أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد ليلو كريم - خليل بدوي وفعل الإفاقة .. عودة لبحيرة الوجع














المزيد.....

خليل بدوي وفعل الإفاقة .. عودة لبحيرة الوجع


محمد ليلو كريم

الحوار المتمدن-العدد: 6431 - 2019 / 12 / 7 - 21:07
المحور: الادب والفن
    


خليل بدوي وفعل الإفاقة ..
كم من مرة غرقت في سكرةٍ منتشيًا كمن يُجذَبُ مطوحَاً بمدارِ حلقةٍ صوفية ، ولا من سبيل اليَّ حينها فملكاتي كلها تُغمَرُ بثمالةٍ ، وأغدو مُسيرًّا ، ليس لي مني شيء ، فالجذب موت وتلاشي ، وذوبان في كينونة غيرية نحياها بإستلاب ، والجاذب نشوة من لذة خالقة ، وأن من الخليقةِ ما لا يدوم إلا نزرًا من الوقت ويقذف بنا الى حيث ما كنا .
مازلت أعتقد وبقوة أن ليس من عملٍ ابداعي إلا ونشوة فوق حسية تصاحبه في اثناء ما ينكب المبدع لتحقيق منجزه ، ولربما نكون كمتلقين مجذوبين عبر العمل لنشوة المبدع ، فنتواصل معه عبر نشوته التي في العمل الابداعي ، وهذا شعور خاص بي ولستُ اعلم ما إذا كان قد تحقق في غيري من المتلقين ، فأنا وفي كل مرة أصاب بشعور عجيب عند الثوان الأولى للإستماع لموسيقى تشايكوفيسكي ، بحيرة البجع ؛ فيُخيل لي وبقوة أنني أسير وسط مقبرة روسية والضباب الثلجي كثيف ، وأحساس خفيف بخوف وتيه وحزن ، وما إن تمر ثانيتين أو ثلاث حتى يتلاشى الشعور والمشهد .
التذوق المكثف ، والتفاعل المافوق حسي تواصل فعّال مع المبدع عبر عمله الإبداعي ، ولا يقتصر التلقي على التفاعل بالأحاسيس فرحًا أو سعادة أو ضحكًا ، فردة الفعل الحسية لا تضاهي ردة الفعل المافوق حسية ، فقد يتسبب عمل ابداعي بأرق يمنع عنك النوم ، ولكن متلقٍ آخر قد يدخل في حلم مكثف يجد نفسه أمام الساحر فون روتبارت بمشهد لا يتميز عن المشاهدة الواقعية ، ولك أن تعرف الفارق عبر هذا المثال الثنوي بين ردة الفعل الحسية وردة الفعل مافوق الحسية .
لا اعلم لما قفز ذهني الى فيلم بحيرة البجع وغاب عنه الرائعة الموسيقية ، وقد تنبهت متأخرًا ، بل متأخرًا جدًا الى هذا الفوات العجيب ، والغريب أن الأخ خليل بدوي وبتعليقاته المميزة لفت انتباهي ، بل تنبهت بعد تكرار قراءة التعليقات ، وكأن في ذهني رأي له الخيار ولي الغفلة ، وهنا اسجل أن الجمع المتلقي للعمل الإبداعي يحقق تفاعل نقدي يتحرك بين نفس المتلقين ويصوب انطباعاتهم أو يخفف من تطرفهم الإنطباعي ، فرغم أن بحيرة البجع هي أولًا رائعة تشايكوفيسكي وأن فيلم بحيرة البجع وصل لحواسي عبر فيلم كارتوني ورغم معرفتي بالتحفة الموسيقية واستغراقي المافوق حسي مع الثوان الاولى لها إلا أن ذهني جهلها تمامًا وتمادى زمنيًا في تجاهلها لحساب فيلم الكارتون وكأن قوة عظيمة تفوق الحواس والذهن تمكنت مني وجاء خليل بدوي كالبحار الماهر لينتشل ذهني من الإغماءة الطويلة ، وفي الحقيقة أن هذه الواقعة تستحق التأمل والدراسة .
ألعل دواخلي التي رفضت بحيرة الوجع تشتاق لبحيرة البجع التي زرتها طفلًا عبر شاشة التلفاز ؟.
عمل فني ، لم أعرف عنه غير عنوانه ودقائق معدودات فجّر فيَّ المعارض القابع في زنزانة القمع والترهيب والتابوات والنظرات الحادة فكان احتجاج غاية بالسلمية ولكنه متطرف بإحتقار وتجاهل قوى بحيرة الوجع ، وقد يفشل الأهل والمدرسة والمثقفون في تخليص معارض من الزنزانة ويتكفل بذلك عنوان فيلم ودقائق معدودة منه (( فما عسى أن تكون طفولتنا لو أننا تُركنا وشأننا نفعل ما نشاء . إذن لكُنا نطير من لذة الى لذة . لكن حاجزًا لا يُرى ولا يُلمس ، كان ينبثق في وجهنا ، وأعني به النهر والزجر . وكنا نذعن له ، ولا نتسائل لِمَ الأذعان ، فقد درجنا على طاعة الآباء والمعلمين / منبعا الأخلاق والدين ، ص ٣٥ ، هنري برغسون )) وها أني اضع أمامكم الإعتراض بصيغة فلسفية ، ولي في هذا الإستشهاد قصد ، فما أراه أن حتى المعترضين بأغلبيتهم أصيبوا بوباء الحُكام ، فالفن وتفاصيله تجهد لتغذية الحس وما فوق الحس ، أي أن الفن يُفعّل فينا المادة والروح ، فالمسرح وجمال الله ثنائية أن وجدت بالفرد رفعته الى ما يليق بالإنسان ، وسيبلغ المجتمع ذرى السمو والإنسانية بهاته الثنائية ، ولكن أهلونا والمعلمين حالوا بيننا والنضوج عبر الفن ، والفن تربية ضرورية وغذاء للذهن لا بد منه ، فكان أن حتى من يعترض على الحكم الذي يُحرِم ويقمع الفن نجده لا يلتفت للفن ويسعى لإعادة المسرح - مثلًا - فهل وجدتم أن مسرحًا انتشر في ارجاء الجغرافية المعترضة على قبح السلطة ، وبرغسون يقول في ونفس الكتاب (( ألا إن الإبداع ليعني العاطفة قبل كل شيء . وليس هذا في مجال الأدب والفن فحسب / ص ٦٩ )) فالمعترض الذي لا يلامس اعتراضه الفن بأستشعار صوفي لن يتجاوز ارتقاءً الفشل الجمالي للسلطة القبيحة .
لعل الشعور المُركب والمشوش الذي حاولت شرحه آنفًا منع عني موسيقى بحيرة البجع وأنا وفي كل مرة أتخيل مقبرة روسية بضباب كثيف مما يتصل ببحيرة الوجع التي تكاثف فيها ضباب الموت ودخان الحروب وتضخم فوق عرشها فون روتبارت ، فتقهقرت الى طفولة وبجعات .
تحية للأخ النابه خليل بدوي .



