أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميثم الجنابي - صعود الأحزاب العرقية (الكردية) واندثار الأبعاد العراقية















المزيد.....

صعود الأحزاب العرقية (الكردية) واندثار الأبعاد العراقية


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 6499 - 2020 / 2 / 26 - 23:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في نقد تقاليد وهوية الأحزاب السياسية في العراق(2)


إن دراما الانفصال والتجزئة والانغلاق في الأحزاب السياسية وبرامجها لم تكن صفات مميزة للأحزاب الشيعية السياسية والقومية الكردية، بل مست الجميع دون استثناء. غير أن البحث هنا سوف يكون مخصصا لهذين النوعين من الأحزاب بسبب نموذجية التحول فيهما بهذا الصدد. وهو تحول راديكالي صنعته شراسة الطائفية السياسية وهمجية القمع القومي المعجونة بالانحطاط الشامل في مؤسسات الدولة والمجتمع المدني والخروج على ابسط مقومات الوطنية من جانب السلطة الصدامية، أي كل ما أدى إلى صعود نفسية وفكرة الرجوع إلى «المصادر الأولية». وهو رجوع اتخذ في حالة الأكراد ما أسميته بدراما «الانفصال القومي».
فقد اتخذت نفسية وفكرة الرجوع إلى «المصادر الأولية» عند الأكراد بحكم الضرورة طابع النزوع العرقي، وذلك بسبب الضعف التاريخي والذاتي للقومية الكردية. وذلك لأن "القومية الكردية" هي "قومية" بحكم الإمكانية وليس بحكم الواقع. وهي إمكانية مقطوعة بسبب خلوها من تاريخ الدولة ومنظومة الثقافة التاريخية. مما جعلها على الدوام اقرب إلى المعشر والقوم منها إلى قومية ودولة. وقد تناولت مقدمات هذه الظاهرة وأسبابها، بما في ذلك انحدار الفكرة القومية الكردية صوب العرقية، في أكثر من مقال ودراسة وبحث. لهذا اكتفي هنا بتعميم حصيلة التجربة السياسية للأحزاب القومية الكردية بهذا الصدد.
مرت دراما «الانفصال الكردي» بثلاث مراحل، الأولى ترافقت مع نتائج عاصفة الصحراء(1991- 1992)، والثانية تشكيل إقليم تحت المراقبة (أمريكي بريطاني تركي) (1992- 2003)، والثالثة بعد سقوط الصدامية (2003-). ويمكن ملاحظة التغيير النوعي في سلوكها الخارجي والداخلي من خلال تبدل القوة المؤثرة في سياسة الأحزاب القومية الكردية. بمعنى الانتقال من تأثير العامل الإيراني إلى الأمريكي - البريطاني - التركي، وأخيرا إلى الأمريكي - العراقي. وهو تحول كان يعمل في اتجاهين خاص (قومي كردي) وعام (عراقي)، أو داخلي (كردي) وخارجي (عراقي)، لعل فكرة الفيدرالية العرقية وليست حتى القومية هي احد مظاهرها اللاحقة.
