أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود الصباغ - الفلسطينيون وإسرائيل:الطبيعي ما يُولد، ليس ما -يُخلق-














المزيد.....

الفلسطينيون وإسرائيل:الطبيعي ما يُولد، ليس ما -يُخلق-


محمود الصباغ
كاتب ومترجم

(Mahmoud Al Sabbagh)


الحوار المتمدن-العدد: 6582 - 2020 / 6 / 3 - 14:00
المحور: القضية الفلسطينية
    


لماذا بنبغي الإصرار على تأصيل مسألة فلسطين بأنها- في المقام الأول -قضية إنسانية من مخلّفات العصر الاستعماري.


يقول الباحث النرويجي تيري أوستيغارد في مقدمة كتابه "علم الآثار و النزعة القومية المقدسة"(يجري تخيل الأمة كمجتمع أو علاقة رفاقية أفقية عميقة بصرف النظر عن التفاوت و انعدام المساواة و الاستغلال بين أفراد الأمة، وهو ما مكّن الملايين ليس أن يقتلوا فحسب، بل أن يموتوا أيضاً بطيب خاطر في سبيل الأمة أو في سبيل مثل هذه التخيلات، فموت المرء في سبيل بلده، الذي لا يختاره عادة، يفترض عظة أخلاقية واضحة تجعله يقدم على الموت لتحسين أحواله المعيشية أو في سبيل النظام الاجتماعي، أيّاً يكن هذا النظام، كما أن الموت في سبيل الثورة يستوحي عظمته من الشعور بأن الثورة طاهرة في جوهرها. ولكن إسرائيل في العموم لا تشبه أي دولة- أمة أخرى؛ فنحن، هنا، أمام نمط مختلف يتحدث عن "قومية مقدسة" ممتزجة بهوية مزدوجة: قومية/إثنية ثم هوية دينية شخصية. وغالبا ما ينظر إلى الهوية الدينية على أنها أكثر عمقاً ومرونةً من الهوية القومية حيث يشكل استكشاف الماضي مصدر فخرٍ واعتزازٍ قومي، ويرمز إلى الديمومة التاريخية والاستمرارية ).
يروى عن هيغل أنه قال تعيد الأحداث التاريخية الكبرى ذاتها مرتين، ويعلق ماركس: عادةً ما تكون المرة الأولى على هيئة مأساة، أما الثانية فهي على شكل مهزلة لاشك؛ ونحن نعلم أن تاريخ فلسطين بمجمله ينفرد بنسق افتراضي غير نقدي, ولو تحدثنا عن فلسطين النكبة و ما قبلها وما بعدها سنرى محواً مستمراً للحاضر المعاش للفلسطينيين من الفضاء الثقافي و السياسي "الإسرائيلي " الذي يقوم على الجمع القسري بين الهوية الدينية والهوية القومية، وتصبح أي إدعاءات فلسطينية بشأن الأرض بلا طائل وزرعاً بأرضٍ قاحلة. الأمر الذي عبر عنه إدوارد سعيد بدقة حين قال :"ربما المعركة الأعظم التي شُنت على الفلسطينيين كشعب كانت بإنكار حقهم في الحاضر غير المنسي، وإنكار حضورهم فيه، وإنكار حقهم في التصريح عن واقع جمعي تاريخي و بالتالي نكران حقهم بامتلاكه و الإعلان عنه؛ على الأقل منذ أن بدأت الحركة الصهيونية بالتعدي على الأرض وسعيها نحو" نفي "وعي النفي " لدى اليهودي من خلال تحويل "اليهودي المتجول" ذلك العجوز الخائف إلى رجل الصابرا القوي, بصهينته أولاً و أسرلته تالياً، وربطه بالمنطقة الجغرافية الأوسع التي رسمت باتفاقية سايكس/بيكو بوصفها "فلسطين"، والتي أعيد تحديدها في حرب 1948 تحت اسم "إسرائيل" وقبل ذلك حقيقة المشروع الصهيوني بتجربته الحية المعاشة لسياسات التوطن التوسع فيما يعرف بالييشوف" الاسم الذي أطلقه المهاجرون الأوائل على مستوطناتهم الزراعية في فلسطين خلال الانتداب البريطاني." فضلاً عن الجهود الحثيثة لترسيخ بعض الإيحاءات التوراتية للمعاني المعاصرة من أجل محو أي فارق تاريخي أو غيره بين "يهودي"و"إسرائيلي "من جهة وبين عبراني/يهودي وبني إسرائيل وإسرائيل الحالية من جهة أخرى. وكأن "إسرائيل القديمة" التي قام الرب- طبقا للتقليد الكتابي -بمنحها لبني إسرائيل هي ذاتها إسرائيل "الدولة /الأمة"التي ظهرت في العام 1948 كنتيجة للحرب و"الهولوكوست".
غير أن مقاربة الماضي بتمثل كل ماكان قائماً سابقاً من تجربة "تاريخية" لا يعني بالضرورة خلق تشابهات أو تماثلات مع الحاضر وسط إجراءات فرض وقائع ما غير موجودة وتتخذ من الموضوع السياسي/التاريخي ثيمة رئيسية لها مثلما هو حاصل في فلسطين وثيمة استعمارها وعنف المستعمر الصهيوني والإسرائيلي لاحقاً.
ولكن تغيير"العالم" قد لا يكون ممكناً في حالات ومواضع تاريخية محددة.
فما العمل إذن؟
لماذا ترانا نقف حائرين أمام أي نص يتعلق بتاريخ فلسطين، لاسيما حين يقذف بوجهنا أسئلة أكثر بكثير مما يقدم من إجابات، وهذه الأسئلة في جزء منها ذات كابع سياسي فإذا كان النص يتعلق بفلسطين-إسرائيل, فحجم الأسئلة سيتعاظم وستتنوع طبيعتها, ولايمتلك الكثيرون منا تلك المهارة المطلوبة لفصل "الذات"عن النص؛ وفي الحقيقة؛ لا يقرأ التاريخ أو يكتب بالبلاغة الشعرية ولا بخطابة يختلط فيها الديني بالسياسي والصوفي بالفلسفي والأخلاقي بالقومي لينتج مزيجاً هجيناً يتوسل البحث عن تاريخ بديل يقع خارج الحركة التاريخية وخارج حدود العلم.
وبالتالي فأقصى ماينتجه مثل هذا التاريخ عبارة عن حلول تؤطرها الأساطير و الحكايات و الموروث بطريقة رومنسية لتأكيد مكانتها كجزء من ماضي عتيد وموضع اعتزاز يضمن فيه هذا الماضي كل من الحاضر والمستقبل حيث ينصرف الفخر نحو عصور تعتبر ذهبية في تاريخ "الأمة "بما تحمله من منجزات حصرية لهذه الأمة/الجماعة وليس لسواها من سكان الإقليم مع إهمال متعمد و مقصود لغيرها من الفترات أو اعتبار عصور ما بأنها مظلمة و بائسة و "جاهلية". و هذا يتطابق مع الإيديولوجية الرسمية للدولة التي تنصب نفسها وريثة هذا الماضي ورموزه العظيمة وتكريس فكرة التواصل الحضاري غير المنقطع، وهنا يتحول التاريخ إلى مطية لتصبح حتى أعظم الأفكار مجرد غبار؛ هلام.
وإذن، فالأمر لايتعلق بفكرة مرغوب فيها لتغيير حقيقة ما تاريخية أو سواها؛ فالحقيقة التاريخية هي"حقيقة" وليست وهم ؛ وواقع الانتماء الإثني /الحضاري/الديني/القومي هو أيضا واقع حقيقي و هو أكثر وضوحا في عالمنا المعاصر بسبب الصراعات التي تتولد منه. ولا يمكن أن ننكر، على سبيل المثال، الخلافات والاختلافات بين البوسنيين و الصرب أو الإسرائيليين و الفلسطينيين أو البروتستانت و الكاثوليك في إيرلندة أو السنة و الشيعة في العالم الإسلامي أو البيض و السود و اللاتينيين في الولايات المتحدة (مع الفروقات في كل مثال)؛ فنحن لا نعيش على سفينة نوح بحيث نقول بسهولة لكل هؤلاء: هيا تقدموا يا رفاق لا توجد حقا فروقات بينكم يمكن قياسها لذا تقدموا و انسوا ما بينكم



