أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالوهاب بيراني - قراءة في نص -رغبات برسم السنة الجديدة- للشاعرة الكردية السورية المغتربة ليلوز دينو















المزيد.....

قراءة في نص -رغبات برسم السنة الجديدة- للشاعرة الكردية السورية المغتربة ليلوز دينو


عبدالوهاب بيراني
روائي و شاعر و ناقد في الادب و الفن


الحوار المتمدن-العدد: 6531 - 2020 / 4 / 7 - 17:43
المحور: الادب والفن
    


(النص) :

رغبات... برسم السنة الجديدة...!!.
نص : ليلوز دينو

في رأس السنة الجديدة
اقتطع جزءا من الحلم
بلهفة قصوى
احتاج إلى كوخ صفير
فوق برج سماوي عال...
احتاج بشدة
إلى حقل شاسع من دهشة العشب
و قطيع بقر
لا يشبه البقر هنا
و وقتا من حطب
لا يشبه الوقت هنا...!
و لا يشبه الحطب هنا
مطرا يهطل من محنة قلبي
يصنع لي جزيرة من عشب
ضوءه ازرق
و يتساقط من اصابعي شهب
بعيدة. ...
يشتعل الروث
و حشرات الليل تزحف خلف خيبة ما
في الضوء..
احلم انني
ابحث عن حقيقة الجمال في علب المكياج الأنيقة
و عن الضوء في المسرات الباهتة
فأي فانوس يضيء عتمة الليل؟
و أي فتيل يشعل حجرة قلبي بالامنيات
فأقتطع له من الحلم
و من مخدعي
مزاج الريح
وهو يخلع هذيانه
يعلقه على شهيق التلال
تستيقظ من خاصرتي رغبة
من غيبوبة غبطتها
تتأرجح بحبال الضوء
رغبة...
تدعوني للكتابة !
فأسكب الوقت في محبرة قلبي
اكتب به حروف البيان
على دفتر صغير يشبه الحب
ارسم فراشات ثملة تهجع في أكمام الزهر
احرر الغيم من اصابعي
احرك به هواء قيثارة اغريقية
اناشد ابولو ان يأتي أيضا
حيث ترقد هناك الاغنيات
و اللهاث يرمي جدائله
نبيذا يشد ازرار روحي
و حارس الحقول يسكن سر الانبات
تمنح حقلي المترع بالخصب
حطبا يشتعل في حكايات العشق
و عشبا أخضر ترسمه خطواتي
و ابقاري تسرح في المدى دونما راع
وحيدة اجتر الغياب
في الكوخ ارتل قطع الغيم حلما و أغنيات
احتاجه
و بشدة
احلم
مرة
ليست
اخيرة
بحقل من
الامنيات...

