أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير حنا خمورو - فيلم -بينما تستمر الحرب- يقدم وجهين لإسبانيا خلال الحرب الأهلية، من خلال شخصيتين، وموقف المثقفين من الديكتاتورية العسكرية















المزيد.....


فيلم -بينما تستمر الحرب- يقدم وجهين لإسبانيا خلال الحرب الأهلية، من خلال شخصيتين، وموقف المثقفين من الديكتاتورية العسكرية


سمير حنا خمورو
(Samir Khamarou)


الحوار المتمدن-العدد: 6510 - 2020 / 3 / 10 - 20:43
المحور: الادب والفن
    


فيلم "بينما تستمر الحرب" يقدم وجهين لإسبانيا خلال الحرب الأهلية، من خلال شخصيتين، وموقف المثقفين من الديكتاتورية العسكرية
حكاية الفيلم عن موقف المثقفين من الانقلابات العسكرية واستيلاء الضباط اليمينيين على السلطة، وفي نفس الوقت هي قصة اسبانيا خلال النصف الثاني من القرن العشرين.كانت خلال السنوات التي سبقت الحرب الأهلية تعاني اسبانيا من عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي. في بداية عام 1936، فازت الجبهة الشعبية وأسست الجمهورية الاشتراكية الثانية، في ظل صعود الفاشية الايطاليا والنازية في المانيا. يتخذ المخرج من موقف بعض المثقفين ممثلا بالفيلسوف والناقد والروائي والشاعر والكاتب المسرحي وعميد جامعة سلامانكا الشهير "ميغيل دي أونامونو Miguel de Unamuno" 1864-1936" الشخصية المحورية في الفيلم، الذي أيد في البداية الانقلاب العسكري ودافع عنه معتقدا انه سيوفر الاستقرار واستعادة النظام لإسبانيا، قبل ان يدرك في النهاية ان الديكتاتورية وأسلوبها في الحكم ستسحق كل من يقف في طريقها.

ولكي نفهم احداث فيلم "بينما تستمر الحرب Mientras dura la guerra" للمخرج الاسباني الشيلي أليخاندوا امينابار Alejandro Amenábar، بشكل افضل نُذكر انه بعد عام 1932 انتقل بعض الملكيين إلى حركة الكتائب الإسبانية الفاشية للمساعدة بتحقيق أهدافهم. وردا على ذلك أصبح الحزب الاشتراكي أكثر تطرفًا، حيث أنشأ لجان ثورية تقوم على تدريب الشباب الاشتراكي سراً. وفي عام 1934 أُسقطت حكومتان كان يسيطر عليها الاتحاد الإسباني لليمين المستقل، التي قامتا بعملية تطهير واسعة في الجيش من الضباط الجمهوريين، وتم تخفيض أجور عمال المزارع إلى النصف. فاز بعدها تنظيم تحالف "الجبهة الشعبية" في انتخابات 1936. والتي لم تحكم إلا لخمسة اشهر، فقد فشل رئيس الوزراء كاساريس في الالتفات لتحذيرات ان مؤامرة عسكرية يتم اعدادها تضم العديد من الجنرالات، الذين قرروا أن الحكومة يجب استبدالها إذا أريد منع تفكك إسبانيا. فقاموا بتنظيم انقلاب عسكري في 17-18 تموز/ يوليو عام 1936. اندلعت الحرب الأهلية واستمرت لغاية 1 نيسان/ابريل 1939 بين جبهة أنصار الجمهوريين والمدافعين عنها، المكونة من الموالين لحكومة الجمهورية الثانية الاشتراكية الشرعية، والانصار المكونة من التقدميين، والشيوعيين، والتروتسكيين الثوريين الفوضويين، بالاضافة إلى دعم ريفي من مناطق مثل كاتلونيا وبالنسيا واقليم الباسك واستورياس والأندلس، والألوية الدولية الحمراء، ومن قياديها، مانويل فانيا، خوسيه جيرال، فرانسيسكو لارجو كاباليرو ومن ناحية الأخرى، القومييون، معسكر المتمردين الانقلابييون اليمينين بقيادة قائد الجيش خوسيه سان خيرخو زعيم الحركة الانقلابية الذي مات في حادث تحطم طائرة مروحية بعد أيام من الانقلاب، ومنظمة الكتائب العسكرية الفاشية، الجيش الإسباني لأفريقيا في المغرب، وايضا من أقصى اليمين وانصار الملكية يقودهم فيدل دافيلا أروندو، خوسيه سولتجا فالا، والجنرال فرانثسيكو فرانكو، وقد اعتمد في جيشه بالاضافة الى الضباط والجنود الاسبان على قوه من الجنود المغاربة الريفيين يبلغ تعدادها خمسين الف جندي، انتهت هذه الحرب الدموية، بانتصار القوميين. الذين سيؤسسون دكتاتورية استمرت 36 عامًا، حتى الانتقال الديمقراطي الذي حصل بعد وفاة الجنرال فرانكو، ويطلق عليها الحرب الأهلية الأسبانية. وبلغ عدد ضحاياها نحو نصف مليون إنسان. وبعد وصوله إلى سدة الحكم قام فرانكو بمطاردة خصومه الجمهوريين شيوعيين كانوا أو اشتراكيين و تصفيتهم، وخاصة المثقفين منهم.