#محمود_الصباغ (هاشتاغ)       Mahmoud_Al_Sabbagh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تيدي كاتس ومجزرة الطنطورة*
- حوار مع ألبرتو مورافيا: عن الفنان والجنس والموت
- أثرياء مصر والفلسطينيون
- كارل ليبكنخت وروزا لوكسمبورغ
- البوتقةThe Crucible : حين يحكم الرعب
- عن حزب الله و الحشيش و طريق القدس و أشياء أخرى
- القانون والعنف ومصادرة الممتلكات في سوريا: معوقات العودة الا ...
- موال فلسطيني Palestine Blues: قراءة في فيلم
- كورونا و الصين و نحن:حدود الطعام، حدود الثقافات
- نهاية العصر البرونزي في الشرق القديم (1)
- الطائفية ونظام الحكم في سوريا
- كورونا وإسرائيل ونحن
- كرنتينا
- كورونا: ماذا سنفعل؟ هل انتهت الحلول!
- حدث ذات صيف في دير الزور
- كورونا. ماذا سنفعل؟ هل انتهت الحلول؟
- كورونا و -مناعة القطيع- و نحن
- الطوق والأسورة: عن الغلابة... عن مصر الأخرى التي لا نعرفها
- سقوط الديمقراطية في سوريا في الفترة ما بعد الاستقلال حتى الو ...
- حافة الوجود, حافة الموت: عبد يغوث بن صلاءة مثالاً


المزيد.....




- سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك ...
- شاب يبلغ من العمر 18 عامًا يحاول أن يصبح أصغر شخص يطير حول ا ...
- مصر.. أحمد موسى يكشف تفاصيل بمخطط اغتياله ومحاكمة متهمين.. و ...
- خبير يوضح سبب سحب الجيش الأوكراني دبابات أبرامز من خط المواج ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف أهدافا لـ-حزب الله- في جنوب لبنان (فيد ...
- مسؤول قطري كبير يكشف كواليس مفاوضات حرب غزة والجهة التي تعطل ...
- حرب غزة| قصف مستمر على القطاع ومظاهرات في إسرائيل ضد حكومة ن ...
- كبح العطس: هل هو خطير حقا أم أنه مجرد قصة رعب من نسج الخيال؟ ...
- الرئيس يعد والحكومة تتهرب.. البرتغال ترفض دفع تعويضات العبود ...
- الجيش البريطاني يخطط للتسلح بصواريخ فرط صوتية محلية الصنع


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود الصباغ - الفلسطينيون وإسرائيل:الطبيعي ما يُولد، ليس ما -يُخلق-