أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عبير سويكت - راستات السودان ثلاثية فاقع لونها تسر الناظرين لسودان واسع سودان شاسع و لا مهموم و لا محزون.















المزيد.....

راستات السودان ثلاثية فاقع لونها تسر الناظرين لسودان واسع سودان شاسع و لا مهموم و لا محزون.


عبير سويكت

الحوار المتمدن-العدد: 6451 - 2019 / 12 / 30 - 15:55
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


راستات السودان ثلاثية فاقع لونها تسر الناظرين نحو سودان واسع سودان شاسع و لا مهموم و لا محزون.

عبير المجمر (سويكت)

أكيد قلم الظلم مكسور

في أمسية الرياض بالسعودية حيث كان الاحتشاد السوداني احتفالا بعيد الثورة، لفت نظري مجموعة "الراستات" أو "الراستافارية" ، هذه المجموعة الشبابية التي كان قد حياها فريق أول ركن عبدالفتاح برهان رئيس المجلس العسكري الإنتقالي في خطابه أنذاك قائلاً :(تحية لناس الرصة، والراستات،و السانات،تحية للناس الوقفت قنا).

ومن عجائب و إبداعات جمال ثورة ديسمبر السودانية المجيدة التصحيحية أنها ثورة كانت لا مثيل لها تخطت الرقم القياسي في الثورات السودانية، و تميزت بتلك النكهة الإبداعية، نكهة التنوع التي عسكت اجمل لوحة فنية عبقرية أبهرت العالم.

و من أحدي إبداعاتها مجموعة الراستات أو الراستافارية ،و أن تكون راستا في السودان لا يعني فقط تسريحة الشعر المتميز بها الراستات، او نوعية اللبس... إلخ ، لا لا الراستا أو الراستافارية معنى اكبر مثل "مملكة الحواته" على سبيل المثال لا الحصر ، فالراستا ظاهرة أثرت في مسار الثورة الشعبية السودانية، لأن "الراستا" قبل كل شئ هي حركة اجتماعية وثقافية وروحية تطورت و رأت الشمس في جامايكا، و جامايكا معروف أنها اراضي الثوار المتمردين على العبودية و الاستعباد ، تاريخ العبودية السابق يعكس كيف كان الجمايكا مختلفين عن الآخرين من العبيد الذين جلبوا من إفريقيا في عهد الرق، و كيف قاوموا ذلك.

و الأهم من ذلك أصرارهم الحفاظ على هويتهم الإفريقية، و مقاومة طمس الهوية من قبل المستعمر، و تجدهم اكثر الكاريبين اعتزازا بالذات مقارنة بكاربيي فرنسا أهل الجذور من Martinique, Guadeloupe, Guyane, Ré-union- الذين يتنكر اغلبيتهم لهويتهم الإفريقية، و يحاولون التنصل منها، بعكس الجمايكا و الراستات الذين تتجه انظارهم نحو الحرية و التحرر من العبودية و الاعتزاز بالذات، و تبقى إفريقيا في حدقات أعينهم، و الأصول و الجذور الإفريقية راسخة قوية ثابتة.

ثورة ديسمبر السودانية كانت مطالبها متعددة و مختلفة، كل من خرج للشارع كان يؤمن بهدف معين و لديه هدف محدد ، المطالب لم تكن سياسية فقط بل كانت متعددة الأشكال الثورة ما ثورة رغيف(ها يا زول اقيف القصة ما قصة رغيف، القصة قصة شعب راكع من زمان عايز يقيف مقهور بالسلاح فوق رأسه سيف) ، و لم تكن اقتصادية و إجتماعية فقط(مرقنا من البيت مرقنا من الدار ما عشان بنزين ما عشان أسعار انحنا ناس مارقين عشان نحرر السودان من تجار الدين القتلو الثوار) ،بل كانت كذلك ثورة فكرية و ثقافية ... إلخ.

لأن التغيير الحقيقي أساسه الثورة الفكرية التي من شأنها أن تحدث التغيير الاجتماعي و الإقتصادي و السياسي ،و لأن طارق الأبواب لآبد أن يصل، و كل من ينشد أي نوع من انواع التغيير لن يضل طريقه ، و إيماناً مني بأن الآليات السياسية ليست هي الوحيدة المؤدية للتغيير كنت دوما في مقالاتي الفكرية أتحدث عن أهمية الثورة الفكرية و الأدبية و الفنية.

