أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر فريد حسن - في أدب الرسائل














المزيد.....

في أدب الرسائل


شاكر فريد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 6538 - 2020 / 4 / 15 - 21:25
المحور: الادب والفن
    


يعتبر أدب الرسائل أحد الألوان الأدبية التي راجت في الماضي، لكنها للأسف لم تعد تلقى ذلك الرواج في زماننا هذا، الذي انتشرت فيه الأجهزة الذكية والشاشات المضيئة، التي أطفأت شعلة الإحساس والبيان والإبداع.
ولكن أهمية وعراقة وشهرة هذا اللون الكتابي لا يمكن الاختلاف عليها. فقد شكلت الرسائل بين الشعراء والادباء رافدًا مهمًا، واحتلت منزلة ومكانة رفيعة لدى الناس بمختلف مستوياتهم الفكرية والثقافية، لما اتسمت به هذه الرسائل من خصائص فنية أدبية، وما فيها من إبهار ودهشة، حيث الكلمات التعبيرية البعيدة عن التصنع والتكلف والمجاملة والتعقيد. وما زخرت به من المشاعر الجياشة الجميلة وروح الإبداع والحس الأدبي العفوي الصادق في كل حرف وكلمة.
ويحفل تراثنا العربي بالكثير من النماذج التي تدل على وجود وحضور هذا النوع الأدبي في الحقب الماضية المختلفة. وفي العصر الحديث اشتهرت رسائل جبران خليل جبران ومي زيادة، وأنور المعداوي وفدوى طوقان، التي كشفها الناقد المصري الراحل رجاء النقاش، وغسان كنفاني وغادة السمان، وأنسي الحاج وغادة السمان، وخليل حاوي وديزي الأمير وغيرهم. اما في العالم الغربي فقد اشتهرت رسائل سارتر وسيمون دي بوفوار.
وأدب الرسائل يظهر القدرات الإبداعية لمن يتعامل به من خلال أجادة التعبير وجمال البوح والتلاعب باللغة ومفرداتها كي يوصل أحاسيسه ومشاعره الداخلية النابضة.
وبكل تواضع أقول، أنني ممن يجيدون ويتقنون هذا النوع الكتابي، وما زلت أحتفظ بمئات الرسائل التي كنت تبادلتها مع العديد من الأصدقاء والصديقات، ومع كثير من أهل الثقافة والأدب، وكانت تحمل بين ثنايا سطورها الفكر الراقي والإحساس الصادق والطرح البديع والموقف السديد.
لقد كانت الرسائل فضاءً رحبًا للإنسان المبدع، يعبر فيها عن همسات روحه ونبضات قلبه، وما يعتلج في صدره من مشاعر فياضة منسابة، ويتبادل من خلالها الأفكار والرؤى مع مراسليه، وتتعانق على صفحاتها المهج والأرواح. بينما كانت رسائل العشاق والمحبين جمرات أشواق مضطرمة. وبهذا الصدد يخطر ببالي ما قاله الشاعر المهجري جورج صيدح حين وصلته رسالة من صديق عزيز :
قبلت في هوس حروفه كتابه/ إن الحروف لها شفاه تشتهى
ويعتبر الأديب اللبناني المهجري جبران خليل جبران من الأدباء الذين أثروا فن الرسائل عند العرب، بما تركه من رسائل لافتة، أثارت فضول الدارسين والباحثين، وولجوا عبرها إلى عالمه المليء بالأسرار. وقصته مع مي زيادة نموذج ومثال رائع للحُبّ النادر والعشق الفريد، في سير العشاق في التاريخ الأدبي العربي، بعيدًا عن السطحية والابتذال. وقد دامت هذه العلاقة الروحية بينهما حوالي عشرين عامًا، دون ان يلتقيا إلا في عالم الفكر والروح والخيال، ونما وترعرع حبهما من خلال رسائل ومساجلات فكرية وروحية الفت بين قلبين، فكانا أقرب قريبين وأشغف حبيبين.
وفي بلادنا أحسنت الأديبة ابنة الناصرة، رنا أبو حنّا، صنعًا بنشرها وإصدارها كتاب " رسائل حُبّ ليست من هذا الزمان "، الذي يشتمل على رسائل كتبها والدها المرحوم الكاتب والمحامي أنيس رشيد أبو حنّا، إلى أمها، وهي رسائل شخصية جدًا، في غاية الجمال والروعة والرقة والعذوبة، وتطفح بالعشق حتى العظم. ولنقرأ ما كتبته رنا عن هذه الرسائل، قائلة : " قرأت الرسائل الإبداعية التي تفيض بالغرام والتوهج، وتصل القمة في بوحها الصادق، لم أشعر لحظة انني اتطفّل على أسرار شخصية، بل كنت اتجرّأ من عقدة الأسرار الشخصية، وأحسّ أنني اقرأ شيئًا باهرا في عرى قلب والدي الهادئ الثائر بالحُبّ فيما كان يلاحق به محبوبته ".
وهذه الرسائل تحمل قيمة كبيرة ومميزة، فيها نبض مشاعر وجيشان عاطفة، وتنقل صورا للعلاقات الاجتماعية التي كانت سائدة والحالة المادية الصعبة التي عانى منها الناس في تلك الفترة الزمنية.
وفي النهاية لا بد من الاشارة والتأكيد على اهمية هذا اللون الأدبي الرفيع والجميل والبديع، الذي نفتقده في أيامنا، والحث على الاطلاع على تجارب الادباء السابقين، والعمل على اعادته ليشكل مكانته مجددًا، ولكن السؤال المطروح : هل يمكن ذلك يا ترى..؟!. فلنحاول.



#شاكر_فريد_حسن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى يرحل هذا الفيروس الوبائي عنا ..؟!
- الأديبتان الفلسطينيتان سلمى الجيوسي وابتسام بركات تحصدان جائ ...
- عزلة قسرية ونفق معتم ..!!
- كمال ناصر ذاكرة وطن
- في ذكرى شاعر المخيم وعاشق حيفا أحمد دحبور
- في يوم ميلاد غسان
- الأرض في الشعر الفلسطيني
- عن الشعر وكورونا
- جانحة كورونا
- فخر لنا بأطبائنا العرب
- ضُمة حبق للشاعرة نداء خوري في يوم ميلادها
- يا يوم الأرض
- ستون عامًا مرّوا
- مهزلة سياسية
- في ذكرى فارس الشعر الشعبي أبو الأمين الرناوي
- كورونا
- كلمات لروح أمي في عيدها
- رانية مرجية شاعرة وكاتبة وإعلامية من بلادي
- كورونيات
- مجلة - الإصلاح - الثقافية في عدد جديد


المزيد.....




- -عصر الضبابية-.. قصة الفيزياء بين السطوع والسقوط
- الشاعر المغربي عبد القادر وساط: -كلمات مسهمة- في الطب والشعر ...
- بن غفير يسمح للمستوطنين بالرقص والغناء أثناء اقتحام المسجد ا ...
- قصص ما وراء الكاميرا.. أفلام صنعتها السينما عن نفسها
- الفنان خالد تكريتي يرسم العالم بعين طفل ساخر
- رابط شغال ومباشر.. الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- خبر صحفي: كريم عبدالله يقدم كتابه النقدي الجديد -أصوات القلب ...
- موسيقى للحيوانات المرهقة.. ملاجئ الولايات المتحدة الأمريكية ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر فريد حسن - في أدب الرسائل