أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - زوجتي تقود العالم















المزيد.....

زوجتي تقود العالم


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 6521 - 2020 / 3 / 23 - 00:06
المحور: الادب والفن
    


أعترف، أنني أحد أكبرالخاسرين من جراء انتشارجائحة كورونا الوبائية، إذ إن الإجراءات التي قامت بها أم العيال في البيت سبقت الإجراءات التي قامت بها أنجيلا ميركل مستشارة البلد الذي لجأنا إليه، حيث إنني-شخصياً- ماكنت لأصدق أن المدعو كورونا قادر أن يخترق هذا الحصن الأوربي العتيد، لذلك فقد كنت أخصص يومي العطلة الأسبوعية للقيام بالواجبات الاجتماعية، على امتداد النهار وآناء الليل، أو أستقبل بعض أصدقائي الضالين، أنى أتيح لنا ذلك. حيث اشتقت إليهم، وبات جرس الباب الخارجي لايرن، بعد التهديد بالغرامات الباهظة
:ما أجمل الأمس، إذ كنت أحضراللقاءات الثقافية، أو حتى السياسية. أستقل باصات النقل الداخلي، بمفردي، بعد أن ضعت مرات عديدة، وكنت أعتمد على خصيصة موقع في هاتفي فيأتي بعض أفراد أسرتي، أو أقربائي، أو أصدقائي للوصول إلي في زمن قياسي ليعيدوني إلى البيت، يلتف حولي جميعهم، أسرد عليهم كيفية ضياعي. غيرأن ذلك كله غدا في عداد التقاليد المهددة بالانقراض، إذا ما استمر الخطر الكوروني المحدق بنا.
ثمة تقاليد افتراضية كانت تطبق من لدن أم العيال وحدها، وها بات كورونا يؤكد صدق رؤيتها. بعد نظرها الثاقب، إذ لم يتغيرعلينا أي شيء، من جهة التعقيمات البيتية، بل إن جميعها كانت تطبق من قبل ربة البيت ذاتها، من قبل، و كنا نضطرإلى تنفيذ جزء منها، طوعياً، وهو الحد الأدنى المقبول، بيد أننا لطالما كنا نتملص من تطبيق أجزاء أخرى، وهاهو الفيروس اللعين يتآمرعلينا، ويبين أننا كنا على خطأ، وأن أم العيال قد كانت على صواب، عندما كانت تردد على مسامعنا وصفتها المبالغ فيها في عالم الحيطة والحذر، لاسيما بعد أن أتت إلى هذا البلد، ورأت الكلاب تسوح على هواها، وتحت أمرة كل كلب سيدة أو سيد. أول ما فعلته هو أنها باتت تمتنع من استخدام المصاعد- ما استطاعت- إذ إن الكلاب تبقى مصدر وباء، وفيروسات، مهما تمّ تعقيمها، لأنها لاتطهر.
عبثاً، حاولنا إقناعها أن مصدر وباء كورونا هو الخفاش والأفعى، أو لربما هو نتاج حرب بيولوجية، لاسيما إن بلدان كبرى باتت تتبادل الاتهامات، بل تتقاذفها، فكل منها يرى أن الآخر وراء حرب بيولوجية، لدواع تجارية، أواقتصادية، أوسياسية، بل لأجلها مجتمعة، بينما هي تصر على أن للكلاب علاقة بهذه البيئة. أول مافعلته هو أنها تضع أقصى الترتيبات في مواجهة أحذيتنا المتهمة بنقل الجراثيم الكلبية، بل الآلم، هو أنه في هذه البلاد ثمة من يتمخط، أو يتبلغم، أرضاً، وتظل هذه الخثرات على مرمى بصر المارة، في الطرقات، أو حتى على درج المباني، ناهيك عن أن أيدينا لابد من تعقيمها فور دخول البيت:
لقد مسستم درابزينات المباني، أو مساند، و أبواب الباصات والأمكنة التي زرتموها، أو أن كلاباً كانت معكم في الباصات، لذلك فقد دخلت معقمات" الجيل" حياتنا منذ أن غادرنا البلاد، بما يكاد يقارب عشرالسنوات، حيث كانت الحال على هذا النحو في محطتنا السابقة: الإمارات التي استفزها منظر امرأة أوربية وخادمتها الآسيوية وهما تدخلان كلبين إلى مصعد البناية، ماجعلها تغادره في نصف الطريق، لتعتمد على الدرج، تصعد إلى الطابق العاشر، وتنزل عبره:
إنك مريضة وتتعبين
لا إأنها رياضة
ثمة سبق سجلته أم العيال على دول الاتحاد الأوربي، وأمريكا، إذ إنها بعيد قفز الجائحة من الصين إلى إيران، قالت: إنها تستهدفنا، ولاأحد منا في منجى منها، وفي كل يوم كانت تسأل أولادها وبناتها: هل أصدرت ميركل فرمانها لتطبيق الوقاية، والحجر الصحي؟. كانوا يقولون لها: ألمانيا واثقة من نفسها، ولديها ما يكفي من لقاحات وأمصال، إلا أنها صارت تسجل ملاحظاتها الجادة على لامبالاة المستشارة، وتقول: ليتني أوصلت لها صوتي حتى أنبهها عن الأخطارالمحدقة، من دون أن تنسى عبارتها المتكررة، كلما تابعت نبأ جديداً عن الكورونا:
نحن السوريين هربنا من حرب بلدنا فوقعنا في حرب بلاد العالم
يقول أيان. أصغرأطفالنا:
غداً، سيقول بشارالأسد كورونا من إنتاجنا
لكن الصين وإيران صديقتا الأسد ودعمتاه كما روسيا
ترد عليه أمه
افتحوا النوافذ!
تقول أم العيال
ثمة عاصفة في الخارج، و لقد فتحنا النوافذ والأبواب خمس مرات منذ الصباح وحتى الآن
أمي حريصة على شعبها كأنها رئيسة جمهورية
أمنا جديرة أن تكون قائدة
أنا أرشحها لرئاسة العالم
تقع عيناي على- البخاخات- المصفوفة إلى جانب بعضها بعضاً، على الطاولة الصغيرة قرب الباب، لكل منها وظيفتها. إحداها لتعقيم مدخل الشقة، والأخرى لتعقيم مقابض الأبواب والنوافذ، والثالثة لتعقيم أرضية البيت، والأخرى لتعقيم المجلى، والأخرى لطرد فيروسات الشرمن الغرفة، كما إنها قد وضعت شرائح من بصلة مقطعة في أكثرمن ركن من البيت، بالإضافة إلى توزيع البصل والثوم والكركم وحبة البركة واليانسون والليمون والزنجبيل على أطعمتنا، ومشروباتنا.
احتياطياتك الوقائية بمثابة كتيبة كاملة تقولها ابنتنا من أربيل على السكايب
أعان الله أبي الذي يعيش تحت سلطتها
يرد ابننا الكبير، ضاحكاً- ليمرر عبارته- وهو يسكن البناية المجاورة ولم يسمح له ولأخوته بزيارتنا من أسبوعين، أي قبل أن يتم الحديث عن ضرورة الوقاية في الإعلام الألماني.
عمتي تقدم لنا نصائح مهمة
تقولها إحدى كناتنا على السكايب
أنا أنفذ ماتقول
تقول زوجة أحد أبنائي
ندمت، لأنني لم أطبق تعليماتها منذ أول يوم
تقولها إحدى كناتنا
لكننا اشتقنا لولائم أمنا آخرالأسبوع
يقولها أحد أبنائنا
أمنا أكثر من استفادت من كورونا، فهي ترسخ سلطتها الافتراضية علينا، و على كل منا في بيته، وحتى على بعض أخواتنا وأهلنا في بعض قارات العالم التي تتوزع السوريين، بعد الحرب عليهم
لكنها ناجحة
تقولها ابنتنا الصغيرة
تعيش حماتي
تعيش حماتنا
تعيش ماما
تعيش ماما
تعيش الدكتاتورة
أقولها- مازحاً- وأنا أفكر في مرحلة مابعد كورونا، وأسأل: أيعقل: أن تظل هذه العادت القاسية متبعة؟
مابعد كورونا عنوان جميل
هل سنعيش هذه الفترة
إنه عنوان مقال لي، لقد سئمت مرحلة الاستعنار الكورونالي، لأن أمكم تعيش عصرها الذهبي، إذ صرت تحت مرمى عيون مراقبتها المباشرة، فهي ماعادت تلاحقني بهاتفها:
أين أنت
صوت من هذا
إنها امرأة تجلس على الطاولة المقابلة في المقهى
افتح الكاميرا
أبحث عن طاولة فارغة لأجلس وأفتح الفيديو فلا أجد
ميركل تدفع ضريبة استخفافها بكورولا فهاهي تدخل الحجرالصحي
إنها نقاهة ولاشيء عليها، فهي أنقذت حياة مليون سوري في استضافتهم في بلدها و حتى في غيره

