أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسن عجمي - الثورة على الله














المزيد.....

الثورة على الله


حسن عجمي

الحوار المتمدن-العدد: 6443 - 2019 / 12 / 22 - 00:03
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


الله هو المُؤسِّس الأول للنظام الديكتاتوري لأنه لا يقبل شريكاً له تماماً كالطاغية. فإن سيطرت أيديولوجية الله سيطرت الأنظمة الديكتاتورية لكونها تُطابِق أيديولوجية الله وذلك من خلال توحيد القدرات والسلطات واختزالها في كينونة واحدة ألا وهي سلطة الطاغية و وحدانيته المُطابِقة لتوحيد واختزال القدرة والخلق وسلطات التشريع والتنفيذ والقضاء في الله و وحدانيته. لذا لا حرية بلا ثورة على الله.

كما أنَّ كل الصراعات والحروب التي نشهدها في العالَم و من ضمنها عالَمنا العربي هي صراعات وحروب بإسم الله. بذلك بالثورة على الله نتحرّر من الفِتَن و الحروب ما يُحقِّق السلام الحقيقي. من هنا بالثورة على الله ينتصر السلام ما يُؤكِّد على أنَّ الثورة على الله تتضمن إيماناً أكبر بالله لأنه من المفترض أن يكون الله هو السلام ومصدره و إلا لم يكن إلهاً خيّراً ما يناقض ماهية الله. هكذا الكفرُ بالله إيمانٌ أكبر به والثورةُ على الله عبادةٌ أسمى له.

في عقيدة الإيمان التقليدي , الله خالق الكون بما هو عليه. وبذلك الله مصدر الأنظمة الديكتاتورية أو هو الذي سمح بوجودها من خلال عدم تدخله في إلغاء إمكانية وجودها. ولذلك , في المجتمعات المؤمنة بالله إيماناً تقليدياً , أية ثورة لتغيير النظام هي ثورة ضدّ الله ما يُحبِط النجاح الحقيقي لأية ثورة فعلية فيُحتِّم استبدال طاغية بآخر إن تمكّنت ثورة من الاستمرار وتحطيم هيمنة الطاغية الحالي. على هذا الأساس لا تنجح ثورة فعلياً سوى بالثورة على الله. فحين نثور على الله نتحرّر من كل حلال وحرام ومُقدَّس و مُدنَّس فيزول تحريم إسقاط الطغاة و أنظمتهم الحاكمة بإسم الله ومقدرته. من هنا فشلت ثورات العرب وتفشل لكونها ليست ثورات على أيديولوجية الله المُطابِقة لأيديولوجية الطغاة. ولذا لا تنجح ثوراتنا العربية سوى بالثورة على الله و ما يُمثِّل من اختزال للسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية في سلطة مطلقة واحدة مُوحَّدة.

الله مصدر اليقينيات لأنه لا يُخطِىء وبذلك ما يوحي به معارف يقينية غير قابلة للشك والمراجعة والاستبدال. لكن اليقينيات تسجننا بمضامينها لكونها لا تقبل المراجعة والاستبدال فتغتال أية إمكانية لإنتاج معتقدات وعقائد ومعارف جديدة فتقتل بذلك استمرارية البحث المعرفي والعلمي. من هنا الله كمصدر لليقينيات المطلقة قاتل العِلم والمعرفة لأنه لا يستقيم عِلم بلا استمرارية البحث ولا توجد معرفة بلا شك ومراجعة واستبدال لمعتقدات بأخرى. لذلك الثورة على الله ثورة علمية ومعرفية و هي ثورة على اليقينيات التي تُؤسِّس للمعتقدات التي لا تقبل الشك والمراجعة فتؤدي إلى وجود الطاغية ونظامه غير القابل للشك والاستبدال. فالأنظمة الديكتاتورية قائمة على اليقينيات فإن سيطرت المعتقدات اليقينية سيطرت الأنظمة الديكتاتورية بعقائدها اليقينية التي لا تسمح بوجود الآخر والمختلف لتعصبها لِما هو يقيني بالنسبة إليها. هكذا لا حرية بلا ثورة على الله تماماً كما لا يوجد عِلم ولا توجد معرفة بلا ثورة على الله. من هنا معرفة الله تقتضي (إن كانت ممكنة) الثورة على الله وبذلك بالثورة عليه إيمانٌ أسمى به.

الله مصدر الحلال والحرام. لكن الثورة الحقيقية ثورة على ثنائية الحلال والحرام و إلا لا تكون ثورة بالفعل بل مجرّد إعادة صياغة للواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي على ما هو عليه. فالثورات الحقيقية ثورات تُحرِّم الحلال و تحلِّل الحرام فتُحرِّرنا من المُحرَّمات التي تسجن الشعوب كما تُحرِّرنا من اليقينيات التي تغتال عقولنا وسلوكياتنا. من هنا الثورة الحقيقية ثورة على الله لكونها تُحرِّم الحلال المُحدَّد سلفاً و تُحلِّل الحرام المُحدَّد مُسبَقاً ما يُحرِّرنا من العقائد والأيديولوجيات والسلوكيات الماضوية. فلا ثورة بلا تحرّر من سيطرة معتقدات وسلوكيات الماضي و إلا سوف نبقى سجناء الماضي بيقينياته المُخادِعة و فِتَنه و حروبه.

فكرة الله فكرة تأليه و بسيادة هذه الفكرة على عقولنا وسلوكنا نؤلِّه الطغاة و أنظمتهم الديكتاتورية ومنظوماتهم العقائدية والفكرية والسلوكية. لذلك لا حرية حقيقية بسيطرة فكرة التأليه كتأليه خالق فتأليه طاغية و أيديولوجيته. بالثورة على الله نُحرِّر الله من سجون يقينياتنا الكاذبة القائمة على تأليه الحاكم الله وتأليه الله الحاكم. فتحويل الله إلى طاغية و تحويل الطاغية إلى إله كفرٌ بالإنسان والله معاً. بذلك الثورة على الله إيمانٌ أعلى بالله.



#حسن_عجمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة على اليقينيات
- كلما ازداد اليقين قَلَّت المعرفة
- العِلم سبيل السلام و الحرية
- العدالة كسلام
- المعارف السوبر مستقبلية
- المعرفة قرار إنسانوي
- المعرفة قرار عقلاني
- العلوم السوبر مستقبلية
- الحقيقة فن استنتاج المعاني
- الحياة فن إضفاء المعاني
- المعاني السوبر حداثوية
- العلوم السوبر حداثوية
- جدل الثورات الفلسفية
- المجاز فن المعاني الصادقة
- الإعجاز المخادع و البلاغة الكاذبة
- المعنى فن إنتاج اللغة
- الشِعر فن استدعاء التأويل
- الكون فن إيصال المعاني
- الجمال فن انتظام المعاني
- الفن تحويل اللامعنى إلى معان ٍ


المزيد.....




- انتشار التعبئة الطلابية ضد الإبادة الجماعية الإسرائيلية
- بيلوسي للطلبة المتظاهرين: انتقدوا إسرائيل كما شئتم لكن لا تن ...
- فرنسا: القضاء يوجه اتهامات لسبعة أكراد للاشتباه بتمويلهم حزب ...
- ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال ...
- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - حسن عجمي - الثورة على الله