أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فارس عبد الوهاب امين - القيادة والتغيير














المزيد.....

القيادة والتغيير


فارس عبد الوهاب امين

الحوار المتمدن-العدد: 6507 - 2020 / 3 / 7 - 16:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بغداد- اذار - 2020
مر ما يقارب النصف عام على الاحتجاجات الشعبية في العراق، ولا تزال تلك الحركة الاحتجاجية تراوح مكانها ،كما أن إجراءات السلطة لم تحقق أي تقدم باستثناء التصويت على قانون انتخابات ،لم ينجز بشكل كامل واستقالة الحكومة ،التي ما زالت تسيّر أمور الدولة.
بعد مرور ستة أشهر، ماذا تحقق غير الفوضى والخوف من المجهول؟ ولماذا لم تستجب تلك الاحتجاجات لواقعها الثوري ،الذي استمدت قوته من رغبة تاريخية للشعب العراقي الذي سئم من تخبطات السلطة وفسادها؟.
في تصوري أن السلطة والمحتجين ،يتحملان مسؤولية ما آلت إليه الأمور الآن، وذلك بسبب غياب الوعي في التعامل مع خطورة الوضع الراهن، وللأسف ،إن المحتجين على اختلاف وعيهم ،لم يطلعوا جيداً على التجارب العالمية المماثلة، ففي بولندا عندما بدأت الحركات الاحتجاجية ضد النظام الشيوعي ،كانت هناك قيادة واضحة تطلق على نفسها "حركة التضامن" وهي نقابة عمالية أسسها ليخ فاونسا، واستطاعت هذه القيادة ،لما تمتلكه من رؤية واضحة في الأهداف من إسقاط الحكم الشيوعي بعد ثمانين عاماً من الحكم ،بعد جولة مفاوضات بين الحكومة الشيوعية وحركة التضامن ،وانتهت بإجراء انتخابات حققت خلالها الحركة انتصاراً ديمقراطياً وأصبح ليخ فاونسا حاكما للبلاد وحقق جميع مطالب الشعب ،التي قامت من أجلها التظاهرات.
وفي تشيكوسلوفاكيا كان للاحتجاجات التي قادها فاتسلاف هافل تأثير فاعل في تحريك النمط الثوري السلمي ،بعد أن تمكنت من إسقاط الحكم الشيوعي بثورة بيضاء ،وبعدها تحقيق الانفصال السلمي بين التشيك وسلوفاكيا ،وكل ذلك تحقق لأن هافل يمتلك كاريزما القائد الثوري الواعي لمتطلبات المرحلة، وبفضل تلك القيادة تحققت مطالب الشعب.
وفي رومانيا تمكنت الاحتجاجات الشعبية من الإطاحة بنيكولاي تشاوشيسكو أكبر دكتاتور في أوروبا الشرقية ،وذلك بسبب وجود قيادة حقيقية وفعلية للاحتجاجات ،أسهمت بشكل كبير في تنظيم الحراك الشعبي والتخلص من النظام الدكتاتوري.
وكل هذه التجارب تدلل على أهمية وجود القيادة الميدانية الفكرية ،التي تستطيع أن تحدد استراتيجية الحراك وفق رؤية واضحة ومحددة ،يمكنها من انتزاع حقوقها بأقل الخسائر، فالقيادة التي تمتلك مواصفات خاصة تجعلها قريبة من الجماهير وعارفة بمطالبها وقضاياها هي من تستطيع أن تمثل الشعب في مراحل التفاوض وإعادة بناء الدولة.
ولكن التظاهرات في العراق ،وبما أفرزته المعطيات ،أثبتت أنها تفتقر الى القيادة الماسكة بخيوط الحراك ،والقادرة على التعاطي مع المتغيرات،فضلاً عن بطء شديد في التحرك الثوري المنتزع لحقوقه ،وفق استراتيجية السلم ،بما يمكنها من تحقيق ذلك باستغلال حالة الضبابية السلطوية ،وعدم الثبات لدى صناع القرار، لكن كل ذلك لم يحصل ،بل على العكس ضلت الاحتجاجات تراوح وتتراجع خطواتها الى الوراء ،وتحولت إلى فوبيا تصدع ذهنية المواطن ،الذي بات يخشى من المجهول، وهذ التخبط حدث، بالرغم من أن التظاهرات كبيرة من حيث العديد والمساحة الجغرافية ومتنوعة من حيث المستوى الثقافي والفكري وبعيدة إلى حد كبير عن التخندق الطائفي والحزبي.
فلماذا تحولت التظاهرات من ضرورة وطنية إلى حركة يراها البعض مجرد فوضى وخراب ؟، الجواب واضح ولا يحتاج إلى ذكاء أو دراسة علمية، هو غياب القيادة الموحدة التي تمتلك رؤية سياسية واقتصادية ،تمكنها من التفاوض مع البرلمان والكتل السياسية والأحزاب وخلق تفاهمات ناضجة ،تسهم في إعادة بناء الدولة من جديد، لكن الاحتجاجات لم تمتلك تلك القيادة وظلت مشتتة ،وغير قادرة على التعبير عن وجودها الفكري ،مثلما عبرت عن وجودها البشري، بل طوقت نفسها بعناد وازدواجية في القرارات والمطالب ،فتارة ترشح علاوي ،وبعدها ترفضه ،وتارة أخرى ترشح علاء الركابي وفائق الشيخ علي لتعود بعد ذلك رافضة لترشيحهما.
لم تستطع الاحتجاجات أن تخرج من واقعها الانفعالي ،والابتعاد عن الأرض الرخوة التي تسير عليها، بل ظلت غاطسة في تلك الأرضية ،ولم تحقق أي قفزة إلى الأمام، فهل يعتقد المحتجون أنهم يستطيعون انتزاع السلطة من الأحزاب القوية ،والمسلحة بأموال ضخمة وأسلحة؟، حتماً أن خيار العند ،هو الأضعف في حلقة التظاهرات ،والورقة الخاسرة التي تريح الأحزاب، وجميع المحاولات التي قامت بها الحكومة والبرلمان لفتح قناة اتصال واجراء حوار مع المتظاهرين اصطدمت بخيارت العند والرفض، حتى المحاولة الاجرائية التي قام بها رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ونزوله الى ساحة التظاهرات وذهابه بشكل شخصي الى ساحة النسور لمقابلة المتظاهرين والاستماع الى مطالبهم قوبلة بالرفض والعناد، وكان بامكان المتظاهرين اجراء حوار مباشر وايصال صوتهم للأعلى شخصية في السلطة التشريعية خاصة وانه شاب ويستطيع ان يفهم متطلباتهم
المتظاهرون يحتاجون الآن إلى القيادة أو مجموعة قياديين يمثلون المتظاهرين لتحديد الاستراتيجية ،التي يتفاوضون من خلالها مع الدولة ،وإجراء حوارات مع الأمم المتحدة والاتحاد الاوروبي والمنظمات الدولية الأخرى ،أما البقاء على هذه الفوضى فإن هذه التظاهرات ،ستخرج عن إطارها الوطني والشعبي ،وتتجه إلى المزيد من الفوضى ،وهو ما يسير عكس طموحات الشعب الباحث عن الهدوء بعد عقود من الضجيج.
الجميع يعلم أن الشعب بحاجة إلى الخدمات والرفاهية ،لكن هذا الأمر يأتي عن طريق التفاهمات والرؤية الواضحة ،وليس عبر العناد والفوضى وتزايد وتيرة العنف، ونستطيع القول إن الخروج من المأزق ،لا يتم إلّا بوجود القيادة الثابتة ،لأنها أساس الاحتجاجات ،وبدونها تكون التظاهرات مجرد حركة عشوائية تعبر عن رفض هستيري لحالة دون البحث عن البدائل.
لذلك أنصح المتظاهرين بالإسراع لإيجاد قيادة أو مجموعة قيادات متفقة مع بعضها على برنامج سياسي قابل للتحقيق على المدى المنظور ،لأن التغيير المنشود لا يتم من دون قيادة تخطط للحاضر وترسم أطر المستقبل.



