أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود يوسف بكير - الديموقراطية وحقوق الإنسان ما بعد الكورونا















المزيد.....

الديموقراطية وحقوق الإنسان ما بعد الكورونا


محمود يوسف بكير

الحوار المتمدن-العدد: 6544 - 2020 / 4 / 23 - 23:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لن تتوقف الآثار المدمرة لفيروس كورونا عند الاقتصاد والعولمة فقط وهو الجانب الذي تعرضنا له في مقالنا السابق ولكنها ستمتد لتشمل تغيرات كبيرة في العلاقات الدولية والدبلوماسية والديموقراطية وحقوق الإنسان والتعليم والسياحة والسفر والهجرة وسياسات التغير المناخي....الخ
وكما ذكرنا من قبل فإن معركتنا مع الفيروس أدت الي الحد من انتشاره إلى حد ما ولكن بثمن اقتصادي باهظ بكل الأسى والأسف نتيجة غلق معظم الأنشطة الاقتصادية بشكل عشوائي وحبس الناس في بيوتهم مما أدي إلى كساد لم تعرفه معظم دولنا منذ عقود وزيادة نسبة البطالة بشكل مخيف وإفقار للملايين من الناس فوق فقرهم.
وسوف تكون المحصلة النهائية لمعركتنا مع هذا الوباء إنقاذ حياة بضعة آلاف من فيروس كورونا على حساب تدمير حياة ومستقبل الملايين من متوسطي الحال وطلاب المدارس والجامعات. هؤلاء الآن يموتون بالاكتئاب وأمراض أخرى ولا توجد إحصاءات لهم لإن الإحصاءات لم تعد تهتم الان إلا بالإصابات الجديدة بالكورونا وهي أقل بكثير من ضحايا أمراض أخرى معدية وغير معدية مثل السكر والضغط والقلب والسرطان وأمراض المناعة والتهاب الكبد الوبائي وحتى الانفلونزا العادية.
إن ما حدث يثبت أننا كبشر نتصرف في أحيان كثيرة بعقلية القطيع مثل سائر الحيوانات فما أن يجري من في المقدمة حتى يجري باقي القطيع وراءه دون تروي أو معرفة بما هو حاصل أو تبعات هذا الجري.

وأخطر ما يقلقنا في العالم العربي بعد الخسائر الاقتصادية التي أوضحناها في الرابط الآتي:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=670373
هو آثار هذا الفيروس على الديموقراطية وحقوق الانسان وسياسات الحوكمة حيث جاء هذا الفيروس في وقت غير ملائم تماما ليزيد هذه المعطيات قتامة وسوءا وكأن ما عندنا من استبداد وظلم وانتهاك لحقوق الإنسان ليس كافيا.
كان هناك ضوء خافت في الأفق يبشر بانتقال عدوى الديموقراطية ونظم الحكم الرشيد واحترام حقوق الإنسان إلينا من خلال العولمة والانترنت والسوشيال ميديا. ولكن بدلا من هذه العدوى الحميدة جاءتنا عدوى هذا الفيروس اللعين لتطفئ بارقة الأمل في أن ننعم ببعض الحقوق الأساسية للبشر مثل سائر البشر في الدول الديموقراطية.

من الآن فصاعدا نتوقع أن يستغل حكامنا الكرام أزمة الكورونا لإصدار إجراءات استثنائية لتوسيع صلاحياتهم في التعامل مع الأزمة ومن ضمنها إسكات كل الأصوات المعارضة تحت شعار لا صوت يعلو فوق صوت الكورونا. وبمقتضى هذا سوف يسهل اعتقال أي من أعضاء أحزاب المعارضة أو منظمات حقوق الإنسان بأي حجة مثل أنه شوهد وهو يعطس أو يكح في مكان عام، وبناءا عليه يحق للحكومة نقل جميع أعضاء هذه المنظمة أو الحزب إلى المعتقل الذي سيطلق عليه اسم جديد هو الحجر الصحي لفحصهم للتأكد من خلوهم من فيروسات الكورونا أو أي فيروسات ثورية وخلافه. وكالعادة ستمتد فترة الفحص لأشهر طويلة حتى يعلن هؤلاء توبتهم من كل هذه الفيروسات خاصة تلك التي تنقل عدوى حقوق الإنسان.

