أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حيدر محمد الوائلي - لماذا الناصرية














المزيد.....

لماذا الناصرية


حيدر محمد الوائلي

الحوار المتمدن-العدد: 6476 - 2020 / 1 / 29 - 23:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اتصل بي صديق من البصرة يخبرني بفكرة لاحت بذهنه لدى تأمله بوضع مدينة الناصرية. قال لي أن في الناصرية معاكسات ومتغيرات وتيارات، فشيوعيين كثر لبعثيين اكثر لإسلاميين اكثر واكثر.

فؤاد الركابي أول أمين عام لحزب البعث ومؤسس القيادة القطرية لحزب البعث في العراق حيث سجنه البعثيين لاحقاً بعد تمكنهم من السلطة سنة 1968 ومن ثم اغتياله بالسجن سنة 1971 كان قد وُلِد وترعرع في الناصرية.
يوسف سلمان يوسف المعروف بالأسم الحركي (فهد) وهو من مؤسسي الحزب الشيوعي العراقي وأول سياسي يعدم شنقا بالعراق بعد محاكمته سنة 1949 كان سكنها ايام شبابه وحتى بروز نجمه السياسي حيث كان في الناصرية أحد اول فروع الحزب الشيوعي العراقي سنة 1928.
صالح جبر رئيس وزراء العراق في العهد الملكي وُلِد وترعرع في الناصرية.
عادل عبد المهدي رئيس الوزراء المستقيل سنة 2019 هو الاخر من الناصرية وقد استقال بعد اصرار اهل الناصرية قبل غيرهم على استقالته في المظاهرات الأخيرة المطالبة بالأصلاحات والحقوق وتعديل قانون الأنتخابات، وبعد المجزرة التي ارتكبت بحق المتظاهرين فيها.

هؤلاء كلهم رغم تضاد توجهاتهم السياسية من الناصرية .

فاز حزب الفضيلة بها والمجلس الأسلامي الأعلى والتيار الصدري والدعوة رغم ان بعض المرشحين ليسوا من الناصرية اصلا ولكنهم فازوا بمعية حزبهم وببركة القانون الانتخابي الداعم لهم ولتوجههم السياسي. ومن ثم تفوز مرشحة شيوعية عنها بالانتخابات الأخيرة. كلهم فازوا عنها ومن ثم تنكروا لها وأهملوها.
أليست هذه تحولات كثيرة؟ سألني صاحبي.

والحق أقول ان التنوع السياسي وانتقالات الفكر من قناعة لقناعة أخرى بميزان السياسة يمكن أن يؤشر على تقلبات في الفكر ومزاجية كما يؤشر على نمو ووعي ونضج وعدم اصرار على رديء.

هم لم ينقلبوا ضد دين سماوي بل انقلبوا ضد توجهات دينية وسياسية. والتوجهات هي كوجهات النظر، ليست وحي من السماء ولا قياداتها رسولا من الله يتلو على الناس آياته.

التحول الفكري المجتمعي من الممكن اعتباره إعادة إنتاج للمجتمع لكي يصبح مجتمع اكثر حيوية وفاعلية.

مجتمعات العالم التي تسمى متحضرة اليوم كانت وحوشا مستعمرة ضد الدول الفقيرة وعنصرية متكبرة ضد ذوي البشرة السوداء ولم تنتهي مشاكل العنصرية سياسيا وقانونيا الا قبل عقود قليلة من الزمن بعد ضغوطات شعبية ومظاهرات غيرت من فكر المجتمع والسياسة والدين والدولة وصارت العنصرية اليوم جريمة كبرى بعد أن كانت شيئا طبيعيا جدا.

هذا التغيير نمو مجتمعي وسياسي حيث كان ثمرة الاستغناء عن فكرة فيها شائبة والتحول لفكرة أخرى اكثر نقاوة.
التغيير طرأ على الفكرة الشيوعية حيث جعلت منها الصين ثورة اقتصادية عملاقة بينما كانت ذات الفكرة سبباً في انهيار الاتحاد السوفيتي.

في المظاهرات الأخيرة كانت الناصرية ولازالت صرختها العالية وجمرتها الحامية كما كانوا في الحشد الشعبي لهيب النار وهجمة الثوار لتحرير العراق من زمرة الاشرار.

اكثر المدن بعدد الشهداء والجرحى من متطوعي الحشد الشعبي وجنود الجيش ايام حرب داعش كانوا من الناصرية كما كانوا اكثر مدن المظاهرات بعدد الشهداء والجرحى.

في مواكبهم لدى استقبال الزائرين السائرين لكربلاء الحسين يبالغون بالكرم وخدمة الزائرين ويتفنون به. يتواضعون ويتمسكنون اكراماً للضيف وفي حربهم لداعش اسداً زؤورا.

اكثر محافظة تم اهمالها وعدم تنفيذ اي مشاريع مهمة ومؤثرة فيها هي الناصرية، وتكاد بناها التحتية المتهالكة تمثل ميزة بائسة ومؤلمة لها.

