أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي طه - بناء الدولة شأن داخلي... الاحتجاجات والدولة والذهنيات المعيقة














المزيد.....

بناء الدولة شأن داخلي... الاحتجاجات والدولة والذهنيات المعيقة


علي طه
كاتب

(Ali Taha)


الحوار المتمدن-العدد: 6530 - 2020 / 4 / 6 - 01:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أفق بناء الدولة يبدأ من النظر إلى الواقع لا إلى المثاليات (الطوبى) ولا حتى المثالات (النماذج المعيارية)، مثمثلا هذا الواقع بما عليه المعطى الاجتماعي، والانطلاق منه وإليه في عملية الإصغاء لتشخيص الحل أو المشكل.. وقطع النظر عما ليس له دخل مباشر أو أولي ببنية الواقع المعاش، هذا الواقع المجتمعي بمحرِّكاته وآلياته هو الأفعل تاثيرا بصناعة الحضارة واللحظة التاريخية، فمن ينفيه يُنفى ضرورة..

التوافق في بنية التفكير بين طرفين مختلفين في المضمون، يؤدي إلى نفس النتائج، هذه قاعدة راجت كثيرا في أدبيات النقد الثقافي والمنظور التفكيكي لموجة ما بعد الحداثة، ويمكننا استعاضة "طريقة التفكير" بدل "البنية" متى ما وجدنا أنفسنا بحضرة مابعد الحداثة.. وطبعا ليس شرطا أن تكون ما بعد حداثي، لتتفق مع الفكرة، ضع كلمة "البنية" وامشِ طريقك..

يبدأ الباحث اللبناني وليد نويهض كتابه "العقد السياسي، الاسلاميون والمسألة الديمقراطية" بفكرة يبني عليها أطروحة الكتاب كاملا، مفادها، أنَّ ثمة جامعا بين طرفي الصراع حول أزمة الواقع التاريخي العربي-الإسلامي، وهما تيار الإصلاح وتيار الصحوة، يتمثل هذا الجامع بطريقة التفكير "النصوصية"، كلاهما رغم الفارق بينهما بالمضمون، يرى المشكلة بالنص والحل في النص، يذهب الأول إلى نص تراثي إسلامي أصل بعد انحراف المسلمين عن الأخذ به ولهذا سُمي الصحويون أيضا ب"الاحيائيين" أي يحيون النص الموروث بعد أن مات، من قبيل سيد قطب ورفاقه، ويدعو الثاني إلى نص أوروبي تلزم محاكاته كنموذج معياري ينتشل الواقع العربي من أزمة تخلُّفه وانغلاقه على النص التراثي غير المواكب للواقع المعاصر..

ترافق التنظير للدولة أوروبيا مع حِقَب النهضة، وتطور بتطورها، ذلك لأن التفكير العلمي هو نظر إلى الواقع كما هو بعيدا عن فذلكات الفلاسفة والادباء ورجال الدين.. وهنا انتعشت تدريجيا وبنحو متسارع العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية حتى وصلت مرحلة الإحكام المنهجي في الحِقَب المتأخرة الآن.. إن أبقية الواقع أو أولويته لا تعني بالضرورة تواطؤأً ماركسويا قدرما تعني بناء الفكر على أساس الإصغاء لمتطلبات الواقع أو على الأقل فصل الواقع بمتطلباته العلمية عن الفلسفة والدين الراعيين بمثالياتهما أفاقا لا ينبغي احتكارها بمسبقاتهما المنطقية الارسطوية..

إن مقولة الدولة من مقولات الواقع الاجتماعي، فهي من مفردات التفكير العلمي بخصوص المجتمع، وهذا يحمل نكتة لطيفة علاوة على ضرورة النظر العلمي، بكونه يستتبع مراعاة السياقات بعيدا عن الاحكام القسرية المستوردة من خارجها، إن ماضيا تراثويا أو حاضرا غربيا.. إذ الدولة هي الناظم للمجتمع، والمعبرة عن قواه من أجل تحقيق التوازن في بنيته وبالتالي انتعاشه وازدهاره بمرحلة تالية..

