أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - اقتصاديات الثقافة














المزيد.....

اقتصاديات الثقافة


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 6476 - 2020 / 1 / 29 - 18:37
المحور: الادب والفن
    


ثمة أسئلة أخذت تطرح نفسها بإلحاح في السنوات الأخيرة مفادها ما هي العلاقة بين الثقافة والتنمية؟ وهل يمكن للثقافة أن تدرّ اقتصادياً على المجتمع؟ وهل تقود الثقافة التنمية أم العكس هو الصحيح؟ وبعد ذلك ما هي أبرز الاستثمارات الثقافية في اقتصاديات العالم اليوم من سياحة وسينما وفنون وتواصل بين الشعوب والمجتمعات والبلدان؟ وأين موقع بلداننا العربية من ذلك في ظل العصر الرقمي ومجتمع المعرفة والذكاء الاصطناعي؟
وعلى الرغم من أن جميع الدساتير العربية تتضمّن نصوصاً تؤكد على أهمية "رعاية الدولة للثقافة" التي هي "حق لكل مواطن"، لكن ما هو سائد في الغالب أن الثقافة ووزارتها تعتبر أدنى مستوى مما يطلق عليه الوزارات السيادية التي يجري الصراع عليها أحياناً في بعض البلدان بين الكتل المتنافسة، مثل وزارات الداخلية والدفاع والمالية والنفط وغيرها.
ولعلّ فكرة "الرعاية" تجعل السلطة الحاكمة تتحكّم في الثقافة لاعتبارات سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو آيديولوجية قومية أو دينية أو طائفية أو غيرها، بفعل محاولة توظيفها بما يخدم مصالحها ويعزز من موقعها ونفوذها، في حين أن الثقافة مقترنة بالمعرفة من حيث إنتاجها ونقلها ونشرها وتعميمها، تلك التي ينبغي أن تكون في متناول المجتمع، وقد كان العرب تاريخياً يعلون من شأن الثقافة والمثقف والأديب والكاتب، إلى أن تفكّكت الدولة العربية وانحدرت وعاشت الأمة فترة مظلمة من تاريخها، فصار ينظر إلى الثقافة كرأس حاجة ليس إلّا ، أو ترفاً غير منتج، بل لا علاقة له بالإنتاج.
وقد برزت أهمية اقتصاديات الثقافة في ربع القرن الماضي على نحو واسع ترافقاً مع الطور الجديد للثورة العلمية - التقنية والطفرة الرقمية " الديجيتل" وتكنولوجيا الاتصالات والمواصلات، حيث أصبح للثقافة دور محوري في عملية الاقتصاد، بالضد من الاعتقاد الذي كان سائداً، بل مهيمناً، لسنوات طويلة من أن الثقافة بشكل عام لا مردود مادي يذكر منها، في حين أن الثقافة إذا انتشرت في مجالات الحياة المختلفة، فإنها ستؤثر على التنمية بجميع مجالاتها وهو ما نطلق عليه "التنمية المستدامة"، أي " توسيع خيارات الناس" ويمكن ملاحظة ذلك من خلال نشر الوعي الثقافي بشكل عام والثقافة الاجتماعية بشكل خاص وكيف يمكن أن تؤدي دوراً إيجابياً على مجمل عملية التنمية، بل على مجموع الحياة العامة بترشيد استخدام الموارد وتقليص النفقات في القطاعات المختلفة ورفع الشعور بالمسؤولية، لاسيّما في ظل السلوك الثقافي المدني والمتحضّر.
وإذا ما تكرّس الوعي الثقافي والفهم الحضاري لدور الثقافة فإن ذلك ينعكس إيجاباً على احترام النظام العام والوقت والذوق العام ومعايير الجمال والحُسن وقيم السلام والعدل والتسامح والخير واحترام الآخر، بما يؤثر على الاقتصاد والتنمية وذلك من خلال تكاملها مع الثقافة، عبر العلاقة التبادلية التفاعلية، وإذا كان الاقتصاد محورياً في عملية التنمية، فإن لا تنمية حقيقية دون الثقافة بما فيها ثقافة اقتصادية، أو بمعزل عنها، وهكذا تنشأ العلاقة المتداخلة والمتعاشقة بينهما والتي لا يمكن فصلها.