وبما أن سياسات منع التجمعات الجماهيرية أثبتت فعاليتها في الحد من انتشار فيروس كورونا فما المانع من استخدامها في منع أي تجمعات جماهيرية أخرى غير مرغوب فيها خاصة تلك التي ينبعث منها رزاز السياسة لأن هذا أيضا معدي ويهدد بالانتشار بين الجماهير. وقد يمتد المنع إلى حد فرض الإقامة الجبرية في البيوت لبعض الناشطين للحد من خطورتهم على الجماهير. وإن استدعى الأمر يمكن إعلان حالة الطوارئ لحماية الصالح العام من أي مطالبات من جانب أهل الشر والكورونا بالتحقيق في قضايا فساد وتسيب وإهدار للمال العام باعتبار أن هذه المطالبات تهدد النظام والاستقرار في المجتمع وتنذر بإشعال نار الفتنة والفرقة.
وبالطبع لن يكون رد فعل الحاكم على إي من هذه المعارضات السلمية متناسبا مع الفعل نفسه، إذ نتوقع أن يكون رد الفعل شديد التعسف بحجة أنه لا مجال للتسامح مع مثل هذه الاحتجاجات وتشتيت انتباه الزعيم عن معركته الأساسية مع الكورونا وما شابهها علما بإن أنظمتنا تبحث دائما عن هكذا معارك لشغل الناس عن قضايا الحريات الأساسية.
وبالتأكيد فإن أنظمتنا سوف تسعد جدا بتطبيقات جديدة يتم تطويرها هنا في الغرب لتحميلها على الهواتف المحمولة لتحديد أماكن تواجد المصابين بالفيروس للسيطرة على تحركاتهم ومنعهم من التواجد في الأماكن المزدحمة للحد من انتشار الفيروس. والخوف هو أن تستغل أنظمتنا هذه التطبيقات لمراقبة تحركات الناس لأغراض أخرى غير الكورونا. ويمكننا أن نؤكد هنا وبنسبة ثقة عالية أن مبدأ الخصوصية في حياة الإنسان العربي في طريقه أيضا للضياع.
وحتى عملية تنظيم الانتخابات المحلية في زمن الكورونا سوف يكون من السهل طبخها بطريقة تضمن ألا تأتي الانتخابات بأصوات مزعجة وغير مرغوب في سماعها بالبرلمانات الصورية التي تحرص الأنظمة الحاكمة على الإبقاء عليها للإيحاء بأن لدينا ديموقراطية والدليل وجود مبنى مكتوب عليه أنه برلمان لإيهام الغلابة وما أكثرهم لدينا بأنهم حاضرين وممثلين في منظومة الحكم من خلال هذا الهيكل المفرغ من الداخل والمسمى برلمانا.

وعلى ما يبدو فإن أزمة الكورونا سوف تنتهي بتوسيع وتعميق دائرة الاستبداد والمزيد من التردي في أحوال حقوق الإنسان العربي وتكريس منظومة الحوكمة السيئة التي نعاني منها منذ مرحلة التحرر من الاستعمار في منتصف القرن الماضي.
نحن لا نهون أبدا من قيمة حياة أي إنسان أو خطورة فيروس كورونا ولكن ما نود أن نؤكد عليه هو أنه لا يمكن لأي منظومة صحية هدفها حماية أرواح الناس أن تنجح دون أن يكون وراءها اقتصاد قوي وكذلك لا يمكن أن يعمل الاقتصاد بطاقته الكاملة وبكفاءة دون جود مظلة صحية جيدة للمشاركين في بناء هذا الاقتصاد. وبكلمات أخرى لا يمكن أن ينجح أحدهما دون الآخر والحل هو وجوب عدم التسرع في القرارات المصيرية ووجوب حساب التكلفة والمنفعة لكل البدائل المطروحة قبل تطبيق أي سياسة مع الحرص على تحقيق التوازن الأمثل بين العوامل الفاعلة لكل بديل.

