أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - محمد رؤوف حامد - جماعية المفكرين – لقاح للإنسانية وليس فقط للكورونا















المزيد.....

جماعية المفكرين – لقاح للإنسانية وليس فقط للكورونا


محمد رؤوف حامد

الحوار المتمدن-العدد: 6550 - 2020 / 4 / 29 - 20:35
المحور: ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
    


يقول نجيب محفوظ فى "أصداء السيرة الذاتية":
"سألت الشيخ عبد ربه التائه:كيف لتلك الحوادث أن تقع فى عالم هو من صنع رحمن رحيم!
فأجاب بهدوء: لولا أنه رحمن رحيم ماوقعت".

هكذا كان التفكر عند نجيب محفوظ بشأن الكوارث الإنسانية, والمتمثلة حاليا فى الكورونا..

جائحيات متعددة ومركبة:

أن تكون الكورونا جائحة فهذا تحد كبير لأنظمة الصحة (والحكم), وأما أن تتحول الى كرة الثلج الموقظة والكاشفة لتعرض البشرية لجائحات غير ميكروبية, فهذا هو التحدى الأعظم.

الجائحات غير الميكروبية تمثل نكبة عالمية مركبة, تتصاعد قسوتها منذ عقود, بفعل العولمة (أو النيوليبرالية), حتى صارت تتلف المكونات الرئيسية للشأن الحياتى لعموم سكان المعمورة, بدءا من السياسة والإدارة, ومرورا بالإقتصاد والأوضاع الإجتماعية والبيئة والمناخ, وحتى البحث العلمى.

وإذا كانت التطورات التكنولوجية الخاصة بالإنتقال والمعلوماتية والإتصال قد أعطت الكورونا فضل إزاحة الستار عن النكبة العالمية المركبة, فهل يكون لهذه التطورات دورها فى مجابهة هذه النكبة؟

فى هذا الخصوص تُجسد الكورونا دور المحفز(أو المسُرع Enhancer ) لإستخدام الفكر فى وضع حد للنكبة العالمية.

من هذا المنطلق يشير الطرح الحالى الى جوهر الآليات المولدة للجائحات المركبة, ثم يتجه الى فتح المداخل بخصوص المسار (أو اللقاح) الممكن للحفاظ على "الإنسانية" مما تتعرض له من انحرافات.

الكورونا – جرس إنذار مضاد للنيوليبرالية:

بينما ترجع جائحات النيوليبرالية الى عوامل متعددة, جرى تضفيرها وتشبيكها مع بعضها, فإن عاملين (أو إنحرافين) رئيسيين قد شكلا معا الجسر لإحداث كافة الجائحات.

يتمثل العامل الأول فى الإنحراف فى استخدام القيمة المضافة الهائلة الناجمة عن تطورات العلم والتكنولوجيا, مما أدى الى تبعثرها بعيدا عن الإحتياجات الإنسانية.

وأما العامل الثانى فيتجسد فى تخريب الإدارة, بتحويلها من مهام التمكين والتسيير ودعم الإبداع وحل المشكلات الى "التحجيم" فى إطار أوامر مملاه من أعلا.

الإنحرافين معا قد بزغا (وتوغلا) مع العولمة, وبقيادة النيوليبرالية, منذ حوالى ثلاثة عقود.

لقد تسبب العامل الأول فى تحويل العلماء (والتكنولوجيين) الى شريحة بروليتارية تسعى أساسا الى سد احتياجاتها الحياتية, وليس لها إمكانية معقولة فى توجيه الأهداف الرئيسية لأنشطتها.

وعليه, لاعجب فيما جرى ويجرى من عمليات تسريح للباحثين, ونقل للمصانع وللعمليات البحثية من مكان لآخر. وذلك بالتوازى مع عمليات الإستحواز والعملقة بين الشركات, بغرض البزنسة, وتعظيم الربحية.