والثقافة لا يمكنها أن تحقّق آمالها وطموحاتها وتواكب الجديد وتواجه تحدّيات العصر دون دعم مالي، فالمال هو العمود الفقري للثقافة، ولا يمكن أن يتحقق ذلك في ظل اقتصاد متخلّف، بل تحتاج المسألة إلى اقتصاد متطوّر وعصري يستجيب لحاجات الثقافة، لاسيّما توفير الأموال لدعمها مجتمعياً واستثمارياً من جهة، والمساهمة في عملية التنمية من جهة أخرى ، بما فيها إيجاد فرص عمل وتقليص مستوى البطالة من خلال السياحة الثقافية المتنوّعة أو عبر السينما أو المسرح أو مراكز الترفيه الثقافية المختلفة أو المعارض الفنية والمؤتمرات الثقافية وكل ما له علاقة بالفن والأدب.
وهكذا كلّما تعزّزت الثقافة اغتنت التنمية، والعكس صحيح من خلال الأدوات والوسائل بما يعلي من شأن الاثنين معاً، ناهيك عن جذب فرص عمل جديدة، وتوظيف الابتكار والتطوير والتجديد من خلال العرض والتسويق والتشويق للمنتج الثقافي والاقتصادي، بما يعكس ثقافات الشعوب وحضاراتها المختلفة، وهناك اليوم من يضع التواصل بين البشر وتبادل المصالح في المقدمة تحت عنوان "مختلفون بلا خلافات" تعبيراً عن هويّات متنوّعة بهدف تحقيق التكامل والتفاعل والتعاون، من خلال التفكير والسلوك للمجتمعات المختلفة بما فيها من تاريخ وفنون وآثار ولغات وفولكلور.
وكل ذلك يجري في عملية اقتصادية متراكبة،بما فيها من لقاءات وعلاقات عامة وتسوية المشكلات والخلافات وفتح آفاق تعاون جديد في المجالات المختلفة ، وهكذا تتفاعل سياقات الثقافي بالتنموي من خلال المنافع المتبادلة، علماً بأن الاقتصاد هو التعبير المكثّف عن السياسة، وهو المؤثر الأكبر فيها وهو الملهم للثقافة أيضاً، وأحد معاييرها تمايزاً وتواصلاً، ذلك أن امتلاك وسائل المعرفة واستثمارها بكفاءة عالية من خلال دمج المهارات والتقانة المتطورة، إضافة إلى تنمية الموارد الثقافية وتحويلها إلى موارد اقتصادية يمكن أن ترتكز على تجربة تنسجم مع العصر الرقمي والذكاء الاصطناعي أو ما يسمى بالثورة الصناعية الرابعة.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجلة الهدف (الفلسطينية) في حوار شامل مع الدكتور عبد الحسين ش ...
- الهند وإدارة التنوع الثقافي
- «إسرائيل» وقفص الاتهام
- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في ذكرى تأسيسها ال52
- قانون قيصر - الأمريكي-
- جريمة ساحة الوثبة
- المثقف الرؤيوي نوري عبد الرزاق: الذاكرة التاريخية والفرادة ا ...
- الكرد واللغة العربية
- الضاد تتآكل في صيغتها البليغة ومستواها الحضاري
- الأديان وحقوق الإنسان : أثمة إشكالية ؟
- علاقة الفكر بالمجتمع
- العراق: هل سيتم إعادة تدوير الزوايا..؟
- الكوموتراجيديا العراقية بين فقه الواقع وفقه الضرورة
- لبنان.. الوجه الآخر!
- موريتانيا وتحديات التداول السلمي للسلطة
- الحوار العربي - الكردي : وقفة مراجعة
- شعبان يلتقي الرئيس الكولومبي
- عن أي رؤية حقوقية نهضوية نتحدث؟
- الحراك يعيد رسم الخريطة السياسية : الأوضاع الاستثنائية في ال ...
- الإعلام التنموي والتنمية المستدامة


المزيد.....




- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي
- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...
- المخرج علي ريسان يؤفلم سيرة الروائي الشهيد حسن مطلك وثائقياً ...
- فنانون سوريون ينعون ضحايا تفجير كنيسة مار إلياس
- المفكر الإيراني حميد دباشي.. التصورات الغربية عن الهوية الإي ...
- فيلم -باليرينا-.. درس جديد في تصميم الأكشن على طريقة -جون وي ...
- التشادي روزي جدي: الرواية العربية طريقة للاحتجاج ضد استعمار ...
- ما آخر المستجدات بحسب الرواية الإسرائيلية؟
- تردد قناة ماجد الجديد لأطفالك 2025 بأحلى أفلام الكرتون الجذا ...
- -أسرار خزنة- لهدى الأحمد ترصد صدمة الثقافة البدوية بالتكنولو ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الحسين شعبان - اقتصاديات الثقافة