أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عزيز سمعان دعيم - الأهالي: ماذا يُشبهون؟















المزيد.....

الأهالي: ماذا يُشبهون؟


عزيز سمعان دعيم

الحوار المتمدن-العدد: 6386 - 2019 / 10 / 21 - 11:08
المحور: المجتمع المدني
    


بماذا نُشبّه دور الأهالي مع أولادهم ومع المدرسة؟
سؤال يتطلب تفعيل الابداع، ومن خلاله تتضح رموز وأفكار تساهم في مراجعة الذات لدى كل الأطراف – أهل، مدرسة، طلاب/أبناء- ومراجعة الأساليب والتوجهات التي يعتمدها كل منّا. قد يُساهم هذا الطرح في الانكشاف على توجهات يمكننا الاستعانة بها في مواقف عديدة، والهدف الأساس هو التربية السليمة لأولادنا/طلابنا من أجل نموهم السويّ.
أنقل لكم فكرة منوعة عن التشبيهات التي طرحت من خلال أهالٍ ومعلمين، والتي قد تساهم في فتح باب متسع لحوار داخليّ-ذاتيّ، أو حوار أسريّ، أو مجتمعيّ (مدرسة وأهالٍ وأولاد وجمعيات مدنية ومجتمعية).
جوانب تتطلب مراجعة وتغيير التوجّه
• بعض الأهالي يتبنون دورهم من عالم الأعمال، فيتصرفون كمديري شركة مسؤولين عن النظام والانجاز بكل ما يتعلق بالأولاد في كل محيطهم القريب والأوسع، في حين أن أهم دور مطلوب لهم كأهل هو رؤية أولادهم في ظروفهم واختباراتهم واحتياجاتهم، والتأكد من كيفية تفاعل الأولاد بأنفسهم مع الأمور اليومية والتحديات في محيطهم. حقًا للأهل دور هام من خلال الاشراف والتوجيه في المساهمة في اتساع آفاق وفتح أذهان أولادهم على أمور كبيرة وعظيمة وتطورهم لتحقيق ذواتهم.
• قد يغلب وضع الصراع بل المعارك في البيت بين الأهل وأولادهم أثر ضغوطات التعليم والمهام البيتية وانفجارات الامتحانات الخفيفة أو "المصيرية"، فيتصرف الأهل كجنرالات ويتعاملون مع أولادهم كجنود في المعركة، عليهم استلام تعليماتهم بأمر وطاعة.
• أحيانًا يتصرف الأهل كشرطة في البيت لمراقبة ابنهم المتهم بتقصير في الدراسة والمهام البيتية، فتغلب صبغة المراقبة وعدم الثقة في العلاقة، على صبغة التعاطف والإرشاد والمشورة والتشجيع.
• نشبّه الأهل كطائرة مروحية (هليكوبتر)، إذ نُحلّق فوق وحول أولادنا ونتدخل بكل تفاصيل حياتهم، فبدل أن نعطيهم فرصة لمواجهة التحديات نسبقهم ونتقدمهم لنزيل العثرات، فيخسر أولادنا فرصة التعلّم الذاتي وحلّ المشكلات وتجميع الخبرات من خلال الاستنتاجات مما تعلمهم إياه الحياة. كما نخسر نحن فرصة رؤية أولادنا وكيفيّة تصرفهم في الحياة العملية اليومية، وكيفية معالجتهم للقضايا التي تناسب أجيالهم، وكيفيّة تطويرهم لمهارات حلّ المشاكل، فلا نستطيع إرشادهم وتوجهيهم وتسديد المشورة لهم، فعندما يكبرون ويبتعدون عن
أعيننا لا تعود لنا فرضة لتدربيهم وتوجهيهم.
• هنالك من يُشبّه الأهل بآلة قصّ العشب الأخضر (الديشة)، إذ يحاولون إزالة العثرات حتى البسيطة منها أمام أولادهم وتسهيل الظروف أمامهم، كمن يقوم بشقّ طريق وتعبيدها لغيره، دون أن نعطيهم فرصة القيام بذلك بأنفسهم مع ضمان وحضور مساعدتنا لهم على قدر حاجتهم ووفقًا لمستوى التحدي.
• قد نُشبّه بعض المعلمين بسيارة سباق (أو سيارة "سبورت") إذ يسيرون بسرعة فائقة دون الاهتمام بسرعة الطلاب، فيتركون خلفهم الكثير من الطلاب المُحبطين اليائسين، الذين قد يتبنون فكرة سلبية عن أنفسهم، أنهم "غير قادرين"، أو "غير أذكياء"، ولربما "أغبياء"، وقد لا تكفي حياة كاملة بعد ذلك لتحررهم من هذا الانطباع. علينا أن نقود سيارتنا بحذر وانتباه شديدين وبحكمة تطلبها ظروف الطريق والطقس.
