أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زاهر رفاعية - فلسفة لا ديالكتيك فيها, ميتافيزيق لا معرفة موضوعيّة فيه.















المزيد.....

فلسفة لا ديالكتيك فيها, ميتافيزيق لا معرفة موضوعيّة فيه.


زاهر رفاعية
كاتب وناقد

(Zaher Refai)


الحوار المتمدن-العدد: 6529 - 2020 / 4 / 5 - 17:57
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


المعرفة هي علاقة بين الذات و الموضوع , فالذات هي الإنسان الذي يمتلك الوعي و العقل الذي يؤهله للإحاطة الموضوعية بأشياء العالم المادي , أما الموضوع فيضم الموجودات المادية و المجرّدة , المشخّصة و المعقولة .
و هذه العلاقة بين هذين القطبين هي موضوع نظرية المعرفة , التي تبحث بأولوية أحدهما على الآخر , ؟ أي أن المعرفة هي الفعل العقلي الذي يتم بواسطته النفاذ إلى جوهر الموضوع لتفهم حقيقته , بحيث تكون هذه المعرفة خالية ذاتيّاً من كل غموض , و محيطة موضوعيّاً بكل ما هو موجود للشيء في الواقع .
فالمعرفة علاقة دائمة بين ذات تعرف و موضوع يتم معرفته , و الفرق بين العلم بالشيء و معرفته متوقف على المعنى الخاص للمعرفة ..
* هناك عنصران في المعرفة و بينهما علاقة .
العنصر الأول : وجود ذات عارفة , و هي العقل الذي يمكّن الإنسان من المعرفة .
العنصر الثاني : وجود الموضوع أو الشيء المعروف , و هو موجودات العالم الحسيّة و المجردة .
العلاقة بينهما : البحث الفلسفي يركز على طبيعة تلك العلاقة , و على أولوية هذين العنصرين على الآخر و شكل التأثير المتبادل بينهما .
أما المنهج : فهو الآلية التي يتم من خلالها إحاطة الذات بالعالم , و من خلاله يتم تناول الإنسان للعالم معرفياًَ , لذلك فالعرفة رهينة المنهج الذي يفضي لها .
وقد تراوح تاريخ الفلسفة بين نوعين من المناهج , هما المنهج الميتافيزيقي و المنهج التاريخي , بحيث أن الاتجاهات المعرفية , و المذاهب الفلسفية كانت على الدوام رهناً بالمنهج الذي انتهجه الفلاسفة في تناول موضوعاتهم أو محاولاتهم لفهم العالم و الإنسان على حد سواء .
فالمنهج الميتافيزيقي ساد لعقود طويلة من تاريخ الفكر الإنساني و انتج معارف مثالية أو ذاتية معتمداً على المعرفة التأملية , و تعتمد الميتافيزيقا على مقدمات غير مبرهن عليها و تشتق منها نتائج لتصبح هذه النتائج مقدمات و هكذا , و معرفة من هذا النوع تلغي الفعل الإنساني في العالم و تقصي التاريخ لصالح معرفة متعالية على التاريخ .
فالميتافيزيقا لا تقيم جدلاً بين الذات و الموضوع , و هنا يغيب التاريخ لصالح الحضور المكثّف للميتافيزيقا , و إذا كانت الميتافيزيقا بالمعنى الفضفاض هي البحث فيما وراء الطبيعة أو بالمعنى الدقيق بحثاً فيما وراء المتعيّن , إلا أن الميتافيزيقا على مستوى المنهج تعني الفهم الكلي للظواهر الانسانية و الطبيعية و لكن من خلال مواقف مسبّقة بحيث تبدو هذه الظواهر كما لو انها نتائج قطعية مبرهن عليها حتى في غياب المقدمات الاساسية التي أدت لتلك النتائج .
و يمكننا تتبع المنهج الميتافيزيقي منذ بداية الوعي سواء في الفكر الاسطوري الشرقي او في الفلسفة اليونانية المثالية , ففي الفلسفة اليونانية نجد السفسطائية تقوم بسلب الوجود لصالح الذات عن طريق رهن المعرفة بالرؤية الذاتية الفردية و نفي الحقيقة الموضوعية و قد عرف اتجاههم بالشك المذهبي او الشك المطلق حيث قاموا بنفي أي امكانية لقيام معرفة موضوعية بالعالم , كما أقاموا قطيعة بين الذات و الموضوع , و حتى الفلاسفة الطبيعيون في مرحلة ما قبل سقراط أقاموا فرضياتهم حول نشوء العالم على أساس تأملي و بنتائج غير مبرهن عليها , أما سقراط فعلى الرغم من أنه اعطى للذات دوراً مركزياً في الفهم و المعرفة من خلال دعوته للإنسان لمعرفة نفسه بنفسه , إلا أن سقراط لم يبين لنا ماهية هذا الإنسان , فعن أي إنسان بالضبط يتحدث سقراط ؟ و ما هو المنهج الذي يدعو سقراط له لإقامة هذه المعرفة ؟ هل هو منهج التوليد الذي يتفق معه تلميذه افلاطون به , هذا المنهج الذي يقوم على أن المعرفة الحقيقية موجودة في العقل و ما على الإنسان سوى البحث عنها في عقله أو تذكرها أو حتى تأمل وجودها الموضوعي ( حتى المجردات منها ) هذا الوجود الذي يقبع في عالم مفارق لعالمنا الحسي و الذي أطلق عليه أفلاطون اسم عالم المثل , أم من خلال المقولات المجردة للفكر على الطريقة الأرسطية ؟ إن كل هذه الضروب من المعارف ترتكز بالدرجة الأولى على مثالية لا تقيم جدلاً بين الذات و العالم بل تسلب أحدهما لصالح الآخر , و بالتالي فهذه المثالية لا يمكن تأسيس معرفة موضوعية عليها
