي بالكاظمي مُهنئاً "بحرارة " بتسلمه المنصب. مؤكدا "نحن نشارك في الحمل المالي الذي يضمن تعافي العراق بشكل فوري" .كما أكد " بومبيو" عزم واشنطن على اسناده في الظرف الراهن بالقول " "أود أن أبدأ بالترحيب بحرارة برئيس الوزراء الكاظمي وأهنئه على الحكومة العراقية الجديدة وانتقال السلطة السلمي بالنيابة عن التحالف كاملا. نحن جميعا ملتزمون بنجاحكم دعما للهزيمة الدائمة لتنظيم داعش". معربا " عن تطلعه إلى "تعميق الشراكة مع الشعب والحكومة العراقية، وأضاف بومبيو أن إنجاز الانتصار على تنظيم داعش، يبين قيمة التحالف "ويشدد على التزام الولايات المتحدة بقيادة حلفائها وشركائها نحو الانتصارات المشتركة".( الفضائية الامريكية الحرة في 4 حزيران 2020)
وكانت وزارة الخارجية الامريكية قد أصدرت بيانا يوم 10 كانون الثاني 2020 جاء فيه " أن الولايات المتحدة لا تنوي مناقشة "انسحاب" قواتها مع السلطات العراقية رغم طلب رئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي من وزير الخارجية مايك بومبيو إرسال وفد لتنظيم الانسحاب".
من جانبه مهد السفير الامريكي " ماثيو تيولر" للحوار الستراتيجي المرتقب بفيديو بُثَّ يوم 31 أيار 2020 وتحدث في مقطع فيديو بثته السفارة الأمريكية عن الحوار الاستراتيجي المقبل والمقرر إجراؤه منتصف حزيران الحالي قائلا: " سيناقش زملائي في البعثة بشكل مفصل كيف تتناول اتفاقية الإطار الاستراتيجي لدينا جميع جوانب علاقتنا الثنائية - السياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية والعلمية، وليس الاقتصار فقط على المساعدة الأمنية، وسيتسنى لكم الإطلاع على المزيد من التفاصيل عن سبل تقديم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) الدعم الإنساني ودعم الاستقرار لملايين العراقيين المعرضين للخطر".وأشار إلى أن "القسم الاقتصادي في السفارة سيسلط الضوء على عمله الدؤوب لجلب الوفود التجارية والاستثمارات الأمريكية وأصحاب الامتياز الأمريكيين والمساعدة للعراق بغية أن يكون مستقلا في مجال الطاقة"، مبينا أن "القسم السياسي، سيتحدث عن برامجه التي تعزز حقوق الإنسان والعدالة والمساءلة بالإضافة إلى إزالة الألغام عن المئات من المواقع الحساسة للبنية التحتية".وتابع السفير الأمريكي، أن "السفارة لديها مكتب للاجئين والنازحين والذي حسن حياة الملايين من العراقيين من خلال إعادة تأهيل المساكن والمزارع والشركات والمدارس والبنية التحتية الأساسية في المجتمعات في جميع أنحاء البلاد".
تدرك الادارة الامريكية أن بقاء قواتها في قواعد مسلحة بكثافة في العراق ، فرضها الاحتلال ، أمر مرفوض من معظم أطياف الشعب العراقي . ومع ذلك فإن الحفاظ على علاقة تعاون اقتصادي ستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية يصب في المصالح المشتركة للبلدين . وإنها من بين أهم الأولويات التي يجب ان يحرص العراق على تطويرها وتعزيزها لضمان تنمية اقتصاده و تحقيق الاستقرار السياسي .
إلى ذلك أعلنت لجنة العلاقات الخارجية في المجلس النيابي العراقي ان الحوار سيتضمن 3 محاور مهمة ينطوي على توازن الخطاب والرؤية الستراتيجية بين البلدين وأن أحد هذه المحاور هو التأكيد على ضرورة تواصل دعم العراق عسكرياً في حربه مع عصابات داعش، وتعهده بحماية المنشآت الأجنبية التي تعمل في البلد".
