أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مقداد مسعود - قراءة في (قلبي عصفورٌ مشدوه) لمقداد مسعود .. بقلم الدكتور علاء العبادي














المزيد.....

قراءة في (قلبي عصفورٌ مشدوه) لمقداد مسعود .. بقلم الدكتور علاء العبادي


مقداد مسعود

الحوار المتمدن-العدد: 6567 - 2020 / 5 / 18 - 23:40
المحور: الادب والفن
    


قراءة في "قلبي عصفور مشدوه/ضحويات الثلاثاء[7]" للشاعر والناقد مقداد مسعود
د. علاء العبادي
في نصوص مقداد مسعود المتراصّة بهيئة نصٍ متكامل مفتوح، والمعنونة "قلبي عصفور مشدوه" ترى جُملهُ الشعرية القصيرة المُحكمة وهي تلتقطُ صورةً هنا وحُلماً هناك وهاجسٍ في مكان آخر، فكأنها خرز تناثرت من مسبحة سحرية لصوفيٍ غارقٍ في تهويمات علوية. وبرغم تنوع موضوعاتها فهي تدور حول بؤرة معان متلاصقةٍ، ما تنفك تراود روح الشاعر في كلِّ حينٍ فتنتزع منه اعترافات بهيئةِ جُملٍ قصيرةٍ تكاد تكون كلُّ واحدةٍ منها قصيدةً.
فالشاعر مهمومٌ بما لا يُحصى من أحلامٍ يرجو لها التحقق، ولا تكاد هي تفعل ذلك، فهو يخاطب مدينته "يا بصرة: فرح دؤوب: متى يتسايل إليكِ؟" ويتكرر سيلُ الفرحِ المنشودِ في قوله "في مسايل روحي ينتظرني مسائي"، و تكاد الجملتان، و هما في بداية نصِّه، تشكلان زمكان النص و جوَّه العام، حيث البصرة التي تنتظر الفرح، و روحه العالقة في أمسيات المدينة.
يعترف الشاعر بعد ذلك بعوزٍ روحي يتمثلُ بمظهرٍ مادي فيقول بكل وضوح "أشعر بمفقوداتي" ولأن العوز روحيٌ لا تلمسهُ حواسّه الظاهرة فهو يتساءل عن جوهر تلك المفقودات وكنهها "لكن ماهي؟"، ويحاول أن يصنعَ له درباً منيراً وسط الضياع الروحي من خلال تلمّس المفقودات فيقول "لا قناديل سوى أصابعي"، ولا يكتفي بالتلمّس بل يرتقي نحو فضاءاتٍ علويةٍ تفيضُ بالإقدامِ والكشفِ والبوحِ والاعتراف، ولأن ولوج هذه الفضاءات مزيةٌ تبعث على الفخر فالشاعر لا يتردد في أن يقرن أسمَه بها، "يا مقداد لديك: سرجٌ ومرايا وصهيل".
يدخل الشاعر بعد لأيٍ في العالم الواقعي الذي لم يُنصفه رغم توقد روحه وكبرياء ذاتِه الشعريةِ، ويعترف بأن ما تواضعت عليه الأقدار من نصيب له إنّما لا يُرضيه، فهو لا يَطمَئنُ "لنهارٍ صامتٍ ولا لصخب الأعراس"، ويتذكر "صخور سنوات الخاكي" وجلوسه "تحت البمبرة". لكنه يستدرك بحسِه الفائق أن كلّ ما ظنّه تعيسا وواهٍ في عالمه إنّما هو كونٌ آخر له جماله الخالص، ففي الظهيرة "النخلة السوداء والأشجار السود: في كمون". كونُه الجديد مختلفٌ كما تختلفُ أغوارُ روحِه عن ظاهره، فالنخلة بِسوادِها لَيست كأّي نخلةٍ، والأشجارُ لَيست كالأشجارِ، وذاك هو الكمون، وكمونه هو الترقبُ والحيرةُ والانتظار، ثم يعود الشاعرُ إلى زمكانه الذي ابتدأ به، ولكن بأجواء جديدة، فلدينا الآن "الظهيرة "و "العصر" ولدينا المكان الذي يمثله "سياج الجيران الشاهق". ويفيض المكان بموجوداته التي تصير الآن معادلاً موضوعياً لمفقوداته التي أضنته في بادئ الأمر: "نخلتنا والبمبرة و الأكاسيا التي لا تذكرني بالصفصافة.. الأشجار تتمايل و عصفور قلبي مشدوه.. عصافير الحديقة كلما حاولت.. توكّر على شجر السياج تدحرجت في هواء مشمس". كل هذه الموجودات تلوّح لروحِه اللاهفة بوجودٍ أجمل، "أنتظر يوما من ذهبٍ جديدٍ يوافيني من خلل الأغصان" فتفيض بمعانٍ صوفيةٍ على العالم ويتوحد مع المخلوقاتِ فيخشى أن تدهس روحُه أيّما مخلوق، "في شارعنا سهواً دستُ ظلَ برهامةٍ/ لله الحمد: لايشوفني أحد".
ينعكس هذا الإحساس الصوفي على كل ما يحيط بالشاعر فنراه يلتقط صورةً جماليةً بألوان باهرةٍ وحركةٍ سينمائية دقيقةٍ، وبسيناريو مرسومٍ باحتراف، لأمٍّ وطفلها وبقرةٍ ورديةٍ. إنّها صورةُ التلاحم الروحي بين المخلوقاتِ، و ذلك ما تسعى روحه الصوفية إليه: "حين تأخرت الأم، توسد طفلها بطن بقرتِه الوردية.. هاهو يعتلي البقرة، والبقرة تعتلي الأشجار، تعتلي أبراج النت..... وهو يقطف رباب السماء ويلحسه كالموطا، لصق الطفل شفتيه بأذن البقرة، تبسمت البقرة وهزت رأسها مطيعةً". ويرى الشاعرُ أن ذلك التلاحم العظيم يرفع القيود و الأغلال، ويحرر النفوس، فتزول الحُجب ويغمرُ نور الجمال كونَه الجديد. يقول الشاعر: "ما هذا المخبوء وراء ذلك الجدار؟/ لا يوجد أي جدار./ ضوءٌ يغفو في نسمات الليل، يغمر أحلامي للكتفين".



