أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نبيل ياسين - احلام واوهام الثقافة العراقية















المزيد.....

احلام واوهام الثقافة العراقية


نبيل ياسين

الحوار المتمدن-العدد: 1587 - 2006 / 6 / 20 - 12:19
المحور: المجتمع المدني
    


شرطة السوريالية وحداثة الدكتاتور

محاولة محفوفة بالمخاطر لنقد التجربة الثقافية العراقية(المقال الثاني)

من يحلم اليوم في ابداع ونص وسط عقليتين تحكمان القسم الاعظم من ميدان الثقافة العراقية؟ غوبلز اعار كلمته ومسدسه لنظام الثقافة في الداخل.(حين اسمع كلمة ثقافة اتحسس مسدسي). هكذا نصف الطبيعة العدوانية والتصفوية لوظيفة الثقافة البعثية المؤدلجة ضد الآخر. تثقيف ما اعار لعدد كبير من المثقفين في الخارج فكرة: ينما اسمع كلمة ثقافة افكر بدهاليز المخابرات والجاسوسية والعمالة والتمويل السري وكأن الضحية استمدت من جلادها فطرته الايديولوجية الموظفة لتدمير الآخر. هل نجد في الماثور العراقي تقسيما قصديا يستلهم الثقافة كلما سمع كلمة سيف او مسدس ثم يبدأ بتوزيع تهم الجاسوسية والعمالة والخيانة على المثقفين؟
كانت السياسة هي التي توزع التهم .لكن الكثيرين يتحسسون الثقافة كلما تداولوا مفردات العمالة والجاسوسية والمخابرات.حتى الاسئلة لم تعد بريئة وهي تجتهد في التحايل على قانون القذف فتاخذ شكل همزة لمزة لتوسع ميدان الشك الذي تتلبس فيه الصراعات السياسية طابعا سريا تختلط فيه الحقائق والشائعات والتهم وتصفية الحسابات الرخيصة, وتتحول الثقافة إلى قبو للتامر ودهليز لاطلاق التشهير و جحر لجرذان الثقافة السرية للمارسة خبرتهم كطابور خامس متخصص بالشائعات والتهم مستلهمين اخر ابداعات التكنولوجيا مثل الفاكس والانترنيت لتحويلها من ادوات حضارية نافعة إلى اساليب تعذيب وتشهير وتوزيع تهم وقلب حقائق.
ثقافيا، وتستخدم فيه وسائل لايستطيع احد تحديد شرعيتها يحدث هذا في ظل غياب تام للمعاير والقيم وا لمرجعيات التي تحدد الشرعيات في وقت لم يعد يملك فيه المثقف الحر سوى شرعيته الاخلاقية.اكثر الاسئلة تستهدف الانجرار وراء تلك العقلية التي تدخل الثقافة في دهاليز المخابرات والجاسوسية والخيانة والعمالة. لقد تحولت احلامنا الى كوابيس دائمة لم توقف تحولها هجرتنا من ارض المهد وحليب الامهات وملاعب الصبا وشوارع ونوافذ الصبابات الاولى،وانما على العكس،عمقت الكوابيس وصبغتها بالوان حالكة اخرى وباشباح وطناطل وسعلوات الحكايات والقصص الشعبية في تلك الطفولة البعيدة مثل مجرات مهجورة. تلك الطفولة التي اختلطت فيها الطناطل والسعلوات بالدبابات وقضبان السجون ورشاشات بورسعيد والكلاشينكوف والدماء التي سالت في شوارع البلاد حيث انقسمت البلاد في هتافات (عملاء موسكو) و(عملاء واشنطون) إلى شطرين. كنا نحاول الخروج سريعا من ذلك النفق لكي نصل الى الوطن ولانتوزع على انتماءات عواصم اجنبية اسوأ ما فيها صنف من المثقف العراقي القادر على الظهور بمظهر ضحية وجلاد في نفس الوقت وفي نفس المشهد , متمكنا من الاستحواذ على منابر الثقافة ليمارس دور الشرطي وهو يبشر بالسوريالية ويمارس دور الحداثي وهو يمجد بالدكتاتورية. ولا ادري لماذا تصطف الحداثة العربية والعراقية مع جريمة الدكتاتور وتبررها باعتبارها معاداة للامبريالية دون ان تفكر بالحرية والقانون والابداع. لكن الشعارات تلاحقنا وتصرع ثقافتنا وابداعنا وينخرط مثقفون في حشود عمياء تسمع الهتاف وتردده وكأنها تهتف في طقوس عشتار وهي تمر في شارع الموكب للوصول الى البوابة لتهبط مع عشتار الى العالم السفلي بحثا عن تموز. لقد كان تموز ثقافتنا.