أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - الثورة على أصحاب المليارات














المزيد.....

الثورة على أصحاب المليارات


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 6414 - 2019 / 11 / 20 - 09:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



«لا يحتاج ولا يستأهل أي مرء أن يكون صاحب مليارات». وردت هذه الفكرة في الخطاب الذي ألقاه يوم الثلاثاء جون ماكدونل، وزير المالية في حكومة الظلّ البريطانية والشخصية الثانية في قيادة حزب العمّال بعد جيريمي كوربن، وفق النصّ الذي جرى توزيعه مسبقاً على الصحافة. وهي فكرة تستحق التأمل ولو أنها تكاد تكون بديهية. فلا يختلف اثنان على أن ما من مرء «يحتاج» إلى (مليارات) الجنيهات أو الدولارات، بمعنى أن سدّ حاجات الناس بما فيها الترفيهية يتطلّب أقلّ من هذا المال بكثير، وأن أي «حاجات» يتطلّب سدّها الحيازة على مليارات إنمّا هي من باب الدلع المقيت. أما أن «يستأهل» أحد أن يملك مليارا، فيدرك الرأي العام أن مثل تلك الثروات إما أن تكون موروثة أو تكون مشبوهة، إذ أن جمع مثلها خلال سنوات أو حتى عقود قليلة إنما يشير بالتأكيد إلى أساليب ملتوية. فحتى الذين بنوا ثروتهم بفضل بدعة تقنية أو تجارية، على غرار مايكروسوفت أو أمازون، اشتهروا بأساليبهم الشريرة والملتوية في القضاء على شتّى المزاحمين.
وقد أصاب ماكدونل بوصفه امتلاك مليار جنيه بأنه واقعٌ داعرٌ، إذ حسب أن إنساناً يعمل بالحد الأدنى للأجور البريطاني يحتاج إلى 69 ألف سنة (أجل، 69 ألفية!) كي يجمع ذاك المبلغ، هذا بدون أن ينفق من مدخوله شيئاً. أما ممرّضٌ أو ممرّضة يدخلان سوق العمل البريطاني اليوم، فيحتاج الواحد منهما إلى خمسين ألف سنة كي يجمع المبلغ ذاته. قارنوا هذه الأرقام بالرقم الذي يشير إلى أن ثمة 2604 من أصحاب مليارات الدولارات في العالم، حسب إحصاء Wealth-X لعام 2019، منهم 97 في المملكة المتحدة التي تأتي في المرتبة العالمية الخامسة بعد الولايات المتحدة (705) والصين (285) وألمانيا (146) وروسيا (102).
ولا تحسبنّ أن جماعتنا العربية غابت عن الطليعة في هذا المجال، وكيف بها تغيب ومكانتها رفيعة في شتى أنواع التصنيفات المشينة. فتأتي المملكة السعودية في المرتبة العالمية التاسعة مع 57 من أصحاب المليارات تليها في المرتبة العاشرة الإمارات العربية المتّحدة وينتمي فيها 55 إلى الفئة ذاتها. ويفيدنا التقرير الأخير لبنك الاعتماد السويسري (كريدي سويس) حول الثروة العالمية بأن عدد الذين تفوق أصولهم الصافية (بعد حسم الديون والالتزامات) نصف مليار دولار (500 مليون) هو 69 في المملكة السعودية و15 في الإمارات و11 في مصر، أما عدد الذين تبلغ أصولهم الصافية بين مئة وخمسمئة مليون دولار في البلدان ذاتها فهو 434 في المملكة و141 في الإمارات و86 في مصر.

