أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد الله مزرعاني - من دروس تجربة الاحتجاج الشعبي















المزيد.....

من دروس تجربة الاحتجاج الشعبي


سعد الله مزرعاني

الحوار المتمدن-العدد: 6546 - 2020 / 4 / 25 - 12:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



اختبرت المنطقة العربية محاولات تغيير باحتجاج شعبي، صاخب وغير مسبوق، في أكثر من بلد عربي، في مشرق المنطقة ومغربها. آخر المحاولات حصل في كل من السودان والجزائر، ويمكن إضافة لبنان إلى المحاولتَين الأخيرتين. لا يتّسع المجال، هنا، للذهاب عميقاً في تناول كلّ تلك المحاولات، قديمها والجديد، بيد أنّه لا يمكن، في المقابل، تجاهل الأساسي من خلاصاتها، ودروسها في التعامل مع الحالات المستمرة والمتوقعة، ومنها الحالة اللبنانية.

سادت بشأن الاحتجاجات الواسعة والهائلة، التي اندلعت ابتداءً من تونس وصولاً إلى مصر وسواها، نظريتان مبالغ بهما: الأولى، تقدّس الحدث تحت عنوان «الربيع العربي»، وتعتبره مساراً ينبغي تعميمه في معظم البلدان والحالات. والثانية، تشيطن تلك الاحتجاجات، وترى فيها عملاً تخريبياً مدّمراً، للإجهاز على كل ما تبقى من قوى مقاوِمة للمشاريع الأميركية والصهيونية والرجعية في المنطقة. تعاظم هذا التقييم، خصوصاً، بعد انطلاق الاحتجاجات في سوريا، في آذار من عام 2011، وقبلها في ليبيا، في تاريخ ليس ببعيد. النظريتان اتّسمتا بالتناول الجزئي والذاتي، ففي حين رحّبت السلطة السورية وحلفاؤها بما جرى في تونس ومصر، رفضت، بالمطلق، الاحتجاجات ضد سلطة العقيد معمّر القذافي في ليبيا. حصل عكس ذلك تماماً بالنسبة إلى المملكة العربية السعودية، التي أزعجها كثيراً الحدثان التونسي والمصري، بينما أطلقت أبواق ترحيبها بالاحتجاجات الليبية والسورية، محرّضة على التدخّل المباشر في الأزمة السورية، الأمر الذي حصل، فعلاً، على النحو المعروف طيلة سنوات الأزمة وحتى يومنا هذا.
رغم التباين الهائل اجتمع الفريقان، أيضاً، على اختصار الاحتجاجات بنتائجها، وبانعكاساتها على لوحة الصراع العام في المنطقة، وعلى السلطة نفسها في البلدان المعنيّة أو المتصارعة. لكنّهما افترقا بالكامل بشأن الدورين، المحلّي والخارجي في الاحتجاجات. ذلك أن الفريق المرحِّب بالاحتجاجات حاول (تبعاً للبلد المعني) حصر أسبابها بالعامل الداخلي فحسب، بينما ركَّز الفريق الثاني على الدور الخارجي، بوصفه قوة التحريض والتحريك والاستثمار الحاسمة.
الواقع أنّ كلا الفريقين تعامل، أكثر مع النتائج، دون الأسباب. مقياس الحكم تركَّز على مآلات الأمور والطرف المستفيد في نهاية المطاف. هكذا، فإنّ الحكم تبدّل، غالباً، بحسب المصلحة، ولو انطوى الأمر على تناقضات فاضحة، لجهة أنّ الدول الأكثر ترحيباً بالاحتجاجات عموماً، كانت دولاً محافظة متشدّدة ضد وجود أي رأي آخر، فضلاً عن افتقادها لمجرّد وجود الدساتير، حيث يختصر القرار فيها بإرادة ملكية «سامية»!
لم يتح لوجهة نظر موضوعية، بشأن الانتفاضات، أن تحجز مكاناً ملحوظاً في مجرى التطورات. الواقع أنّ التغيير باتجاه العدالة والحرية وحقوق الإنسان، كان حاجة ملحّة وشاملة، خصوصاً في البلدان التي ظلّت نسبياً بعيدة عن الاحتجاجات المباشرة. لكن، أيضاً، الدور الخارجي كان كبيراً وخطيراً. وهو تجلّى أكثر ما تجلى، في تقرير كامل النتائج السلبية التي انتهت إليها «الثورات»، والتي ما زالت ارتداداتها مستمرّة في تخريب بلدان بكاملها: ليبيا وسوريا بالدرجة الأولى...
