أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد عبعوب - الاصولية بين الهدم والبناء.. ليبيا كحالة.














المزيد.....

الاصولية بين الهدم والبناء.. ليبيا كحالة.


محمد عبعوب

الحوار المتمدن-العدد: 6510 - 2020 / 3 / 10 - 21:51
المحور: المجتمع المدني
    


يُزايد الليبيون اليوم، بعد انهيار دولتهم الوطنية عام 2011م، وفشلهم في إعادة بنائها من جديد، و انكفائهم نحو انتماءاتهم القبلية والعرقية؛ يزايدون على بعضهم بأصالة وهمية، و نجدهم ينقبون في صفحات تاريخ موغلة في القِدم، عن اصول لهم تنافي واقعهم و حقيقتهم كأحفاد لخليط من بقايا هجرات شعوب مختلفة قادمة من الشرق او الغرب او الشمال او من الجنوب، مرت بليبيا عبر العصور، نتيجة صراعات بين امبراطوريات متنافسة، او بين قبائل او جماعات تسعى للهيمنة.. هذه هي حقيقة اصول الليبيين اليوم، وهي قاعدة يمكن ان تنطبق بدرجات متفاوتة على شعوب العالم كافة، باستثناء تلك الشعوب التي لا تزال تعيش في عزلة وهي نادرة اليوم بحكم تطورات التواصل والاتصال بين ساكنة كوكب الارض منذ اكتشاف المحرك البخاري قبل ثلاثة قرون، وما تحقق حتى اليوم من تطورات معلوماتية الغت في قمتها الجغرافيا، محولة الكرة الارضية الى قرية صغيرة ..
بالعودة الى موضوعنا عن أصالة عرقية وقبلية وهمية يزايد بها الليبيون اليوم؛ أقول عن الليبيين من أصول عرقية عربية، بأنهم سوى احفاد قبائل عربية ضعيفة جاءت مع موجات الفتوحات الاسلامية الاولى، او مع موجات الهلاليين وبني سليم القادمة من مصر، و أنهم (العرب الليبيون) إجمالا أفخاذ ضعيفة في تلك القبائل التي اختلطت بالجماعات السكانية التي تواجدت بجوارها، أغرتها ندرة السكان في تلك المساحات الشاسعة التي تشكل ليبيا ليوم بالاستقرار فيها، فآثرت الجماعات شبه الحضرية منها البقاء على أطراف التجمعات السكانية الكبيرة مكونة مجتمعات زراعية وحرفية ، فيما آثرت الجمعات البدوية التي تحترف تربة المواشي الانتشار في السهول واطراف الصحاري حيث البيئة المناسبة لحرفتهم. أما القبائل القوية من هذه الهجرات فقد واصلت مسيرتها نحو الغرب ضمن موجات الفتح الاسلامي او كأطراف في صراعات متنوعة، لتستوطن بها على مراحل متعدة..
أما عن الليبيين من سكان المدن الموجودة عل الساحل، فهم بقايا احفاد اسر جنود الامبراطوريات التي تواجدت على الساحل الليبي منذ العصر الفينيقي الى العصر العثماني، وما مر بينهما من امبراطوريات اوروبية وعربية تواجدت على الساحل الليبي، لحماية ممرات تجارتها . او هم بقايا هجرات متنوعة نتجت عن حروب مختلفة، ابرزهم المورسيكيون اي عرب الاندلس الذين اجبرتهم حروب الاسترداد الاسبانية على مغادرة الاندلس، و توزعوا بين مدن ساحل شمال افريقيا، و استقر جزء منهم في المدن الساحلية الليبية، مثل درنة وطرابلس، وبالتالي فإن سكان المدن الساحلية الليبية هم خليط من أصول فينيقية و يونانية ورومانية وعربية و تركية ووغيرها من شعوب تولت إدارة هذه المدن والسيطرة عليها عبر العصور..
أما قبائل الامازيغ و الطوارق و التبو الليبيين الذين يستوطنون اليوم أرياف ومدن الدواخل او يقيمون على أطراف المدن الساحلية، فهم ينحدرون من قبائل استعملت في صراعات امبراطوريات كانت تتنافس للسيطرة على حوض المتوسط عبر العصور، او هم أفخاذ من قبائل ضعيفة مطرودة من المناطق الخصبة في المغرب الكبير أو الصحراء الكبرى، نتيجة صراعات قبلية، او بين دويلات قامت وتحللت في تلك المناطق عبر العصور. وبالتالي فمن السذاجة التغني بأصالة وانتماء عرقي لم يخالطه التنوع بين هذه الجماعات وكل مكونات المجتمع الليبي اليوم..
هذا الاستعراض المختزل لمشهد التنقلات البشرية التي مرت بها ما يعرف اليوم بليبيا عبر العصور، وانتجت لنا ما يعرف بالشعب الليبي، يبدد تلك الاساطير المتداولة اليوم بين التيارات المتصارعة عن صفاء عرقي أو ثقافي لمكوناته، او أصولية أسطورية في ليبيا، ويضع الليبيين كافة أمام واقعهم كخليط متنوع الاعراق والثقافات ، ليس لهم من سبيل للعيش الا بالاعتراف بهذا الواقع الذي انتجته عوامل ثقافية واقتصادية وسياسية متجاوزة للعرق، ينتمون سياسيا لفضاء عربي اوسع . مجتمع اجبرته ظروف الحياة و أطماع اقليمية ودولية في ارضه وموارده على الاتحاد وتجاوز تلك الانتماءات الضيقة والاسطورية من أجل البقاء، في عالم تجاوز منذ قرون ثقافة الاصالة القائمة على الاساطير، بل نراه اليوم يتجاوز حتى فكرة الدولة الوطنية ويتجه لإقامة فضاءات بحجم قارات من أجل ضمان البقاء في ظل انفجار سُكّاني ينذر بصراعات لا مكان فيها للكيانات الضعيفة مثل الدولة الوطنية، فما بالك بالكيانات العرقية والقبلية التي اندثر وجودها على الارض بحكم تقلص الجغرافيا ثم الغائها نهائيا اليوم بفعل الثورة الرقمية التي حولت الكرة الارضية الى قرية .
وأمام هذا الواقع القائم على التنوع في كل صوره، ارى أنه من السخف والسذاجة ان نزايد عن بعضنا البعض بأصالة عرقية او قبلية يدحض وجودها وقعنا، بل لا بدلنا من أن نعي وندرك أن التنوع إذا ما وظف إيجابيا يمكن يحقق أعظم الانجازات، وتقدم أمريكيا اليوم ابرز و اوضح نموذج لنجاح التنوع العرقي والثقافي والديني في بناء أعظم دولة في زمننا المعاصر.