و كيف إن الأدب على سبيل المثال عن طريق الرواية الأدبية التي تحمل بطياتها نقد أجتماعي و سياسي لعبت دورا على مر التاريخ ، و كذلك الشعر، و أثرت الآليات الفنية من مسرح و دراما و اغاني في إحداث تغيير عظيم و إحداث ثورة إنسانية عظمى.

و الراستات اعتمدوا أيضا الموسيقى و الفن بمختلف ألوانه في بث رسالتهم و نشرها، و عبرها يكون تحقيق الهدف والانتصار و أن يهزم الإنسان ما لا يريده و يفرض عليه سواء كان نظاما سياسيا استبداديا، او ظواهر و ثقافات مجتمعية من أشكالها العنصرية و الراسمالية الطفيلية،و التمييز و اللامساواة ... إلخ.
فقد عبر الراستات عن كل هذا ، و أرسلوا رسالتهم عن طريق الموسيقى بمختلف أنواعها على رأسها ال reggae و أباها الروحي bob marley، و غيره ممن أحب Clifton George Bailey الشهير بي capelton ،أو
Miguel Orlando Collins
الشهير بي Sizzla ،و كذلك ال dancehall يحتل عرشه بلا منازع Adidja Palmer الشهير بي Vybz Kartel و Mr. Vegas الذي تغني ضد العنصرية و محاولة طمس الهوية مثل Black and baroud و تعجبني عنده هذه الأغنية بالرغم من أن تغني بها كثيرين غيره .

و حتي فناني ال hip hop و ال rap جميع ال old school التي هي نتاج لظواهر مجتمعية تعبر عن مطالب و احلام، و تعكس واقع مرير، و تعبر عن رفض أو تأييد، و أصبح فنانيها يلعبون دورا شبه سياسيا في التغيير المجتمعي، و اثروا بشكل كبير و على رأسهم : الثائر الأسمر المتمرد الذي ما زالت كلماته و ألحانه و أنغامه تارة كالمدافع داوية، و تارة كنغمات الكنار المغرد ذاك ال black man الاتي بعقلية ال ghetto المطالبة بالعدالة و المساواة الإجتماعية و رافضه للظلم و الفقر و التمييز الطبقي و كل أشكال التمييز Lesane Parish Crooks الشهير بي Tupac Shakur،و لن ننسى ال diamant الأسود Christopher George
الشهير بي Biggie Smalls او The Notorious B.I.G، و كل الراستات من مختلف المدارس الفنية و الثورية ثوار أصحاب رسالة تختلف في اللونية و تتفق في الإنسانية.

و راستات السودان هم ليسوا مجرد تسريحة شعر dreadlocks او بالمختصر المفيد Locks او بوب مارلي كما دابت العادة السودانية على تسمية ذلك، و الراستات ليست ثقافات الألوان الثلاثة الأحمر و الأصفر و الأخضر الوان "فاقع لونها تسر الناظرين" ، بل هي الوان سودان المستقبل الذي ترجوه تلك الأجيال الثائرة الأخضر :رمز العمل والتنمية و الخصوبة ، الأصفر :رمز الأمل والعدالة والمساواة، الأحمر : رمز التضحية والبطولة نحو غلبة الحرية والمساواة.

راستات السودان لا يعتنقون الجانب الآخر الروحاني عند راستات جامايكا و هو ديانة ال راستافاري لا، و لا هم يقدسون "Jah" هيلا سيلاسي آله، و لا َ إثيوبيا باعتبارها مهد الأجداد كما يعتقد الجمايكا لا، فالسودان هو مهد اجدادهم و منبع الحضارة الإفريقية ، و هم لا يؤمنون ببعض ما يؤمن به بعض راستافاري جامايكا من قول Marcus Mosiah Garvey
:(دعوا إله إسحق وإله يعقوب موجودين في الجنس الذي يؤمن بإله إسحق ويعقوب نحن السود نؤمن بإله إثيوبيا ، الإله الأبدي ، الله الابن ، الله الروح القدس ، إله جميع الأعمار. " "هو الله الذي نؤمن به ، وسوف نعبده بنظارات إثيوبيا). راستات السودان لا يؤمنون بهذا القول البته بل هم يؤمنون بالله ربا و محمداً عبده و رسله، و منهم اهل كتاب مسيحيين.. إلخ.

راستات السودان أعلنوا التمرد على الإستبداد و رفعوا رايات العز(أرجم الفساد أرجم الوساطة) ، و أعلنوها داوية أنهم صابنها إلى أن يحدث الله بعد ذلك أمرا ، راستات السودان حراس الترس "اعقلها ثم توكل" ، و ما بين غمضة عين وانتباهتها.. يغيّر الله من حال إلى حال َ، وفعلاً تحقق الأمل ونجحت الثورة.

