أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - وائل المبيض - في يوم الأرض الفلسطيني














المزيد.....

في يوم الأرض الفلسطيني


وائل المبيض

الحوار المتمدن-العدد: 6526 - 2020 / 3 / 31 - 05:14
المحور: القضية الفلسطينية
    


في يوم الأرض

في القرن السابع عشر، قام عقل التنوير نافضا للأتربة القديمة والغبار، حاملا في جعبته مثلا عليا تحررية كونية للشرط البشري، المتمثلة بفلسفة جان جاك روسو وإيمانويل كانط، رافعا لواء التنوير عاليا، بما يحفظ ويحترم الإنسان وكرامته.
"إن الغرب لم يخن آمالانا بقدر ما خان مبادئه الخاصة بالذات" علي ايزبيغوفيتش.
لقد خانت إرادات القوى الغربية عقل التنوير، لتنتصر بعدئذ في القرن التاسع عشر، ليقع التنوير كأداة طيعة ورهينة في أيدي القوى المتغرطسة الهادفة إلى إستغلال الشعوب وإستعبادها، خاصة في ظل الثورة الصناعية و الإكتشافات الجغرافية ونمو الرأسمالية. وبذلك تحولت إلى آيديولوجيا غربية متعجرفة ترفض النقد والمراجعة، خلافا لما نادى به كانط:" ان عصرنا هو عصر النقد، وكل شيء ينبغي أن يخضع للتفحص النقدي قبل القبول به أو رفضه". ما أدى إلى تحول الغرب إلى أقنوم صنمي منغلق على ذاته رافضا لكل نقد من شأنه إعادة العقل التنويري، ما أدى إلى ظهور حركات شمولية، كالنازية و الفاشية في القرن العشرين، فكانت القطيعة بالخيانة والتراجع عن المباديء الفكرية والأخلاقية و القانونية والفلسفية التي ميزت المسار التاريخي لعقل التنوير. ليحيلنا ذلك إلى أن خيانة الثورات لمبادئها، أكثر إنتشارا من الخيانة الزوجية .

ماذا يعني كل هذا ؟ إنه يعني أنه يتوجب على كل ناقد للحداثة الغربية، الأخذ بعين الإعتبار مسألة الإستعمار و إحتلال فلسطين كمعيار أساسي لخيانة الغربيين لعقل الأنوار أو إخلاصه له. ولنكون منصفين، فإن الغرب غربان لا غربا واحدا، فهناك الغرب الوحشي المتغطرس وهناك الغرب التحرري الرافض للإستعمار، إلا أن هذا لا ينفي وجود مشاكل جمة في الحضارة الغربية بحاجة للمعالجة.

من المعلوم عن روسو، صرخته المدوية :" لا علم بدون أخلاق، لا حضارة بدون ضمير ".
فلا ريب في أن ما يحدث في فلسطين، إنتهاك صارخ ولا ينبغي السكوت عنه من أي حضارة، فأين الحضارة الغربية مما يحدث من إنتهاكات يومية بحق الفلسطينيين من قبل الإحتلال الصهيوني الغاشم!
فإنتقاد للحضارة الغربية، ليس وجهة نظر عربية خارجية، لإنطلاقها من المباديء التي تؤسس حضارته، التي يتشدق بها صباح مساء ويخونها صباح مساء أيضا . هنا تكمن إزدواجية الغرب ونفاقه وإنتهازيته، كما عند سارتر وغيره.

أكرر بأن مسألة فلسطين بمثابة معيار أساسي لقياس وجود العقل التنويري من عدمه، لأنها مسألة تعبر عن مفهوم الحق والعدل، أي أنها مسألة فلسفية بإمتياز، فالفلسفة تعنى بالدرجة الأولى بالبحث عن الحقيقة بتعبير أرسطو و الإعتراف بها والموت من أجلها، كما عبر روسو عن ذلك" لقد قررت أن أضحي بنفسي من أجل الحقيقة ". لذلك تبقى فلسطين التي لا تتعدى مساحتها السبعة وعشرين ألف كيلو متر في ضمير الأمم، لأنها قضية الحقيقة قبل أن تكون قضية إحتلال الأرض، فرغم دهاء اليهود عبر المسار التاريخي لوجودهم، لم يستطيعوا طمس هذه الحقيقة، لكن إستطاعوا التحايل بسياسة اللف والدوران حول الحقيقة، فجعلوا الفلسطيني يقدمها لهم على طبق من أوسلو، هنا تكمن خطورة أوسلو الحقيقية، التي لن يفهمها المتشدقون بها ليلا ونهارا. فالسياسة الصهيونية تكرار للتجربة الأمريكية، التي عبر عنها جورج واشنطن 1738 بقوله:" ان التوسع التدريجي لمستوطناتنا سيجعل المتوحشين يتراجعون تدريجيا، كذلك الذئاب فكلاهما طرائد للصيد مع أنهم مختلفين شكلا". وكان صدى ذلك في السياسة الصهيوني في قول داني روبنشتاين" على الفلسطينيين أن يقبلوا حكما ذاتيا على غرار معسكرات أسرى الحرب، يستطيعون في ظله أن يجمعوا الزبالة في المناطق المخصصة لهم".

