أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يوسف محمد - ليست أخطاءاً، بل جرائم بربرية














المزيد.....

ليست أخطاءاً، بل جرائم بربرية


يوسف محمد

الحوار المتمدن-العدد: 1569 - 2006 / 6 / 2 - 12:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تثير التصريحات الأخيرة لبوش وبلير بخصوص الحرب الأمريكية في العراق و(الأخطاء!) التي ارتكبتها القوات الأمريكية والبريطانية الكثير من علامات الاستفهام والتعجب والاستغراب، بل وأنها تثير الكثير من السخط والغضب الشديد لدى كل من ينظر الى الأمور من زاوية مصالح وأهداف وتطلعات الجماهير في العراق. فببساطة متناهية يفسر بوش وبلير كل الجرائم التي ارتكبت في العراق وكل حمامات الدم وأرقام الضحايا اليومية التي ضربت معدلات قياسية بأنها (أخطاء!). إنهما يفسران، بصفاقة متناهية، الانهيار التام للمجتمع العراقي وإغراقه في مستنقع السيناريو الأسود الحالي بهذا البساطة وكأنهما يستغفلان الملايين من الجماهير ويضحكان على الذقون!!
ولكن لماذا هذا (الاعتراف!) ولماذا في هذا الوقت بالذات؟ بالتأكيد أن هناك دوافع كثيرة تدفع كل من بوش وبلير لمثل هذه (الاعترافات!). فبعد أكثر من ثلاثة أعوام على الاحتلال الأمريكي للعراق عجزت الولايات المتحدة الأمريكية عن تحقيق مفردات مشروعها في العراق وهي تواجه الفشل التام على كافة الصعد. والحجج التي ساقتها لخوض هذه الحرب الدموية تساقطت واحدة بعد أخرى وهذا ما خلق الكثير من الشكوك والاحتجاجات على الصعيد العالمي وعلى صعيد الداخل الأمريكي والبريطاني تجاه النوايا والمخططات الأمريكية. مؤشرات شعبية كل من بوش وبلير تتراجع لأدنى مستوياتها واحتجاجات واسعة تواجههما أينما حلا فيما راحت تتعالى الأصوات لإقالتهما وآخر ما سمعناه هو الأحاديث عن انقلاب يعد له خلف الكواليس في حزب العمال البريطاني ضد بلير. بالتالي لا بد من مناورة تضع حداً لهذا التراجع وتقف بوجه تلك الشكوك والتساؤلات والاحتجاجات أو تسعى لتحييدها على الأقل، وهنا يقف (الخطاة!) للاعتراف في مراسيم طقوسية خاصة بـ(أخطاء!) تم ارتكابها مشفوعة باستدراك ذا مغزى خاص أن تلك (الأخطاء!) ما كان لها أن تقلل من أهمية المهمة التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في العراق!!
إننا منذ البداية قلنا أن إسقاط النظام البعثي الفاشي هو خطوة مهمة وأساسية في مسار تحرر جماهير العراق ولكن هذا الأمر هو مهمة جماهير العراق وقواه التحررية والتقدمية لا أمريكا وحلفائها. فالسياسات الأمريكية هي من قوّى هذا النظام في الوقت الذي أصابت فيه إرادة الجماهير بالشلل وأضعفتها لدرجة عجزت عن أخذ زمام المبادرة. وبالنتيجة كنا شهوداً على منتهى الوحشية والعنف والاستبداد الذي مارسه النظام البعثي المجرم طوال ثلاثة عقود ونصف من الزمان لم نسمع حينها كلمة من أمريكا بحق تلك الجرائم والعنف المنفلت العقال والبربرية الفاشية. وحتى أن نفس رامسفيلد أحد مهندسي هذا المشروع كان يأتي الى بغداد في زيارات متواصلة تضفي الشرعية على وجود نظام مجرم وفاشي. إما حين اقتضت المصالح والاستراتيجية الأمريكية رسم صورة عدو شرس وخطر داهم يهدد، كل لحظة، المصالح الأمريكية، ويقوم بدور كيس الملاكمة من منظار أمريكا بعد نهاية الحرب الباردة، رأينا كيف تضخمت الحجج والذرائع وكيف انساقت الصحافة المأجورة خلف جوقة من المطبلين لحرب همجية وحشية أتت على المجتمع العراقي بكامله وخلفته ركاماً من حطام وضحايا ودماء يصفها الآن السادة بوش وبلير بأنها مجرد (أخطاء!) ليس لها أن تنال من (نبل!!) المهمة التي قاما بها.
وعلى أية حال (أخطاء!) الولايات المتحدة وحلفائها هي تعبير مخفف جداً وهو ذا وقع قليل الوطأة لدى السامع شبيه بـ(الاساءات!) التي أطلقت على وصف مشاهد تعذيب السجناء في العراق. ولا تعدو المسألة أن تكون لعباً على الألفاظ والكلمات، وكأن العالم المتمدن والبشرية التحررية تقبل، ببساطة، مثل هذه التفسيرات والصياغات. لا. إن هذه (الأخطاء!) هي بالضبط جرائم كبرى وهي في قاموس الحقوقيين وحتى وفق المعايير والمواثيق العالمية جرائم حرب يجب جلب القائمين بها والمحرضين عليها وكل من له صله بها الى العدالة، ووضعه في قفص الاتهام، بالضبط مثلما أن (إساءات!) أبو غريب وغيره من السجون هي عمليات تعذيب بحق السجناء.
تصريحات بوش وبلير الأخيرة هي مسمار آخر في نعش المشروع الأمريكي في العراق، وهي دليل، ما مثله دليل، على فداحة المأزق الذي تتخبط فيه الإدارة الأمريكية، كما أنها دليل آخر على جرائم ارتكبت وترتكب يومياً بحق مجتمع من سبعة وعشرين مليوناً يتم دفعه، يوماً بعد آخر، نحو هاوية الفناء التام. هذه التصريحات تضع بوش وبلير في نفس قفص الاتهام الذي يتعفن فيه جلاد جماهير العراق، المجرم صدام حسين، وتدعو العالم الى محاكمتهم جميعاً عن الجرائم والوحشية والعنف الذي جرى ويجري ضد جماهير العراق. وهذا أقل ما نتطلع له، نحن الضحايا، ونطمح إليه بهذا الخصوص.