وتراكمت في دراما «الانفصال» نوعية خاصة من الانفصام الوطني في الوعي السياسي القومي الكردي. وهو تراكم تدريجي في الزمن راديكالي في النوعية، أي منذ عام 1992 حتى 2002. وهي الفترة التي تشكل مرحلة انحطاط الدولة العراقية بوتيرة سريعة وتعرضها إلى تدخل وضغوط خارجية شديدة. وشكلت هذه الحالة المرتع الذي عاشت عليه ونمت النزعة العرقية الكردية كشكل من أشكال التعويض عن المهانة التي تعرضوا إليها من جانب الدكتاتورية الصدامية. لكننا حالما نحلل التحول بمعايير الرؤية العلمية، فإننا نتوصل إلى انه لم يكن مجرد رد فعل على السياسة الصدامية، بل ونتاجا مترسبا في قاع الفكرة القومية الكردية غير العميق. بمعنى أن ضعف وهشاشة الفكرة القومية الكردية وطبيعة البنية التقليدية الجبلية والتخلف الثقافي التاريخي هو المصدر الأساسي لهذا التحول. وهو أمر برز بوضوح بعد فترة قصيرة من «الاستقلال» بأثر تراكم الصراعات الداخلية الكردية – الكردية. رغم انه استقلال محكوم بحماية قوى عسكرية خارجية (أمريكية بريطانية) وممول من دكتاتورية داخلية (عراقية)!! ويمكن فهم هذا التمازج بمقاييس الابتذال الحزبي باعتباره «تكتيكا سياسيا». غير أن التكتيك السياسي مهما كان محسوبا بتوازن القوى من الناحية العملية، لا يمكنه أن يصنع في حال خضوعه لابتزاز الدينار والدرهم وقوى الاحتلال شيئا غير نفسية وذهنية المؤامرة والمغامرة. انه يتحول مع مجرى الزمن إلى مراوغة حزبية وفي مجال «الصراع القومي» لا يمكنه أن يؤدي لشيء غير ابتذال الفكرة القومية التحررية نفسها.
وشكلت «الاتفاقية» الموقعة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني في واشنطن في السابع عشر من أيلول عام 1998 نموذج هذا الابتذال الكلاسيكي. ففيها نقرأ في أول فقرة من «الاتفاقية» شكر الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني الوزيرة أولبرايت وكذلك الحكومة الأمريكية لتحقيقها سلسلة من اللقاءات الودية والناجحة خلال أيام في واشنطن!! ويعكس هذا الشكر واقع انعزال الأحزاب القومية الكردية. فمن الناحية الجغرافية لا يعزل احدهما عن الآخر سوى جبال قليلة. اما في معناه الرمزي فقد كان الذهاب إلى واشنطن يعكس حقيقة المسافة الفعلية بالمعنى الجغرافي والغاية. ولا يمكن للرؤية الحزبية أن تجعل هذه الغاية قادرة على الارتقاء إلى مصاف الرؤية الوطنية العراقية. لهذا أصبح الذهاب إلى واشنطن الطريق الأقرب للرجوع إلى «كردستان»! إذ يفتقد هذا الرجوع الجغرافي إلى الأبعاد القومية والاجتماعية السليمة. ونعثر على هذه النتيجة في «الوثيقة» نفسها. ففيها نقرأ شكر الحزبين للولايات المتحدة وقيادتها على مساعدتهم في اجتماعهما من اجل «دعم آلية عمل للتعامل المستقبلي»!! بل يجري وصف نتائج اللقاء بكلمة «عظيمة»، وذلك لأنه استطاع أن يعمل من اجل «إنهاء النزاع بشكل تام ودائم» بين الحزبين. وهو إنهاء يمكن فهم حوافزه الداخلية على انه مرهون بتدخل القوى الخارجية. بمعنى انه ليس نتاجا لوعي ذاتي، ومن ثم لا قومية فيه. كما يمكن رؤية هذه النتيجة بوضوح في حدة الموقف المعادي للحركات الكردية التحررية في تركيا وغيرها من مناطق انتشار الأكراد. كما نراه في الفقرات التي تتكلم عن «منع الإرهاب وذلك بتوفير حماية اقوي للحدود العراقية». ولعل الاتفاق على ما يسمى بمهمات المرحلة الانتقالية تصب في هذا الاتجاه. كما نراها في البنود المتعلقة بالمحافظة على الحدود التركية والإيرانية، والقيام بإجراءات معقولة للسيطرة على مراقبة تدفق الأشخاص عبر هذه الحدود ومنع تحركات الإرهابيين. كما يجري تحريم وتجريم حزب العمال الكردستاني ومحاربة «أي ملاذ له داخل إقليم كردستان العراق» كما يجري التعهد بضمانة «عدم وجود أي قواعد لهذا الحزب داخل هذه المناطق، وسوف يمنعونه من زعزعة الاستقرار والإخلال بالأمن أو استعمال القوة عبر الحدود التركية».