ما يجب التوقف عنده، هو أنّه قد جرت الاستفادة من دروس التجارب السابقة في الاحتجاجات المشابهة الجديدة، في كلّ من السودان والجزائر. صحيح أنّ النجاحات هنا محدودة، لكن الخسائر، أيضاً، قليلة نسبياً. نضوج العامل الداخلي في شقّيه الموضوعي (الظروف الدافعة المشحونة بالتناقضات والانعكاسات)، والذاتي، لجهة بلورة مسار ووجهة وأولويات وإطار قيادي مناسب، هذا النضوج، ولو في حدّه الأدنى، هو أمر جوهري في التأثير بالمسارات والنتائج. لكن العامل الخارجي حاضر دائماً أيضاً: سواء في البدايات أو في المجريات. والخارج هو، غالباً، إقليمي ودولي، بالإضافة إلى العدو الإسرائيلي الذي هو، دائماً، مراقب ومتربّص ومتدخّل للاستثمار وتحقيق المكاسب. بديهي أنّ العامل الخارجي، وخصوصاً عبر تفاعله مع قوى داخلية، سيزداد تأثيره على صعيد حسم النتائج. هذا ما حصل في مصر، التي افتقر حراكها الشعبي إلى قيادة وبرنامج ومسار تنظيمي، ما جعل «الإخوان المسلمين» يقطفون نتائج الثورة في مرحلتها الأولى، والجيش في مرحلتها الثانية، ودائماً برعاية أميركية مثابرة ومباشرة!
لا شك في أنّ لكلّ حالة ظروفها وشروطها الخاصة بها، لجهة نسبة حضور العوامل الداخلية والخارجية ومستوى تأثير كلّ منهما. هذا شأن ينطبق طبعاً على الوضع اللبناني. هو وضع معقّد، بلغت تناقضاته (بسبب النهب والفساد وسوء النظام والإدارة) مستوى غير مسبوق، مطاولاً كتلة شعبية هائلة ما لبثت أن نزلت إلى الشارع كردة فعلٍ طبيعية، بسبب ما لحق بها من خسائر فادحة، وما يتهدّدها من مخاطر كوارثية. يأتي ذلك وسط تفاعل مجموعة من السلبيات الإضافية في الوضع اللبناني، الذي لم يُتَح له أن ينعم بالاستقرار، بسبب الخلل الجوهري القائم في منظومة حكمه، التي استقرّت على محاصصة طائفية فئوية شاملة وتابعة. عطّلت المؤسسات، وأقامت عوضاً عنها مزارع ودويلات تعتاش على حساب الدولة والمواطن. أملى ذلك أنّ التغيير في لبنان بات عملية معقَّدة (وسط تدهور وانهيار مروّعَين) ينبغي أن تقترن بإعادة تأسيس شاملة، وليس بمجرّد إصلاحات جزئية، كتغيير أشخاص أو زيادة الرقابة وتحسين الأداء...
لكن في لبنان، أيضاً، تجربة مهمّة وفريدة، هي تجربة المقاومة وحضورها المنتصر في ساحة الصراع اللبناني ـــ الصهيوني، وفي مشهد الصراع العام في المنطقة. هذا الأمر يضاعف من الاهتمام الخارجي بالوضع اللبناني، وهو هنا، اهتمام متآمر أميركي ـــ صهيوني وعربي ملتحق، لضرب المقاومة بأي شكل ممكن، بما في ذلك عبر الأزمة الاقتصادية، وما يمكن أن يدور بشأنها من صراعات ومناورات، سعياً إلى إغراق البلاد، ومعها المقاومة، في فوضى تمنعها من الفعل والتأثير والاعتراض (خصوصاً على الخطة الأميركية ـــ الصهيونية التصفوية باسم «صفقة القرن»).
في المشهد اللبناني، أيضاً، إنّ قوى منظومة المحاصصة متمرّسة وممسكة بناصية السلطة والاقتصاد والأمن والإعلام والعصبيات والعلاقات الخارجية... أما في المقابل، فقوى التغيير الجذري التقليدية القديمة، ضعيفة ومشتّتة ومأزومة في علاقتها بأكثرية اللبنانيين، وخصوصاً بالجيل الشاب منهم. بسبب ذلك، كانت القوى المبادرة للاحتجاج والمثابرة عليه قوى عفوية عموماً، دفعت بها الأزمة إلى الشارع بغير أن تمتلك الأدوات الضرورية لقيادة الاحتجاج بشكل سليم. هذه العفوية المقرونة، غالباً وبشكل غير عفوي، بأحكام مسبقة عن «خطر» التنظيم وعن البرامج وعن وحدة القيادة، هي أيضاً، إضافة إلى انعدام الخبرة والمشروع، ثمرة تدخّل مثابر من قبل قوى داخلية وخارجية لإبقاء حركة الاحتجاج قابلة للتوجيه والتوظيف في خدمة مصالح مشبوهة خارجية وداخلية.
لا يجوز أن تتجاهل القوى الوطنية، وهي قوى واسعة جداً، هذا الأمر. الحذر أكثر من ضروري، أوّله المراقبة اليقظة لحركة الأفراد والمجموعات التي تديرها قوى خارجية أو داخلية، لأهداف سياسية تتعارض مع المصلحة الشعبية والوطنية. الخروج من حالة التشتت والضعف، والتشكل في مشروع سياسي ذي أولويات وإطار وبنية قيادية، سيساعد في فضح الجهات التي تعمل بتوجيه القوى المتآمرة، وسيزيد من قدرة القوى الوطنية على ممارسة دورها الإنقاذي الوطني المنشود.