واما عن "التحجيم" الإدارى, فقد أدى, ليس فقط الى حجب الرؤى الإبداعية على المستويات المؤسسية, وإنما أيضا الى رواج الإستقرار والكسب للإتباعيين الذين يحصرون مهامهم فى الإتباع الصِرْف للتعليمات, وإثبات الولاء لقياداتهم, وليس أبدا للمؤسسات (أوالأوطان).

وهكذا, مع تفشى تأثير هذين الإنحرافين أخذت معاناة الشعوب فى الشمال والجنوب تتزايد.

فى الشمال نجمت المعاناة من تفاقم إتباعية الحكومات للتوجهات النيوليبرالية, مما أدى -مثلا- الى سياسات التقشف.

وفى الجنوب تعاظم إنقياد القيادات للتوجيهات النيوليبرالية, فتفاقمت ديكتاتورياتهم.

لقد أدى إنتشار سموم التعاليم النيوليبرالية الى بزنسة غالبية أنشطة العلم والتكنولوجيا, وتدهور الإدارة, وفقدان الرشادة فى السياسات الزراعية والصناعية, وتآكل الرفاه الإجتماعية, وتزايد الفساد,وتشويه الديمقراطية.

المسألة إذا أن الكورونا تنادينا بضرورة التصدى للتبعات الإنحرافية (الجائحية) التى أتت بها الرأسمالية الشرسة.

تصحيح علاقاتنا بالشأن الإنسانى العام:

أعظم مانجم عن كورونا أن وضعت عموم المواطنين والمؤسسات والحكومات أمام مسؤلياتهم بشأن النكبة العالمية المتراكبة, والناجمة عن العولمة.

وإذا كان من المتوقع أن تناور النيوليبرالية من أجل استمرار هيمنتها, فمن المهم الإلتفات الى ما أحدثته الكورونا من حركيات إيجابية فى عموم الإدراكات والمواقف, ومن أبرزها مايلى:
1) إنتشار "رنينى" للحس بالمعاناة المشتركة عند المواطن العادى فى كافة أنحاء العالم.
2) التحول من "الحس" الى "التفكر" بشأن أبعاد وأسباب المعاناة التى تتعرض لها الشعوب, سواء تختص بالأوضاع الإنسانية ( كالبطالة, والتخلى عن الرفاه الإجتماعية, و الحروب), أو تتعلق بالأضرار البيئة والمناخية.
3) السعى للتوصل الى حوكمة جديدة تجاه سلبيات العولمة.

الجدير بالإنتباه هنا أن هذه الحركيات الثلاث تقود -بطبيعتها- الى مخرجات مختلفة عما يراه بعض المراقبيبن بأن مابعد الكورونا سيؤدى للرجوع الى هيمنة الدولة, حيث ينبغى أولاً التفكر: أى نوع من الدولة؟, .. وهيمنة على ماذا؟, وبماذا؟, ومن أجل ماذا؟

ما نظنه هو أن جديد ما بعد الكورونا يبدأ من علاقات عموم المواطنين والمفكرين بالشأن العام.

نقطة الإنطلاق- صناعة إنسانية جديدة:

وهكذا, ما أحدثته كورونا من قلق وانتباه وتغير فى الإدراكات يمثل نقطة الإنطلاق لما بعدها.

لهذه النقطة عزم يتخطى "الشعبوية", حيث يعلو الى مستوى إعادة التقييم والتفكر. لايتعلق ذلك فقط بما كشفته الكورونا من سلبيات وتناقضات, وإنما أيضا بما قد يطرأ مستقبلا من جائحات, ميكروبية أو غير ميكروبية.

المسألة إذا أن العالم يمر الآن بلحظة تاريخية "تَحَوُلِية" يمكن أن تقود الى صناعة "لقاح" لتصحيح الشأن الإنسانى العام وحمايته.

صناعة هذا اللقاح تحتاج موضوعية العلم ورحابة الفكر. إنها تتطلب تفحص للكليات, بمعنى التأمل المعرفى العابر للتخصصات, والقائم على مكونات وخبرات متعددة الخلفيات.