إذن، ما العمل في يوم الأرض، ولازالت القوة تسيطر على الحاضر وتتمدد على الأرض العربية الفلسطينية كإرادة صهيونية تسعى للتحقق على أرض الواقع!
ولكن دعونا نتسائل، إلى متى ستستمر هذه القوة بالتغول في الأرض والدم الفلسطيني، نعم نحن ذوات مستضعفة، لكنها تحمل في داخلها شعور بحق الإستمرار في الوجود، إنها النفس الفلسطينية المقاومة المتصدية للمشروع الصهيوني حتى أخر رمق، ولذلك فمهما حاول الإحتلال أن يحاصرنا في المكان فإنه محاصر بالزمان، نحن أحرار زمانيا، أما العدو فإنه محاصر مكانيا، يصل الليل بالنهار ليحافظ على وجوده دون أي إنقطاع، في حين أن الفلسطيني ينفلت نحو المستقبل، لا يرتبط بالحاضر بل يتشبث بأمل الغد، إنه إيمان لاعقلاني لكنه من الممكن أن ينجح، هذا ما يعطيها خطا للهروب بلغة جيل دولوز، ويجعلها الأكثر حظا بالإنتصار، لأنها لن تأبه بما تقدمه/تخسره في الحاضر، بمعنى أننا لا نتشبث بملكية الحاضر كما يفعل الإحتلال، فالأخير يمتلك المكان فقط، على عكس الفلسطيني الذي يضرب في الزمكان، مما يعطينا صموديا كونيا لا يمكن مجابهته أبدا. حدث ذلك من قبل وإنتصرت الذوات المسيحية المستضعفة، إبان الإمبراطورية الرومانية، ماذا حدث ! ذهب الرومان وسيطرت المسيحية على الزمكان . إنها لعنة خفية تطارد كل قوة تحاول أن تتمدد على حساب وجودية الذوات المستضعفة.



#وائل_المبيض (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في عيد الأم
- الكورونا بين المؤمن التقليدي والمتعقل
- في يوم المرأة لابد من وقفة
- الفيروسات والإنسان عشق قاتل لا ينتهي
- الفعل الصهيوني والعدمية الفلسطينية
- سوريا والعثمانيون الجدد
- خيانة الكلمات
- الروح الدينية و جماعات الإسلام السياسي
- خالف تسد
- مأساة الإنسان - اسطورة سيزيف
- ماهية الحب في عيد الحب
- نكبات كمية متلاحقة


المزيد.....




- الرئيس الإماراتي يصدر أوامر بعد الفيضانات
- السيسي يصدر قرارا جمهوريا بفصل موظف في النيابة العامة
- قادة الاتحاد الأوروبي يدعون إلى اعتماد مقترحات استخدام أرباح ...
- خلافا لتصريحات مسؤولين أمريكيين.. البنتاغون يؤكد أن الصين لا ...
- محكمة تونسية تقضي بسجن الصحافي بوغلاب المعروف بانتقاده لرئيس ...
- بايدن ضد ترامب.. الانتخابات الحقيقية بدأت
- يشمل المسيرات والصواريخ.. الاتحاد الأوروبي يعتزم توسيع عقوبا ...
- بعد هجوم الأحد.. كيف تستعد إيران للرد الإسرائيلي المحتمل؟
- استمرار المساعي لاحتواء التصعيد بين إسرائيل وإيران
- كيف يتم التخلص من الحطام والنفايات الفضائية؟


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - وائل المبيض - في يوم الأرض الفلسطيني