أما في العصر الحديث و على الرغم من الشك المنهجي الذي اتجه له ديكارت إلا أن المنهج العقلي يحيلنا مرة أخرى للميتافيزيقا , فالذات هي الفاعل الوحيد في عملية المعرفة عنده , و عليها يقوم معيار التحقق , و هذا استلاب واضح للوجود لحساب المعرفة الذاتية المثالية , و قد عبر عن ذلك ديكارت بوضوح من خلال ثنائيته المعروفة ( الفكر و الامتداد ) و هذا مما يثبت بشكل قاطع الفصل التام و القطيعة بين الذات و الموضوع , و بالمجمل فالقرن السابع عشر هو قرن المناهج الميتافيزيقية بامتياز , التي تميزت بأنها مناهج طموحة تسعى لفهم كل الظواهر .
و حتى التجريبية عند جون لوك و هيوم لم تستطع تجاوز الميتافيزيقا , فعلى مستوى المعرفة يتحدث الميتافيزيقيون عن معرفة قبلية سابقة على التجربة و هؤلاء هم العقليون أو عن معرفة بعدية لاحقة على التجربة حيث يكون العقل بالبداية صفحة بيضاء و هؤلاء هم التجريبيون , و كلا الاتجاهين يغفل دور التاريخ و يتعامى عن الجدل القائم في موضوع المعرفة بين الذات و الموضوع .
أما كانط فقد تحدث عن معرفة ممكنة هي المعرفة بظاهرات الاشياء , أما جوهرها ( النومن ) فليس بإمكان الذات الإحاطة به معرفياً , و بالتالي أيضاً لم يستطع كنط أن يفلت من زمام الميتافيزيقا و مثاليتها و لم يستطع إقامة جدل حقيقي بين الذات و الموضوع .
و الخلاصة هنا : أن المنهج الميتافيزيقي و من خلال المثالية الضحلة أهمل العلاقة الحركية بين الفكر و المادة و لم يستطع إقامة جدل بين الذات و العالم و لم يستطع تقديم رؤية واضحة لموقع الوعي و دوره في العالم سوى أنه أي الوعي هو خالق للمادة و متحكم بصيرورتها عبر تطوير نفسه أي أن التطور المادي رهن بتطور الفكر ..
و كذلك المادية المحضة وقعت فيما سبقتها اليه المثالية , حيث أن هذه المادية هي مادية تعطي للمتعينات حقيقة مطلقة ثابتة و ناجزة و ما على الذات سوى البحث عن هذه الحقيقة , و ينطبق على كلا الاتجاهين المقولة الهيغلية ( كل معقول موجود و كل موجود معقول )
و مع هيغل ظهرت اولى بوادر العلاقة الجدلية بين الذات و الموضوع من خلال منهج الديالكتيك , الذي يعبر عن التأثير التطوري المتبادل بين المادة و الفكر , و لكن هذا الديالكتيك كان مقلوباً حيث ينطلق من الفكر الى المادة , و أن المادة تسير بمقتضى الفكر , و أن هذا الجدل ينطلق من القضية الى نقيضها الى المركب من القضية و نقيضها حيث لا يجد هيغل نهاية لهذه العملية التي تسعى لتحقيق الروح المطلق , و من هنا نكتشف أن هيغل لم يستطع الانفكاك من المثالية .
و مع مجيء ماركس تم و لأول مرة في تاريخ الفلسفة إقامة علاقة جدلية استفادت من الديالكتيك الهيغلي بعد أن قلبته ليمشي على قدميه على حد تعبير ماركس نفسه , و هذه اشارة إلى أن الديالكتيك ينطلق من المادي الى الوعي فيقوم بتطويره و هذا التطور للوعي سينعكس مرة أخرى ليطوّر المادي .
أما اهم ما جاء به ماركس فهو إدخال التاريخ أو الفعل الإنساني في العالم ضمن هذه العملية الديالكتيكية , فالتطور هو تطور في التاريخ و ليس تطوّراً يعلو على التاريخ , فليس هناك من لحظة معينة يبدأ معها الوعي , كما أن ليس هناك من ( صفر تاريخي ) , و من هنا ظهر المنهج المادي الجدلي التاريخي , الذي يقيم كما ذكرنا علاقة تأثير و تأثر متبادل بين الوعي و العالم .
و قد انعكس هذا المنهج على الأدب و الفن و العلم كما انعكس على الفلسفة , ففي العلم تحولت مناهج البحث العلمي من مجرد رصد الظواهر إلى التجريب الذي هو فاعلية الذات في عملية الكشف عن قانون الظاهرة , و من كون الإنسان مجرّد خاضع للطبيعة و محكوماً بها إلى فاعل حقيقي يستطيع تسخير الطبيعة لصالحه عبر تطوير وعيه العلمي بالطبيعة و قوانينها و من ثم انعكاس هذا الوعي لتطوير المادة و التحكم بالظاهرة .
كما انعكس هذا المنهج المادي الجدلي التاريخي على موقع الفرد من العالم , ففي حين انتهت الميتافيزيقا إلى إعلاء شأن الفرد و جعله ينظر لنفسه فوق العالم و منفصل عن الطبيعة , جاء المنهج التاريخي عند ماركس ليعطي الإنسان موقعه الحقيقي ككائن طبيعي و متميز بذات الوقت , و صانع و مصنوع في آن واحد , فهو جزء من الطبيعة و خاضع لها بحكم كونه كائناً طبيعياً , و لكنه منفصل عنها بفضل تفرّده بامتلاك الوعي .