#فارس_عبد_الوهاب_امين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكرى مؤلمة في شباط الاسود
- منقذ العراق : رجل أعمال وطني
- هل ستنتصر الديقراطية من جديد على اقزام الطاغية المقبور؟
- الفاسد لا يصلح الفساد
- القطاع الخاص ودوره في التنمية و احتواء الموارد البشرية العرا ...
- الصاروخ البالستي والصاروخ الدولاري
- الحكومة القادمة : من دولة مستهلكة الى دولة منتجة
- في ذكرى ثورة 14 تموز 1958 محاولات الكشف التي تعرض لها تنظيم ...
- ثورة 14 تموز دروس وعبر في الذكرى السابعة والخمسون


المزيد.....




- كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما ...
- على الخريطة.. حجم قواعد أمريكا بالمنطقة وقربها من الميليشيات ...
- بيسكوف: السلطات الفرنسية تقوض أسس نظامها القانوني
- وزير الداخلية اللبناني يكشف عن تفصيل تشير إلى -بصمات- الموسا ...
- مطرب مصري يرد على منتقدي استعراضه سيارته الفارهة
- خصائص الصاروخ -إر – 500 – إسكندر- الروسي الذي دمّر مركز القي ...
- قادة الاتحاد الأوروبي يتفقون على عقوبات جديدة ضد إيران
- سلطنة عمان.. ارتفاع عدد وفيات المنخفض الجوي إلى 21 بينهم 12 ...
- جنرال أوكراني متقاعد يكشف سبب عجز قوات كييف بمنطقة تشاسوف يا ...
- انطلاق المنتدى العالمي لمدرسي الروسية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فارس عبد الوهاب امين - القيادة والتغيير