وصرنا،في ضجيج الهتاف لانبحث عن تموز ولاننزل للبحث عنه لنجدد خصبنا وربيعنا. بعضنا صار يقف مع الرجال- العقارب الذين يحرسون بوابة الجحيم وينشدون لارشكيجال التي تمنع عشتار من التقاط تموز واعادته الى الحياة، الى ربيع تلك الحضارات في سومر والوركاء واريدو وبابل واكد ونينوى وبغداد. وبدلا عن تلك الحضارات،اقمنا سرادقات الحرب الكلامية في لندن وباريس وامستردام واستوكهولم وغيرها من عواصم المنفى لرمي سهام التهم والاباطيل لنصيب قلب الثقافة العراقية بالنصال التي يتكسر بعضها على بعض. هل كان علينا ان نخسر وطنا واهلا وشعبا وتاريخا وممتلكات واشياء ولادتنا وطفولتنا وصبانا وشبابنا وكهولتنا ايضا لكي ننتقل الى المنفى البارد قلبا ومناخا لنتبادل التهم ونشن الحملات السرية الهوجاء لمواصلة داحس والغبراء والبسوس بين عملاء موسكو الذين توزعوا على سبعين عاصمة بعد سقوط موسكو ونصبوا مراكز اطلاق التهم, وبين عملاء واشنطون الذين استطاعوا ان يعيدوت نصف (عملاء موسكو) إلى واشنطون بدلا عنهم. وبعيدا عن دهاليز الحملات الشفهية المنظمة ، صرنا نعاف الصحف التي لاتقدم ثقافتنا وهمنا وجرحنا لنطالع بدلا عن ذلك شكوكا وتهما وشائعات واباطيل وتجريحا ونقمات مكبوتة واحقاد شخصية وحزبية ونفسية يصرفها بريد القراء وردودهم احيانا لاسماء مستعارة في بلدان ليست لها ولاتسكن فيها ليضيع اثر الشك واثر التهمة واثر الهمزة اللمزة.او يتفضل شاعر مرعوب من تغيرات العصر ليتبرع بوضع الضحايا العراقيين في براميل القمامة ويسمم لقمة الغربة في افواههم. او يمسك سوريالي صكوك الامير باعتزاز أكثر من امساكه قصيدة جديدة لشاعر , او يمارس دور الشرطي السري ضد الشعر والشعراء ودور الواشي السري والمخبر الثقافي , وكل ذلك لمواصلة خندقين لا ثالث لهما: الانحطاط والسموفي الثقافة والاخلاق.الانحطاط والسمو في الوطنية والا نتهازية. الانحطاط والسمو في الابداع وتجارة المفردات. ليس السؤال متى نخرج الثقافة من التهم الجاهزة والمعلبة في عقليات حزبية لاتطيق الاختلاف وتعتبر كل اختلاف في الرأي تعاونا مع اعداء الوطن.وانما من الذي حول الثقافة الى معركة مخابراتية واجهز على ما تبقى من ضماد نلف به جراحنا المفتوحة؟ وبعيدا عن الخيانات والوشايات والشكوك،دعونا،نحن المثقفين العراقيين الذين نخاف من خيانة الوطن ونخاف على الوطن ونحمل ارضه وهيكله وطقوسه وجروحه ولبانه النازف من الطعنات نسأل: هل الوطن (مفهوم) ام هوالوطن بنفسه، بدمه ولحمه وترابه وتاريخه وانهاره وملايينه البشريين وليس صنما من اصنام قبائل العرب حيث كان لكل قبيلة صنم?
نتحدث نحن العراقيين عن الوطن.لكن دعونا نسأل عن اي وطن نتحدث ?عن وطن البعثي ام وطن الشيوعي?عن وطن الاسلامي ام وطن القومي? فلكل وطنه وكل من يختلف مع هذا الوطن متعاون مع اعداء الوطن.
نتحدث نحن العراقيين عن الوطن. لكن دعونا نسال عن أي وطن نتحدث؟ عن وطن الشيعي ام وطن السني؟ عن وطن العربي ام وطن الكردي ام وطن التركماني ؟ عن وطن الديني ام وطن العلماني؟ عن وطن المسيحي ام وطن المسلم؟. عن وطن السلفي الوهابي ام وطن الرافضي ؟عن وطن العثماني ام وطن الصفوي؟ عن وطن صدام حسين ام وطن نبيل ياسين؟ تعالوا الى وطن(نا) وقولوا لي من يدافع عنه ومن يخونه مع اعدائه واكشفوا اسماءهم والوثائق اللازمة للتهمة. يبدو الامر وكأن الاسئلة بريئة ونحن ننظرالى كل هذا المشهد الدامي ونرى الجريمة في كل ركن منه؟ تعالوا ايها المثقفون العراقيون لنقف على الاطلال ونرى ثقافتنا العراقية. اعرف انكم لاتفعلون. أي اعرف ان الاغلبية لاتفعل ولكن ستفعل الاقلية الثقافية الساعية إلى الحرية وتحرير العقل. اذا كنتم تسألون عن اعداء الوطن من الامبرياليين فنعم هم اعداء للوطن.ولكان من حسن حظ الوطن ان يقتصر اعداؤه على الامبرياليين ومن يتعاون معهم. سوء حظ الوطن ان اعداءه كثيرون وهم يمتصون من قلبه وثديه وشفتيه وجراحه.اعداء من داخله ايضا.من اليمين واليسار.من القوميين والاشتراكيين.من السنة والشيعة. من العرب والاكراد. من المسلمين والمسيحين . من الدينيين والعلمانيين. من الدكتاتوريين والديمقراطيين .الكل يدعي الوطنية على حساب اتهام الآخر بانه يتعاون مع اعداء الوطن، فيما بعض منتديات العراقيين تنشط اعتمادا على تمويل رسمي بالكرونة السويدية او الغلدر الهولندي او الدولار الامريكي والكندي والجنيه الاسترليني وغيرها من نقود دول اللجوء الامبريالية, وتغرق اغلب منظمات المجتمع المدني العراقي بالدولار الامريكي.
اليس الامبريالية وطن لهؤلاء؟فالغنى في الغربة وطن. وفقراء الوطن صاروا اغنياء في ارض الامبريالية, فعن أي وطن نتحدث؟
هذا طلل. تعالوا الى طلل آخر: من قبل كان بعض مثقفينا يقيسون وطنيتنا بالاتحاد السوفيتي والانظمة التقدمية الثورية المرتبطة به.كان الولاء له قياسا للوطنية.اليوم،اصبح السيد غالوي و(المقاومة الشريفة) مقياس وطنيتنا.
اين العراق مقياسا للوطنية?اين موقف الشعب العراقي مقياسا للوطنية؟ منذ ابتلينا بشعار التعددية صرنا لانعقل هذه الكلمة ونهرف بها دون ان نعاين معناها.لقد خضنا، منذ نهاية1968 تجربة اتحاد الادباء العراقيين.اتحاد التحالف . لقد جرى الدفاع عنه وبعض اعضائه يدبجون كل اربعاء تقاريرهم الى مديرية الامن العامة عن حديثنا وشعرنا وكتبنا وقراءاتنا.وتحول الى قلعة عسكرية اقصت الثقافة ليحل الحرس فيها بدل الادباء. نعم. وحاول البعض ان ينسى التجربة ، لنخوض تجربة رابطة الكتاب والصحفيين الديمقراطيين العراقيين، وتكررت تجربة الاتحاد ولكن دون تحالف هذه المرة.اغرقت الرابطة بالكم والحزبية والمحسوبية وتحولت الى منظمة حزبية عدوانية اقصت عشرات الكتاب والصحفيين وحققت مع بعضهم في اليمن مثلا, تحقيقا بوليسيا لتضع يدها على اختلاف في الرأى لدى بعض المثقفين الحزبيين فاقصتهم الى الجحيم ومايزال المحققون يشكلون لجانا لدعم الديمقراطية والعلمانية والفدرالية. قبل سنوات, وفي ايام المعارضة قام في عالمنا الثقافي اتحاد عام للكتاب والصحفيين العراقيين واصدر مجلة باسم(المسلة) وكان اياد علاوي وحركة الوفاق وراء اطلاق هذا الاتحاد.لم يكن احد، قبل تاسيس هذا الاتحاد يدعو الى كيان ثقافي.والمحاولات البريئة التي سعى اليها بعض المثقفين المستقلين قوبلت بالصدود والمناورات لاسقاطها في مهدهاوجرى الالتفاف عليها لكي تظهر هنا وهناك منابر هي ردود فعل لا اكثر.اثار الاتحاد ومجلته حربا ضروسا من طرف واحد.واتهم العاملين فيه بالعمالة لامريكا والتحالف مع حركة الوفاق مع رف من التهم والشتائم .
الذين انحنوا ليلتقطوا الشتائم من اسفل الرفوف يدافعون اليوم بنفس رحماني وعلماني عن التحالف مع من خونوه بالامس.ماهذا؟ من نحن؟ماهي معاييرنا؟ ماهي اخلاقنا؟ماهو مشروعنا السياسي والثقافي والحضاري؟
عافت نفسي تنظيمات الثقافة ولكني اتناوله كنموذج للمشهد. فالتحريم هو المبدأ الاول. والالغاء والالتفاف هو المبدأ الثاني.هناك كثير من المآخذ على الاتحاد وعلى شرعية اسمه وانتهازية كثير من العاملين فيه وعلى خروجهم من رحم النظام البعثي .

