أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رحيم العراقي - ديكارت














المزيد.....

ديكارت


رحيم العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 1569 - 2006 / 6 / 2 - 07:22
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


مؤلف كتاب: ديكارت هو فرانسوا ازوني مدير للابحاث في المركز القومي الفرنسي للبحث العلمي، كما انه مدير للدراسات في المدرسة العليا للدراسات الاجتماعية. قدم العديد من الكتب من بينها «مين دو بيران، علم الانسان» و«كيفية فهم كانط في فرنسا»... الخ. يقدم زوني في هذا الكتاب سيرة حياة رونيه ديكارت احد آباء الفكر العقلاني الاوروبي الحديث عامة والفرنسي خاصة، بكل الاحوال. لا شك ان ديكارت هو احد كبار الفلاسفة الفرنسيين في كل العصور. وهو «فيلسوف متجدد»، كما يقدمه مؤلف هذا الكتاب بحيث ان الاجيال المتعاقبة رأت فيه باستمرار «فكرا جديدا وخاصة فيما يتعلق بعلاقته مع فرنسا. ))
كانت معارك ديكارت الأولى هي مع الكنيسة التي حذرت من قراءة اعماله منذ عام 1663 وشككت بإخلاصه لها. ولكن لم يلق ايضاً قبولاً كبيراً لدى اصحاب فكر التنوير في القرن الثامن عشر، عصر التنوير، الذين لم يكونوا «رقيقين» مع ذكرى ديكارت.. وكان نيوتن احد الذين «اهتموا» كثيرا بصاحب فلسفة الشك، كما ان فولتير نفسه صاحب اللسان السليط، هاجم بشدة «الرجل الذي ولد كي يكتشف اخطاء القدماء ولكن كي يقيم مكانها اخطاءه هو..»
لقد كان ديكارت باختصار «رجل التناقضات». ان الارثوذكسية الكاثوليكية، رأت به «هرطيقا» يستحق جميع النعوت أما القوميون بعض أولئك الذين كانوا يفتخرون بانتمائهم القومي الفرنسي، فإنهم يؤكدون بأن «ديكارت قد امضى فترات طويلة من حياته خارج بلاده دون ان يعتريه الحنين لها» لقد عاش في ايطاليا والدنمارك وبولندا.. لكنه احب هولندا بشكل خاص.
لكن بالمقابل مثل ديكارت احد أولئك الفلاسفة الفرنسيين الذين حرصوا على الكتابة باللغة الفرنسية وليس باللاتينية، الأمر الذي يؤكد رغبته بالتوجه الى «مواطنيه».. وإذا كان قد حافظ في «جملته» على بعض التعابير اللاتينية فإنما كان ذلك بدافع رغبة توسيع دائرة قارئيه.
ومن النقاط الاخرى التي يؤكد عليها مؤلف هذا الكتاب في شخصية ديكارت اراؤه بالمرّة التي كان متقدمة جدا في عصره بالقياس بما كان سائداً.. لقد كان ديكارت يرى ان النساء يمتلكن «قدراً اقل من الاحكام المسبقة ومن المبادئ الخاطئة مما لدى الكثير من الرجال».
ويشير المؤلف في هذا الصدد الى المراسلات التي تبادلها ديكارت مع اليزابيث دو بوهيم، وإلى اطروحة «ديكارتية» صرفة دافعت عنها سيدة في مدينة «تولوز». وكمحصلة لاهتمام ديكارت باللغة الفرنسية والتأكيد على قدرتها نقل المفاهيم الدقيقة. والاهتمام بالمرأة على اعتبار انها نقيض «التسلط»، يرى مؤلف هذا الكتاب بأنه يمكن اعتبار هذا الفيلسوف الذي عاش في القرن السابع عشر بمثابة رمز لفرنسا. بل انه «فرنسا» نفسها، حسب هذه القراءة.
ان العصب الاساسي في فلسفة ديكارت يتمثل في تأكيده على افضلية «العقل الفردي». لكن حرصه على الابتعاد عن «الخيارات المتحزبة» سياسياً، لم يمنع العديد من المفكرين والمحللين من ان يروا ان العقلانية الديكارتية جذر العديد من التعبيرات السياسية اللاحقة مثل «التوتاليتارية».. لكن تبقى اشكال الجذب الحديثة بكل صرعاتها انما قامت باسم «الحرية الفردية» التي كان ديكارت من أوائل دعاتها.
من جهة اخرى، يقدم هذا الكتاب «قراءة» تاريخية للتطور السياسي الفرنسي منذ حوالي اربعة قرون من الزمن.. ويبدو هذا التاريخ «عاصفاً» متعرجاً، ولكنه قابعاً في جميع حالاته لـ «الخط الناظم» الذي تشكل العقلانية الديكارتية احدى مرجعياته الاساسية، ذلك ان اهمية فلسفة ديكارت في التاريخ الفلسفي الانساني، اكان ذلك بالنسبة لمؤيديها أو بالنسبة لمنتقديها. هذا صحيح بشكل عام ولكنه صحيح اكثر بالنسبة لفرنسا ومن هنا يأتي هذا الكتاب كتعبير «شرعي» عن افكار ديكارت باعتبارها «هوى فرنسي» وطني.
ويؤكد المؤلف في كتابه هذا عن سيرة حياة «ديكارت» وفكره، بأن «المعجبين» كانوا كثيرين اثناء حياته ولكن بعد وفاته بفترة قصيرة هاجمه «الفاتيكان» و«السلطة الملكية» و«اليسوعيين». وكان لابد من انتظار موسوعة «ديدرو» كي تتم اعادة الاعتبار لديكارت باعتباره المدافع عن «العقل» في مواجهة «الذهنية الظلامية».. بل وحتى ان الكنيسة اعادت له بعض الاعتبار.
الملفت للانتباه ان جميع التيارات السياسية الفرنسية تجد لديكارت موقعاً في «تراثها» الوطني الفرنسي. ان «التقدميين» يحيّون «الفيلسوف» في ديكارت ولكنهم يأخذون مسافة عن «العالم» فيه. ولم يكن فولتير في الواقع بعيدا عن مثل هذه النظرة. لكن مؤلف هذا الكتاب لا ينسى تذكير قارئه باستمرار بأن «ديكارت» قد عاش في مجتمع تسوده النزعات الظلامية التي لم تكن تسمح للافكار الحرة بالتفتح.
في المحصلة العامة يرى مؤلف هذا الكتاب ان ديكارت يجسد عامة الذهنية الفرنسية.. ومن هنا اصبح احدى المرجعيات الوطنية.. ولا تزال افكاره حتى الآن موضع نقاشات ايديولوجية كثيرة.. وتبدو مسيرة ديكارت في الفكر والفلسفة الفرنسيين قريبة، من بعض الزوايا، بمسيرة ابن رشد في الاطار الفكري العربي ـ الاسلامي.
ان العديد من المفكرين والكتّاب اهتموا بسيرة حياة ديكارت وبفكره وليس اقلهم شأناً الكسي دو طوكفيل، عالم الاجتماع الكبير، والشاعر بول فاليري، والكاتب شارل بيفي... وغيرهم.



