أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسيب شحادة - الكاهن قتلني















المزيد.....

الكاهن قتلني


حسيب شحادة

الحوار المتمدن-العدد: 6408 - 2019 / 11 / 14 - 23:42
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


في ما يلي ترجمة عربية لهذه القصّة، التي رواها راضي بن الأمين بن صالح صدقة الصباحي (رتسون بن بنياميم بن شلح صدقة الصفري، ١٩٢٢١٩٩٠، من أشهر المثقّفين السامريين في العصر الحديث) بالعبرية على مسامع ابنه الأمين (بنياميم)، الذي نقّحها، اعتنى بأسلوبها ونشرها في الدورية السامرية أ. ب.- أخبار السامرة، عدد ١٢٣٢١٢٣٣، ١ آذار ٢٠١٧، ص. ٢٩٣١. هذه الدورية التي تصدر مرّتين شهريًا في مدينة حولون جنوبي تل أبيب، فريدة من نوعها ــ إنّها تستعمل أربع لغات بأربعة خطوط أو أربع أبجديات: العبرية أو الآرامية السامرية بالخطّ العبري القديم، المعروف اليوم بالحروف السامرية؛ العبرية الحديثة بالخطّ المربّع/الأشوري، أي الخطّ العبري الحالي؛ العربية بالرسم العربي؛ الإنجليزية (أحيانًا لغات أخرى مثل الفرنسية والألمانية والإسبانية والبرتغالية) بالخطّ اللاتيني.

بدأت هذه الدورية السامرية في الصدور منذ أواخر العام ١٩٦٩، وما زالت تصدر بانتظام، توزّع مجّانًا على كلّ بيت سامري في نابلس وحولون، قرابة الثمانمائة سامري الساكنين في مائة وستين بيتًا تقريبًا، وهناك مشتركون فيها من الباحثين والمهتمّين في الدراسات السامرية، في شتّى أرجاء العالم. هذه الدورية ما زالت حيّة ترزق، لا بل وتتطوّر بفضل إخلاص ومثابرة المحرّرين، الشقيقَين، الأمين وحسني (بنياميم ويفت، نجْلي المرحوم راضي (رتسون) صدقة (٢٢ شباط ١٩٢٢ــ٢٠ كانون الثاني ١٩٩٠).

” الساحر الهندي

وصل إلى نابلس في القرن العاشر للميلاد ساحر هندي ومعه نسخة من القرآن، كان يمارس السيمياء (تخمينات سحرية) ويبني أعماله على آيات قرآنية ليزيد الإيمان في قلوب العرب. ”فقط المكتوب في القرآن هو الحقيقة والصدق“، هذا ما كان يردّده الساحر مرارًا وتكرارًا. كان بحوزته جدول الأبجدية بدون ترتيب. كان يسأل شخصًا ما ”ما اسمك؟“ ويجيب مثلا يحزقيل. كان الساحر يأخذ الحرف ياء من السطر الأول، حاء من الثامن إلخ. ويجمع كلمات متعلقة بآيات من القرآن ويفسّرها وعلى ضوئها كان يجيب السائل أو المتوجّه له. وهكذا كان يُثبت أنّ قوانين القرآن مرتبطة بألفاظ السماء بصدد معظم حظ ومستقبل كل إنسان.

ذات يوم، أخذ أحد العرب النابلسيين هذا الشيخ جانبًا وهمس له ”كلّنا نؤمن بأقوالك، ما رأيك في أن تدخل إيماننا في قلب كاهن السامريين الأكبر. هيا نتوّجه إليه، أعرّفك عليه واشرح له تأثير القرآن على قوانين السماء والأرض“. هكذا كان، حينما التقى الشيخ بالكاهن الأكبر، وبعد حديث مطوّل وتصادقا، قال الكاهن الأكبر للشيخ ”بوسعك إدخال مثل هذه الأمور إلى رؤوس الحمقى والجهّال، إلّا أنّك لا تستطيع أن تكذب عليّ، إذ لدينا كتاب مقدّس قبل القرآن، نزل من السماء“. وما هو، سأل الشيخ مستغربًا. ”التوراة! توراة موسى بن عمران“، ردّ الكاهن الأكبر مستطردًا ”هل حضرتُه قرأ التوراة؟“. ”نعم، قرأتها وأعرفها بحذافيرها“، أجاب الشيخ. سأله الكاهن الأكبر ”هل تذكر ما ورد فيها على لسان سيّدنا موسى؟“، ”فلتحفظوها وتمتثلوها انّها حكمتكم وفطنتكم لبصائر الشعوب الذين يسمعون كل السنن هذه ويقولون انّ شعبا حكيما وفطنا الشعب العظيم هذا“ [سفر التثنية ٤: ٦، أنظر حسيب شحادة، الترجمة العربية لتوراة السامريين، المجلّد الثاني: سفر اللاويين، سفر العدد وسفر تثنية الاشتراع. القدس: الأكاديمية الوطنية الإسرائيلية للعلوم والآداب، ٢٠٠١، ص. ٤٢٩]. بعد حديث طويل دار بينهما اتّفقا اتّباع طريقة الأبجدية الخاصّة بالشيخ. عملا بموجبها، فحصا اسميهما واسمي والدتيهما وجدّتيهما، أخرجا من كلّ سطر الحروف المطلوبة، وفي النهاية تكوّنت جملة بالعربية غير موجودة في القرآن. هذه الجملة هي: إذا أردت أن تسأل ما هو دين الحقّ عند الله، دين الحق هو إسرائيل.

