أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مجاهد الطيب - مترو عبد العزيز فهمي















المزيد.....

مترو عبد العزيز فهمي


مجاهد الطيب
(Megahed Al-taieb)


الحوار المتمدن-العدد: 6461 - 2020 / 1 / 10 - 15:40
المحور: الادب والفن
    


ضمن حملات الإزالة التي بدأت في السنوات القليلة الماضية، والتي لاحقت حرم المترو القديم وقضبانه، أصبح شارع الأهرام – مصر الجديدة – خاليا من المترو القديم"النزهة "، أزاحوه نهائيا ، احتل مكانه رصيف، الرصيف أتى بأشجاره، أشجار صناعية من ذلك النوع سابق الإثمار والطرح. الإزالة لن تتوقف عند " النزهة" فقط، ستطال أيضا "عبدالعزيز فهمي "، و" الميرغني ".

في سبعينيات القرن الماضي كان مترو مصر الجديدة المواصلة الرسمية في طريق ذهابي وعودتي من مدرستي الإعدادية – مدرسة الخلفاء الراشدين. أمام شارع الخليفة المأمون ينهض سورها الحديدي الذي يكشفها تماما للمارة ، ويعرض لنا مواكب الرؤساء الذاهبين العائدين من مطار القاهرة .

السادات مر من هنا في 16 أكتوبر 1973 ذاهبا إلى مجلس الشعب ، كان منتصرا لتوه ، وكان وجهه أحمر جدا! لن يظهر هذا الاحمرار على شاشة التليفزيون ، فؤاد المهندس أيضا شاهدناه صغارا يصور أحد أفلامه في العمارة الضخمة المجاورة لعمر أفندي- روكسي ، كان يقف أمام الأسانسير بوجه أحمر جدا.

شارع الخليفة المأمون هو الطريق السحري لزائري مصر الجديدة، أو أبنائها العائدين بعد قضاء مصالحهم في وسط البلد، أوالاستمتاع بسينمات أكثر تنوعا وتخصصا ! كـ "مترو" و"أوديون" و"ميامي" وغيرها ، أو أكل الكشري عند أمين أو جحا أو صبحي ، حتى ذلك الوقت، مطلع السبعينيات وبعده قليلا، كان هناك استقرار لمفهوم ( الحصري) ، لا كشري في مصر الجديدة نهائيا، سوى محل صغير بميدان الجامع لا يقترب منه إلا آحاد الناس ، كان عبرة لمن يريد أن يتغول على مفهوم الحصري . لكن التصبيرة كانت حاضرة عبر آلاف عربات الكشري التي تنتظم أمام المدارس؛ لتقدم طبقا خفيفا في الوزن والسعر لعشرات التلاميذ الخارجين من مدارس التعليم العام؛ لأنهم وحتى يصلوا إلى غداء أمهاتهم سيسافرون إلى أحيائهم البعيدة عبر المترو أوالأتوبيس. لا وجود للميكروباص.




في النصف الثاني من السبعينيات ، التحق بعض زملائنا بجامعة القاهرة البعيدة البعيدة (لدينا جامعة عين شمس بالعباسية، في مطلع شارع الخليفة المأمون)، يحكي أحدهم عن هذا الاختراع العجيب بالنسبة لنا حتى هذه اللحظة، كان صاحبنا قاطنا بالمرج ومدرسته ومدرستنا بمصر الجديدة، يقول زميلنا وصاحبنا: باركب القطر(قطار الزيتون الذي سلم نفسه إجباريا فيما بعد لمترو الأنفاق- خط المرج )، يقول باركب القطر انزل في رمسيس، آخد ( السرفيس )، عشر دقايق بابقى في قلب الجامعة، فيما بعد سيبدأ السرفيس في الانتشار في ربوع القاهرة وضواحيها، سيصير اسمه ميكروباص! وشقيقه في الإسكندرية يسمى"المشروع".
نعود إلى مترو مصر الجديدة، في شارع الأهرام كان يسير خط النزهة، ذو اليافطة الحمراء المنيرة بلمبات، اليافطة تهدي من لا يعرف القراءة، وتؤنس من يعرفها، وكان عبد العزيز فهمي يسير مع زميليه الآخريْنِ الميرغني والنزهة على ذات القضيب حتى محطة المعلمين، عند محطة المعلمين( تربية عين شمس) ينفصل عبد العزيز، ينتحي قليلا جهة اليسار ليشق طريقه الخاص، يستمر الرفيقان الآخران في خط مستقيم، عند محطة نادي هليبوليس(التي هي غير بعيدة عن نقطة الفراق) يواصل الميرغني السير في خطه المستقيم، بينما ينحرف النزهة يسارا، حيث يصير أحد أسوارالاتحادية المطل على شارع الأهرام عن يمينه.
عبد العزيز فهمي، هو القريب من القلب، لم يكن أفضل، هو أخ شقيق للآخريْنِ، لكنها العشرة، سنوات وسنوات يحملنا إلى المدرسة الإعدادية، ثم إلى الثانوية - فصول الطبري الثانوية الملاصقة لكلية المعلمين.
عبد العزيز فهمي يواصل السير منفردا، تاركا محطة المعلمين خلفه، يمرعابرا محطة روكسي، ثم المريلاند، ثم الخلفاء الراشدين، فالمحكمة، ثم محطة ميرا (كوافير ميرا الشهير)، ثم هليوبوليس، ثم جامع الفتح، فيصل في النهاية إلى محطته الأخيرة ومحطتنا- الألف مسكن .
لدي ملاحظة هنا تخص المحطات النادرة التي تكاد أن تكون بلا اسم، بين محطة المعلمين ومحطة روكسي هناك محطة صغيرة في نقطة على شارع السيل الذي ستيغير اسمه رغم عدم تغيره( تحديدا عند تقاطعه مع شارع الشيخ "ابو النور" ؛ ليكتسب اسما جديدا هو"المقريزي")، بين محطة المعلمين ومحطة روكسي كانت تلك المحطة التي يفضلها تلاميد الخلفاء وطلاب الطبري، وأنت على هذه المحطة المظلومة يمكنك أن ترى شارع الشيخ "أبو النور" من أوله، وهو الموصل إلى جسر السويس، أما في الامتداد العكسي سترى الخليفة المأمون في تقاطعه مع شارع الميرغني، الخليفة المأمون سيتازل هو الآخر عن اسمه لا مساره؛ ليتسمى "إبراهيم اللقاني" . هناك محطة أخرى لم تكن مهضومة رغم صغرها، بين الخلفاء الراشدين والمحكمة تسمى أكسبريس، وأكسبريس يعتبر على وجه التقريب أول سوبر ماركت كبير.( هل ظلت المحطة بلا اسم زمنا حتى ظهر السوبر ماركت.لا أتذكر)

