أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رشيد عوبدة - ماهية -الله- بين الاعتقاد والاقتناع














المزيد.....

ماهية -الله- بين الاعتقاد والاقتناع


رشيد عوبدة

الحوار المتمدن-العدد: 6540 - 2020 / 4 / 17 - 10:45
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لعلي لا أطرق موضوعا جديدا فيفتح لي بابه، ولا أبتغي هدم موروث فتزول عنه قداسته، فقد سبقني الى هذا الامر كثيرون نالوا من العتاب مانالوا، وكابدوا من المحن ما كابدوا، فلا العتاب أثناهم عن تأمل الذات الالهية، ولا المحن حالت دون محبته بالطريقة التي لا تحتاج إلى وسائط بشرية، ولا مزايدات أصحاب "التدين الشكلي" قوضت عزيمتهم... لسبب يراه غيرنا غريبا ونراه مألوفا..
إن الذات الإلهية التي نميل إليها حبا وتقديرا وإعجابا، جديرة بأن تحب، فهي ليست مجرد ذات نصت العقيدة على الخضوع لها، وإنما ذات حظي معها العقل والعقلاء بنصيب من التقدير والسمو، ولننتبه اننا نتحدث هنا عن الإله ك"ذات" متعالية عن كونها موضوعا، كيف لا وهو الإله غير القابل للتجسيد والتمثيل، إنه الفكرة المجردة التي يتجاوز مداها الكون وما كبر ، ويمتد علمها إلى الذرة وما صغر...
إن مفهوم "الله" لا أحد يمتلك حق ادعاء الإحاطة اليقينية بمعناه، ولئن كان المسلمون اعتبروه خالقا للوجود والموجودات، ومالكا لعدة صفات: بلغ تعدادها المئة، فالمسيحيون لهم اعتقاد مشابه، مفاده أن الطبيعة الانسانية تجعل منه كائنا متدينا بالفطرة لان مصدره الله ومآله إليه، ولانها ديانة تتخذ من الحب أساسا لها فقد سيطر عليها هاجس التبشير، اعتقادا بأن بهذه الطريقة ينتشر حب الله في هذا العالم وهو امر يشبه الهاجس الدعوي لدى المسلمين، بخلاف أقدم ديانات التوحيد التي هي اليهودية التي جعلت قرار الانتماء إليها قرار للسلطات الدينية إيمانا منها بصفاء عرق شعب الله المختار، الذي اختاره ليعقد معه عهدا قديما سمي ب"التوراة"، وطبعا اذا كانت هذه المعتقدات مرتبطة بديانات التوحيد فنحن نجزم ان مفهوم "الله" لا تكفي فيه مقاربة المعتقد، حتى ولو انها هي المقاربة التي يستحوذ عليها الخطاب الايديولوجي الموجه للعامة، بل نرى أن للمقاربة التأملية نصيب في إدراك بعض من خصائص "الله"، فعلى الأقل يشبع هذا الأمر فضول الخاصة، فأهل التوحيد مدينون أيضا لمن شغل نفسه ب"الله" متأملا، فحين اعتبر ارسطو الله وجودا اكتشفنا معه أنه أيضا محرك للوجود، فالكون بما هو متحرك محتاج لمحرك أزلي يحرك ولا يتحرك، أي "الله"، ونفس الطريق سلكه الفارابي حين اعتبر "الله" واجبا للوجود عنه انبثق الوجود وفاض (نظرية الفيض)، اذ لا يمكن للوجود أن يوجد من عدم بدون واجب للوجود، أما ديكارت فالذات المفكرة موجودة لأن هناك ذات هي أعظم منها هي التي أوجدتها، فالله فكر لا مجرد امتداد (مادة)، وبذلك يشكل التصور الديكارتي تجاوزا صريحا للنزعة الميتافيزيقية الأرسطية، حيث أن إدراك الأنا لنقصها، يجعلها تشك في وجودها، وما كان لوجودها الناقص أن يكتمل بدون وجود ذات مكتملة ومكتفية بذاتها منحت للكائنات الناقصة وجودا، حيث يستحيل على هذه الذات الناقصة أن توجد نفسها بنفسها، فهذا التأمل أعمق من المعتقد في أن إدراك "الله" بما هو وجود..، فمعرفته مدخل لمعرفة العالم الطبيعي، والمتميز لدى ديكارت أنه لم يتخذ من الوجود وعظمته دليلا على وجود "الله" كما فعل ابن رشد، هذا الاخير الذي جعل من القياس العقلي طريقا نحو الذات الالهية، معتبرأ أن النظر للمصنوع يدل على وجود الصانع، مثلما أن تأمل الوجود واعتباره، غايته اثبات وجود الواجد، الذي لا تظهر الحاجة إليه فقط لحظة الخضوع لتشريعاته وتعاليمه الأخلاقية، فأولوهيته تظهر في الفكر أكثر من ظهورها في الإيمان، وهذا ما أكد عليه مارتن هايدغر حين اعتبر أن وجود الله لم تكن الغاية منه تشريع القيم واصدار الأوامر الأخلاقية، ﻻن هذا الأمر يقلل من قيمته، لهذا فحياة فكرة "الإله" تنتعش بالتأمل، عكس الفيلسوف فريدريك نيتشه الذي أعلن فكرة "موت الإله" لارتباط الله بماهو ميتافيزيقي فقط، هذه الميتافيزيقا بفقدانها للحياة، أعدمت حياة الإله أيضا، ولفهم التصور النيتشوي هنا لابد من ربطه بسياقه، إذ أن نيتشه سيطرت عليه فكرة أن الكون تحكمه القوانين الفيزيقية الواقعية لا اليوتوبيات الميتافيزيقية...
مسعانا هنا للإيجاز أن مفهوم "الله" استيعاب دلالته لا تكفي فيه مقاربة المعتقد المرتكز على الإيمان بل تمتد للمقاربة التأملية المكرسة للاقتناع، فالله يعبد اقتناعا قبل أن يعبد اعتقادا، ولو أن الفصل بين الاعتقاد والإيمان هنا أمر غير وارد، ما دام التكامل يربط بينهما.



