أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مجاهد الطيب - نُؤْنُؤ














المزيد.....

نُؤْنُؤ


مجاهد الطيب
(Megahed Al-taieb)


الحوار المتمدن-العدد: 4017 - 2013 / 2 / 28 - 13:46
المحور: الادب والفن
    


نُؤْنُؤ

تزدهر هذه اللعبة ، وتتجلى ، وتصل إلى أعلى معدلاتها في المشمش ، إلا أنها لا تتبخر فجأة مثله ، عمرها أطول من عمره ، فقط تخفت لوقت معلوم ، ثم تعاود الظهور ثانيةً .
لا أعرف على وجه التحقيق هل تسمية " نوى " المشمش بـ " النؤنؤ " تسمية معرووفة في نواحٍ أخرى من القاهرة أو غيرها ، أم أنها تخص حينا فقط وربما شارعنا ؟! على أية حال يبدو لي هذا المسمَّى الآن ضربا من التمييز الإيجابي ؛ فمن الفاكهة ما يوشك أن يؤبِّد ، ومنها العزيز الغالي .

كان " زيكا " - في الطفولة - أمهر من يلعبون " ملك وكتابة" على النُؤْنؤ . في هذه النواة تتركز المادة الفعالة لصناعة " الدُقَّة " البيتية ، بعد معالجتها بالتوابل تُغمَّس بالعيش أو بالسميط ، بمرور الأيام وتغير الأحوال صار النؤنؤ يُجمع بحماس منبت الصلة عن المنفعة المباشرة ، نشاط حركي يعزز روح المنافسة ، فيه احترام لقواعد غاية في البساطة والحسم : ملك - كتابة ، لكن زيكا رغم مكاسبه الكبيرة ، ومعرفة القاصي والداني في المنطقة بثروته المهولة من النؤنؤ ، كان إذا خسر مرة ينتفض ويعلو صوته ناعتا خصومه بالـ نحْس ، يشكِّك في شفافية العملية ذاتها ، في صلاحية العملة المعدنية التي ربح بها حالًا ، ويصرُّ على أن يستبدل بها أخرى .الطامة الكبرى تحدث عندما يكون في عز خسارته ، ويُنادَى على أحدهم من قِبَل الأب أو الأم ، يقف زيكا ويضرب الأرض بقدميه ضربات عسكرية منذرة : " ما حدش هيمشي ، عايز تمشي كَفِّيني الأول ! "
من المفترض أن " كفِّيني " هذه تخضع لاتفاق مسبق ، وتعني أن اللعبة لن تنتهي إلا بانتهاء ثروات المتنافسين – لآخر نؤنؤة ، ولا يجوز لأيِّ من اللاعبين تحت أي ظرف أن ينسحب قبل تمام المراد أو ضياع الأمل .
لم يكن زيكا طفلا عاديا ؛ له شخصية قوية ، ووسامة ظاهرة ، وصبر على الخسارة حتى تخسر . كان يمكن لزيكا أن يكون محبوبا لولا طيبته الموسمية . نتفهم بالطبع هموم زيكا ومسئولياته ؛ فهو لا يمارس اللعبة بخفة مثلنا ، اللعب كان حياته ؛ فكثيرا ما تكون أمواله في السوق . في أوقات الشدة يحن زيكا على الرفاق ، يسلفهم بعض النؤنؤ لتقام اللعبة ، بشرط المضاعفة ساعة الاسترداد ، وحدث أنه تنازل أكثر من مرة واسترد النؤنؤة بنؤنؤة مثلها - دون فوائد ، لكنه لم يعترف يوما وأيا ماكانت الضغوط بـ " بقية الإيد ".نحن نموت من الغيظ ، أما هو فكان يمد يده ويقول : عهد مين ده ؟ قبل أن نقول : عهد الله ! يزيد : وعهد الله ما ينفع ! ، كان – ببال مرتاح - يرى أن الجد جد .
" بقية الإيد " بند آخر في قواعد اللعبة يلزمه أيضا اتفاق مسبق : يصرخ اللاعب المهزوم " أنا عايز بقية إيدي " . بقية الإيد أشبه بمكافأة صغيرة ، يعطيها الرابح للخاسر في نهاية اللعبة ، حلاوة مكسبه ، أو إطفاءً لنار الحسد ، أو جنتلة . الحاصل أن بقية الإيد كانت من البنود المعطلة ، حق من حقوق اللاعب الخاسر تم التواطؤ عليه زمنا ؛ فأصبح كأن لم يكن .غير أن القليلين رأوا في " بقية الإيد " نوعا من زكاة اللعب ، عليهم أن يؤدوه ، بشرط ألا يُطلب منهم ذلك ، وألا يكون دوريا . من المناسب أن نذكِّر في هذا السياق أن هاتين القاعدتين ( بقية الإيد - كفيني ) تندرج تحتهما لعبة أكثر شهرة وهي الـ " بِلْي " ، وأخرى منقرضة وهي " الكازوز ".

ثمة طريقة أخرى لممارسة رياضة النؤنؤ : تُحفر حفرة صغيرة في الأرض وتسمى " طَارُوقة " . يقف اللاعب عن بعد متفق عليه ومحدَّد بـ " لاين " . رجلك ورا اللاين يا كابتن . ينشِّن اللاعب على الحفرة ، إذا طاشت النؤنؤة تكون من نصيب الحفرة ، يتراكم النؤنؤ الخائب واحدة بعد الأخرى ؛ ليصادف صاحب النصيب صاحب أول نيشان ماهر .
في مداخل البيوت ( على سبيل التغيير ) ، وفي غرف الأطفال ( من باب التحريم )، تحريم مخالطة " زيكا " وأمثاله ، كانت اللعبة تأخذ شكلا ثالثا : طبق صغير غويط بديلا عن الحفرة : يمسك اللاعب بزوج النؤنؤ ، ويرمي بهما عن بُعدٍ قريب في الطبق ، المكسب يعني أن إحدي النؤنؤتين تنزل في الطبق والأخرى خارجه ، وإلا فالطبق أولى بالنؤنؤتين . المتسابق قبل أن يبدأ ضربته يمسك بزوج النؤنؤ يقرِّبُه من فمه ويبوسه ؛ ليُذهِبَ النحس ، ليترجَّى النؤنؤة ، ويذكِّرها بخطورة الموقف.



#مجاهد_الطيب (هاشتاغ)       Megahed_Al-taieb#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حراس الفكرة


المزيد.....




- -دليل الهجرة-.. رحلة جاكلين سلام لاستكشاف الذات بين وطنين ول ...
- القُرْنة… مدينة الأموات وبلد السحر والغموض والخبايا والأسرار ...
- ندوة في اصيلة تسائل علاقة الفن المعاصر بالمؤسسة الفنية
- كلاكيت: معنى أن يوثق المخرج سيرته الذاتية
- استبدال بوستر مهرجان -القاهرة السينمائي-.. ما علاقة قمة شرم ...
- سماع الأطفال الخدج أصوات أمهاتهم يسهم في تعزيز تطور المسارات ...
- -الريشة السوداء- لمحمد فتح الله.. عن فيليس ويتلي القصيدة الت ...
- العراق يستعيد 185 لوحا أثريا من بريطانيا
- ملتقى السرد العربي في الكويت يناقش تحديات القصة القصيرة
- الخلافات تهدد -شمس الزناتي 2-.. سلامة يلوّح بالقضاء وطاقم ال ...


المزيد.....

- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مجاهد الطيب - نُؤْنُؤ