#زاهر_رفاعية (هاشتاغ)       Zaher_Refai#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لا ينكح الملحدون أمّهاتهم؟ السؤال الذي أرّق المسلمين
- حول دور الهاشميين في اغتيال الشهيد ناهض حتر
- فضيلة البذاءة في الإعلام العربي
- نهج طروادة عند دعاة الأسلمة في الغرب.
- الكادح العالق بين عجلة الهامستر وترامادول سيزيف.
- خدعة الوحدانيّة لله عند دعاة الإسلام؟
- دلالات الزومبي في المنتوج السينمائي والترفيهي لعصر ما بعد ال ...
- هل سنشهد بسبب كورونا قطيعة أبستمولوجيّة عند أهل الخطاب؟
- الإسلام السياسي يهدف لخلق مجتمع المنافقين
- كرامة المواطن الضائعة بين الاستبداد السلطوي وتجريم الكيف .
- الإسلام السياسي والصيد في دماء المسلمين.
- وهم القوامة الإسلاموي والعوكة النّسوية


المزيد.....




- بروفيسور يقول إن ترامب يفتقد إحدى أدوات القوة الرئيسية.. ما ...
- متجر شاي وقهوة عمره 400 عام يواجه الإغلاق في أمستردام مع ارت ...
- الكرملين يستضيف مهرجان الطريق إلى يالطا
- الدفاع الروسية في حصاد الأسبوع: إصابة أنظمة استخبارات إلكترو ...
- المخابرات المركزية الأمريكية تدعو الصينيين في مقطعي فيديو لل ...
- حادثة طعن بمحطة القطارات المركزية في أمستردام
- الحصبة تتفشى في خُمس الولايات الأمريكية وعدد الحالات يقترب م ...
- -الشاباك- يعزز وسائل حماية نتنياهو
- الصليب الأحمر الدولي: الاستجابة الإنسانية في غزة على وشك الا ...
- حكومة أوكرانيا تحيل إلى البرلمان اتفاقية المعادن للمصادقة عل ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زاهر رفاعية - فلسفة لا ديالكتيك فيها, ميتافيزيق لا معرفة موضوعيّة فيه.