أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايد سعيد السراج - الحرمل ( رواية )














المزيد.....

الحرمل ( رواية )


عايد سعيد السراج

الحوار المتمدن-العدد: 6449 - 2019 / 12 / 28 - 16:25
المحور: الادب والفن
    


* الحرمـــــــل ( رواية )

* سيرة الأب

* عايد سعيد السِراج
كان ذلك في يوم الجمعة بعد عودتك من صلاتها ظهرا ً عندما مت ّ يا أبي .
كنت لوحدي في البيت وأختي الصغيرة , كان اليوم جميلا حنونا وهادئا. يسكنه سكون معطر بسكينة ونقاء مهيب حينها. كنت. أقرأ. رواية لفرانز فنون . وأنا أتساوق مع. أحلامي. .
يا لمصادفة موتك يا أبي !
قـَرَعْت َ باب البيت الكبير ففتحت لك الباب وكنت ذاهلا ً , وكأنك كنت تحاكي شيئا ً بعيدا ً أبعد من عالمنا , كنت مهابا ً وجليلا ً ومشيت بخطاك الوئيدة , وَجـِلا بجسدك النوراني , وطهره المعهود , تَعَلّقـْت عيناي بذهولك العجيب , ونظرتك الذاهلة أبدا َ إلى البعيد , عندما تجاوزت شجرة التوت الكبيرة التي نستظل بفيئها , وتكفي الجيران وكل محبي التوت من ثمراتها عندما تدر بثمرها وطعمه اللذيذ الذي لا ينسى .
وبعد أن عبرت الحوش الواسع باتجاه غرف البيت الحجرية وتجاوزت الدرجات الثلاث إلى المصطبة الأسمنتية , كان ذهولك يزداد دون أن تنطق ببنت شفة , فأصابني الذهول انا أيضا ً , وَطَلبت َ مني بإشارة من يدك أن أعْطِنِي ماءا ً , فاسرعت به .
وبعد أن شربت قليلا ً سقطت من يدك طاسة الماء .
وبدأ وجهك يعرق بل يتصبب مطرا ً , وعنقك تتقلص عروقه , دوان أن تنبس ببنت شفة .
مابك يا أبي .. أبي مابك ... لم ترد , وكأنك هناك مع الأفلاك في برزخ الوجد , وأنا أصابني ما أصابك من ذهول واستغراب ورهبة .
فوقعتَ على الأرض بهدوء دون ارتطام , أنت الرجل الطويل الذي يملك جسدا ً رياضيا ً وقعت , بهدوء وقعت وبشخير النائم غفوت إلى عالمك السرمدي , وكنت وحدي .
فهززتك ولم تجب , هززت نفسي وأنا أهزك َ , ولم تجب , كنت أحاكيك همسا ً وحنانا ً , وكان قلبي هو الذي يفهم لغتك الحنونة وطيبتك التي تفوق جميع الآباء .
ماذا بقي لي وأنت كل شيء لي , يا من كنت أبي وصديقي والحنان الذي أستأنس به على شقاء الحياة .
أبي , أبي , ولم تجب , وأنا أيضا ً لم أجب ولم أبك ِ ولكنني عشت عالم السحر الذي كنته يا أبي .
عالمك المجبول من نوارنيته وسلام روحك , ألم تقل لي أن أباك الشيخ سراج صاحب كرامات وهو بعيد عنا في بلاد ( العمق ) في تركيا , لقد تأكدت بعد زيارة قبره الجليل بعد أن طردونا الدواعش من مدينتنا الرقة , حتما أنت لا تعرف أن الدواعش هي فئة مجرمة احتلت المدينة , وبدأت بقطع رؤوس كل من يعارضها وذبحهم كالنعاج , ومدينتك الرقة أضحت خرابا ً بعد أن طرد الأمريكان الدواعش من المدينة ولم تكن حربهم بالسيوف كما هو المعتاد على أيامكم بل بالطائرات والصواريخ , نعم فمدينتك الوادعة قصفوها بالطائرات والصواريخ وهجروا أهلها والبعض منهم لا يزالون تحت أنقاض البنايات , و أقبيتها ميتين َ منذ شهور , لا تضحك يا أبي هذه هي الحقيقة أعرف أنك تتألم وتحزن لهذا ,
نعم يا أبي إنني أحدثك من بلد ٍ أوربي بعيد جدا ً أبعد من تركيا التي تجاورنا بكثير .
هاأنذا ألم ّ أطرافي يا أبي , وأتوادد مع الذات والمحيط , وما زالت تنتابني تلك القشعريرة التي ما فتأت تبارحني منذ تلك الليلة , أنا أًحُيطُ بي كي لا أتناثر وجعا ً مؤلما ً . وجعا ً يتحاوط ُ جسدي , وأصفن به , حتى أنّ رؤوس أصابعي تؤلمني , أسياخ نار ٍ تخرج منها , أما رأسي فلن أحدثك عنه إذ أنه كمحرك قديم يعمل على الديزل , تصرخ بداخله جنيات وسعالي لا يـَخـَفـْنَ الله , حتى أنهن َّ يتقاتلن بداخله بصياح ليلي مخيف , صياح جنيات ٍ , أو قرود ناطة أبدا ً في أغصان أوردته الملتوية المتشابكة , كما هاتفي الذي يرن ّ الآن بإلحاح ٍ مخيف .
سأعتذر منك الآن يا أبي لدقائق لأرى ماذا يريد مني هذا الجهاز الغبي المِلْحَاح وسأعود إليك .
يتبع ....
في 26/12/2017م



#عايد_سعيد_السراج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رهافة
- عامودا
- آلمني ماؤك يا فرات
- حزن روحي
- خيانة الإعلام العربي وتشويه الحقائق
- احترقت أمي
- بكاء
- سماء الروح
- كيف لك أن تلامس أفعى وأنت أفعى ؟
- جوري
- ماء وطين
- قارب الموت
- أتلو عَليْكنَّ هذا الياسمين
- الورد يزهر دائما ً
- الملكة
- * الحرمل
- أيقونة السماء
- ل - عايد سعيد السِّراج
- الراء
- الكُمون ُ الذي لا يُعرَّف


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايد سعيد السراج - الحرمل ( رواية )