#رشيد_عوبدة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احتياجات المغاربة بين التنمية والديمقراطية
- أزمة عقل ... أزمة قيم.
- منعطفات الظاهرة الحزبية المغربية: من التأسيس إلى الافلاس
- -حكومة التواطؤ الوطني-
- مقاومة المندوبية الاقليمية لإدارة التجهيز وإدارة المحافظة ال ...
- الانسان و البيئة : جدلية علاقة شبقية غاب عنها الحس الاخلاقي
- أسفي على آسفي
- على هامش تصريح الوزير -مبديع-: أزمة صناديق التقاعد مردها أن ...
- تأبين سي محمد اليمني بين لغز الموت و مطمح الخلود
- -الفساد- وسيلة لكي نجدد الايمان بالديمقراطية
- سلسلة مفاهيمية معقدة : النخب و النهب ... المجتمع و اللاأمن..
- على هامش تبني الوزير بلمختار-لنظام الأقطاب -: ليس كل قُطْب م ...
- من يستفيد من التستر عن المناصب الشاغرة بمؤسساتنا التعليمية ب ...
- عنوان درسنا اليوم : - الخرايف-
- الموت انبعاث... (حدث موت سي احمد الزايدي أحزن المغاربة فعلا)
- هل تخول صفة -رئيس جمعية المشرك بأولاد سلمان بأسفي- ارتكاب خر ...
- بكل موضوعية ... دعونا نحب وطننا
- الاضراب بين السياسي و النقابي
- الدعوة لاحتجاج قطاع التعليم يوم توقيع محاضر الالتحاق بالعمل ...
- الدفاع عن الشرعية و التصدي لمؤامرة الانشقاق شعار الملتقى الو ...


المزيد.....




- في إسبانيا.. إجراءات صارمة على الحفلات في جزر العطل الشهيرة. ...
- أمطروهم بالرصاص.. كاميرا مراقبة ترصد لحظة هجوم دام ببنادق كل ...
- إسرائيل تأمر بعمليات تهجير جديدة في رفح استعدادًا لتوسيع نطا ...
- بعد تسجيل إصابات بالسعودية.. هل تدعو -متلازمة الشرق الأوسط- ...
- واشنطن تتحقق من مدى انتهاك إسرائيل للقانون الدولي في غزة
- زيلينسكي يطالب الحلفاء بالأفعال لا الأقوال
- ماسك يوضح تأثير العاصفة الشمسية الجيومغناطيسية الكبرى على أق ...
- بالصور.. جنوب أفريقيا تستضيف مؤتمرا لمكافحة الفصل العنصري ال ...
- أطفال غزة يتساءلون: ألا نستحق العيش بسلام؟
- محور نتساريم.. مفرق الشهداء في قطاع غزة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رشيد عوبدة - ماهية -الله- بين الاعتقاد والاقتناع