#محمد_عبعوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطباعة ثلاثية الابعاد، نقلة حضارية استثنائية .
- من التائه؟.. عرض لتجربة ناجٍ من وباء الصهيونية..
- هل الجاهلية وصف صحيح لعرب ما قبل الاسلام!!
- قراءة جديدة في حادثة الهولوكوست..
- تجريم وجه الانثى.. كيف ولماذ؟!! وجه الانثى كدليل ادانتها.. ( ...
- الهدف الشرق الاوسط.. قراءة في دراسة لكتاب الحجاب
- تجريم وجه الانثى.. كيف ولماذ؟!! (1) الوجه كمدخل لبناء علاقة ...
- هل يطاح بامبراطور المآسي؟ ومتى ؟
- الفتنة الكبرى.. د. جعيط مستنطقا و مصححا.
- صنع العدو..او كيف تقتل بضمير مرتاح.. قراءة في كتاب ..
- صحيح البخاري بين الأسْطَرَة و الواقع.. قراءة في كتاب صحيح ال ...
- رؤى مستقبلية.. العالم مع بداية القرن 22 ..
- بن جلون مترنحا بين هذيان امه و وميض ذاكرته..
- من هشّم المرايا ؟ قراءة في رواية -رجل المرايا المهشمة- للبنى ...
- ندرة الغذاء.. بين صناعة الأزمة وتسطيح الأسباب(*)
- صنع في مصر(*)..
- قنابل أمريكا توقض القائد(*)..
- ابتسامة معاوي..
- وقائع من ارض الصمود.. ابتسامة الطفل علقم تهز سجون صهيون(*)!!
- مجزة غزة، شاربفيل صهيوني يدشن لزوال -اسرائيل-


المزيد.....




- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: الدمار في غزة هو الأسوأ منذ ا ...
- اليونيسكو تمنح جائزتها لحرية الصحافة للصحفيين الفلسطينيين في ...
- وكالة -أ ب-: اعتقال ما لا يقل عن 2000 شخص في احتجاجات مؤيدة ...
- مجلس رؤساء الجمعية العامة للأمم المتحدة يناقش بالدوحة مستقبل ...
- لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال ...
- الأمم المتحدة: بناء منازل غزة المهدمة قد يستغرق عقودا
- اللاجئون.. رحلة الهروب (الجزء الثاني)
- إروين كوتلر.. والدفاع عن حقوق الإنسان
- اللاجئون.. رحلة الهروب (الجزء الأول)
- على غرار مصر وتونس - الاتحاد الأوروبي يدعم لبنان لمنع تدفق ا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - محمد عبعوب - الاصولية بين الهدم والبناء.. ليبيا كحالة.