عاد المخرج الاسباني المولود في شيلي، أمينابار، هذه المرة لحقبة مهمة من التاريخ المعاصر لإسبانيا، الحرب الأهلية، وهو واحد من أكثر الفنانيين تفردًا في جيله، فقد اخرج ستة افلام روائية طويلة مختلفة لا تتشابه من ناحية النوع والأسلوب الإخراجي، فيلم عن الرعب بعنوان الأطروحة (tesis) 1996، يحكي قصة أنجيلا، طالبة في جامعة مدريد، تعمل على أطروحة حول العنف والجريمة في الأفلام، وتكتشف أفلامًا ومقاطع فيديو تعرض جرائم قتل حقيقية، إلى فيلم اگورا Agora (2009) ملحمة تاريخية موضوعها الصراع بين العلم والدين في الإسكندرية اثناء العصر الروماني، وفيلم "في داخل البحر Mar adentro" عن رامون شاب تعرض لحادث سير، فقد قدرته على الحركة تماما عدا راسه فقط. انفتاحه على العالم هو من خلال نافذة غرفته ينظر البَحْر، فاز الفيلم بأوسكار وگولدن گلوب لافضل فيلم اجنبي عام 2004، وجائزة الفيلم الأوربي كأفضل مخرج، وافضل ممثل خافيير بارديم، وجائزة التحكيم للممثل بارديم في مهرجان البندقية. وحاز على 14 جائزة من جوائز "گويا" للسينما الأسبانية.

اختار أمينابار شخصيات حقيقية وجدلية لتجسيد هذا التمزق من خلال المعارضة بين رجلين : الكاتب الشهير والفيلسوف أونامونو، عميد جامعة سلامانكا، اختصرت شخصيته هنا برجل عجوز غاضب ويعيش تناقض حاد وخوف، وفرانكو، هذا الجنرال البسيط الذي تبين فيما بعد انه استراتيجي متعطش للدماء، يسحق كل من يقف في طريقه نحو الاستحواذ على السلطة، يخلو من روح الدعابة، لا يمكن التكهن بماذا يفكر. ومن يرى علاقته مع زوجته "ماريا ديل كارمن" تمثيل "ميري ري" العاطفة والحب الذي يكنه لها ولابنته الوحيدة تمثيل "ماريا فرانكو" يعتقد انه رجل عادي، مثل اَي رجل اخر. ظل فرانكو في السلطة يحكم اسبانيا بقبضة من حديد حتى وفاته في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر 1975. وتصور هاتين الشخصيتين في نهاية المطاف عالمين، عالم التآمر والعنف والأسلحة في مواجهة عالم العقل والآداب. يجتمع هذان العالمان عندما يقدم المفكر والمدافع عن النظام الجمهوري أونامونو لأول مرة دعمه وتأييده للانقلاب العسكري في إعلان عام في أيلول/سبتمبر 1936، هذا المفكر المحافظ والكاثوليكي، وقبل كل شيء ليبرالي والمنتمي للحزب الاشتراكي، والغريب، كان من قبل قد عارض دكتاتورية أنطونيو بريمو دي ريفيرا Antonio Primo de Rivera بين عامي 1923 و 1930، انه شخصية مركبة ومعقدة. يكتشف المشاهد اثناء الحرب الاسبانية كيف عمل الثوار على استمالة المثقفين في الداخل والعالم لقضيتهم، في حين وقف هو بالضد منهم، وحاول استغلال موقعه كمفكر وأديب معروف إلى مخاطبة المثقفين لنصرة الانقلاب، ولكنه أعرب الروائي عن أسفه في وقت لاحق لافتقاره إلى التمييز: لقد عانى هو نفسه من الأحداث المأساوية التي تلت ذلك، حيث تم إعدام العديد من أصدقائه الأدباء بشكل تعسفي. يا ترى هل كان غَيّر موقفه لو لم يصل الإعدام رميًا بالرصاص وبلا محاكمة الى اقرب المقربين منه ؟