ما حصل بعد ذلك يثير ازمة الثقافة العراقية في جوهرها: شنت حملة شعواء ضد الاتحاد لم تقترب من الثقافة وظلت في جلد السياسة السميك.وتطورت الحملة الى نداء لتجمع ثقافي آخر يمكن ان يكون مشروعا وطبيعيا على رغم كونه رد فعل، لولا انه عمد الى التذكير بمحاكم التفتيش.لابد من لجان تفتيش وتحقيق لمعرفة يوميات المثقفين.لابأس، ولكن النداء الذي حرّم جنة الملتقىعلى البعض سرعان ما ادار ظهره لشروطه ودعا الى مصالحة وطنية مع النظام ونسي ان الذين يعيش بين ظهرانيهم تنطبق عليهم شروط التحريم اذ عملوا في صحافة واذاعة المؤتمر الوطني العراقي واحتكروها طوال خمس سنوات، فكيف يمكن ادخالهم اذا كانوا قد قبضوا رواتبهم من الامبريالية؟ صكوك الغفران سرعان ماوزعت على ازلام النظام قبل ان توزع على ضحاياهم فدخلنا حقل الغام آخر، الغرض من زراعته ليست شروط الملتقى وانما الهلع من ضياع فرص احتكار الثقافة وتوزيعها، مثل الحصص الغذائية تحت الحصار، على ازلام وتابعين ليس من المهم ان بعضهم يعمل وينشر في صحف موالية للنظام ومتواطئة معه .ومع هذا يتواجد على صفحاتها كثير من
المثقفين الذين يوجهون الاتهامات بالتعاون مع اعداء الوطن.اي وطن مرة اخرى؟وطن هذا المنتفع او ذاك الانتهازي, ام وطن العراقييين؟