#مقداد_مسعود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قلبي عصفورٌ مشدوه
- ورق قصدير مقداد مسعود / بقلم صلاح عيّال
- فوانيس النهار/ ضحويات /6
- ورق قصدير
- قنصلية البرتغال في البصرة ...
- سيادة السارد المطلق : رشيد الضعيف ..(تبليط البحر)
- مفاوضات السرد والكمون النصي: (عمرة) للروائي فوزي عبده
- زيت الشاي الأخضر
- القاص والروائي صلاح محمد عيّال : وقفة مع (على حفيف الشجر أنش ...
- كتابتان عن (على حفيف الشجر أنشر أحلامي) محمد عبد حسن والدكتو ...
- على حفيف الشجر أنشرُ أحلامي
- خشب صاج مشبّع بدهان الكتان
- الفوز سمكة ٌ من زجاج : (حمّام الذهب) للروائي محمد عيسى المؤد ...
- قميص ٌ لوجه العراق...
- الروائي جان دوست..(باص أخضر يغادر حلب) ويصل الموصل
- البول العراقي والكومونة المقموعة/ مكتوبات التناوب السردي: (ا ...
- الأزرق والأبيض : يتفارقان بالنوعية / السرد العنقودي في(جنازة ...
- ربابة ٌ تروي وترتوي. طعم الذئب : رواية عبدالله البصيّص
- المتسلط وسياسة السلطة (الأنهار لا تنبع من المدن) للروائي عبد ...
- تواصل وليس صراع أجيال :(العرض الأخير) قصص ميرفت الخزاعي


المزيد.....




- توم يورك يغادر المسرح بعد مشادة مع متظاهر مؤيد للفلسطينيين ف ...
- كيف شكلت الأعمال الروائية رؤية خامنئي للديمقراطية الأميركية؟ ...
- شوف كل حصري.. تردد قناة روتانا سينما 2024 على القمر الصناعي ...
- رغم حزنه لوفاة شقيقه.. حسين فهمي يواصل التحضيرات للقاهرة الس ...
- أفلام ومسلسلات من اللي بتحبها في انتظارك.. تردد روتانا سينما ...
- فنانة مصرية شهيرة تكشف -مؤامرة بريئة- عن زواجها العرفي 10 سن ...
- بعد الجدل والنجاح.. مسلسل -الحشاشين- يعود للشاشة من خلال فيل ...
- “حـــ 168 مترجمة“ مسلسل المؤسس عثمان الموسم السادس الحلقة ال ...
- جائزة -ديسمبر- الأدبية للمغربي عبدالله الطايع
- التلفزيون البولندي يعرض مسلسلا روسيا!


المزيد.....

- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مقداد مسعود - قراءة في (قلبي عصفورٌ مشدوه) لمقداد مسعود .. بقلم الدكتور علاء العبادي