ولم يكن مضمون هذه العبارات محكوما بأولوية الرؤية الوطنية العراقية، بقدر ما أنها تشير إلى الاستعداد الفعلي للحفاظ على المصالح الضيقة الخاصة. وإلا فمن الصعب فهم أو تبرير كلمة «الكردستاني» بوصفها الكلمة الجوهرية في أسماء الحزبين!! أما الاستمرار اللاحق لهذه الرؤية الحزبية فقد شق لنفسه الطريق أيضا إلى الموقف من قضايا العراق والقوى العراقية. وفي حصيلتها كانت النتاج غير المرئي في بداية الأمر لضعف الرؤية السياسية الاجتماعية وغلبة فكرة ونفسية الغنيمة. وفيها تنعكس أمزجة الرؤية الحزبية التي تتعامل مع إشكاليات أكراد العراق بنفسية وذهنية الرهينة، أي لا أبعاد اجتماعية حقيقة فيها. من هنا الاهتمام المفرط بفكرة الوساطة والوصاية الأجنبية. ففي الجزء المتعلق بما أسمته «اللقاءات المستقبلية بين القيادات» تجري الإشارة في الفقرة الثانية منه إلى رغبة الحزبين في أن يكون «أول لقاء في أنقرة واللقاء اللاحق في لندن»! كما توضع ضمن مهمات «هيئة التنسيق العليا» حق طلب «وساطات عالمية» وليس وساطة واحدة! ولا تعني نفسية الائتمان والثقة بالوساطة الخارجية بالنسبة لقوة «قومية تحررية» في بداية معتركها سوى هوة التجزئة العميقة وانعدام الثقة التي ترتقي إلى مصاف الغريزة الحيوانية. ومن الممكن العثور على هذه النفسية في مظهر وباطن اغلب البنود الأساسية للوثيقة. ففي الموقف من الانتخابات لا نعثر من حيث الجوهر على فكرة الديمقراطية والحقوق، التي سوف يجري المتاجرة الرخيصة بها في وقت لاحق، وبالأخص بعيد سقوط السلطة الصدامية. إذ ليست البنود المطالبة «بإجراء انتخابات حرة ونزيهة لبرلمان إقليمي جديد» و«الاعتماد على أدق المعلومات الإحصائية المتوفرة حول تعداد السكان للمحافظات الشمالية الثلاث وتوزيع القوميات والمذاهب». و«العمل مع هيئات دولية، بأجراء إحصائية وذلك لتهيئة التسجيل الانتخابي»، سوى الوجه الفعلي على نفسية التجزئة وعدم الثقة والشك وانتشار التزييف والتزوير في الإحصاء والمواقف. وسوف تبرز هذه الممارسة من جديد بعد ظهور أول إمكانية للاندماج الوطني بالعراق بعد فترة «الاستقلال»، التي لم تصنع في هذا المجال سوى نفسية وذهنية التجزئة والانعزال وعدم الثقة. ولعل عبارة معرفة تعداد سكان المحافظات الشمالية الثلاث على أساس «توزيع القوميات والمذاهب» هي الصيغة الأولية المبطنة التي ستكشف عن مضمونها السياسي بعد عام 2003. كما أن التجزئة في المواقف والنيات مازالت عميقة لحد الآن في كل شيء، بما في ذلك تجاه مهمة ما دعته الوثيقة بتوحيد وحدات الميليشيا (البشمركة). وهي نفس الممارسة التي سنراها لاحقا. بمعنى بقاء الميليشيات مجزأة على أساس حزبي، في حين يجري رفعها الآن إلى مصاف «الجيش»!!