لا يمكن تفسير المشاكل لبلد ما، بنظريات المؤامرة، فهي مهما لها من واقع يشهد عليها، إلا أنَّ التركيز عليها كمفصل منهجي خارجي يعبر عن القصور في النظر إلى الواقع بداخليته، ذلك لتوفيره تعب التناول العلمي لمشاكل الواقع الماثل وأزماته.. ومشكلة التفسير الخارجي المؤامراتي أنه يهمل العامل الداخلي الذي لولاه لما استطار الاول -أي الخارجي- وتمادى في تدخلاته واستملاكه الشأن السيادي للدولة..

بين النظر إلى إيران على أنها المشكل أو الحل، وبين النظر إلى أمريكا على انها المشكل أو الحل، ضاع النظر الأوفق والأثمر ألى الداخل العراقي، وأنه لولا ضعفه -أي ضعف الداخل- عن انتاج قوىً ونماذجَ ونخبٍ سياسية لها كلمتها وبرامجها واستراتيجياتها، لما تلاعب بالداخليأايراني ولا امريكي قطُّ، وأنه لو تحول المحورَين بقدرة أعجازية إلى ملكَين خيّرين بينما الداخل هو هو، لما تغير شيء أصلا... أن هذا يعني ضرورة التخلي عن الاسهاب التنظيري الاستقطابي والسجالي بين جماهير المحورين، وضرورة التحلّي بالنظر العلمي واحترام سياقات الاجتماعي كأولية منهجية لبناء دولة..

يجمع بين الموالي لإيران والموالي لأميركا، بنية التفكير الخارجية المؤامراتية بما يؤدي إلى وحدة النتائج السلبية، وهذه الظاهرة ليست طارئة علينا، طالما الجزء الاكبر من نخبنا المتناولين للشأن العام ليسوا مشاريع فكرية وعلمية، قدرما هم ذوي روح شعرية مستفحلة خيالا، هروبا من واقع متأزم لا قِبل لهم في مواجهته بمعاول التفكير الملتزم بمنهجيات فلسفية واجتماعية لها نتائجها المسيسة بالمجتمع كما ينبغي..

تحمل الاحتجاجات الحالية نكتة ذات دلالة يلزم التقاطها قبل فوات الأوان، على أنها حركة داخلية تنتفض ضد حكومة لا تصغي لمجتمعها وتلبي متطلباته، باعتبار الحكومة مستلبة أمام القوى الخارجية وذات روح عميلة لا تراعي مصلحة الشعب، بل مصالحها الخاصة ومصالح رعاتها الخارجيين.. فمن لا يتوافق مع إيقاع هذا المنطق، منطق التحرك الاستقلالي لنيل السيادة ضد أي قرار خارجي، فأن عليه الاستعداد ليكون تحت مداس الاحتجاجات القادمة التي لن تكلَّ ولا تملَّ حتى لو تأخر بها الزمن وحتى لو لم تفُز بمُناها المرجوة..



#علي_طه (هاشتاغ)       Ali_Taha#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علاقة الدولة بالمجتمع.. في نفي مغالطات تاريخية
- الحراك الشعبي ضد السلطة.. دواعيه وآلياته


المزيد.....




- الانتخابات الأوروبية في مرمى نيران التدخل الأجنبي المستمر
- أمريكا كانت على علم بالمقترح الذي وافقت عليه حماس.. هل تم -ا ...
- اتحاد القبائل العربية في سيناء.. بيان الاتحاد حول رفح يثير ج ...
- لماذا تشترط واشنطن على الرياض التطبيع مع إسرائيل قبل توقيع م ...
- -الولايات المتحدة تفعل بالضبط ما تطلب من إسرائيل ألا تفعله-- ...
- بعد قرنين.. سيمفونية بيتهوفن التاسعة تعرض بصيغتها الأصلية في ...
- السفارة الروسية: قرار برلين بحظر رفع الأعلام الروسية يومي 8 ...
- قديروف: لا يوجد بديل لبوتين في روسيا
- وزير إسرائيلي يطالب باحتلال رفح والاستحواذ الكامل على محور ف ...
- مسؤول في حماس: محادثات القاهرة -فرصة أخيرة- لإسرائيل لاستعاد ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي طه - بناء الدولة شأن داخلي... الاحتجاجات والدولة والذهنيات المعيقة