يتتبع فيلم اللحظات الحاسمة في تاريخ إسبانيا الحديث، ومن خلال الأحداث الماساوية التي عاشتها منطقة سالامانكا في النصف الثاني من عام 1936، في بداية الحرب الأهلية، يدعم عميد جامعة سالامانكا العريقة، أونامونو المتمردين منوالعسكريين: "إنه يريد أن يرى في الجيش القوة التي تعيد للبلد وحدته وقوته والقيم الاجتماعية التي بدأت بالانهيار".
في 19 تموز/يوليو، وبعد يوم واحد فقط تم عزل جميع رؤوساء البلديات من قبل سلطة سالامانكا الجديدة واستبدالها بأشخاص مؤيدين للانقلاب. يتصاعد الصراع السياسي والشخصي للكاتب والفيلسوف ميغيل دي أونامونو منذ إعلانه صباح يوم 19 تموز / يوليو بأنه "تم إعلان حالة الحرب في سلامانكا، وبمساعدة من الله في كل إسبانيا » وكان ذلك دعمه الأولي للعسكريين المتمردين، ضد القوى التقدمية، واصطف إلى جانبهم رغم ان رئيس الجمهورية "مانويل أثانيا" كان قد اصدر قرارا باعتباره رئيس جامعة سلامانكا مدى الحياة، وهنا وقع البطل والشخصية الرئيسيّة في حالة تناقض بين ما كان يعتقده كأشتراكي مؤمن بالجمهورية وبين موقفه من الانقلابين. فأصدر رئيس الجمهورية آثانيا امراً بعزله من وظيفته بعد ذلك. وبعد سيطرة الانقلابين وفي مشهد مثير يُعيد إليه الجنرال ميغيل كابانياس تمثيل (تيتو فالفيردي) كرئيس لمجلس الدفاع الوطني الذي تم إنشاؤه حديثًا، وأحد قادة الانقلاب، منصبه عميد مدى الحياة في جامعة سالامانكا.

يقبل أونامونو وظيفة المستشار الذي عرضه عليه العمدة الجديد، والقائد المحلي ديل فالي، ويدعوا أونامونو بدوره المفكرين الأوروبيين لدعم المتمردين، معلنا أنهم يمثلون الدفاع عن الحضارة الغربية والتقاليد المسيحية، وأول مواجهة تحصل بين الكاتب مع "خوسيه ميانا أستراي" مؤسس فيلق الكتائب ورئيس المكتب الصحافة والدعاية السياسية عندما اتخذ جامعة سالامنكا مقرا له والتي كان أونامونو قد عرفها، بانها معبد الفكر وهو كاهنها الأعلى.