مما سبق يتضح، بان دراما «الانفصال الكردي» قد أدت في مسارها السلبي إلى ترسيخ وتعميق ثلاث مكونات (نفسية وذهنية) فاعلة عند الأحزاب القومية الكردية الكبرى وهي كل من نفسية وذهنية الغنيمة، والوساطة والوصاية الأجنبية، والتجزئة والانعزال. وهي مكونات تراكمت فيها ذهنية ونفسية الأحزاب القومية الكردية في مجرى عقد كامل من الزمن، وجدت طريقها وتهذبت جزئيا من خلال المسار العام أو الخارجي (العراقي) كما نراه في اشتراكها الفعال ومساهمتها في أعمال ونتائج «مؤتمرات» المعارضة العراقية حتى سقوط السلطة الصدامية.
طبعا أن الصيغة الأولية للتوجه العراقي، الذي برز بوضوح في الوثيقة التي جرى توقيعها في واشنطن على اثر الاحتراب الدموي الطويل بين الحزبين، لم تكن نتاجا للرؤية العراقية الكردية، بقدر ما كانت جزء من رؤية الولايات المتحدة وبريطانيا من جهة، وتركيا من جهة أخرى. وهي رؤية جرى التعبير عنها بوضوح في احد البنود التي تقول، بان الحزبين يتفهمان «بان الولايات المتحدة تحترم هذه التطلعات لجميع العراقيين». ومن أهم هذه «التطلعات» الواردة في بنود الاتفاقية كل من الإقرار «بسلامة ووحدة الأراضي العراقية، والمحافظات الشمالية الثلاث دهوك، أربيل والسليمانية هي جزء من العراق». و«كل من الحزبين دون استثناء يقبلون بالحدود الدولية العراقية»، و«يسعى كلا الحزبين لخلق عراق موحد، تعددي وديمقراطي الذي يضمن الحقوق الإنسانية والسياسية للأكراد في العراق، وجميع العراقيين وفق أسس سياسية مقررة من قبل الشعب العراقي»، ويطمح «الحزبين بعراق مبني على أسس فيدرالية بشرط أن تصان وحدة أراضيه الإقليمية».
لقد قيدت هذه الوثيقة وغيرها، وواقع وإمكانيات الحركات القومية الكردية في العراق والمنطقة، مكونات النفسية والذهنية المتراكمة فيما أسميته بالمسار السلبي للأحزاب القومية الكردية. ونعثر على هذا التقييد فيما أسميته بالمسار العام (العراقي) أو الخارجي لدراما «الانفصال الكردي»، أي كل ما نعثر على مفاصله في اختلاف وتباعد وتقارب وتمازج وتناقض وتوافق الهمّ الكردي والهمّ العراقي. وهي عملية طبيعية في ظل انحطاط الدولة المركزية بعد سلسلة الحروب الداخلية والخارجية التي لازمت كل زمن الدكتاتورية الصدامية، وفي ظل تنامي الوعي القومي الكردي المحكوم منذ البدء باختلاف أصوله عن العرب واغترابه عن العراق بالمعنى التاريخي والثقافي. ومن هذين المكونين (السياسي القومي والتاريخي الثقافي) تراكمت عناصر الفكرة العرقية والانعزالية في إيديولوجيات الأحزاب القومية الكردية. وهي عملية متناقضة يصعب الحكم عليها بصورة وحيدة الجانب، إلا إننا نستطيع تتبع ملامحها الكبرى المتراكمة في وعي ولاوعي الأحزاب القومية الكردية في غضون العقد «الحاسم» من زمن «الحواسم» التوتاليتارية والدكتاتورية.
