أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - حكم آل الأسد: رفعت نموذجاً














المزيد.....

حكم آل الأسد: رفعت نموذجاً


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 6435 - 2019 / 12 / 11 - 11:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لو كان رفعت الأسد أقل طموحاً، لما تم نفيُه إلى أوروبا سنة 1984 إثر الخلاف على السلطة الذي دبّ بينه وبين شقيقه حافظ، ولربّما كان متربّعاً اليوم على رأس النظام السوري خليفةً لأخيه. فلولا الصراع بين الشقيقين على إدارة شؤون قهر الشعب السوري وتسخيره واستغلال خيراته، لما انتهى الأمر بأحدهما إلى الخضوع للمحاكمة في دولة يسود فيها حكم القانون ويحرص قضاؤها المستقل على معاقبة السرقة والجريمة مهما عظمتا، بل بشدّة أكبر كلّما عظمتا. والحصيلة أن ما لم يستطع الشعب السوري أن يشاهده في بلاده بعدما تحوّل حلمه بالتخلّص من نير آل الأسد إلى كابوس بقائهم في الحكم، وذلك إثر تدمير البلاد وتنفيذ مجزرة هائلة بأهلها وتهجير ما يزيد عن نصفهم بين نازح في الداخل ولاجئ إلى الخارج، ما لم يستطع الشعب السوري أن يشاهده في بلاده سوف يتمتّع على الأقل برؤية جانب منه، ولو كان بسيطاً، من خلال محاكمة عمّ بشّار الأسد التي بدأت في باريس يوم الإثنين.
وقد رُفعت ضد رفعت قضيتان أمام القضاء الفرنسي: إحداهما رفعتها منظمتان أهليتان مختصتان بمحاربة الفساد والأخرى رفعتها منظمة أهلية مختصة بمعاقبة مرتكبي الجرائم ضد البشرية. والكل يعلم مآثر «جزّار حماه» في معاملة المدينة المنكوبة في عام 1982 بما بدا لاحقاً وكأنه نبذة أوّلية عمّا لحق بكامل الأراضي السورية بعد المجزرة المذكورة بثلاثين عاماً.
أما ما جناه رفعت الأسد من خلال مشاركته في الحكم العائلي لمدة أربعة عشر عاماً بين تولّي أخيه للسلطة بالانقلاب على يسار البعث في عام 1970 ونفيه إلى خارج البلاد، وحتى ولو اقتصر الأمر على ما أودعه العمّ في الخارج بالطريقة المعهودة لدى كافة أعضاء أنظمة الحكم الدكتاتورية الذين يدركون أن استمرارهم على رأس بلدانهم ليس بالمضمون إلى الأبد، فإن ما كشفته حتى الآن التحقيقات الممهّدة للمحاكمة بليغٌ بما فيه الكفاية في إعطاء صورة عنه.

حجم الاختلاس والنهب اللذين تعرّض ويتعرّض لهما الشعب اللبناني قد تعاظم باطّراد في ظلّ هيمنة النظام السوري وتوابعه على لبنان منذ اجتياحه للبلاد في عام 1976 بضوء أخضر أمريكي وإسرائيلي