فقط من خلال ذلك يمكن تحديد صحيح للأهداف العامة والأهداف الجزئية للتغيير. عندها يكون التعامل مع الجزئيات مراعيا لأوزانها النسبية, ولايجرى تحريفه بفعل المصالح الخاصة. كما يسهل التعامل مع أية إنعكاسات بينية, قبل (أو بمجرد) ظهورها.

فى ظل التعامل الفكرى/العلمى تكون الإجراءات و العمليات فى أى شأن (دولى/محلى/مؤسساتى) تحصيل حاصل للفهم وللإستراتيجيات, وللإدارة التمكينية, وليست أبدا خاضعة للتسيير بالأوامر أو بالتحجيم.

أيضا, بالإضافة الى الإعتبار للكليات, وتجنب الإدارة بالتحجيم, تحتاج صناعة اللقاح الإنسانى التصحيحى الى المنظور الزمنى طويل المدى, والذى لايتحقق بغير الإستناد الى الإستشرافات المستقبلية.

من المفترض إذا من اللقاح التصحيحى أن يحقق مايلى:
● مقاومة ماقد تفشى فى العالم من شذوذ فى المعرفة العلمية. وذلك على غرار مبدأ "الهدم البناء", والذى طُبِقَ عنوة بواسطة النيوليبرالية (وبالطبع لمصالحها) فى السياسات الداخلية لدول الجنوب, حيث هو تحريف لمفهوم يختص بالتكنولوجيا كان قد وُضع فى زمن سابق. وأيضا مثل مبدأ عولمى يقضى بإعتماد 80% من سكان العالم, فى احتياجاتهم الحياتية, على مايتساقط عليهم من حسنات من ال 20% الباقية (أى الأغنى).
● تصحيح ماتعرضت له أدوات التغيير -كالديمقراطية- من تشويه.
● تعظيم استخدام فوائض التقدم العلمى/التكنولوجى لصالح الإحتياجات الإنسانية, وليس للتخديم على البزنسة والرأسمالية الشرسة.

لقاح قوة الفكر:

وهكذا, صناعة اللقاح المنشود تبدأ بالتوصل الى بنية فكرية جديدة يتحول بها العالم من وضع يسود فيه "فكر القوة", والذى يعتمد على النفوذ (المالى أو السلطوى أو العسكرى أو التكنولوجى ...الخ) فى الرؤى والأحكام والخطط والقرارات, الى وضع تكون فيه "قوة الفكر" هى المُرْشدة لعموم مصالح الشأن الإنسانى.

ذلك بمعنى أن تكون الحركيات الإنسانية على تنوعاتها (سياسية/اقتصادية/ تكنولوجية ...الخ) وعلى كافة مستوياتها (دولية/محلية/ مؤسساتية) معتمدة, أساسا والى أقصى حد, على الحس القائم على المعرفة العلمية.

وعليه, التحول من سطوة "فكر القوة" الى رحابة "قوة الفكر" يعنى الإنتقال الى عالمية المصالح, وليس عولمتها (وللتفاصيل يمكن الرجوع الى كراس "المستقبل بين فكر القوة وقوة الفكر" – المكتبة الأكاديمية – القاهرة – 2006 ).

إنه تحول جذرى يحتاج الى "معرفة انسانية تغييرية" تقوم على الغايات الإنسانية الكبرى, وتستوعب تباينات الظروف الإنسانية من أزمات وإمكانات ومستقبليات. عندها تكون المخرجات "صحية", أى لا تحمل ضررا للآخر.

العزم التغييرى لهذه المعرفة ينجم عن إندماج الحكمة بالعلم والتكنولوجيا, وبالحاجات الإنسانيىة لمليارات المواطنين فى كوكب الأرض.

إنها معرفة يستحيل أن تأتى من أى شخصية مفردة, مهما بلغ شأنها, حيث تحتاج الى "جماعية المفكرين".