ففي نص ميثاق العمل الوطني المشترك المنعقد في دمشق بنهاية عام 1990 نعثر على فكرة «إنهاء ممارسة الاضطهاد القومي» وكذلك مطلب «إلغاء سياسة التمييز القومي وإزالة الآثار السياسية والسكانية لمحاولة تغيير الواقع القومي والتاريخي لمنطقة كردستان العراق، وحل المشكلة الكردية حلا عادلا، ومنح الكرد حقوقهم القومية والسياسية المشروعة من خلال تطبيق وتطوير بنود اتفاقية 11 آذار سنة 1970 نصا وروحا». في حين نرى تغير النبرة والصيغة بعد الأحداث الدرامية لعاصفة الصحراء وفشل الانتفاضة وظهور «المنطقة الآمنة» في شمال العراق. ففي البيان الختامي الصادر عن الاجتماع الموسع للمؤتمر الوطني العراقي الموحد المعقود في اربيل عام 1992 نعثر للمرة الأولى على صيغة سياسية عامة وأولية لفكرة الفيدرالية. ففي احد بنود النص المتعلقة بالنظام السياسي البديل في العراق نقرأ ما يلي:«إقامة البديل الذي يستجيب لإرادة الشعب ويتمثل في النظام الدستوري البرلماني الديمقراطي الفيدرالي التعددي، الذي يلغي التمييز والاضطهاد العنصري». وفي هذه الوثيقة تبرز للمرة الأولى حدود القضية الكردية بصورة مستقلة وقائمة بحد ذاتها. حيث تجري الإشارة في نص الوثيقة إلى أن الاجتماع المذكور أعلاه في مجرى «دراسة القضية الكردية وسبل الحل المنشود أكد حقيقة التنوع والتعدد في تركيبة المجتمع القومية... وأجمع على أهمية تعزيز وترسيخ الوحدة الوطنية الطوعية والمساواة التامة بين جميع المواطنين، معبرا عن احترامه للشعب الكردي وإرادته الحرة في اختيار الصيغة المناسبة للشراكة مع أبناء الوطن الواحد». أما بصدد الفكرة الفيدرالية، فإننا نعثر على العبارة التالية:«وتوقف عند قرار الاتحاد الفدرالي، وناقش صيغة وتجارب النظام الفدرالي واعتبره يمثل صيغة مستقبلية لحكم العراق ينبغي الاستناد إليها كأساس لحل المشكلة الكردية في أطار المؤسسات الدستورية الشرعية». واستكملها بفكرة أن وحدة العراق والتعايش بين قومياته ينبغي أن تبنى «على أساس الاتحاد الاختياري». كما شدد الاجتماع على «تلبية المطامح المشروعة والعادلة للشعب الكردي وتصفية جميع مظاهر الاضطهاد والقمع العنصري على أساس المبدأ القانوني الذي يقر حقه بتقرير المصير».
أما في البيان الختامي الصادر عن اجتماع المعارضة العراقية في نيويورك 1999 فإننا نعثر على عبارة الإقرار بالحقوق «القومية المشروعة لشعب كردستان العراق على أساس الفدرالية». وهي فكرة أكدت عليها وثيقة البيان السياسي لمؤتمر المعارضة العراقية المنعقد في لندن نهاية عام 2002. فمن بين الفقرات المتعلقة بالقضية الفيدرالية نعثر على ما يلي: «العراق دولة ديمقراطية برلمانية تعددية فدرالية (لكل العراق)». وان المؤتمر يعبر عن احترامه لشعب كردستان وإرادته الحرة في اختيار الصيغة المناسبة للشراكة مع أبناء الوطن الواحد. كما «توقف المؤتمر عند تجارب النظام الفدرالي واعتبره يمثل صيغة مناسبة لحكم العراق ينبغي الاستناد إليها كأساس لحل المشكلة الكردية في إطار المؤسسات الدستورية العراقية بعد القضاء على نظام صدام الدكتاتوري وإحداث التغيير المنشود». أما في مجال المشاركة السياسية، فقد أكد المؤتمر على «ضرورة إشراك جميع مكونات الشعب العراقي من العرب والأكراد...». وفي موقفه من سياسة السلطة الصدامية تجاه الأكراد أكد على إدانته لما «يتعرض له شعب كردستان العراقي من تمييز وقهر واضطهاد منظم من قبل نظام صدام العنصري» و«تهجير قسري وتطهير عرقي واستخدام الأسلحة الكيماوية وتغيير الهوية القومية وتغيير في الواقع القومي لمناطق كركوك ومخمور وخانقين وسنجار والشيخان وزمار ومندلي». كما أكدت الوثيقة في موقفها من فكرة حق تقرير المصير على ما أسمته بتلبية «المطامح المشروعة والعادلة لشعب كردستان وتصفية جميع مظاهر الاضطهاد والقمع على أساس المبدأ القانوني الدولي الذي يقر حقه في تقرير المصير».