مثير للاهتمام من جانب المخرج أمينابار، باختيار هذا المثقف كشخصية مركزية في لحظة تاريخية ينقلب على كل قناعاته الفكرية والسياسية، مما يسمح له باتخاذ مسارات مختلفة دون محاكمة الشخصية، تقديمها كما هي، طرح أسئلة، اثارة الشك، الاستجواب في مواجهة التحولات التاريخية. الهدف من ذلك، الخوض في شخصية الكاتب المتعدد المواهب، ميغيل دي أونامونو، جسده الممثل "كارا إليخالدي"، الذي يتأرجح من قناعة إلى أخرى، مسكون بتراجيديا الحياة، هذا الكاتب والفيلسوف الاشتراكي، الذي له مكانة ادبية وفكرية عالية ومعترف به على مستوى الدول الناطقة بالأسبانية والذي توقع في وقت مبكر خطر تفكك البلد، ليس من اتباع الملكية، ولا الشيوعية، ومع ذلك يدعم التمرد العسكري الذي قاده فرانكو وعسكريين اخرين، مراهنا على أنه سوف يحافظ على النّظام الجمهوري ؟!، ووحدة البلاد المجزأة بين الكاثوليك، ومعارضيهم، النبلاء الإقطاعيين والعمال والفلاحين، بين الدولة والكنيسة. ومع الوقت، وعندما يشاهد ان كل من حوله من أصدقائه يتم القبض عليهم، ويُغيب طلابه على أساس أنهم يساريون أو اشتراكيون، او مجرد انهم معارضون للانقلاب. و خوفاً من أن تدفع عائلته الكبيرة، (زوجته كونثيبثيون ليذاراثا وتسعة اطفال)، ثمن المجازفة باتخاذ موقف حازم، يهادن ويغلق عينيه في اول الامر. يشعر انه مراقب من قبل أعضاء شباب الكتائب بملابسهم السوداء الخاصة، يتتبعوه أينما ذهب، اصبح تحت المراقبة. لكن الاحداث المأساوية التي تتوالى من حوله لا تتركه، فمثلاً عند العودة من المشي مع زميل له، توقفت سيارة سوداء ونزل منها عدد من رجال الميليشيات واختطفوه. وأمروا المثقف "من الخلف وأنحني رأسك" ويفعل.

خفت حماسته للحركة العسكرية، شيئًا فشيئًا، خاصة في مواجهة القمع الدموي في سالامانكا. تتراكم خطابات نساء الأصدقاء والمعارف والغرباء في جيوبه، تطلب منه التدخل من أجل أزواجهم، ابنائهم المسجونين وايقاف التعذيب والإعدام الذي يتعرضون له. وفي 29 تموز /يوليو يتم القبض على صديقه تاستو برييتو كاراسكو تمثيل (ماريانو لورنتي) رئيس بلدية سالامانكا المنتخب ديمقراطياً، وهو طبيب وأستاذ جامعي وسياسي، ويُطلق عليه النار في نفس اليوم لرفضه الانضمام إلى الانقلاب على الحكومة الشرعية، وجاء دور صديقه خوسيه أندريس يانسو (النائب الاشتراكي)، وفي أوائل أكتوبر، زار أونامونو الجنرال فرانثيسكو فرانكو تمثيل "سانتي بريگو " في القصر الأسقفي للمطالبة بالرحمة والعفو لأصدقائه المسجونين. لكن بلا جدوى. ولم تمر الا اياما قليلة وعرف باعتقال تلميذه المفضل ورئيس جامعة گرانادا، سلفادور فيلا تمثيل (كارلوس سيرانو كلارك)، وتم إعدامه في 7 تشرين الأوّل/ اكتوبر، كما أن العديد من أصدقائه المقربين أُعتقِلوا، مثل الدكتور فيليبرتو فيلالوبوس والصحافي خوسيه سانشيز گوميز، وهم محتجزون بانتظار إعدامهم رميا بالرصاص. وأُختطف صديقه، راعي الكنيسة الأنجليكانية أتيلانو كوكو تمثيل "لويس ڤايرا"، المهدد بالموت (سيتم إطلاق النار عليه في كانون الأوّل /ديسمبر 1936).