ذلك أن جماعتنا العربية بارعة في مجال اللامساواة الاجتماعية، كما تشير إليه أرقام تقرير البنك السويسري. فلو قارنّا عدد الذين تزيد ثروتهم عن المليون دولار (وهو سقف أدنى بألف مرة من المليار) بعدد الذين يملكون أقل من عشرة آلاف من الدولارات (تشمل الثروة بالطبع مجموع الممتلكات، بما فيها الحاجيات مثل المنزل ووسيلة النقل)، وجدنا أن 0.1 بالمئة من المصريين يملكون ما يزيد عن مليون دولار بينما 71.4 بالمئة منهم تنقص «ثروتهم» عن عشرة آلاف من الدولارات. والنسب المماثلة هي، حسب الترتيب الأبجدي اللاتيني للتقرير: أقل من 0.1 مقابل 78.7 في الجزائر؛ 0.1 مقابل 58.9 في العراق؛ 0.1 مقابل 47.8 في الأردن؛ 0.5 مقابل 45.2 في لبنان؛0.1 مقابل 55.2 في ليبيا؛ 0.1 مقابل 75.5 في المغرب؛ 0.6 مقابل 41.4 في المملكة السعودية؛ أقل من 0.1 مقابل 99.7 في السودان؛ 0.1 مقابل 97.1 في سوريا؛ أقل من 0.1 مقابل 68.6 في تونس؛ أقل من 0.1 مقابل 93.3 في اليمن.
يتعلّق ما سبق بالثروة، أما بالنسبة إلى الدخل، فلا توجد معلومات موثوقة بما يخصّ البلدان العربية. غير أن تقرير اللامساواة العالمية الذي يصدره «المختبر» الذي ينتمي إليه الاقتصادي الفرنسي الشهير توما بيكتي، يفيدنا بأن منطقة الشرق الأوسط بمجملها هي الأسوأ في العالم من ذاك المنظار، إذ إن أثرى عشرة بالمئة من سكانها يحصلون على ستين بالمئة من دخلها الإجمالي بينما يحصل أثرى واحد بالمئة على ربع هذا الدخل.
وتتواضع هذه الأرقام المجرّدة أمام الوقائع الحيّة مثل حكاية اليخت الذي ملكه أحد أثرى الأثرياء الروس، اغتنى بصناعة الفودكا، والذي استهوى متولّي العهد السعودي، فاشتراه بما يزيد عن نصف مليار دولار (500 مليون يورو) هديّة لذاته بمناسبة عيد ميلاده الثلاثين! أو القصّة الأكثر تواضعاً لكنّها لا تقلّ تعبيراً التي شاع بموجبها أن وريثاً آخر هو رئيس الوزراء اللبناني وهب امرأة شابة من أفريقيا الجنوبية مبلغ 16 مليون دولار من باب العشق. ومثلما حسبَ ماكدونل عدد سنوات العمل، بل الألفيات، التي يقتضيها جمع مليار جنيه من المواطن البريطاني العادي، حسبَ اللبنانيون أن المواطن اللبناني العادي الذي يتقاضى الأجر المتوسط في البلاد وهو يبلغ 600 دولار، لا بدّ له من أن يعمل مدّة 2200 سنة (ألفيتان وقرنان من الزمن) بلا أي نفقات كي يجمع مبلغ الهبة التي تكرّم بها «دولة الرئيس» على العشيقة.
فلا تعجبنّ من ثورة الشعوب العربية، بل تعجّبوا بالأحرى من أن هذه الشعوب انتظرت حتى العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين حتى أخذت تثور! أما وقد بدأت، فلن تتوقف في وقت قريب، بل ستواصل مسارها الثوري حتى تقضي على اللامساواة الفاحشة التي تسود في بلدانها.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «الممانعة» والطغيان الأجنبي
- العراق ولبنان والنموذج السوداني
- تحيا «المؤامرات»!
- حراك لبنان، الطائفية والسيرورة الثورية في المنطقة
- الثورة عنوان هذا الزمن… وستبقى
- هديّة ترامب وأردوغان لبوتين والأسد
- في مخاطر الاتكال على «عرّاب» غريب الأطوار
- مصر تحت الاحتلال
- ثورة مصر والمعضلة العسكرية
- أهم دروس الانتخابات التونسية
- تضارب المصلحة الانتخابية بين نتنياهو وترامب
- صفاقة التفكير الصهيوني والاستعماري
- السلاح بيد الجهلة يجرح
- المملكة السعودية والعداء للإسلام
- هنيئاً لمناضلات المملكة السعودية والسودان!
- الثورة السودانية ومعضلتها الراهنة
- نظام الأبارتهايد اللبناني
- لا تنصر أخاك مظلوماً إن كان ظالمه شريكك
- ماركس والشرق الأوسط ٢/٢
- الثورة السودانية تدخل جولتها الثالثة


المزيد.....




- مقتل عشرات الفلسطينيين بنيران الجيش الإسرائيلي في غزة رغم ال ...
- مسؤول إيراني لـCNN: سنرد -بضربات قاتلة- إذا هاجمتنا إسرائيل ...
- فيديو - حاملتا طائرات صينيتان تختتمان تدريبات قتالية في بحر ...
- بسبب زهران ممداني.. ترامب يهدد بقطع التمويل عن مدينة نيويورك ...
- موجات الحرّ تهدّد العالم.. من هم الأكثر عرضةً للخطر وما هي س ...
- بينما يناقش البرلمان قانون الإيجار.. -أمن الدولة- تمدد حبس أ ...
- كيف يمكنك البقاء بأمان خلال موجات الحر؟
- صيف لاهب يضرب جنوب أوروبا والملاحة عبر الراين في أزمة
- فرنسا: مناقشة إصلاح نظام السمعي البصري العمومي من قبل نواب ا ...
- صورة سيلفي لوزير مغربي مع أردوغان تثير انتقادات وردود فعل في ...


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - الثورة على أصحاب المليارات