أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم أحنصال - إعدام عبد متمرد














المزيد.....

إعدام عبد متمرد


ابراهيم أحنصال

الحوار المتمدن-العدد: 6465 - 2020 / 1 / 15 - 23:38
المحور: الادب والفن
    


في ثلاثينيات القرن الماضي، كان بقرية تدعى (أسْكارْ) المتواجدة سفح الأطلس الكبير والتابعة إداريا لتاكلفت إقليم أزيلال، عبدٌ يدعى: (فَتْحْ) مملوكا لسيده (ح.أومولاي)، الذي عُين (مْقَدْماً) لأمد معين قبل عزله. وتعود علاقة هذا العبد بسيده إلى مرحلة ما قبل الاحتلال الفرنسي، ولأن الرق لم يُلغ إلا سنوات بعد سيطرة الاحتلال، فالعبد كان يساعد سيده في أشغال الفلاحة كقِطاف الزيتون والزراعة البورية ورعي الماشية.

قلتُ: بعد عزل السيد ح.أومولاي من منصب (مْقَدمْ)، عُين بدلا منه شخص يدعى اسعيد أوحمو من فخدة (آيت احساين كسعيد)، وفي تلك الفترة تعرضت سيدة مسنة للسرقة فَقدت إثرها حِليها، فما كان من (المْقَدمْ) الجديد إلا أن توجه بالاتهام إلى العبد المملوك لـِ(المْقَدمْ) المعزول، فأصدر القبطان الفرنسي حاكم منطقة تاكلفت ويدعى (فيغو) أمرا باعتقال المتهم بالسرقة، لكن (فَتْحْ) لم يُمَكنهم من نفسه بل لجأ هاربا إلى الأدغال ومحتميا بأعالي الجبال، وساعده في تمرده قوته الجسمية وعضلاته المفتولة الصلبة، فكان لا يأتي إلى بيت سيده إلا خلسة من أجل التزود بما يسد جوعه من طعام.

لم يمض سوى أسابيع حتى شَبَّ حريق مهول بِبَيْدَر أتى على المحاصيل الزراعية (تافَّا بالأمازيغية)، في ملكية المقدم اسعيد أوحمو فتحولت إلى رماد، فتوجه الأخير بالشكوى إلى القبطان الفرنسي متهما العبد المطارد. هنا لجأ القبطان إلى اعتقال السيد أومولاي متهما إياه بالتواطئ مع عبده الفار والتستر عليه، وأنه لن يطلق سراحه إلى حين تسليم المتهم اللائذ بالأدغال؛ لاسيما أن العبد فَتْحْ كان يجاهر بتصميمه على الانتقام باغتيال كل من القبطان (فيغو) وقائد تاكلفت (موحى أوباسو) والمْقَدمْ (اسعيد أوحمو) وآخرين... فصار السيد رهينة وطال أمد اعتقاله، وضاقت السبل بأسرته التي أخذت تستشير بحتا عن مَخرج، فاهتدت إلى حيلة وضع ترتيباتها أحد أصدقاء الرهينة.

حضر فَتْحْ كعادته ليلا للتزود بالطعام من بيت سيده، وبعد الاستئناس بالكلام انقضت عليه زوجة الرهينة وتدعى رابحة باسو، التي كان يطلق عليها بالأمازيغية (أزاض) -بتفخيم الزاي- لما تمتاز به من بطش وصلابة وقوة وعنفوان، فأمعنت إمساكه من مَذَاكِيرِه (خصيتيه)، فيما سارع أبناؤها وكانوا صغارا إلى تنفيذ تعاليمها بلف حبل سميك بعنق العبد، والذي كانت الأسرة تدعوه أبداً –يا للمفارقة!- (بابا حمو) للتودد وإبداء الاحترام له ولإشعاره أنه عضو منها، فيما سارعت يافعة إلى إطلاق وَلْوَلاتٍ للاستنجاد مزقت سكون القرية، حينها سارع (أوعمي) كما اتفق مرفوقا باثنين من رجال القرية للنجدة، فأمسكوا بالعبد وأحكموا وثاقه بقيد حديدي (تايْفّارْتْ) وحملوه على بغلة إلى مركز القيادة ليتم مبادلته بالسيد أومولاي. فانهارت علاقة العبد بسيده لأن مصلحة الأخير اقتضت التضحية به.

عند القبطان (فيغو) التزم (فتْحْ) الصمت ولم ينبس ببنت شفة، ربما وفاء منه لسيده، أو أنه كان على يقين بأن لا جدوى من الكلام وفي صمته تعبير صارخ. فتم نقله إلى مدينة القنيطرة وبعد ستة 6 شهور من الاعتقال نفذ فيه الإعدام، بحيث استدعي السيد (أومولاي) إلى مركز تاكلفت ليتسلم ملابس مملوكه كما جرت العادة يومها!



#ابراهيم_أحنصال (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذكرى الأربعون لانتفاضة الفلاحين الفقراء بنواحي قصبة تادلة- ...
- وهم الحركة الوطنية من خلال -وثيقة المطالبة بالاستقلال- في ال ...
- سلام على من ارتقوا شهداء.. سلام على المضحين الخالدين
- محمد أبو عنان.. الطُّهرُ في زمن التلوث: رحيل أحد مناضلي مجمو ...
- الخالد محمد بن عبد الكريم الخطابي.. دروس بلا ضفاف
- في ذكرى اليوم الأممي للطبقة العاملة
- العمل الجمعوي بالمغرب: روافد للتغيير أم أدوات للإحتواء والتد ...
- طبيعة النظام تؤكد عبثية الانتخابات في المغرب
- المقاوم والمناضل الشهيد موحى أوموح نآيت بري
- في الذكرى الرابعة لرحيله.. محمد بوكرين مدرسة للكفاح تأبى الن ...
- بؤس الثقافة الليبريالية
- الشهيد عمر بنجلون .. الغائب اضطرارا الحاضر دوما
- الشهيد المهدي بن بركة .. زواج الوعي العلمي بالممارسة الثورية
- المجد والانتصار حليف خط الكفاح العمالي..الخزي والهزيمة مصير ...
- الكفاح النقابي المستمر هو السبيل الوحيد لهزم التحريفية المتآ ...
- في ذكرى رحيله رفاق محمد بوكرين كلهم إصرار على السير على خطاه
- محمد بوكرين: تاريخ ومواقف


المزيد.....




- صناع فيلم -الست- يشاركون رد فعل الجمهور بعد عرضه الأول بالمغ ...
- تونس.. كنيسة -صقلية الصغيرة- تمزج الدين والحنين والهجرة
- مصطفى محمد غريب: تجليات الحلم في الملامة
- سكان غزة يسابقون الزمن للحفاظ على تراثهم الثقافي بعد الدمار ...
- مهرجان الكويت المسرحي يحتفل بيوبيله الفضي
- معرض العراق الدولي للكتاب يحتفي بالنساء في دورته السادسة
- أرشفة غزة في الحاضر: توثيق مشهد وهو يختفي
- الفنان التركي آيتاش دوغان يبهر الجمهور التونسي بمعزوفات ساحر ...
- جودي فوستر: السينما العربية غائبة في أمريكا
- -غزال- العراقي يحصد الجائزة الثانية في مسابقة الكاريكاتير ال ...


المزيد.....

- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم أحنصال - إعدام عبد متمرد