وإذا كان يمكن لجماعية المفكرين أن تمثل "بوصلة" للمواطنين العاديين, فمن الممكن أيضا أن تكون "مرجعية" للقوى والتوجهات السياسية.

من جانب آخر, تمثل "جماعية المفكرين" قوة الدفع الأساسية لتنامى "قوة الفكر", والتى تصبح لقاحا لتحجيم ومعالجة مرض "فكر القوة", وحتى يكون العالم أكثر عدلا وأمانا.

هذا, ويمكن الرجوع الى مزيد من التفاصيل بشأن خصائص جماعية المفكرين فى دراسة بعنوان "مستقبل جديد للثورات: ثورة المفكرين" (الحوار المتمدن – العدد 3991- 2013 ) , والتى ضُمّنت حديثا (2019) فى كراس موسع بنفس العنوان (المكتبة الأكاديمية – القاهرة - 2019).

المخرجات الممكنة:

من الممكن لجماعيات المفكرين, كنهج, أن تساهم فى دفع العالم الى "مدار جماعى" عالمى, وليس عولمى, يكون من شأنه:
- تصحيح أوضاع تسيُد الرأسمالية الشرسة.
- بناء رأسمال ثقافى عالمى يبث العدالة.
- التصحيح المستمر للأوضاع البشرية.
- التوليف بين العناصر المساهمة فى التقدم, بما تضمه من غايات, ومعارف علمية, وإنسانيات.



#محمد_رؤوف_حامد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حركية المعرفة فى الشارع السياسى العربى: 5/5 المستقبليات
- حركية المعرفة فى الشارع السياسى العربى: 5/4 التضاريس
- حركية المعرفة فى الشارع السياسى العربى:5/3 الإشكاليات
- حركية المعرفة فى الشارع السياسى العربى: 5/2 – الخصائص
- حركية المعرفة فى الشارع السياسى العربى: 5/1 – ملاحظات أولية
- خبرات شخصية بشأن ديمقراطية العملية التعليمية فى الجامعة
- نحو فهم أعمق لخلفيات العداء الأجنبى للمنطقة العربية
- الأمريكيون يقتربون من المسار المستقبلى للثورات
- فى ثورة 25 يناير: لو عاد عبد الناصر .. لرفض أن يكون -عبدالنا ...
- ثورة 25 يناير بين الجدليات المهيمنة والإرتقاءات المُغيّبة
- -25 يناير- : ثورة من نوع جديد .. ومعنى جديد .. ومستقبليات جد ...
- مستقبل جديد للثورات: ثورة المفكرين


المزيد.....




- -قناع بلون السماء- للروائي الفلسطيني السجين باسم خندقجي تفوز ...
- شاهد.. آلاف الطائرات المسيرة تضيء سماء سيول بعرض مذهل
- نائب وزير الدفاع البولندي سابقا يدعو إلى انشاء حقول ألغام عل ...
- قطر ترد على اتهامها بدعم المظاهرات المناهضة لإسرائيل في الجا ...
- الجيش الجزائري يعلن القضاء على -أبو ضحى- (صور)
- الولايات المتحدة.. مؤيدون لإسرائيل يحاولون الاشتباك مع الطلب ...
- زيلينسكي يكشف أسس اتفاقية أمنية ثنائية تتم صياغتها مع واشنطن ...
- فيديو جديد لاغتنام الجيش الروسي أسلحة غربية بينها كاسحة -أبر ...
- قلق غربي يتصاعد.. توسع رقعة الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين
- لقطات جوية لآثار أعاصير مدمرة سوت أحياء مدينة أمريكية بالأرض ...


المزيد.....

- جائحة الرأسمالية، فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية / اريك توسان
- الرواسب الثقافية وأساليب التعامل مع المرض في صعيد مصر فيروس ... / الفنجري أحمد محمد محمد
- التعاون الدولي في زمن -كوفيد-19- / محمد أوبالاك


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - محمد رؤوف حامد - جماعية المفكرين – لقاح للإنسانية وليس فقط للكورونا