|
مع ديوان - سراج مطر - للشاعرة السورية سوسن خضر
شاكر فريد حسن
الحوار المتمدن-العدد: 6540 - 2020 / 4 / 17 - 00:09
المحور:
الادب والفن
وصلني من الصديقة الشاعرة السورية سوسن خضر الشيخ، الكترونيًا، باكورة أعمالها الشعرية " سراج مطر "، الصادر ورقيًا، عن دار سوريانا الدولية للطباعة والنشر والتوزيع بدمشق. يقع الديوان في 130 صفحة من الحجم الأوروبي، ويشتمل على 42 قصيدة تتراوح بين الطول والقصر، ولكن بمستوى فني واحد. وكتبت تظهيرًا له أميرة الكردي، وأهدته إلى " كل حبة تراب غمرتها دماء الشهداء الأبرار، إلى روح والدي ووالدتي المرصعة بماء قلبي، إلى زوجي واولادي درر عمري، إلى كل من وقف بجانبي وساندني ولو ببسمة ". وسوسن خضر الشيخ شاعرة رقيقة، مرهفة الحس، متواضعة إلى أبعد الحدود، مخلصة لرسالة الفن والكلمة، وطنية بمواقفها، تعتز بانتمائها السوري، أنيقة الحرف، جميلة الشعور، ماهرة في تطويع اللغة الشعرية لإنشاء صور تنساب في يراع آسر. تعرفنا عليها من خلال ما تنشره من نصوص شعرية ونثرية في بعض المواقع الالكترونية، وعلى صفحتها الفيسبوكية. ولجت فضاء الشعر والكلمة الإبداعية منذ زمن بعيد، إلا انها لم تتعجل بإصدار نتاجها الشعري، كما يفعل الكثير من شعراء هذا الزمان، سعيًا وراء الشهرة الرخيصة والنجومية السريعة، التي سرعان ما تنتهي وتتلاشى. وهذه خطوة صحيحة وسليمة من جانب سوسن، حفاظًا على مستوى إبداعي راقٍ رفيع، وحبذا لو اتبع الجميع هذه الوسيلة، ونهج هذا السلوك السوي. ديوان سوسن خضر هو قراءة وترجمة لمرايا الروح، وسكب وجداني وعاطفي من أغوار قلبها وخبايا صدرها، يزخر بالعواطف والأحاسيس الجياشة الصادقة، الانفعالية، الانسيابية المتدفقة وجدًا وشغفًا. تتنوع موضوعات قصائده بين الحب والغزل والصبابة والهوى، ولواعج الأنثى، والقضايا والهموم الإنسانية، وتطفح بجيشان العاطفة والشوق والحنين والحزن والشجن. فهي تركز على مناجاة الحبيب، وتحاكي وطنها الجريح، وتغني لدمشق، وتفاخر ببطولات أبنائه بوجه مؤامرة التجزئة والتفتيت، وتسكب حروفها على قبر أمها وشهداء الحرية. وهي مكثفة، سلسة، منسابة، في غاية الرقة والعذوبة والعفوية الجميلة، والشفافية المرهفة. يدهشنا فيها البوح الأنثوي الإنساني، الذي يدغدغ المشاعر، ويلامس القلوب، ويغذي الأرواح، وما يسمها ويميزها البساطة والوضوح والتعابير الوصفية والبوح الجميل، والصور الشعرية الجديدة الملهمة والمبتكرة، والمعاني الرهيفة الطلية، والموسيقى النغمية الداخلية الهادئة، بعيدًا عن الصخب والافتعال والتكلف والصناعة الشعرية. وقد أحسنت سوسن خضر في إيماءاتها وإيحاءاتها، والتلقائية في التعبير، والاستناد إلى البساطة الواضحة واللغة الرشيقة مع النغم والموسيقى والتجلي والتخييل الشعري. فقصيدتها جسورة، مباغتة، تشي بموهبة وتجربة حقيقية أصيلة، وبصورة خاصة براعتها في اقتناص وتتبع فن اللقطة البصرية واللحظة الشعورية، وإيجاز مشهدها من الكثافة واللمح والإيحاء. فلنسمعها تقول في قصيدة " يأتي طيفُكَ " : موعدُكَ معي كان كلَّ يومِ اليوم يأتي طيفُكَ يخترقُ الجدرانَ .. ينقرُ على نافذتي يهطلُ الشوقُ على كتفِ نبضي على زوايا أرصفتي أعدُّ لكَ وليمةً تضمُّ عينَيْكَ أخوتُكَ .. وضجيج قلبِي ... ألثمُ خيالَكَ .. تمرينّ بينَ أصابعِي أضحكً بجوارِ مرآتكَ يقطفُني الوقتُ كلَّ ضوء لأطردَ غيابَكَ .. حيثُ أنْتَ تمتدّ مساحاتُ لهفتِي كيف لقلبي .. أن يهدأ وانا أشهقُكَ كلَّ حينِ قلبي يستعيرُ صوتَكَ أستقيلُ من غفوتي .. أسافرُ معكَ كلَّ حلمِ تسبقُني مواعيدِي إليكَ تكسرُ انتظاري ويحس القارئ لديوان سوسن أننا امام شاعرة لا تعنى كثيرًا بالجمالية الفنية، بقدر اهتمامها بالبساطة وصدق الإحساس، وتجسيد رؤية مرادها وايصال رسالتها للمتلقي. فديوانها شعري بامتياز، بما يحمله من مشاعر نابضة ومن أسلوب غاية في التناسق ودقة الوصف والتعبير، ومن مقومات بلاغية ونحوية وتركيبية ودلالية. إنه ديوان الحُبّ واللوعة والانثى وانفعالاتها، بكل ما فيها من نبض ومشاعر دفينة. وهي تتكئ في بنائها العام لنسيج القصيدة على أسلوب جمالي بلاغي، رفيع المستوى، ومحسنات البديع والبيان، من تشبيهات واستعارات بلاغية وانزياحات وسجع وجناس وغير ذلك، وتكتسي الاستعارة في نصوصها أهمية بالغة بنوع من الرقة من الناحية الجمالية في بناء الصورة الفنية. وفي النهاية اهنئ الصديقة الشاعرة سوسن خضر بصدور ديوانها البكر " سراج مطر " وتمنياتي لها بالمزيد من العطاء والإبداع والتألق.
#شاكر_فريد_حسن (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في أدب الرسائل
-
متى يرحل هذا الفيروس الوبائي عنا ..؟!
-
الأديبتان الفلسطينيتان سلمى الجيوسي وابتسام بركات تحصدان جائ
...
-
عزلة قسرية ونفق معتم ..!!
-
كمال ناصر ذاكرة وطن
-
في ذكرى شاعر المخيم وعاشق حيفا أحمد دحبور
-
في يوم ميلاد غسان
-
الأرض في الشعر الفلسطيني
-
عن الشعر وكورونا
-
جانحة كورونا
-
فخر لنا بأطبائنا العرب
-
ضُمة حبق للشاعرة نداء خوري في يوم ميلادها
-
يا يوم الأرض
-
ستون عامًا مرّوا
-
مهزلة سياسية
-
في ذكرى فارس الشعر الشعبي أبو الأمين الرناوي
-
كورونا
-
كلمات لروح أمي في عيدها
-
رانية مرجية شاعرة وكاتبة وإعلامية من بلادي
-
كورونيات
المزيد.....
-
-الريشة السوداء- لمحمد فتح الله.. عن فيليس ويتلي القصيدة الت
...
-
العراق يستعيد 185 لوحا أثريا من بريطانيا
-
ملتقى السرد العربي في الكويت يناقش تحديات القصة القصيرة
-
الخلافات تهدد -شمس الزناتي 2-.. سلامة يلوّح بالقضاء وطاقم ال
...
-
لماذا قد لا تشاهدون نسخة حية من فيلم -صائدو شياطين الكيبوب-
...
-
محمد المعزوز يوقع روايته -أول النسيان- في أصيلة
-
مهرجان كتارا الـ11 يواصل فعالياته بمشاركة نخبة من الروائيين
...
-
مهرجان كتارا الـ11 يواصل فعالياته بمشاركة نخبة من الروائيين
...
-
الوجه المظلم لـ-كريستوفر كولومبوس- و-عالمه الجديد-
-
قناطر: لا آباء للثقافة العراقية!
المزيد.....
-
شهريار
/ كمال التاغوتي
-
مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
شهريار
/ كمال التاغوتي
-
فرس تتعثر بظلال الغيوم
/ د. خالد زغريت
-
سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي
/ أبو الحسن سلام
-
الرملة 4000
/ رانية مرجية
-
هبنّقة
/ كمال التاغوتي
-
يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025
/ السيد حافظ
-
للجرح شكل الوتر
/ د. خالد زغريت
-
الثريا في ليالينا نائمة
/ د. خالد زغريت
المزيد.....
|