#رحيم_العراقي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شاتوبريان
- كونفوشيوس
- بيت في الوزيرية
- كيف تحولت الأرض الى كوكب...؟
- اليوتوبيا الملموسة لأرنست بلوخ
- الفضائيات العربية
- ما بعد الرعب
- كافكا والفتيات
- قبل أن أنسى ..قحطان العطار ..الجزء الثاني والأخير
- أيديولوجيا اليمين المتطرف
- 72نجمة في سماء المحبة
- الصراع الهندي الباكستاني الذي لاينتهي
- شارل ديغول
- تقليد ياباني
- مملكة الاخلاق
- حول العولمة
- نظرات جديدة للتاريخ الأميركي في عصر العولمة
- النساء الايرانيات بين الاسلام والدولة والاسرة
- العولمة، الحركات الاجتماعية، والأمميات الجديدة
- تجربة الحروب الصليبية


المزيد.....




- الأردن.. جدل حول بدء تنفيذ نص قانوني يمنع حبس المَدين
- إيران تؤكد مقتل علي شدماني قائد -مقر خاتم الأنبياء- في غارات ...
- ما الذي حدث في غزة خلال 12 يوماً من المواجهة بين إيران وإسرا ...
- ألمانيا.. السوري المشتبه به بهجوم بيليفيلد عضو في -داعش-
- بزشكيان يؤيد منطقة خالية من الأسلحة النووية بما يشمل إسرائيل ...
- نيوزويك: هل كان قصف ترامب مواقع إيران النووية فكرة صائبة؟
- مقتل 17 جنديا في شمال نيجيريا إثر هجوم جديد على قواعد تابعة ...
- زيمبابوي تحطم الرقم القياسي بمبيعات التبغ لعام 2025 بأكثر من ...
- إريتريا تسعى لإلغاء ولاية المحقق الأممي لديها بعد إدانتها
- الفلاحي: المقاومة تركز على ضرب الآليات التي يصعب تعويضها خلا ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية في رواية - ورقات من دفاتر ناظم العربي - لبشير ... / رياض الشرايطي
- نظرية التطور الاجتماعي نحو الفعل والحرية بين الوعي الحضاري و ... / زهير الخويلدي
- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - رحيم العراقي - ديكارت