#سعد_الله_مزرعاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إطلاق العميل الفاخوري: صراع بأدوات المحاصصة والحرب الأهلية.. ...
- الأزمة مستمرّة: ماذا عن المشروع الوطني؟ [2/2]
- الأزمة مستمرة ماذا عن المشروع الوطني؟ [1/2]
- الانتفاضة بروفة أولى نحو إنضاج مشروع التغيير
- مواجهة... لكن أكثر جذرية واتساعاً
- إفلاس منظومة المحاصَصة تعاقد وطني جديد
- جانبا الصراع... والتوازن المطلوب وطنياً
- المشهد الموضوعي في الساحات والأهداف
- مانيفست الحكم الوطني الديموقراطي
- تطبيق المادة 95 لا تعديلها
- الوصاية الأميركية على لبنان
- مئوية «لبنان الكبير» والمتغيرات الأكبر!
- أبعد من حملة نتنياهو
- فرج الله الحلو في ذكرى اغتياله الستين [2/2]
- فرج الله الحلو في ذكرى اغتياله الستين 1
- مخاطر المسار الطائفي على وحدة لبنان
- «القوى الوطنية» والمشروع الوطني
- المؤتمر الوطني لمواجهة العبث والخراب
- ثلثا عمرنا الاستقلالي: بين الحرب والوصاية والنهب!
- من الاعتراض إلى المعارضة


المزيد.....




- رسالة لإسرائيل بأن الرد يمكن ألا يكون عسكريا.. عقوبات أمريكي ...
- رأي.. جيفري ساكس وسيبيل فارس يكتبان لـCNN: أمريكا وبريطانيا ...
- لبنان: جريمة قتل الصراف محمد سرور.. وزير الداخلية يشير إلى و ...
- صاروخ إسرائيلي يقتل عائلة فلسطينية من ثمانية أفراد وهم نيام ...
- - استهدفنا 98 سفينة منذ نوفمبر-.. الحوثيون يدعون أوروبا لسحب ...
- نيبينزيا: روسيا ستعود لطرح فرض عقوبات ضد إسرائيل لعدم التزام ...
- انهيارات وأضرار بالمنازل.. زلزال بقوة 5.6 يضرب شمالي تركيا ( ...
- الجزائر تتصدى.. فيتو واشنطن ضد فلسطين وتحدي إسرائيل لإيران
- وسائل إعلام إسرائيلية: مقتل أبناء وأحفاد إسماعيل هنية أثر عل ...
- الرئيس الكيني يعقد اجتماعا طارئا إثر تحطم مروحية على متنها و ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد الله مزرعاني - من دروس تجربة الاحتجاج الشعبي