وقالت اللجنة إن "العراق يرغب بدعمه صحياً في المرحلة المقبلة في مجال محاربتة لفيروس كورونا،نظراً لخطورة هذا الفيروس وهشاشة الوضع الداخلي في البلد"، وإن "هذا الحوار سيكون فاتحة لحوارات جديدة ووجود منصة واضحة لتبادل وجهات النظر حول قضايا مستقبل القوات الاميركية في العراق وغيرها من القضايا المهمة".( جريدة الصباح العراقية الرسمية في 6 حزيران 2020)
ويخطئ من يريد ان يضع العراق في موقف عدائي دائم ضد ايران شبيه بموقف نظام حكم صدّام وموقف معظم العرب من الجمهورية الاسلامية مصدره حقد طائفي مسيس. ويخطئ اكثر بل يرتكب جريمة خيانة الوطن من يدين بالولاء لغير العراق لإعتبارات سياسية أو مذهبية طائفية. نعم إيران بلد جار يرتبطه بالعراق الموقع الجغرافي وبأواصرالدين. ويجب أن تبنى العلاقة بين البلدين على أسس التعاون المتبادل دون أي تدخل في الشؤون الداخلية . غير أن هذه الفرضية التي يقرها القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة نسفت منذ 2003 عندما اسست ومولت إيران قوى موالية تمثلت بتنظيمات سياسية ومليشيات مسلحة في العراق. و تدخلت في حرف مجريات التطورات السياسية في العراق لصالحها. فشهد العراق سنوات فساد وفقر وأزمات بسيطرة أحزاب وقوى سياسية وتنظيمات مسلحة موالية لإيران.
يجدر التساؤل ... منذ 2003 دأب المسؤولون الايرانيون على دخول العراق والمجيء لبغداد وكأنهم يتنقلون بين طهران وقم . وبعد إنتفاضة الفقراء في تشرين الأول 2019 وخلال أشهر عام 2020 لم يتوقف المسؤولون الإيرانيون عن التردد على بغداد خفية وجهارا لوأد الانتفاضة ولتمكين القوى السياسية الموالية في الحكومة العراقية من البقاء في مواقع صنع القرار . وعندما أغتيل قاسم سليماني وابو مهدي المهندس في 3 كانون الثاني بضربة جوية امريكية تصاعدت " زيارات" المسؤولين الايرانيين إلى بغداد وكان أخرها زيارة إسماعيل قاآني قائد فيلق القدس ، خليفة سليماني ، الذي دخل العراق بصورة رسمية واستحصل على تأشيرة من وزارة الخارجية العراقية بأمر من رئيس الوزراء الكاظمي ... وهنا وجب التساؤل ما هي الذريعة التي تعطي الحق للمسؤولين الإيرانيين بالتدخل الفج بالشأن العراقي ؟
تُعتبر إيران اللاعب الخارجي الأساسي في الحسابات الأمريكية إزاء العراق، الأمر الذي يجعل من المهم جدًا بالنسبة لإيران التأكد من أن العراق لا يشكل مرة أخرى تهديدا أمنيا لجارته الشرقية. ومن الجدير بالذكر أن إيران تسعى إلى استغلال العراق لتعزيز سلطة طهران الاستراتيجية في المنطقة والحفاظ على العراق وتنميته باعتباره سوقًا للسلع والخدمات الإيرانية. ولن تتخلى النخبة الأمنية الحالية في إيران، من إصلاحيين أو متشددين أو غيرهم، عن العراق طالما أنه ضعيف ومنقسم. فحكّام إيران يدركون أنهم لا يتمتعون بترف التفكير بذلك حتى كخيار أمامهم. ويَفترض قادة إيران أن القوى الخارجية، وبخاصةٍ الولايات المتحدة، ستسعى إلى إضعاف الكتل الشيعية الموالية لإيران في العراق. كذلك، ثمة الكثير من العراقيين، ولا سيما العرب السنّة والأكراد وحتى العرب الشيعة القوميين، الذين لا يرغبون في رؤية الأحزاب الموالية لإيران تهيمن على السياسة العراقية. ويُعتبر للعراق سوقًا مهمًا للسلع والخدمات الإيرانية. وهذه هي الحال الآن أكثر من أي وقت مضى، حيث أن إيران تترنح تحت وطأة العقوبات المفروضة على اقتصادها. فالعراق هو سوقٌ للسلع الإيرانية غير المصرّفة، أي بعبارة أخرى، للسلع الإيرانية التي لا تجد أسواقًا أخرى. وقد جعل السياسيون الشيعة الموالون لإيران هذا الأمر ممكنًا بالنسبة للجمهورية الإسلامية، رغم الانعكاسات السلبية على منتجي العراق ومستهلكيه. فقد أسفرت الواردات الإيرانية إلى الأسواق العراقية عن بطالة وتضخم في العراق وأغضبت بشكل عميق الشارع العراقي ( وكالة ناس الإخبارية في 2020.05.14 )