فإن حجم النهب الذي يُتّهم به العمّ تكفي للتدليل عليه ممتلكاته العقارية التي تمّ حبسها احترازياً في فرنسا واسبانيا إثر بدء ملاحقته بتهمة اختلاس المُلك العام في سوريا وتبييض الأموال في الخارج. في فرنسا، يملك العمّ قصراً في الريف مع اسطبل من الخيول وقصرين في باريس وحوالي أربعين شقة بقيمة إجمالية تُقدّر بتسعين مليون يورو. أما في اسبانيا، فأملاكه تزيد عن خمسمئة وتُقدّر قيمتها الإجمالية بما يناهز سبعمئة مليون يورو.
والجدير بالتنويه أن هذه الثروة، التي لا يشكّل ما ذكرنا سوى قسم منها إذ لدى العمّ ممتلكات أخرى في بلدان شتّى، إنما جمعها قبل نفيه. وقد حاول محاموه التذرّع بأنه تلقّى هبات من المملكة السعودية في السنوات اللاحقة لخروجه من سوريا، غير أن قاضي التحقيق أثبت أنها بلغته بعد مراكمة ثروته وهي «هبات» لا يزيد مجموعها عن 25 مليون دولار، أي ما هو أقل بكثير من الثروة العظيمة التي جناها العمّ من خلال مشاركته المحدودة زمنياً في اختلاس المُلك العام في بلاده.
فإن محاكمة رفعت الأسد إنما هي محاكمة رمزية لنظام آل الأسد بأسره، وهو النظام الذي سمح لشقيق الحاكم والحاكم بأمره أن يشارك في نهب الشعب السوري طيلة أربعة عشر عاماً. ويمكننا أن نتصوّر ما كانت محاكمة سائر أفراد آل الأسد وآل مخلوف المتسلّطين على رقاب الشعب السوري سوف تفسح عنه لو أتيح لهذا الشعب الضحية أن يُسقط حكمهم ويُحيلهم إلى المحاكمة مع سائر أقربائهم وأعوانهم.
هذا ولا عجب من أن يكون حجم الاختلاس والنهب اللذين تعرّض ويتعرّض لهما الشعب اللبناني قد تعاظم باطّراد في ظلّ هيمنة النظام السوري وتوابعه على لبنان منذ اجتياحه للبلاد في عام 1976 بضوء أخضر أمريكي وإسرائيلي، علماً بأن الاختلاس والنهب كانا أصلاً عظيمين في لبنان الذي طالما تباهى حكّامه باقتصاده «الحرّ» بمعنى تحرّر الرأسمالية فيه من أي ضوابط ورقابة. هذا النظام الرأسمالي الجشِع هو ما يثور الشعب اللبناني ضده اليوم، ولا شكّ في أن الشعب السوري سوف يثور من جديد ضد رديفه في سوريا والحكم العائلي السفّاح الذي يرعاه، وهذا في مستقبل هو أقرب مما يظنّ من يتأمل اليوم بالأطلال التي تحوّل إليها قسم عظيم من الأراضي السورية بفضل تمسّك العصابة الحاكمة بمصدر أرزاقها.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحية لشعب إيران الثائر والمعارضة الوطنية
- الطائفية بوصفها سلاحاً أيديولوجياً
- الثورة على أصحاب المليارات
- «الممانعة» والطغيان الأجنبي
- العراق ولبنان والنموذج السوداني
- تحيا «المؤامرات»!
- حراك لبنان، الطائفية والسيرورة الثورية في المنطقة
- الثورة عنوان هذا الزمن… وستبقى
- هديّة ترامب وأردوغان لبوتين والأسد
- في مخاطر الاتكال على «عرّاب» غريب الأطوار
- مصر تحت الاحتلال
- ثورة مصر والمعضلة العسكرية
- أهم دروس الانتخابات التونسية
- تضارب المصلحة الانتخابية بين نتنياهو وترامب
- صفاقة التفكير الصهيوني والاستعماري
- السلاح بيد الجهلة يجرح
- المملكة السعودية والعداء للإسلام
- هنيئاً لمناضلات المملكة السعودية والسودان!
- الثورة السودانية ومعضلتها الراهنة
- نظام الأبارتهايد اللبناني


المزيد.....




- اقتلعها من جذورها.. لحظة تساقط شجرة تلو الأخرى بفناء منزل في ...
- هيئة معابر غزة: معبر كرم أبو سالم مغلق لليوم الرابع على التو ...
- مصدر مصري -رفيع-: استئناف مفاوضات هدنة غزة بحضور -كافة الوفو ...
- السلطات السعودية سمحت باستخدام -القوة المميتة- لإخلاء مناطق ...
- ترامب يتهم بايدن بالانحياز إلى -حماس-
- ستولتنبرغ: المناورات النووية الروسية تحد خطير لـ-الناتو-
- وزير إسرائيلي: رغم المعارضة الأمريكية يجب أن نقاتل حتى النصر ...
- هل يمكن للأعضاء المزروعة أن تغير شخصية المضيف الجديد؟
- مصدر أمني ??لبناني: القتلى الأربعة في الغارة هم عناصر لـ-حزب ...
- هرتصوغ يهاجم بن غفير على اللامسوؤلية التي تضر بأمن البلاد


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - حكم آل الأسد: رفعت نموذجاً