(القراءة) :
الشعر، و بما يمتلك من أدواته التعبيرية من صور و رؤى و فكر و لغة تضيق و تنفتح على مسارات عدة تؤدي غرضه و توصل المعنى الحقيقي او تلك الدلالية التي ربما هي رسالة الشعر، لتلون طبيعة المتلقي بصور و أشكال و تشحذ فكره و تحرك وعيه الداخلي عبر تصدير طلاسم و مفردات يتم تحليلها في منظومة واعية حسب ثقافة المتلقي و رؤاه. و لكون الشعر بداية هي لغة مشبعة بالصور تحمل في كنهها الكثير من الغموض ليس لأن اللغة مواربة او "حمالة أوجه" بل كونه مراوغا و من الصعوبة القبض عليه أو تفكيكه كما اي معادلة كيميائية او رياضية، و الشعر ينساب مع قلم الشاعر و ربما ياخذ شكل الحلم او يتخذ وعورة ما فيتحول إلى فيضان او يعبر عن صداه بهمس كضوء نجمة زرقاء...
نص الشاعرة ليلوز دينو "رغبات برسم السنة الجديدة" نص لا ينتمي إلى شعر المناسبات و ان دل العنوان على ذلك او زمن نشره (في ليلة راس السنة الجديدة) بل هو نص يمتلك القوة بما يؤهله للثبات في ديوان الشعر و ممارسة مشروعيته كنص شعري، و ان مضت ليلة راس السنة و ان مضى عليها الزمن.. فالشعر لا يشيخ مع تقدم الزمن، بل يزداد عمقا و فهما و لعله هنا يكمن سر تحول بعض الشعر إلى مقولات و حكم و أقوال مأثورة بعد مرورها بانفاق الوقت و دهور الزمن، فرغبات الشاعرة و ان كانت ليست رغبتها بالمعنى الشخصي و إنما كحالة شعرية او فكرة عبرت بها لتشارك بها قراءها" بلهفة قصوى" حيث تقتطع جزءا من الحلم فهي تدرك ان الحلم بالعظمة التي لا يمكنها ان تمتلكه و ان كان من حق الشعر ان يمتلك العالم في رؤاه و تعابيره و أحلامه أيضا، و النص يحمل عدة إشارات مرجعية واضحة فالشاعرة لا تطمح الا لجزء من الحلم و إلى كوخ صغير بعيد عن تشابكات حياة البشر المزدحمة بالنفاق و الرياء، لذلك تهرب بنا َمن عالم المدينة الضيق المتكدر و من بيوته الاسمنتية الثقيلة على الروح إلى الطبيعة إلى "حقل شاسع" يستولي علينا بالدهشة، و لا ترغب الا بقطيع من البقر و ببعض الحطب و بزمن لا يشبه الزمن الذي نمارسه و الذي يمضي بنا نحو التلاشي كلما اوغلنا به، فهي ترغب في ايقاد نيران لا تشبه نيران الحياة اليومية، انه حلم يعيد إلينا و عبر تناص "قرآني" قصة النبي "يوسف الصديق"و البقرات السبع و انحباس المطر لسبع من السنوات، النص يرمي إلى هطول مطر من محنة قلبها ليحفل بالعشب له ليس اخضرار اللون و إنما بريق ضوء ازرق، فالشاعرة تطمح لتلوين الحلم، فهناك شهب تضيء عتمة كوخها العلوي و "روث بقر، مشتعل تلك الصورة النفعمة بالحرارة و بالضوء و بالحميمية،وهي تسعى نحو بدائية الإنسان الأول و نقاءه، تنتقد في يأس قيم الإنسان الاستهلاكية التي تزحف كحشرات سائمة لن تلقى سوى خيبات متتالية، وهي لا تنفك عن الاستمرار بحلمها في وضوح و تضعنا ضمن دائرة الضوء باحثة عن الجمال الحقيقي و بتهكم جلي معلنة ان الجمال لا يكمن في ممارسة التجميل وان الفرح لا يأتي باهتا و إنما حقيقي كما الجمال الحقيقي...
تتساءل عن حشة العتمة و عن منارة عن وعي يضيء عتمة لياليها و يضيء قلبها المترع بالوجع و ان يمنحها الضوء بعض النور او ان يحقق لها بعض أمانيها،
النص و بلغته "هادىء" رغم هذيانه و حرائقه و عواصفه و امطاره و ريحه فمفردات مثل : الحطب/مطر/شهب/يشتعل/فتيل/الريح/اللهاث/تحرك النص "تعصف بمشاعر متأججة لا ترضى الثبات في عالم يمارس هذيانه متأرجحا بحبال من ضوء" ينبعث من فانوس معلق فوق تلة تتنفس كما خاصرتها التي تستيقظ رغبة دفينة ما من غيبوبة دعتها للكتابة فتغمس أصابعها في محبرة حياة قلبها الذي عاش أوقاتا من الحب فترسم على دفتر صغير كما تلك القطعة الصغيرة التي اقتطعتها من غيمة الحلم و تلون فراشاتها و تعزف موسيقا أسطورية تعيدنا إلى شخصيات من الأساطير الاغريقية و تناشد "ابولو" ان يعود من غيابه المرهق.. ان يعود كما تعود البذرة القاسية و تزهر غصنا أخضر بعدما يحرر الغيم من إصابعها ليهطل المطر كأغنية تلهث خلف صبية ترسل جدائلها في الريح كنبيذ يعيد للروح بعض الدفء كما يعيد المطر حياة الزهر كحارس للحياة و للجسد الذي يتوق للتحرر من سطوة البرود و القحط لتدخل عالم الخصب و العطاء.
من "كوخها" الصغير يتراءى لها الحلم كحقيقة... فاالابقار تسرح في حقل أخضر العشب و قلبها يشتعل بحطب العشق و العشب ينمو في خطواتها و هي تمضي وحيدة مع امنياتها و حلمها و تشاركنا بمشاعره و رؤاها.. ربما تجعل من القاريء حارسا لأحلامها او راعيا لقلبها... افصحت عن رغبتها
فهي تحتاجه
للرجل
ربما للحلم
لامنياتها ان يكون لها حقلا من الامنيات و زمنا نقيا.. مواسم من الخصب و من الحب و من النقاء.
استطاعت الشاعرة ليلوز دينو ان تحقق نصا عميقا و تمنح بوحها لغة شعرية دلالية و تكتب حالة اشراقية مذهلة، و هنا تكمن سرية اللغة و غموض بعض تركيبها لتمنح المتلقي تلك الحالة من متعة البحث عن المعنى الكامن بالنص،....!.
كلمة اخيرة، نص "رغبات برسم السنة الجديدة" نص عميق يمتلك موسيقا و صور جميلة متقنة مارس التناص الديني و الاسطوري عبر اضفاء عناصر رومانسية مما اكسب النص مزيدا من القوة و التعبير و الإبداع .

سوريا
1/1/2020



#عبدالوهاب_بيراني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ne tires cihan ......Dîlan şewqî....لا تخف ايها العالم! ...
- قراءة في دراما النص الشعري (رياح الشمال من هناك.. إلى الشام. ...
- نضال سواس... أيقونة سورية من ضوء اللون وبوح الحرف... الطريق ...


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالوهاب بيراني - قراءة في نص -رغبات برسم السنة الجديدة- للشاعرة الكردية السورية المغتربة ليلوز دينو