راستات الثورة شكلوا لوحة فنية تشمل كل طبقات السودان الثقافية و المجتمعية فمنهم ناس ام در الحبيبة "أنصار الله" ، و "حناكيش" العمارات و المعمورة و الطائف و اركويت و كافوري.. إلخ، و" شفاته و كنداكات"(عاملين عصبجية و نحنا ناس شفاته ما بشيل بندقية في يدي البلاطا) ، و برى الصمود عرين الأسد(نحنا كالاسود جوا الميدان نحنا ناس مارقين نحرر السودان) ، و الحاج يوسف و الكلاكلة و امبده و صولات الديم..إلخ.

تجدهم يرقصون كذلك على كل الانغام ينطربون لمصطفى سيد أحمد و العملاق وردي كما يرقصون على أنغام ملك الصولات و الزنق أيمن الربع و النيجيري و ايقاعات و أنغام حمدي عباسية... إلخ ، و هم يرددون"عسكرية اه وين يا، مدنية وي وي وي".

و من الراستات كذلك أنصار مملكة الحواته و قيم ومبادئ الحوت الإنسانية ملك الطرب او كما يسمونه الجان لقدراته الصوتية الفائقة و الكم الهائل من الإبداع الذي تجسد فيه، إضافة لروحه الإنسانية، الأب الروحى لتلك المملكة الفنية محمود عبدالعزيز "ابقوا الصمود ما تبقوا زيف" "ابقوا الصمود ما تبقوا خوف".

الراستات فئات تنشد الحياة لمن لا حياة لهم الهامش السوداني الجديد و القديم جبال النوبة ،دارفور ،النيل الأزرق، الشرق، الشمال ،الوسط ،للقابضين على الجمرة، و النائمين بدون تمرة، من أجل وطن واسع وطن شاسع لا مهموم و لا محزون، وطن يسعي من شاء أن يغني كمن شاء أن يصلى(الدين لله و الوطن للجميع)، محتفظين بالأمل و واثقين أنه مهما ضاقت الأحوال أكيد قلم الظلم مكسور.



#عبير_سويكت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبدالعزيز الحلو يستنكر المزايدة على موقف الحركة حيال الهوية ...
- نائب رئيس نقابة الأطباء بلندن بعد جولة استقصائية في مستشفيات ...
- لجان كوستي و آيا صوفيا السودانية في أجمل لوحة فنية عبقرية و ...
- محمد غورماز : الرسول(ص)صاحب ثلاثة ثورات إنسانية ضد العنصرية ...
- العلمانية مطلب شعبي و الرسول (ص) كان علمانيا
- الواثق البرير أمينًا عاماً لحزب الأمة، وعسى أن تكرهوا شيئاً ...
- الحركة الشعبية قطاع الشمال تزيح الستار عن خفايا و خبايا مفا ...
- رئيس وزراء شرعي للسودان يشدد على المراجعات و نقد الذات، و حز ...
- الصادق المهدي في الدمازين حاضرة ولاية النيل الأزرق يطرح القض ...
- العبقرية الفكرية و الهندسية مع الأديب الأريب عميد كلية الهند ...
- فض الإعتصام و لجنة تحقيق نبيل أديب لقتل القضايا الحية و دفنه ...
- ماذا وراء تهرب حمدوك من حسم ملف اليمن و عودة الجنود السوداني ...
- حمدوك ما بين الأمنيات و الحقائق و الواقع حول رفع السودان من ...
- منظمة السودان الجديد الإنسانية
- من الذي يخاف تقديم البشير للمحكمة الجنائية و لمصلحة من محاول ...
- الرئيس السوداني المعزول و خيارات المحاكمة القضائية ما قبل و ...
- علماء السلطان و التوجه من دعارة دق الطبول و حرق البخور للسلط ...
- إمام الأنصار يتحدث عن إجتهاده الفكري لمستقبل البلاد -التأصيل ...
- أمام الأنصار يحذر من التآمر الإنقلابي إذا حدث الإنسداد و يؤك ...
- حوار مع زعيم الأنصار الإمام الصادق المهدي حول الراهن السياسي ...


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عبير سويكت - راستات السودان ثلاثية فاقع لونها تسر الناظرين لسودان واسع سودان شاسع و لا مهموم و لا محزون.