فيبدأ بالمواجهة، ويتخذ موقفا شجاعا ويتراجع عن تأييده للإنقلاب العسكري. من الضروري دائمًا إبراز وجهة نظر دقيقة، الفارق بسيط خاصة فيما يتعلق بصعوبة تحديد الموقع عند تناول الحدث. يتعلق الأمر بصورة اوسع من هذه القصة، بإثارة العلاقة بين المثقفين عمومًا والسلطة. إنها أيضًا فرصة لارسال رسالة تحذير من عودة التطرف في أوروبا وحول العالم. الفيلم يدور حول خطاب ألقاه بعد اختتام حفل افتتاح العام الدراسي الذي عُرِفَ آنذاك باسم "يوم العِرق"، موجهًا للجنرالات اعنف الاتهامات وخاصة لفرانكو، يعلن فيها رفضه لتسلط العسكر والانقلاب العسكري. وكانت تلك معركته الأخيرة، واستعاد وعيه، فقد ناضل من قبل ضد الديكتاتوريات ففي ذلك الخطاب الذي ظل مشهورًا في الذاكرة السياسية والأدبية الأسبانية هاجم فيه القوميات وهاجم ايضا أسقف سلامانكا والجنرال ميانا ستايي (مؤسس الفيلق الأجنبي الأسباني)، وكاد ان يقتل بعد الانتهاء من خطابه، فقد صرخوا منتقدوه بهستيريا في نهاية الحفل "ليسقط الفكر"، وحاولوا الاعتداء عليه وطالبوا بإعدامهم، ولكن زوجة فرانكو، ماريا دي كارمن تمثيل "كارمن بولو"، تدخلت وأنقذته، فقد أخذته من ذراعه ورافقته بالسيارة إلى منزله. أصدرت السلطات فيما بعد أمرا بعزله من وظيفته ووضعته تحت الإقامة الجبرية في منزله حتى مماته في نفس السنة في 31 كانون الأوّل/ ديسمبر 1936. اما بالنسبة للشخصية الاستبدادية للجنرال فرانكو يظهره المخرج أمينابار، رجل غامض ومتحفظ، وتقريبا بلا شخصية، وحتى ان اقرب معاونيه، كانوا يجدون صعوبة في معرفة كيف يفكر وماذا يريد. قام بتشكيل وبناء صورة له من خلال الدعاية السياسية، هذه الشخصية الباردة، والقليلة الكلام، هو فقط أكثر إثارة للقلق ومزعج لأننا بالكاد نسمعه. إنه يسمح لمن حوله بالتحدث ليكتشف بما في دواخلهم، يتجول بعينيه بسكون في انتظار زمنه للاستيلاء على السلطة بالكامل، والتخلص من كل من يعتقد انه عقبة امامه. كما انه شديد التعلق بعائلته يقول المخرج "في رأيي، عدد قليل جدا من الناس توقعوا ان ذلك قد يحدث. شبح فرانكو يطفو بيننا اليوم."