ولا تخرج جميع الوثائق اللاحقة من حيث المضمون على ما جرى استعراضه بصورة مكثفة لما يمكن دعوته بالمطالب القومية الكردية المتراكمة في مجرى عقد من الزمن. فعندما نقارن بين الوثيقة الأولى الصادرة عن قوى «المعارضة العراقية»، أي «ميثاق العمل الوطني المشترك المنعقد في دمشق بنهاية عام 1990» وبين آخر وثيقة مشتركة كبرى بهذا الصدد، أي وثيقة «البيان السياسي لمؤتمر المعارضة العراقية المنعقد في لندن نهاية عام 2002»، فإننا نقف أمام تغيرات جوهرية فيما يتعلق بالأولويات في مواقف الأحزاب القومية الكردية من النفس ومن العراق. بمعنى التحول من الحد الأقصى آنذاك والقائم في «تطبيق وتطوير بنود اتفاقية 11 آذار سنة 1970 نصا وروحا» إلى فكرة الفيدرالية السياسية والقانونية وحق تقرير المصير وإعادة النظر بتغيير التركيبة القومية لبعض المناطق. بينما نراها تخفف بشكل درامي قبل الغزو الأمريكي وظهور خطر التدخل التركي من سقف مطالبها. ففي البلاغ الختامي للاجتماع الأول للجنة التنسيق والمتابعة للمعارضة العراقية المنعقد في أربيل في نهاية شباط بداية آذار عام 2003، أي قبيل الغزو الأمريكي بأسابيع نقرأ ما يلي:«نمد يد الصداقة والتعاون إلى الجمهورية التركية ونؤكد لها أن إخوتنا الكرد وسائر الأطراف المعارضة العراقية يرفضون تقسيم العراق ويؤمنون بعراق موحد». وأن المؤتمر يؤكد على «رعاية اهتمامات تركيا الأمنية المشروعة» و«يدعو الحكومة التركية إلى حوار مباشر وصريح وبمشاركة أميركية لنؤكد لها حقيقة أهدافنا المتمثلة في العراق الموحد» و«تعزيز وحدته الوطنية على الأسس الديمقراطية والفدرالية وحق المواطنة»! (يتبع.....).



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اندثار الأحزاب التقليدية وموت الراديكالية الدنيوية
- شخصيات الخوارج الكبرى(3)
- شخصيات الخوارج الكبرى(2)
- شخصيات الخوارج الكبرى(1)
- حقيقة الخوارج وإرادة التحدي الإنساني(3)
- حقيقة الخوارج وإرادة التحدي الإنساني(2)
- حقيقة الخوارج وإرادة التحدي الإنساني(1)
- النبوة في تقاليد الإسلام والكلام(3)
- النبوة في تقاليد الإسلام والكلام(2)
- النبوة في تقاليد الإسلام والكلام(1)
- وحدة العقل والنقل في فلسفة الغزالي(2-2)
- وحدة العقل والنقل في فلسفة الغزالي
- صيرورة الاعتدال الفكري في الثقافة الفلسفية الإسلامية(3)
- صيرورة الاعتدال الفكري في الثقافة الفلسفية الإسلامية(2)
- صيرورة الاعتدال الفكري في الثقافة الفلسفية الإسلامية(1)
- البحث عن الروح الإنساني في الثقافة الإسلامية(2-2)
- البحث عن الروح الإنساني في الثقافة الإسلامية(1-2)
- العراق : من الاحتجاج إلى ثورة المستقبل
- تقييم النفس في الثقافة الإسلامية (2-2)
- تقييم النفس في الثقافة الإسلامية (1-2)


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميثم الجنابي - صعود الأحزاب العرقية (الكردية) واندثار الأبعاد العراقية