نذهب للوقوف على طلل آخر.على حقل الغام آخر. كثير من مثقفي مؤسسات صدام حسين و مؤسسات عدي خرجوا يمشون على قدمين سالمتين مثل رقم 11. من يحتظنهم و يسوقهم و يكتب لهم مقدمات كتبهم ويكتب عروضا عنها في الصحافة العراقية في الخارج والعربية ايضا ويرشحهم لجوائز بلدية في مدن امبريالية باعتبارهم ضحايا ارهاب النظام وينشرون اعلانات تصبح فيها الجوائز عالمية ويصبحون ضحايا بدلا عنا?حتى المنفى سرقوه منا بعد يومين من وجودهم فيه.اما الوطن الذي سرقوه قبل عشرين سنة منا وثلاثين او اربعين بالنسبة لاخرين فلا احد من المثقفين يتهمهم بسرقته،على العكس تبنوهم وحاولوا جعلهم بديلا عنا انتقاما منا لتخريب اهاب واعصاب الثقافة العراقية .فمن هم اعداء الوطن?وعن اي وطن نتحدث؟ نفحص شهادة (مثقف) خدم النظام في الداخل ويعمل اليوم في الخارج ويعمل لديه صحفيون وطنيون ديمقراطيون لم يتركوا جهة لم يعملوا بها ويقبضون منها من البعث إلى الشيوعي إلى الملكي إلى الكردي إلى العربي إلى السعودي إلى الكويتي إلى , إلى, وتشن عبر صفحاته حملات ضد اعداء الوطن. يقول في رسالة الى عدي صدام حسين بعثها من الخارج فنشرهاعدي في صحيفته نكاية به وتعريضا: (كلانا مؤمن انه رصيد للاخر.انت ضمانة لي وانا ساعدك ومؤتمنك وحامل اسمك الذي طالما وجد فيه عبق عطر القائد الحبيب وظله وزرعه الطيب الامين ناس كثير سألوني من قبل لماذا لم اكتب مباشرة الى مقام الرئيس القائد..?كنت وما ازال اتهيب الكتابة ومخاطبته مباشرة لانني ارى فيه الرمز المترفع عن خطايا الاخرين واخطائهم وخصوماتهم ، وهو المرجعية التي لايجوز اشغالها بهم اضافي غير الذي يحمله من هموم العراق) ويختتم رسالته مخاطبا عدي: سيدي الكريم :انتم اهلي والنظام السياسي في العراق هو خياري) هذه اللغة وهذه النوعية من الولاء ليست خيارا. واذا كانت خيارا فانه يعود اليه اليوم مثقفون صدعوا رؤوسنا بالحديث عن الدكتاتور والدكتاتورية ، هذا الحديث الذي بوأهم مقاعد مقتدرة في واجهات الثقافة العراقية فاذا بهم يعودون القهقرى. والامر لايخصهم وحدهم طبعا ، فهم يتحدثون دائما باسم جماعات وقوى سياسية حتى لو كانوا خارجها تنظيميا.وانا اسوق هذا النص ليس للتشهير ولكن لرؤية الواقع الذي يغمض الاخرون عيونهم عنه ليمنعونا من الكلام. هذه الثقافة وحلفاؤها حماية لنظام القمع والدكتاتورية.ليس بالضرورة النظام السياسي الحاكم , ولكن النظام الاجتماعي ايضا. انها عودة ثقافة الجبهة الوطنية سيئة الصيت. الجميع يدعون محاربة الدكتاتورية.لكن الدكتاتورية حتى وهي خارج الحكم . ستبقى طويلا لان من يحميها هو هذه الثقافة.واليكم نماذج من هذه الثقافة: يحميها ناشر يكتب شاكيا من( غياب الديمقراطية ونفي الاخر )وهو يقبض من كل مبدع ثمن نشر كتابه ومن كل مؤسسة باسم الابداع وينفي الآخر ويضع قوائم سوداء بالتعامل مع المثقفين ،ويحميها من يكتب( بعد عشر سنوات على وقوع الكارثة فان المثقف العراقي قد انتصر لحريته) وهو يصف المثقف العربي(بالانحياز المضحك للشرعية الدولية بعد ان عجز العراق عن الاستمرار بتلقيحهم بمصل البطولة). ليست الثقافة وانما النظام الذي يضخ مصل البطولة وليس هذا المصل سوى الاموال .هذا الفكر الذي يجعل من الكارثة حرية كيف نسأله عن مصير الوطن؟ يحميها من يكتب ، وكأنه يسخر من عقلنا بانه اختار عشرة كتب لتمثل العراق بالالفية الثانية ثم يتبين انه اختارها لربات البيوت اللواتي سألنه ما هو اعظم حدث خسره العراق فكان جوابه:انهيار الجبهة الوطنية وتراجع استخدام الطماطة في التشريب!
يحيمها سوريالي يجعل نفسه حاجبا عند وزير ثقافة تكمن ثقافته في انه كان مدير سجن فيمنع مقالة عن الثقافة بحجة التعرض لشخص بدرجة وزير, فمرحى للسوريالية الفرنسية التي انجبت سورياليتها العراقية.
يحميها سوريالي ينتظر امام وخطيب جامع وقائد مجموعة متطرفة مسلحة اصبح وزيرا لثقافة بلد الحضارات لكي يشركه في وفد ثقافي فيمنع نشر أية معالجة عن الثقافة. انها سوريالية الحثالة الثقافية التي لاتعرف أية طريق تقودها إلى الشهرة وبعض المال. اليس انهيار القيم والمسؤولية وجدية الشعور بالكارثة والمأساة هو ماخسرناه؟ كثير من( كتابنا الوطنيين) ينتقمون منا. ييبحثون عن هوامش ليجعلوا منها متونا.والبشر يدركون ويحزنون وهؤلاء مسؤولون عن استمرار احزان العراقيين. اين الثقافة في كل هذا?اين الابداع العراقي? لقد ادخلوه دهاليز المخابرات والجاسوسية واعداء الوطن. المثقف العراقي كتلة تعصب وقليل منه كتلة عصب.ولذلك يغلب على الثقافة العراقيةانتاج التعصب:الايديولوجيا .ويندر انتاج العصب :الابداع ان العراق اول بلاد دفعت ثمن الحرب الباردة دما في شوراعها في نهاية الخمسينات.شهدنا الدم يسيل،وقطرات منه من دمي ودمكم .لقد انقسم الشارع وانقسمت الثقافة العراقية الى:عملاء موسكو وعملاء واشنطون.هذه هي المصطلحات التي تصارعت بالدم في شوارع بغداد وفي شباط 1963كان ثمن هذين المصطلحين دما دفعه العراقيون .ثم تكررت الاثمان التي دفعناها.لكن هناك من لايزال يقبض الثمن.واليوم ندفع ثمن دفاعناعن وجودنا جميعا في وطن.عن نسيان عملاء موسكو وعملاء واشنطون وايجاد مخرج انساني لمصير العراقي التائه والمذبوح والمعلق على صلبان لا حصر لها.والمثقف اول الخائنين لمصير شعبه حين لايبحث عن هذا الشعب الا في شعارات عن الوطن واعداء الوطن هي في واقع الامر غلاف لمصالح فردية وفئوية.الوطن وجود وليس شعارا, واعداؤه ليسوا جملة ثورية فارغة في جريدة.الوطن ايضا علم لايجلس تحته العراقيون في المنفى ولايعترفون به ويختلفون فيه بعد سقوط النظام البعثي ،ونشيد لا احد يصدح به .العراق هو البلد الوحيد ربما الذي ليس له دولة.له سلطة ابتلعت الدولة وابتلعت علمها ونشيدها ورموزها، وليس هناك معارضة في العالم كله ليس لها علم ودولة ونشيد وطني الا المعارضة العراقية. واليوم نختلف على العلم والنشيد وشعار الدولة.. عن اي وطن اذن نتحدث؟ عن وطن الايديولوجيا التي تبحث في قصائدنا عن اخطاء.اذا وجدت ورة حمراء سكتت واذا وجدت وردة بيضاء نعتتني بالمثقف البرجوازي الصغير.وحتى هذا لم يعد كافيا.على ارض العراق كان المطلوب هو الولاء لصدام حسين.واليوم الولاء للقيادات المتعددة وقد اختلفنا مرة عن ايهما افضل : خمس دكتاتوريات تتقاسم الوطن, ام دكتاتورية واحدة مثل دكتاتورية صدام . فعن اي وطن تتحدثون
مانحتاجه اليوم هو الاعتذار من المشاركين في جريمة والعفو من ضحاياها. تعالوا لنشرب فنجان قهوة ونتحدث عن بهاء الوطن المفقود.او.. وداعا