سيناريو الفيلم يعتمد السرد كلاسيكي، كالأفلام التاريخية الكبيرة، التصوير جميل جدا واللقطات وحركة الكاميرا مرسومة بدقة، جميع اللقطات متساوية، جميع المشاهد تأخذ نفس الإيقاع، الى درجة ان المتفرج الذكي في بعض المشاهد، يشعر بما يفعله المخرج، مما يؤدي الى عدم الاندماج، او لنقل ان كل شيء مجرد رسم توضيحي، خاصة في المشاهد الخارجية، في حين ان لقطات الداخلية في قاعة اجتماع الضباط وفي قاعة الجامعة جذابة من ناحية الإضاءة الخافتة وتوظيف الظل والضوء لتساهم في توتر الأحداث كما ان التصوير داخل ديكورات حقيقة منحت الفيلم الجانب الواقعي. لقد جسد الشخصيات الرئيسية ممثلين كبار ومقتدريين. ليس في الفيلم فذلكات إخراجية او مشاهد تسمح للمشاهدين بالتفكير لانه كما اعتقد أراد ان يكون مخلصا للأحداث التاريخية. يقول المخرج "اليوم، نشهد تجدد الحركات الفاشية في أوروبا. في هذا المعنى، يتحدث الفيلم عن الحاضر بقدر ما يتحدث عن الماضي."هذا هو الخطاب الذي القاه ميغيل دي أونامونو أمام القادة وزعماء الفاشيين للتنديد بـ "الاحتفال بالعِرقْ" الذي روجوا له قبل الحرب العالمية الثانية. يقول المخرج اعتقد"أن الفيلم هو صورة مخلصة لما شعر به أونامونو: محاصر في منزله في سالامانكا، مرفض من قبل أصدقائه والمعشوق من قبل أعدائه في المستقبل" رد فعل، وتفكير رجل الأدب يقوده إلى الالتزام بالحرية، مخاطرًا بحياته. ولا زالت جملته التاريخية لفرانكو "ستنتصر ولكن سوف لا تُقنع vencerás pero no convencras" وهي جملة شهيرة في الأدب السياسي الاسباني، التي تردد صداها لفترة طويلة في أذهان الناس الذي يعرف أن إسبانيا ستغرق في الديكتاتورية حتى عام 1977. يقول المخرج "لا أعتقد أننا يمكن أن نكون محايدين تمامًا"، ومع هذا كمشاهد، أحب الأفلام التي تمنحني مجالًا للتفكير ، والتي أحاول بدوري تقديمها كمخرج."

الفيلم من اخراج وموسيقى أليخاندرو أمينابار، سيناريو الكوبي هيرنانديز وأليخاندرو أمينابار، مدير التصوير أليكس كاتالان، مونتاج كارولينا مارتينيز، تمثيل كارا إليخالدي بدور ميغيل دي أونامونو، إدوارد فرنانديز بدور خوسيه ميلان أستراي، سانتي بريگو بدور الجنرال فرانسيسكو فرانكو، تيتو فالفيردي بدور ميغيل كابانيلاس، باتريثيا لوبيز أرنيز بدور ماريا دي أونامونو، و ناتالي بوزثا بدور آنا كاراسكو روبليدو.

في حفل مهرجان گويا Goya الدورة الرابعة والثلاثين للأفلام الأسبانية الذي انعقد 25 كانون الثاني/ يناير 2020، في مالاكا Malaga فاز فيلم "بينما تستمر الحرب"، بخمس جوائز: أفضل إدارة إنتاج وأفضل ديكور وأفضل الأزياء وأفضل مكياج وتسريحات الشعر ، وأخيرا أفضل ممثل مساعد لإدوارد فرنانديز في دور الجنرال خوسيه ميلان أستراي. وهو من الإنتاج مشترك الأسباني - الأرجنتيني.

اليوم إسبانيا، ملتزمة في صراع مع الذاكرة، وفي معركة ضد "اللاذاكرة"، بعد صدور قانون العفو لعام 1977، والذي يشار إليه غالبًا باسم "ميثاق الصمت" أو "ميثاق النسيان" ، الذي يستبعد أي محاكمة لجرائم فرانكو. وردا على ذاك القانون اصدرت حكومة خوسيه لويس ثاباتيرو الاشتراكية، في كانون الأوّل /ديسمبر 2007، (قانون الذاكرة التاريخية)، الذي يضفي الطابع المؤسسي للتعويض عن الجرائم وضحايا الحرب والدكتاتورية. ومن خلال إخراج هذا الفيلم، يشارك أمينابار في كتابة تاريخ هذه الذاكرة، وحاول تسليط الضوء على العلاقة المعقدة التي تربط البلاد بهذه الفترة من تاريخها. على مدى السنوات العشرين الماضية، ساهمت إبداعات أخرى، أدبية و سينمائية، قبله في هذا المجال المتعلق بالذاكرة مِنْهَا : فيلم صوت النوم La voz dormida للكاتب دولس شسثاكون Dulce Chacón و اخراج بينيتو زامبرانو Benito Zambrano الذي عرض عام 2013، والفيلم الوثائقي، صمت الآخرين El silencio de otros سيناريو واخراج ألمدينو كاراثيرو Almudena Carracedo و وربيرت باحار Robert Bahar عرض في 2018، و رواية جنود سالامينا Soldados Salamina للكاتب دافيد ترويبا Trueba، الذي أعده للسينما واخرجه خافيير ثيركاس Javier Cercas، وعرض عام 2003. تعمل هذه الروايات والافلام على إعادة بناء ذاكرة صادرها "حلف النسيان.".