في ثورة العشرين كانوا شجعانها ومغاويرها ومن فرط الاجتهاد في التضحية رابط بعضهم على شجرة ليقنص المحتلين لينادي كبير الغزاة ان اقطعوا الشجرة الخبيثة فروّج لهذه حزب البعث نكاتا وسخرية تنال من رفض اهل الناصرية الكامل لهم ولما قدموه من تضحيات في الاهوار ولرفضهم الشعبي ضد ظلم حكومة البعث. كانوا في الأنتفاضة الشعبانية سنة 1991 في طليعة المنتفضين الهاتفين بالحرية.

سُميت الناصرية بلواء المنتفق (المنتفك) (المنتفج) ايام الاحتلال العثماني وبقت التسمية كما هي ايام الحكم الملكي فيصف أبرز من كتب عن تاريخ العراق الحديث المؤرخ الكبير (حنا بطاطو) بكتابه (العراق) وفي معرض حديثه عن الناصرية حيث كتب يقول: (وكان التمرد يكاد يشكل الطبيعة الثانية لأهل المنتفق. ولم يكن سكان اية محافظة اخرى من محافظات العراق اكثر غيرة من سكان المنتفق على حريتهم... وكتب ضابط بريطاني في العام 1919 يقول: "يُمكن مقارنة عرب المنتفق بالبارود الذي يمكن لأية شرارة أن تفجره") العراق ج2 ص 145. وفي ص 55 من ذات الكتاب وصف حنا بطاطو الناصرية: (بلدة مشهورة بروح الحرية التي لا تقهر).

في الناصرية أول وأقدم حضارة عرفتها البشرية وأول كتابة وتدوين وأول نظام حكم وسياسة وأول نظام تعليمي وأوائل محاولات تدوين التاريخ وأول تكتيك حربي وأول تشييد هندسي إبداعي وأول سوق تجاري منظم للبيع والشراء وتدوين واردات وصادرات السلع وأول سباق رياضي عرفته البشرية وأول واقدم نص قانون دستوري (قانون أورنمو) وأول عزف موسيقي وآلة موسيقية. كان جميع ما ذُكر من منجزات الحضارة السومرية في الناصرية.

الناصرية محل مولد أبو الأنبياء إبراهيم الخليل (ع) وآثار بيته شاخصة لليوم ويُعرف مكان بيته في الإنجيل بإسم (اور الكلدانيين)، وفي التوراة وُصِف بالمكان الذي رأى النبي إبراهيم النور فيه.


الناصرية أرض حضارة وثروات طبيعية، تكوّن في عروق الناس فيها جينات حضارة سومر وعلى جلودها المتعبة اليوم تهبط آثار تراب الحضارة وحتى تستنشقه كثباناً عند هبوب عاصفة ترابية.

من اهم منجزات التاريخ قديمه وحديثه انه يلهم الحاضر دروساً لينشر العِبرة ويبث في الروح العزيمة ليحقق املاً في مستقبلٍ افضل.

كان صاحبي سبباً في كتابة هذه المقالة التي ارجو أن أكون قد اجبت فيها عن تساؤله وهو الذي اسمه اسم (فاعل) مشتق من كلمة (البسمة).



#حيدر_محمد_الوائلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميزان حسنات وسيئات السياسة في العراق
- فيلم الجوكر وصناعة الشخصية البديلة
- الام العراق الطويلة
- قصة المدير في السوق الكبير
- طعنة
- الفرج
- جمعٌ كبيرٌ
- عالم آخر
- الانتخابات فرصة للخير والشر
- دعايات إنتخابية
- لا يجعل الفوز بالانتخابات الباطل حق
- تنتخب أو لا تنتخب
- لا تفكر... فقط أعد النشر
- مين فينا الحرامي
- المتدينون وقنينة الغاز
- جرأة في علي
- قصة وفاة الحاج جابر
- بينك وبين الله
- قصة السجين ولويس الرابع عشر
- البرلمان وقصة الطاولة الكبيرة


المزيد.....




- -الأسبوع القادم سيكون حاسمًا جدًا-.. أبرز ما قاله ترامب عن إ ...
- هل اغتيال خامنئي عامل حاسم لكي تربح إسرائيل الحرب؟
- لجنة الإسكان بالبرلمان توافق على زيادة الإيجار القديم بنسبة ...
- مصر تكرم أشهر أطبائها في التاريخ بإطلاق اسمه على محور وكوبري ...
- -تسنيم-: مقتل 7 أشخاص في قصف إسرائيلي استهدف سيارتين مدنيتين ...
- بوتين يلتقي رئيس إندونيسيا في محادثات رسمية غدا الخميس
- مصر تحذر: المنطقة ستبقى على حافة النار بسبب فلسطين ما لم تحل ...
- بقلوب مكلومة.. غزة تودّع أبناءها الذين قضوا في طوابير الجوع ...
- هل تستطيع إيران إغلاق مضيق هرمز وكيف سيؤثر ذلك على العالم؟
- في حال اغتيال خامنئي.. ما هي حظوظ ابنه مجتبى في خلافته؟


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حيدر محمد الوائلي - لماذا الناصرية