تحليل موضوعي نشرته وكالة ( ناس ـــ NAS ) في 14إيار 2020) بعنوان ( تقرير يتحدث عن أسئلة الولايات المتحدة للعراق أثناء المفاوضات الاستراتيجية ) جاء في جزء منه "إنّ المسألة الأصعب في تنظيم حوار استراتيجي مجدٍ بين الولايات المتحدة والعراق وإقامة علاقة استراتيجية دائمة بينهما، هي ما يرغب به العراقيون لبلدهم. فالعراق الآن دولة منقسمة إلى حدٍّ كبير وتشهد عدم استقرار على صعيد السياسة والحكم والاقتصاد. وناهيك عن الانقسامات الواضحة في العراق بين شيعة وسنّة وأكراد، يعيش هؤلاء أنفسهم انقسامات داخلية. وقد ساهمت المؤسسات السياسية العراقية التي أُنشئت في أعقاب الغزو الأمريكي عام 2003 في تفاقم هذه الانقسامات، وهي تُعتبر عاملًا رئيسيًا في الشلل السياسي الذي يشهده العراق.
تجدر الملاحظة أن مسألتين كبيرتين و شاملتين في السياسة العراقية تهيمنان على كافة المسائل الأخرى، وهما: التوازن بين الولايات المتحدة وإيران في ما يتعلق بالسياسة الخارجية وعلى المستوى المحلى، وكيفية استحداث نظام حكم مستقر ومستدام يجلب الازدهار للعراق ويعزز شرعية الحكومة ويأتي إلى السلطة بسياسيين عراقيين يخدمون الشعب الذي هو مصدر قوتهم السياسية. وتحدّ هاتان المسألتان الآن بشكل كبير من قدرة العراق على الخروج من أزمته السياسية الحالية ولديهما القدرة على تدمير البلاد ومنعها من أن تكون دولة فعالة تسيّر شؤونها.
ويُعتبر التوازن بين الولايات المتحدة وإيران مشكلة شائكة بالنسبة للسياسة العراقية لأن المعسكرات السياسية في العراق تعوّل على رعاية كلتا الدولتين أو على وظيفة التوازن التي تؤدّيانها. فبعض الأحزاب الشيعية العراقية البارزة تعتبر إيران قدوةً سياسية ومصدرًا للأموال والخبرة التي تساعدها على اكتساب أفضلية سياسية في العراق، فيما يسعى عراقيون شيعة قوميون آخرون إما إلى الموازنة بين إيران والولايات المتحدة أو إلى دفع كلتا القوتين خارج السياسة العراقية. في المقابل، ينتظر العرب السنّة والعراقيون الأكراد من الولايات المتحدة أن توازن سلطة إيران في العراق، ويخشون أنه في غياب الوجود الأمريكي، ستسعى الأحزاب الطائفية الموالية لإيران إلى القيام بما فعلته في العام 2011 أي تهميش السنّة والأكراد العراقيين وإخضاعهم .
في الوقت الراهن، يعتمد العراق نظامًا لصنع السياسات يقضي بمدّ الأجهزة التمثيلية بممثلين عن مختلف المجتمعات العراقية ويمنح كل قائد فئوي سلطةً سياسية معينة غالبًا ما يستخدمها هؤلاء القادة لخدمة مصالحهم الخاصة. وقد أدّى هذا النظام إلى قيام نظام سياسي زبائني حيث تهتم الأحزاب السياسية بتقسيم غنائم السلطة أكثر من تحريك مسار الأمور في البلاد لإيجاد حلول للمسائل السياسية المهمة.
إنّ العراق بأمس الحاجة إلى عدم إقدام الولايات المتحدة وإيران على مفاقمة هذه الجوانب من أزماته الراهنة. ويحتاج هذا البلد إلى أساس متين من أجل المضي قدمًا وخلق مستقبل له وللمنطقة لا ينطوي على صراعات ومنافسة دائمة بين الطوائف. " ( وكالة ناس)

#محمد_رياض_حمزة (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات