أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - الأسعد بنرحومة - هل فعلا الحجر الصحي العام معالجة لانتشار وباء الكورونا















المزيد.....

هل فعلا الحجر الصحي العام معالجة لانتشار وباء الكورونا


الأسعد بنرحومة

الحوار المتمدن-العدد: 6532 - 2020 / 4 / 8 - 19:09
المحور: ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
    


خلق الله الانسان وجعل من طبيعته العيش مع غيره في مجتمع في تقارب اجتماعي متنوع وعميق وفق علاقات مختلفه . ومن الشذوذ أن يقبل المرء العيش معزولا ومنفردا....
وقد عرفت الانسانية خلال حقبة تواجدها تاريخيا انشار عدة أوبئة كالجذام والطاعون والسل والملاريا والحمى الاسبانية وغيرها ، وكانت مقاومة الوباء دائما تقوم على محاصرة المرض وعزل المصابين ولم يحدث أن تمّ محاصرة شعب كامل بذريعة الحجر الصحي العام حتى في أحلك الحالات كفترة انتشار الحمى الاسبانية في 1918 التي أودت بحياة الملايين.
ثم عرف العالم في الفترة الأخيرة انتشار وباء فيروس الكورونا ، واختارت كل دولة طريقة في المقاومة من حظر الجولان وحتى الحجر الصحي العام ...
وفي تونس ، ظهر هذا الوباء لكنه ليس بتلك الدرجة من الخطورة كما في بقية العالم ، ورغم أن اعداد المصابين لم تتخطّ الألف ، مع أقل من 30 وفاة لكن السلطة اختارت فرض الحجر الصحي العام في وقت مبكر بذريعة وقف انتشار الوباء ..
ولكن يجب أن نطرح بكل جدّية وشجاعة رغم جهود السلطة والاعلام في شيطنة كلّ من له رأي مخالف السؤال التالي :
هل فعلا الحجر الصحّي خيارا ؟
أولا لا بدّ من استعراض بعض المشاهد سواء قبل فرض الحجر الصحي او بعده ، وهي مشاهد خلقتها السلطة نفسها وساهمت بها في انتشار نسبي للوباء :
* منذ اكتشاف بعض الحالات الواردة من الخارج وهي مصابة بالوباء ، لم تتعامل معها السلطة بالجدية المطلوبة وتقاعست في حمايتهم وحماية الشعب ، فاختارت الحجر الصحي الذاتي بلا مراقبة ولا متابعة وهو ما أدى لتجاوزات كثيرة ساهمت في تعدد البقع الموبوءة في البلاد.
* بعد فضح هذا السلوك الذي اعتمدته السلطة ، حاولت اخفاء فشلها وجريمتها بجريمة أخرى وهي التعامل مع المصابين بلامبالاة واهمال في مراكز خاصة غير مهيأة وبدون حتى ضروريات العيش مما دفع الكثيرين للهروب وخلق فوضى كبيرة مثل فوضى تانيت وفوضى شط مريم.
* لم تتعامل السلطة بحزم مع المخالفين في الحجر ، ولم تعاملهم على قدم المساواة ففرضت الحجر على العموم لكنها تواطأت مع بعض النافذين ورجال الاعمال المصابين حين هربوا من الحجر بمساعدة نواب وأعوان أمن ...
* رغم ظهور الوباء في تونس في حالات كثيرة ومتواترة قادمة من الخارج ، لكن السلطة بقيت متفرجة ومنتظرة لقرارات عدد من الدول الأوروبية وخاصة فرنسا وايطاليا قبل غلق الحدود ، رغم أن القرار سيادي ولا علاقة له بأوروبا ، وهذه جريمة كبرى اقترفتها السلطة...
حتى هذه المرحلة ، المسؤولية الكبرى والوحيدة عن انتشار وباء الكورونا " وهو انتشار نسبي" تتحمله السلطة وحدها لانه من دائرة نفوذها واختصاصها ...
ثم جاءت المرحلة الثانية بعد غلق الحدود وفرض الحجر الصحي العام عند اخفاق السلطة في متابعة الحجر الذاتي ، عرفت هذه المرحلة كذلك فوضى وتضارب في القرارات والاجراءات ، وفي كل مرة يخطئون فيها يساهم خطؤهم في مزيد انتشار الوباء ، لكنه يجدون في كل مرة تبريرا للفشل ...
فمثلا ، تم فرض الحجر الصحي العام دون وجود استراتيجية صحية واقتصادية دقيقة لمعالجة التبعات وتنفيذ الاجراءات ، وخوفا من ردة فعل الشارع دخولوا في اجراءات ارتجالية تقوم على نقل المسؤولية ورميها على المواطن والجمعيات ، واصبحت الدولة تعيش على التسوّل وطلب المساعدات . ومثال ذلك:
*دعوة الجمعيات للقيام بجمع المساعدات
* تخصيص منحة للمتضررين ب200د
* الاتجاء للخارج طلبا للمساعدة
وقف جميع الانشطة الاقتصادية في البلاد وغيرها من الاجراءات الارتجالية ، لكن بالعودة عليها هي مجرد قرارات لا تعالج مخلفات قرار الحجر الصحي ، بل تهين المواطن وتحطّ من كرامته ، فعلى أي أساس تمّ تحديد مقدار المنحة؟ وكيف تتخلى الدولة عن دورها وتحول الشعب لمجموعة من المتسولين ؟
طبعا هذا علاوة على التدمير الكامل للمؤسسات والشركات وما يتطلبه اعادة تهيئتها من أموال وكل ذلك سيكون ذرائع للسلطة مستقبلا لفتح البلاد أمام رأس المال الاجنبي ، الى جانب تنفيذ تعهدات الحكومة امام المؤسسات المالية الاستعمارية كالبنك الاوروبي وصندوق النقد والبنك الدوليين ، الى جانب ذلك ستتخذ السلطة مستقبلا من الوضع الاقتصادي ذريعة لاستيفاء باقي تعهداتها لهذه المؤسسات كرفع الدعم نهائيا والتخلي جزئيا عن القطاع العام وفرض خيار الخصخصة في البلاد وغيره...
هذه الاجراءات الارتجالية ايضا شكلت خطرا كبيرا يفقد الحجر الصحي العام أثره في البلاد ، بل تزيد في انتشار الوباء من ذلك ما خلقته من حالات اكتضاض وتزاحم كبير على مؤسسات الدولة وعلى البريد والعمد وغيره ، رغم انه كان بالامكان تفادي كل ذلك ، وكان بالامكان مثلا التعويل على اعوان البريد ومعاضدتهم بأعوان البلدية والعمد والكشافة للانتقال للمواطن في بيته ...
هذا من ناحية
اذن فما قامت به السلطة من فرض الحجر الصحي العام في البلاد ليس معالجة لانتشار الوباء بقدر ما هو محاولة منها للتغطية على فشلها وعجزها وخضوعها للاملاءات ...
كما أن سياسة فرض الحجر الصحي العام ليس خيارا طبيعيا لانه يتعارض مع طبيعة الانسان ، وهو حلّ سهل تتخذه الحكومات تهربا من المسؤولية ، فالمطلوب هو محاصرة الوباء وعزل المصابين والمهددين اكثر بالاصابة كالشيوخ والمرضى وليس عزل الشعب...
ولا يقال هنا ان هذا خيار اتخذه قبلنا من هو اكثر تقدما منا كفرنسا والصين وايطاليا واسبانيا، لا يقال ذلك ، لانه كان الاولى النظر لكل واقع وبيئة على حدة والوقوف على الاختلاف في البيئة والمجتمع والمناعة الجماعية والنمو الديمغرافي وغيره ...
صحيح ان هذه الدول متقدمة تقنيا وعلميا وغيره ، لكنها تختلف عنا في نسبة تلوث المحيط وفي ضعف المناعة الجماعية وفي التهرم السكاني وفي سلبية النمو الديمغرافي وفي المناخ ، وجميعها تؤثر بشكل او بآخر على كيفية انتشار الوباء....
كما ان هذه المجتمعات تقوم على الفردية لطبيعة النظام الرأسمالي فيها ، ومن تاثير ذلك ضعف الترابط المجتمعي والأسري مع التباعد الاجتماعي الحاصل طبيعيا فيها ، بخلاف واقعنا نحن ، مجتمعات تقوم على التقارب الاجتماعي والتلاحم الاسري والمجتمعي بما يجعل من غير الطبيعي فرض حجر على الشعب ....
طبعا ، هذا علاوة على عدم اتفاق العلماء والاطباء وأهل الاختصاص الى الآن حول جدوى مثل تلك الاجراءات بما فيها فرض لبس الكمامات والقفازات والتباعد الاجتماعي ، فكثير منهم يكتفون بتوصية ضرورة غسل اليدين بالصابون والابتعاد في المسافة أكثر من متر عن الآخر مع ضرورة الاحاطة بكبار السن واصحاب الامراض المزمنة.
لذلك ما تروجه الحكومة ويدعمها الاعلام من ان مخالفة الناس للحجر الصحي هو قلة وعي وهو تهديد للمجتمع ، غير صحيح ،لسببين :
* الاول ان السلطة هي من ساهمت في انتشار الوباء بفشلها وعجزها وانتظارها للقرارات
* الثاني ، أن الحجر الصحي العام مخالف لطبيعة الانسان ولذاته لكونه بطبعه كائن اجتماعي ، فالطبيعي هو الحراك المجتمعي وليس الحجر.
هذا ، علاوة على تحوّل ظاهرة انتشار الوباء الى عمل للاستغلال السياسي والتوظيف من الدول الكبرى وفي مقدتمها الولايات المتحدة الامريكية بشكل يتيح لها ادارة العالم وفق مصالحها العاليا ، فالحديث في ايطاليا بدأ منذ الآن على ضرورة التخلص من عبء المؤسسات العمومية لصالح الخواص ، وفي اميركا بدأ السياسيون يعدون العدة لمرحلة ما بعد الكورونا ...
أما نحن في تونس ، فالمرحلة المستقبلية ستكون كارثة حقيقية على البلاد والشعب ، وحينها لا ينقذها لا شطحات الرئيس قيس السعيد ولا دموع الوزير عبد اللطيف المكي ...



#الأسعد_بنرحومة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وباء الكورونا والاستثمار الأميركي من أجل نظام عالمي جديد
- تونس على وقع عملية ارهابية أخرى
- حكومة - باش ... - من تونس
- السلطة بين ضرورة الانسجام وواقع الاختلاف
- تونس: انتقال ديمقراطي أم تشريع لفساد المافيا؟
- المشهد التونسي:من حكومة الرئيس الى حكومة الاتحاد،تكرار للفشل ...
- - الطيور على أشكالها تقع -تنقذ اللحظات الاخيرة
- ماذا يحدث في تونس ؟ صراع أم توافق ؟ام هو انقلاب على الانتخاب ...
- العصفور النادر لحركة النهضة:هل كان فعلا السيد عبد الفتاح مور ...
- الاسلام السياسي بين الأبعاد والواقع
- حكومة الفخفاخ والتحالف مع الفساد مع فقه راشد الغنوشي
- بورقيبة : زعيم من ورق
- خوف على وزارات السيادة ، أم صراع على الغنيمة؟
- كيف تمّ استدراج الشباب السلفي لصناعة غول الارهاب...-حرق السف ...
- لماذا تراجعت أميركا عن دعمها لتحالف الحزب الحاكم مع اليسار ل ...
- العثرة الكبرى في عقيدة التثليث
- وكر الضباع
- حركة النهضة بين سنديان التنازل ومطرقة التآمر
- ايران : ملابسات وظروف الهجوم على قاعدتين أمريكيتين بالعراق
- في تونس :الاتحاد العام للشغل وحقيقة الحملة ضدّه


المزيد.....




- -قناع بلون السماء- للروائي الفلسطيني السجين باسم خندقجي تفوز ...
- شاهد.. آلاف الطائرات المسيرة تضيء سماء سيول بعرض مذهل
- نائب وزير الدفاع البولندي سابقا يدعو إلى انشاء حقول ألغام عل ...
- قطر ترد على اتهامها بدعم المظاهرات المناهضة لإسرائيل في الجا ...
- الجيش الجزائري يعلن القضاء على -أبو ضحى- (صور)
- الولايات المتحدة.. مؤيدون لإسرائيل يحاولون الاشتباك مع الطلب ...
- زيلينسكي يكشف أسس اتفاقية أمنية ثنائية تتم صياغتها مع واشنطن ...
- فيديو جديد لاغتنام الجيش الروسي أسلحة غربية بينها كاسحة -أبر ...
- قلق غربي يتصاعد.. توسع رقعة الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين
- لقطات جوية لآثار أعاصير مدمرة سوت أحياء مدينة أمريكية بالأرض ...


المزيد.....

- جائحة الرأسمالية، فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية / اريك توسان
- الرواسب الثقافية وأساليب التعامل مع المرض في صعيد مصر فيروس ... / الفنجري أحمد محمد محمد
- التعاون الدولي في زمن -كوفيد-19- / محمد أوبالاك


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - الأسعد بنرحومة - هل فعلا الحجر الصحي العام معالجة لانتشار وباء الكورونا