التفت الشيخ نحو الكاهن الأكبر قائلا ”هذه الطريقة غير صالحة وغير ناجعة، أتعرف طريقة أخرى؟“. أجاب الكاهن ”طريقة أبينا يعقوب“ ووافق الشيخ عليها. ضحّى الكاهن الأكبر أُضحيتين لربّ العالمين، الواحدة من أجل الكاهن الأكبر والأخرى من أجل الشيخ، وذلك ليناما طاهرين، وكلّ واحد منهما يقصّ في الصباح التالي ما حلم في نومه.


استيقظ الكاهن الأكبر لصلاة الفجر، وإذا به يسمع صيحاتٍ منطلقةً من الحيّ العربي، حيث بات الشيخ. وعندما استفسر الكاهن الأكبر عن ذلك، قيل له إنّ صديقك الشيخ غير موجود. من يدري ماذا فعلت به. قام في منتصف الليل، وكان يصرخ بصوت عال: قتلني الكاهن، قتلني الكاهن. في ذلك الصباح، أتوا ليعتدوا على الكاهن فقال لهم: ”هذه الليلة لم أغادر عتبة بيتي، ولكنكم تستطيعون رفع دعوى ضدي أمام القاضي“. استدعى القاضي الكاهنَ وسأله: ”ما كنه هذه الضجّة؟“ قصّ الكاهن عليه كلّ ما حدث ودار بينهما من اتّفاق. ثم سأل القاضي الكاهنَ ”وأنت ما رأيت في الحلم؟“ ”إذا وعدني حضرته بألّا يُساء إليّ شرحت الحقيقة“، قال الكاهن. وعده القاضي بإخلاص وقصّ الكاهن الأكبر: ”رأيت في حلمي فينحاس بن إلعزر بن أبيشع الكاهن [كاهن أكبر، القرن السادس عشر، طلب من الرميحي كتابة كتاب مولد موسى] والرمح مستلّ بيده يقول لي: عقبون [اسم شخصي لتسعة كهنة كبار، آخرهم عاش في القرن الثامن للميلاد عندما كانت الآرامية لغة محكية وقبل ذلك في زمن الهيكل الأول والثاني وفق التقويم اليهودي كان الاسمان عقب، عقبيه على منوال ما ورد في التوراة: سفر العدد ١٤: ٢٤، اسمي كهنة كبار. أشكر صديقي الأمين صدقة الذي وافاني بهذه الملاحظة، ١٤ أيار ٢٠١٧] لا تخف ولا تجزع؛ أيّ شعب عظيم له الهةٌ قريبة إليه كمثل الله آلهنا في كل دعائنا اليه؛ وأيّ شعب عظيم له سنن وأحكام عدل ككل الشريعة هذه التي أنا جاعل بين أيديكم اليوم“  [سفر التثنية ١: ٢١؛ ٤: ٧٨، أنظر شحادة المذكور آنفًا، ص. ٤٠٧، ٤٢٩]. “



#حسيب_شحادة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا يكتب أبو العبّاس القلقشندي عن السامرة؟
- حول أسماء السامريين الشخصية
- كتاب مفتوح لرؤساء البلديات والمجالس المحلية العربية في البلا ...
- نافذة على السريان واللغة السريانية
- بعد الهزّة الأرضية عام ١٩٢٧
- مطر في بداية الصيف
- بابا هرتصل يبعث بقبلات رقيقة لابنته
- ملاحظات حول سامريي منتصف القرن التاسع عشر
- نصّ خاصّ لقصّة جرّة الزيت
- خبز الشاودار/الجاودار الفنلندي ذو القيمة الغذائية العالية
- نار جهنّم
- حُكم الساقط بين الكراسي
- كلمة عن الكاهن الأكبر يعقوب بن عزّي
- السرّاق والرجُل البارّ
- بعرق جبينك تأكل خبزا
- غيرة الكتّاب التي لا تُكثر من الحكمة
- دُعاء
- الكاهن الأكبر يعقوب بن شفيق (عزّي) فيلسوف ومفكّر
- حِكم، أقوال وأمثال في كلّ مجال (8)
- الكاهن الأكبر يعقوب بن شفيق (عزّي) بن يعقوب الحفتاوي


المزيد.....




- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة إسرائي ...
- وزير الخارجية الأيرلندي يصل الأردن ويؤكد أن -الاعتراف بفلسطي ...
- سحب الغبار الحمراء التي غطت اليونان تنقشع تدريجيًا
- نواب كويتيون يعربون عن استيائهم من تأخر بلادهم عن فرص تنموية ...
- سانشيز يدرس تقديم استقالته على إثر اتهام زوجته باستغلال النف ...
- خبير بريطاني: الغرب قلق من تردي وضع الجيش الأوكراني تحت قياد ...
- إعلام عبري: مجلس الحرب الإسرائيلي سيبحث بشكل فوري موعد الدخو ...
- حماس: إسرائيل لم تحرر من عاد من أسراها بالقوة وإنما بالمفاوض ...
- بايدن يوعز بتخصيص 145 مليون دولار من المساعدات لأوكرانيا عبر ...
- فرنسا.. باريس تعلن منطقة حظر جوي لحماية حفل افتتاح دورة الأل ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حسيب شحادة - الكاهن قتلني