وأخيرا فإن هناك ادعاء خطير يتم الترويج له هذه الأيام في إعلامنا العربي وهو أن الأنظمة القمعية مثل الصين كانت أكثر كفاءة من الأنظمة الديموقراطية في التعامل مع أزمة كورونا. ونود هنا أن نلفت أنظار الجميع بأن كل الأنظمة لم تنجح حتى الان في فهم التركيبة الجينية لهذا الفيروس والسيطرة عليه من خلال العقاقير أو الامصال. وعلينا أن نعلم أن إيجاد مصل للفيروسات أمرا ليس بالهين كما يؤكد زملاءنا في كلية الطب والدليل أنه لم يتم التوصل بعد لمصل لفيروس الإيدز رغم كل الأبحاث المضنية التي تجري عليه منذ خمسين عاما.
ونختم بالقول بأنه حتى إذا ما ذلت قدم الديموقراطية مرة فأن هذا لا يبرر أن ننسى إنجازاتها والضمانات التي توفرها للناس فيما يتعلق بحقوقهم المشروعة والآليات التي توفرها للرقابة على السلطة التنفيذية والمحافظة على مبدأ توازن السلطات وتفعيل دولة القانون. نقول إنه لا ينبغي أن ننسى كل هذا ونبدأ في الترويج للأنظمة القمعية التي نعرفها أكثر من غيرنا ولا زلنا نعاني من ويلاتها.



#محمود_يوسف_بكير (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكورونا ومستقبل النظام الاقتصادي العالمي
- مستقبل الدولار وما يحدث حاليا
- محمود يوسف بكير - كاتب وباحث في الشئون الاقتصادية والإنسانية ...
- هل لازال هنآك أمل؟
- من روائع الفكر الفلسفي
- كيف تؤثر الثقافة في الاقتصاد
- لماذا يكرهون المسلمين؟
- ماذا يريد سفاح السودان الجديد
- في نقد العقل الأيديولوجي
- المشكلة الكبرى في الاقتصاد العالمي
- تطور هام في نظام التحويلات الدولية
- هل ستصمد الصين أمام ترامب؟
- صراع أهل القرآن وأهل الأحاديث
- هل يمكن أن نضع عواطفنا في جيوبنا؟
- محمود يوسف بكير - كاتب وباحث في الشئون الاقتصادية والإنسانية ...
- البشير من الاستبداد إلى الجنون
- الرب الذي يطلب منا إثبات وجوده
- آفاق الاقتصاد العالمي والعربي ٢٠١٩
- كيف شوه المتدينون الآلهة والاديان
- هل يمكن إصلاح الرأسمالية؟


المزيد.....




- كيف رد ترامب على سؤال حول ما إذا كان سيتدخل في نزاع إسرائيل ...
- وزراء خارجية الخليج يبحثون الهجمات الإسرائيلية على إيران
- الصحة الإيرانية تعلن ارتفاع عدد القتلى جراء الهجمات الإسرائي ...
- ترامب يتوجه إلى قمة مجموعة السبع في كندا مع توقعاته بتوقيع ا ...
- -القناة 14- العبرية: انتشال جثمانين آخرين من تحت الأنقاض في ...
- السودان.. مقتل وإصابة 35 نازحا في قصف شنته -الدعم السريع- عل ...
- معهد -سيبري-: عصر انخفاض عدد الأسلحة النووية في العالم يقترب ...
- ماكرون يدعو ترامب لاستخدام نفوذه لوقف التصعيد بين إسرائيل و ...
- عراقجي: النار التي أشعلتها إسرائيل قد تخرج عن السيطرة
- ما المنشآت الإيرانية الحيوية التي استهدفتها إسرائيل؟ وما أهم ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود يوسف بكير - الديموقراطية وحقوق الإنسان ما بعد الكورونا