تنصرف أمهم إلى أدعيتها، السلاح اللامرئي، في جبهة صمودها وتصديها ضد الكورونا:
لاأتمنى حتى لأعدائنا أن يصابوا بهذه الآفة
أخشى أن تكون نهاية العالم، وندفن في هذه الأرض الغريبة
لاتخافي، سنعود سالمين إلى وطننا
وستقودييننا هنا ياماما
تقولها ابنتي الكبرى
ماما أعظم قائدة في العالم...!



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المفكر السوري إبراهيم محمود وكتابه المهم: كورونا كورنر:
- درس أول في الكتابة الساخرة
- الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد في سوريا بعض من حكاية ا ...
- 2020
- رواية شنكالنامة للكاتب إبراهيم اليوسف تحظى باهتمام نخبوي وشع ...
- حوار مع أمير البزق سعيد يوسف
- رحيل الشاعرالبدوي الجميل في وداعية أبي سلام- فاضل فهيم الحسو ...
- هكذا كتبت عن مهاباد وآيات الله وبشار الأسد قبل أربع عشرة سنة ...
- توابع منظومة ب ك ك و بوادر استحالة إمكان التغيير من جديد.. خ ...
- توابع منظومة ب ك ك و بوادراستحالة إمكان التغيير خطف تسعيني س ...
- مطارنة وآباء وكهنة قرابين مسيحية على النطع الداعشي: أسئلة من ...
- انتفاضة أحذية الكرد بين الرمزية والاستراتيجيا
- محاولة إرهابية أخرى لاغتيال مدينة اسمها: قامشلو..!
- الكرد يهزمون ترامب؟!
- حين تخسر كثيراً حين تربح كثيراً.. كشف حساب شخصي
- غوبلز تركيا وكتائب إعلامه التضليلي المرافق
- في غياب شخصية القائد السياسي الجامع: كردستان سوريا مدرسة للو ...
- حذاء عامودي، حذاء أفقي
- لواء المنتصر بقلمه: إبراهيم محمود، عن بسالاته، وعنا جميعاً
- الكاتب و أولويات حالة النفير العام


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - زوجتي تقود العالم