#نبيل_ياسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مستقبل الثقافة في العراق
- موقف الدول العربية من الارهاب في العراق
- حدثني يا ابتي
- الديمقراطية في الفكر الغربي
- ربع قرن من العزلة
- لكي لانصاب بنكسة دستورية
- صاحب الحكيم ومحاكمة صدام
- اثينا 403 قبل الميلاد - بغداد 2003 دكتاتوريةالثلاثين- دكتاتو ...
- المرأة في الفكر السياسي العراقي


المزيد.....




- اعتقال رجل هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإيرانية بباريس
- طهران تدين الفيتو الأمريکي ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- عشية اتفاق جديد مع إيطاليا.. السلطات التونسية تفكك مخيما للم ...
- الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس في الشرق الأوسط
- سويسرا تمتنع في تصويت لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم ا ...
- اعتقال أكثر من 100 متظاهر مؤيد للفلسطينيين من حرم جامعة كولو ...
- بمنتهى الوحشية.. فيديو يوثق استخدام كلب بوليسي لاعتقال شاب ب ...
- البرلمان العربي يستنكر عجز مجلس الأمن عن تمكين فلسطين من الح ...
- الكويت: موقف مجلس الأمن بشأن عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ي ...
- قائمة الدول التي صوتت مع أو ضد قبول الطلب الفلسطيني كدولة كا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نبيل ياسين - احلام واوهام الثقافة العراقية