#محمد_ليلو_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فكر وخطاب من مواليد عهد الثورة ..
- المطعم التركي ، ونبي
- واقعية الثورة
- قول في الثورة
- غفلة القاذفين ، وحكمة المحصنين ..
- مولانا والبحر .. اسرار سكندرية ( الإهداء للدكتور يوسف زيدان ...
- بطاقة معايدة الى مولانا الدكتور يوسف زيدان
- جغرافيا ، اقتصاد ، جهاد .
- الأتمتة أم الحتمية التاريخية ..
- مسلسل الفندق ، وفنادق واقعية ..
- قراءة الكاتب فارس شمخي لقصيدة ( بنات ) للشاعر ناصر البدري
- فلسفة عدسية
- هيفاء الأمين والوصف الأمين
- تجاهلوا فلاح العازمي ، المجهري
- البحث عن رؤوس الخيوط .. الدوري يُقايض برأس صدام
- المرأة ليست نعجة
- انواع تغيير نظام الحكم وأفضلية ثورة المواطنين
- ثورة أمام مرآة قطع مكافئ
- غرقت العبارة الصغرى ، لأن العبارة الكبرى تغرق ..
- قراءة في مقال .. ( نهاية الغاشيوقراطية.. وفلسفة الثورة في ال ...


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد ليلو كريم - خليل بدوي وفعل الإفاقة .. عودة لبحيرة الوجع