أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي مهذب - البرباش














المزيد.....

البرباش


فتحي مهذب

الحوار المتمدن-العدد: 6447 - 2019 / 12 / 26 - 12:41
المحور: الادب والفن
    


البرباش*

الى ضحايا هولوكست ما بعد الثورة.

تلعب الشمس بأعصابه كما لو أنها أفاع تتلوى داخل قبو من لحم ودم..
صحراء شاسعة تبطن في أحشائها
نفايات البشر على اختلاف أشكالها..
جحيم مهجور صنعه الانسان المتحضر ليدفن في مطاويه ما انعدم من أشيائه الأثيرة..
رائحة متعطنة جدا تثقب حواس الجن والانس خلعت عليها حرارة الشمس جرعات من سمومها الفلكية..تتماهى المتناقضات ..
هنا لا فرق اطلاقا بين الكلاب الضالة والقطط المخذولة أشباه البشر..
كل يشكل جزءا رماديا من هذه التراجيديا اليومية المكرورة..
هم قمح هذه النفايات التي تطبخه الشمس على أثافي أعصابها المشتعلة..
نساء سمراوات يتدافعن مثل عناكب أسطورية عملاقة بحثا عن
عشبة جلجامش..
رجال بدائيون يرفع أرواحهم المتهدلة منطاد السعال الى أمكنة عميقة مجهولة..
( أ ) لم يتجاوز العقدين دهست أبويه جنازير آلة كبيرة جدا عادة ما تمشط مكب النفايات بالطول والعرض..
مخلفين عاصفة مدمرة من الفراغ العائلي..لكن لم يتسلل الى قاع روحه أخطبوط اليأس والعدمية.
ها هو ينقر وينقب مثل غيره من أشباه البشر عن القوارير البلاستيكية المستعملة وبعض الخرداوات لبيعها بأسعار تسعد روحه المتعبة و تقلص جرعات
الشعور بالانهيار الجسدي..
كثبان من النحل البشري يقطع فضاء المكب جيئة وذهابا لاختراع
ضحكة مجلجلة ما ان تقع أعينهم على شيئ ذي بال..
يطلق عقيرته (ب) : لقد عثرت على خلخال ذهبي قديم..
قال (ع) : انه خلخال عليسة فقدته في هذا المكان قبل أن تعمل النار في جسدها في حربها
الخاسرة مع الرومان الأشاوس..
زاد هذا الصراخ من حماس (ن)
لم يأل جهدا في البحث وعلى غرة عثر عل قطعة غامضة ملفوفة في قماش حريري مذهب..
تجمد مثل حية في غلواء الصحراء مخاطبا ذاته بصوت خفيض: يبدو هذا كنزا نفيسا كاتما سره سرعان ما حمل بعض القوارير الفارغة وقطع الخرداوات التي ظفر بها في رحلة الصيد والبحث عن فرائس معدنية في مكب النفايات..
وضع كل هذه الأشياء الثمينة وراء دراجته الصدئة التي تزعق مثل قرد أحمر في غابة مطرية..
انها دراجة مثيرة للغثيان تخلى عنها الشيصبان منذ الأزل..
وما ان بلغ بيته الشبيه بكهف غوريلا خال من أبسط مقومات الحياة حتى أفرغ تلك الحمولة واختلف الى دورة المياه لقضاء حاجة بيولوجية ملحة..
بيد أن صراخا متقطعا يصاعد من حجرته المظلمة لم يكمل حاجته وراح يفتش في حجرته عن مصدر هذا الصوت الغريب..
قلب أثاث الحجرة المهترئة رأسا على عقب..
أخذ يتعالى هذا الصوت المتقطع مرة ثانية..
اتجه الى حمولته ذات الرائحة المقززة التي ركنها في أقصى حجرته..
فتح تلك القطعة الغامضة الملفوفة في قماش لافت للنظر اذ برضيع ملطخ بقطرات دم جاف استعاد وعيه وراح يصيح بأعلى صوت .

ا*** البرباش كلمة عامية تونسية تعني النبش والبحث في مكب النفايات.



#فتحي_مهذب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يجرون نصوصهم الى التهلكة
- الضحك امام جثة اللامعقول
- فتحي مهذب
- أعترف بصداقتي للهاوية
- زيزان أخر الليل


المزيد.....




- “وأخيرا بعد طول انتظار” موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 1 ...
- وزير الثقافة والاتصال الموريتاني يوضّح موقف نواكشوط من من مق ...
- جودة خرافية للمباريات.. تعرف على أحدث تردد قناة MBC أكشن 202 ...
- -الدين المعرفي-.. هل يتحول الذكاء الاصطناعي إلى -عكاز- يعيق ...
- هوليود تنبش في أرشيفها.. أجزاء جديدة مرتقبة لأشهر أفلام الأل ...
- رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار: التعاون الثقافي مع روسيا ...
- -بيت الشعر في المغرب- يتوّج بجائزة الأكاديمية الدولية للشعر ...
- عودة الأدب إلى الشاشة.. موجة جديدة من الأعمال المستوحاة من ا ...
- يجمع بين الأصالة والحداثة.. متحف الإرميتاج و-VK- يطلقان مشرو ...
- الدويري: هذه أدلة صدق الرواية الإيرانية بشأن قصف مستشفى سورو ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي مهذب - البرباش