محطة البداية في رحلة الذهاب، والنهاية في الإياب هي الألف مسكن ، محطة كمحطات القطار، مكتظة بالركاب والباعة ، غنية بالمرافق ! . محل لبيع السجائر والحلويات وبه تليفون ، وأيضا في تحد سافر لعشرات الباعة السارحين ركوبا، يبيع جلدة البطاقة وأستيك الساعة وأقلام جاف فرنساوي فقط من طراز رينولد، ذي الخط الرشيق والعمر الطويل، وهناك مطعم فول وطعمية، كذلك بوفيه صغير لتقديم المشروبات الساخنة.


في محطة الألف مسكن تلك، التي لم تعد الآن، أصبحت مؤخرا ضمن مسار خط جديد لمترو الأنفاق، على رصيف الوصول لا الذهاب، يتزاحم الناس عمال وموظفون وطلبة !! البنون والبنات. على رصيف الوصول ؟ نعم؛ لـنأخذ المترو قبل أن يمضى قليلا بعد آخره، المترو في النهاية التي هي بعد النهاية الرسمية يستطيع أن يعود أدراجه؛ ليأخذ القضيبين العكسيين ؛ فيكون جاهزا لذهاب بعد وصول ، وأنت تستطيع بهذا الحركة أن تحجز مكانا لك أولأمك أو أبيك أو للأصدقاء .أو لبنت من بنات الثانوي كعربون صداقة ، على ذلك الرصيف رصيف الوصول يمكنك أن تتبين في شتاءات المدارس، أهرامات من العيش المحمص، تتصاعد من خلفها أبخرة كثيقة، تقترب كأنك في ساونا مفتوحة، الأبخرة الكثيفة تتزامل مع الأبخرة التي تخرج من أفواه الركاب (الفعليين أو المحتملين) بفعل الشتاء . هناك زحام شديد.
الزحام الشديد على الفول النابت، تأكله واقفا، تنفخ فيه نفخة ليس قوية، لأنك أيضا محتاج إلى السخونة، الشتاء أظن كان أشد وكان أطول، أربط هذا بأننا في ذلك الزمن في أكتوبر ( الذي هو صيف الآن!! )، كنا نرى الأمطار، وبعضنا يرتدي البلوفر بعد إلحاح من الأم المنتجة لهذا النوع من وسائل التدفئة .
زبائن الفول النابت لم يكونوا فقط من ركاب المترو، حقق الرجل صيتا إلى درجة أن بعض المارة وراكبي أتوبيسات النقل العام يأتون خصيصا إلى حرم المترو، أتوبيسات النقل العام أقل منزلة أصلا و بلا منازع من عربات المترو الفاخرة، على الأقل المترو تنفتح أبوابه وتنغلق بالكهرباء، والكمساري فيها ليس كزميله العامل في النقل العام، لكنه مهندم يرتدي الزي الكاكي زي الأزرار النحاسية، ويعتمر كابا كالضباط . تتدلي من كتفه حقيبة جلد طبيعي . ومعه زمارة لا صفارة .
حتى الإعدادية ( إلا فيما ندر ) كان من الصعب الاقتراب من هذه الأبخرة الجاذبة . مع الثانوي، كانت أحد مسوغات الصياعة والرجولة أن تشارك الجمع الغفير أطباق الفول النابت، قد يحدث أن يتشارك زميلان أو أكثر في طبق واحد حفاظا على المصروف، وقد يحدث أن يتهورأحدنا ويعزم آخرين معولا على (الأبونيه ) ، اشتراك المترو الذي سيعيده – آمنا وبالمجان - إلى ذويه، يكفي فقط أن يبرزه للمحصل!



#مجاهد_الطيب (هاشتاغ)       Megahed_Al-taieb#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مختارات من -سجن العمر - توفيق الحكيم
- عبد الحميد مبروك
- من - هوا مصر الجديدة -
- سعاد
- هربت الفكرة
- لقطة المترو
- دَوا نُقَط
- فوقية
- قهوة علي مالك
- جبال الألب
- محمود ونوجة وصفية
- النادي الفرنساوي
- بأثر رجعي
- شارع الحب
- مصر الجديدة - الرابع والخامس من ديسمبر 2012
- ليلي نهارك
- نُؤْنُؤ
- حراس الفكرة


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مجاهد الطيب - مترو عبد العزيز فهمي