#يوسف_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صناعة الوهم الأمريكية في العراق
- اليقين الأمريكي من نتائج الاستفتاء العراقي!
- دستور في العراق وانتخابات في أفغانستان، خرافة الديمقراطية ال ...
- زالماي خليل زاد وتحركات اللحظة الأخيرة بصدد الدستور
- دولة القانون، إدعاءٌ برَّاق في مواجهة واقع عقيم مساهمة في ال ...
- -الانتخابات- العراقية والتغييب القسري لإرادة وقرار الجماهير
- -العصا والجزرة- لن تحل قضية الأمن في العراق
- محاكمة جلاد الجماهير، صدام حسين، محاكمة للعروبة وللفاشية الب ...
- رونالد ريغان..كاوبوي السينما، كاوبوي في السياسة
- أية هوية يبلور ملامحها عمال وكادحو كركوك؟!
- ويسمون الهمجية تحريراً؟! حول أسلمة قوانين الأحوال الشخصية في ...
- فُرقاءُ الأمس.. هل قربتهم المخاطر والأزمات؟ حول خطوات التقار ...


المزيد.....




- -ضربه بالشاكوش حتى الموت في العراق-.. مقطع فيديو لجريمة مروع ...
- آلاف الأردنيين يواصلون احتجاجاتهم قرب سفارة إسرائيل في عمان ...
- نتانياهو يوافق على إرسال وفدين إلى مصر وقطر لإجراء محادثات ح ...
- الإسباني تشابي ألونسو يعلن استمراره في تدريب نادي ليفركوزن
- لأول مرة.. غضب كبير في مصر لعدم بث قرآن يوم الجمعة
- القيادة المركزية الأمريكية تعلن تدمير 4 مسيّرات للحوثيين فوق ...
- صاحب شركة روسية مصنعة لنظام التشغيل Astra Linux OS يدخل قائم ...
- رئيسا الموساد والشاباك يتوجهان إلى الدوحة والقاهرة لاستكمال ...
- مصر.. فتاة تنتحر بعد مقتل خطيبها بطريقة مروعة
- علاء مبارك يسخر من مجلس الأمن


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يوسف محمد - ليست أخطاءاً، بل جرائم بربرية