أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - يوسف محمد - ويسمون الهمجية تحريراً؟! حول أسلمة قوانين الأحوال الشخصية في العراق




ويسمون الهمجية تحريراً؟! حول أسلمة قوانين الأحوال الشخصية في العراق


يوسف محمد

الحوار المتمدن-العدد: 716 - 2004 / 1 / 17 - 05:22
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


بسرية تامة حاول مجلس (الحكم!!) المحكوم بأمر سيده الأمريكي بريمر تمرير قرار كان حظه أن يحمل الرقم 137 في قائمة القرارات العابثة والهزيلة ويقضي بإلغاء قوانين الأحوال الشخصية العراقية والعمل على صياغة قانون جديد تطبق فيه أحكام الشريعة الإسلامية على قضايا الأحوال الشخصية من زواجٍ وطلاقٍ وأهليةٍ وحضانة أطفال وغير ذلك. وقد جاء هذا القرار ليكون ميداناً آخر لصراع اجتماعي حامي الوطيس بين جبهتين، جبهة قوى السيناريو الأسود الذي تصوغ ملامحه وتبلورها بالتيارات القومية والجماعات الإسلامية والعشائرية الرجعية الدائرة في الفلك الأمريكي وقوى الاحتلال من جهة، وجبهة يسار ومدنية المجتمع التي تقف الشيوعية العمالية والقوى العلمانية والمناصرة للحرية والمساواة في صفها المتقدم من الجهة الثانية، وليشرع الباب على مصراعيه مرة أخرى لسجال وجدال لن يهدأ غباره لزمن طويل حول جملة من القضايا الأساسية فيما يتعلق بالأوضاع الراهنة في العراق، بدءاً من طبيعة الدولة المرتقب تشكيل هياكلها الأساسية ودستورها وقوانينها، مروراً بمكانة ودور الدين والقومية والأثنية في صياغة الحاضر والمستقبل العراقي، وليس انتهاءاً بقضايا الحقوق الأساسية البديهية للمواطنين، الحريات المدنية والفردية، الحريات السياسية، ومساواة المرأة والرجل وغيرها من القضايا المتشابكة والمعقدة التي سيكون لها دور حاسم ومصيري في رسم ملامح هوية المجتمع العراقي.
وليس هناك من شك أن قوانين الأحوال الشخصية في العراق كانت بحاجة للتغيير، وكان مطلب تغييرها مطلب الحركة النسوية والحركة المساواتية، وكان شعاراً أساسياً في أغلب التحركات التي قامت بها تلك الحركتين على الصعيد الاجتماعي. غير أن مطلب تغييرها لم يكن إلا لسبب بسيط ألا وهو أنها صيغت على أساس أحكام الشريعة الإسلامية الرجعية بالدرجة الأساس، وبالتالي فقد كانت قائمة أساساً على تشريع وقنونة المكانة الدنيا للمرأة كانسان من الدرجة الثانية، وإعطائها صفة رسمية بشكل قانون نافذ المفعول. فالمرأة وفق شرائع الإسلام وأحكامه، وهذا أمر صار من البديهيات، انسان ناقص العقل ناقص الدين! ولذا صياغة قانون وفق هذا التصور العنصري الرجعي تشريع للاضطهاد والظلم والحرمان من الحقوق. ويبدو أن قرار الامعات في مجلس (الحكم!!) لم يرد سوى أن يجعل القانون الجديد أكثر رجعية وأكثر عنصرية وتخلفاً وعداءاً للمرأة. وكأن قوانين الأحوال الشخصية السابقة لم تكن رجعية وإسلامية بما فيه الكفاية فأتى المحكومون على أمرهم ليضيفوا عليها طابعاً إسلامياً أشد عتمةً وظلاماً.
وغير خافٍ على أحد أن مجلس (الحكم!) في مثل هذا القرار إنما أراد إيصال رسائل الى عدة جهات. أولها الى جماهير عمال وكادحي العراق وجماهيره المضطهدة ونساءه اللائي عانين القتل بذرائع الشرف والاضطهاد والحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية وحزت رؤوسهن وعلقت على الأبواب بتهم ممارسة البغاء، مفادها أنها لن ترى من حكامها الجدد سوى الوجه الآخر لعملة القمع البعثي الفاشي وهمجية الإسلام السياسي ووحشية الحركات القومية والعشائرية وإعادة المجتمع الى عصور الظلام والتخلف. وثانيها لدول المنطقة الرجعية وعلى رأسها نظام الجمهورية الإسلامية الرجعي في إيران لطمأنتها على أن دورها في إغراق المجتمع بالرجعية والتمييز الجنسي والخرافات الدينية محفوظ ولتطمئن على أن عراق يتخبط في مستنقع السيناريوهات السوداء والصراعات الرجعية هو الصورة المقررة سلفاً لمصير هذا المجتمع ولن تتقوى فيه الشيوعية والاشتراكية الحركات العمالية الثورية التي ستهز العروش ما دامت فيه سلطة لمثل تلك الإمعات من المحكومين بأمر الرب الأمريكي.
 فيا خيبة الظن! وسوء المقصد! ومأساوية العاقبة! لقوى تريد أن تكمل ما لم يتمكن البعث من القيام به من ممارسات بربرية وغطرسة همجية قل نظيرها طوال عصور التخلف والظلام. فقد كانت الحركة النسوية والحركة المساواتية والجبهة التحررية تقف بالمرصاد وليست الصفوف العظيمة من المتظاهرات ضد القرار والمنظمات النسوية سوى دليل آخر على أن المجتمع العراقي بعامله وكادحه وجماهيره التحررية نساءاً ورجالاً لن يتقبل مثل هذه القوانين والتشريعات الرجعية والمعادية للإنسانية ولن يقبل أسلمة حياته وعلاقاته وعقله ورؤيته للعالم. وليست الكتابات التي قرأناها خلال اليومين الماضيين على صفحات نشرة الحوار المتمدن الإلكترونية التي احتجت وعارضت القرار ورفضته جملة وتفصيلاً سوى دليل آخر على ما نقول.
إن مثل هذا القرار فاقد للشرعية. أولاً بسبب لا شرعية القوى التي تقف خلفه. فليس من حق قوى محكومة أصلاً بقوى احتلال إصدار مثل هذا القرار. ثانياً أن مثل هذه القرار وغيره من القرارات التي تتعلق بقوانين أساسية لا يمكن تغييرها، حسب نفس تقاليد الحكم البرجوازي ونفس تقاليد الديمقراطية القادمة على ظهر الدبابة الأمريكية، إلا من خلال مجلس تشريعي منتخب يعبر عن الإرادة المباشرة للجماهير. ومجلس (الحكم!) لا هو منتخب ولا هو يعبر عن الإرادة الحرة المباشرة للجماهير ولذا فهو فاقد لأية مشروعية.
وإذا كان لا بد من تغيير قوانين الأحوال الشخصية في العراق، وهذا أمر نتطلع له اليوم قبل الغد، فان ذلك يجب أن يكون من أجل استبدالها بقوانين أكثر عصرية وتمدن، قوانين تلفظ الشريعة الإسلامية وأحكامها الرجعية والحد من أي تأثير لها على تنظيم العلاقات بين البشر، قوانين تتأسس على مبدأ أساسي وهو المساواة التامة بين المرأة والرجل في كافة ميادين الحياة وعلى كافة الأصعدة والمساواة بين المواطنين كافة بغض النظر عن مرجعياتهم القومية والأثنية والدينية وبالاستناد الى هويتهم الإنسانية.
 أن جماهير تتطلع لإجراء تغيير جدي في حياتها ومصيرها والانعتاق من التركة الثقيلة للممارسات البعثية التي شوهت حياة وفكر المواطن العراقي عاملاً وامرأة وطفلاً وشيخاً طاعناً في السن، جماهير تتطلع للحرية والمساواة والحياة الآمنة المرفهة، عليها أولاً أن  تتصدى لأسلمة المجتمع وفرض الهويات القومية والطائفية الزائفة عليها وهذا يمر بالتصدي لقوى السيناريو الأسود التي تجر المجتمع يوماً بعد يوم الى منزلق خطير وإغراقه في مستنقع الظلام، مستنقع الإرهاب والقتل والتعذيب والتمييز العنصري والجنسي واللامساواة والصراعات الرجعية  وفصل صفوفها عن تلك القوى السوداء بالالتفاف حول البديل والأفق التحرري للحركة الشيوعية العمالية وجبهة تحرر ويسار المجتمع التي تتموضع في موضع الدفاع عن الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية.