عن المخرج
أليخاندرو أمينابار من مواليد 31 آذار /مارس 1972 في سانتياغو، شيلي، كاتب سيناريو ومونتير وممثل ومنتج ومؤلف موسيقي أسباني مهم، اخرج اول فيلم روائي طويل الاطروحة Tesis عام 1996، وبعده فيلم "افتح عينيك Abre los ojos"عرض عام 1997، فيلم "الأخرون The Others" عام 2001، فيلم "أغورا Agora" تاريخي عن أحداث حقيقية في حياة الفيلسوفة هيباتيا في الإسكندرية، عرض لاول مرة خارج المسابقة الرسمية في مهرجان كان السينمائي سنة عام 2009، فيلم "الانحدار Regression" فيلم اثارة و رعب عرض عام 2015، حصل فيلمه الروائي "في الخارج Mar adentro " عام 2004، أوسكار لأفضل فيلم أجنبي، كولدن كلوب لأفضل فيلم أجنبي، جائزة لجنة التحكيم الكبرى الخاصة في مهرجان البندقية، الجائزة الأوروبية لأفضل مخرج وأفضل ممثل. والفيلم "بينما تستمر الحرب" هو السابع.



#سمير_حنا_خمورو (هاشتاغ)       Samir_Khamarou#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توقيع اتفاق تاريخي بين الولايات المتحدة وطالبان بعد 18 عامًا ...
- جوائز سيزار للأفلام الفرنسية في ظل احتجاجات حاشدة
- هل هي بداية النهاية للإسلام السياسي في فرنسا ؟ الرئيس أعلن ا ...
- تجري إنتخابات مجلس النواب الايراني في ظروف صعبة
- إيران تهيئ -الجنود الأطفال- للتدريب العسكري في جميع أنحاء ال ...
- إنهم لا يعرفون ما هي الطفولة. ملحمة الأطفال العاملين في إيرا ...
- المرأة العراقية تصدر مناشدة للحصول على الدعم الدولي
- النظام الايراني في حالة ضعف شديد، وبالمقابل تحتجز رهائن فرنس ...
- توفى سبارتاكوس عن عمر يناهز 103، بعد مسيرة فنية استمرت لمدة ...
- ناديا لطفي نجمة اخرى تنطفيء من الفترة الذهبية للسينما المصري ...
- اهتمت صحف فرنسية باختيار علاوي كرئيس للوزراء واثارت العديد م ...
- مواقف الدول الغربية وروسيا والصين من خطة ترامب لإنهاء القضية ...
- مجموعات يهودية تقدمية ترفض خطة السلام في الشرق الأوسط، والعر ...
- رحيل الفنانة المصرية ماجدة بعد غياب طويل عن الاضواء
- قائمة الافلام المرشحة لجائزة الاوسكار، وتوقعاتنا
- الازمة تتصاعد بين الجمهورية الاسلامية الايرانية والميليشيات ...
- الرئيس برهم صالح يتحفظ على ترشيح العيداني رئيسا للوزراء ويلو ...
- ردًا على العقوبات الاميركية ضد قادة الميليشيات، عبد المهدي و ...
- رسالة مفتوحة لرييس الوزراء القادم والمنتفضين
- رسالة مفتوحة إلى رئيس الوزراء القادم والمنتفضين


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير حنا خمورو - فيلم -بينما تستمر الحرب- يقدم وجهين لإسبانيا خلال الحرب الأهلية، من خلال شخصيتين، وموقف المثقفين من الديكتاتورية العسكرية