#يوسف_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فُرقاءُ الأمس.. هل قربتهم المخاطر والأزمات؟ حول خطوات التقار ...


المزيد.....




- الشرطة الأسترالية تعتقل صبيا طعن أسقفا وكاهنا بسكين داخل كني ...
- السفارة الروسية: نأخذ في الاعتبار خطر ضربة إسرائيلية جوابية ...
- رئيس الوزراء الأوكراني الأسبق: زيلينسكي ضمن طرق إجلائه من أو ...
- شاهد.. فيديو لمصري في الكويت يثير جدلا واسعا والأمن يتخذ قرا ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر جريمة طعن الأسقف في كنيسة سيدني -عمل ...
- الشرطة الأسترالية تعلن طعن الأسقف الآشوري -عملا إرهابيا-
- رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يقول إنّ بلاده سترد على الهجوم ا ...
- زيلينسكي لحلفائه الغربيين: لماذا لا تدافعون عن أوكرانيا كما ...
- اشتباكات بريف حلب بين فصائل مسلحة وإحدى العشائر (فيديوهات)
- قافلة من 75 شاحنة.. الأردن يرسل مساعدات إنسانية جديدة إلى غز ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - يوسف محمد - ويسمون الهمجية تحريراً؟! حول أسلمة قوانين الأحوال الشخصية في العراق