• نشبّه الأهل، بسائق حافلة يأخذ أولاده لأماكن متنوعة في هذه الحياة، وقد يُمتعهم ويُسعدهم ويرشدهم ويوجههم في محطات إيجابية تبني شخصيات سويّة وتُثري حياة إنسانية، أو يأخذهم لمحلات سيئة تُحطّم شخصيتهم، فيعشش فيها الإحباط والعنف وتفضيل الشرّ والموت على الخير والحياة... كلّ هذا يتعلق بوجهة السائق ومُركّبات شخصيته وخلفيته.
جوانب مهم تعزيزها
• الأهل تربة تربويّة تنمو فيها جذور شخصيّة أطفالنا وأولادنا، الجذور تمتص الغذاء وتُمررها، فتتغذى منها النبتة لينمو الساق وتكبر وتُزهر وتُثمر. غالبًا لا نرى الجذور للسيرورة التربويّة لأنها مغمورة تحت التربة، ولكن نتيجتها تظهر في مدى ثباتها. للبيت دور هام في تحقيق ثوابت تربويّة عند أولادنا من جهة، ومن جهة أخرى غرس الطموح والابداع.
• كأهل وكمعلمين، أولادنا وطلابنا هم كالبستان، حديقة جميلة منوعة متناغمة، كل نبتة فيه تحتاج لاهتمام وعناية خاصة، وبالتأكيد كل مجهود نبذله مع كلّ منهم سيظهر جليًا مُعبرًا عن امتنانهم لنا، ومعلنًا وكاشفًا مقدار رعايتنا لهم ولمساتنا في حياتهم.
• البذور تحتاج لظروف ملائمة من أجل نموها السليم:
o الأولاد نشبههم بالبذور، وهدفنا أن ننميهم.
o الأساتذة نشبّههم بالماء والسماد، فتواصلهم وتأثيرهم له أثر هام وكبير.
o الأهل نشبههم بالشمس المشرقة بدفء، التي بأشعتها النورانية تنمي وتكبّر.
• كما لا نُخطئ الهدف إذا شبّهنا الأهل بنحلة تعمل بنشاط وهمة، وتبذل كل مجهود في تحقيق هدفها، إذ تنتقل من مكان لآخر ومن زهرة لأخرى، لتجلب أفضل رحيق.
• العلاقة بين الأهل-المدرسة-الطلاب، تشبه المثلث، فلكل ضلع وجوده، فهو قائم بذاته كخط مستقيم، ولكنهم معًا يكونون مثلثًا متكاملًا، فيه علاقات متبادلة، كلّ ضلع مرتبط بالآخر بما يحدد ارتباطه وزاويته ووضعه. الولد يستند على كلّ من المدرسة والأهل من أجل ضمان نموّه وتطوره السليم في التربيّة والتعليم، كما أن المدرسة لا تستطيع القيام بدورها بدون البيت، والبيت كذلك بحاجة ماسة إلى دور المدرسة. العلاقة بين الأهل والمدرسة يجب أن تشمل كلّ المستويات من تبادل المعلومات الصحيحة والمشورة والتخطيط وحتى اتخاذ القرارات المشتركة، مع احترام دور ومهنية وصلاحيات كل طرف من الأطراف. لذلك هنالك ضرورة لتطوير علاقات متبادلة وسليمة، مبنيّة على الاحترام والتقدير بين جميع الأطراف. كلما كان الترابط وثيقًا ولطيفًا كلما حافظ المثلث على ثباته وكيانه كوحدة واحدة. علينا أن نسعى دومًا لتدعيم وتعزيز هذا الترابط الهام والضروري بين الأطراف الثلاثة لمصلحة الجميع ولخير بلادنا.
• اللوحة الفسيفسائية الجميلة تنتج بتناغم وتناسق حجارتها بأحجامها وألوانها وأشكالها. دمج الحجارة معًا بحنكة وحكمة تعطي صورة أنيقة معبّرة، هكذا ينبغي أن تكون العلاقة المثلثة، أهل-أولاد-مدرسة، فكل حجر يجب أن يكون في مكانه ويقوم بدوره، لتظهر الصورة بروعة جمالها وكمالها.
• في الإشارة إلى العلاقة المثلثة (معلم-أهل-طالب): إذا كان المعلم منارة، فالأهل هم سفينة تسعى لتصل بأولادهم إلى شاطئ الأمان، والأولاد أو الطلاب كل منهم برتبة المسافر الأهم ((VIP. إذا عملنا معًا كفريق متميّز، وكشركاء يهمهم تحقيق الأهداف السامية، عندها لا نخاف التحديات والصعاب، فالأمواج العاتية والمُضادة، لن تُغرق السفينة ما دمنا قد أحسنّا صناعتها وما زال يقوم كلّ منا بدوره الهام.

يشبه كاتب المزامير أولادنا كسهام بيد جبّار، "كَسِهَامٍ بِيَدِ جَبَّارٍ، هكَذَا أَبْنَاءُ الشَّبِيبَةِ" (مزمور 127: 4). أولادنا نعمة وبركة من السماء، وهم يُشبهون الغصن أو الخشبة الخام التي لم تٌعالج، وهنا يأتي دور الجبابرة، دور البيت والمدرسة في تشكيل ومعالجة هذه الخشبة ليكون ملمسها لطيفًا، إذ تتحلى بهدأة البال، ولتكون حادة الرأس، لتنجح في إصابة الهدف وإنجاز ما أرسلت لأجله، لترتقي سُلم الامتياز. نعم هذه الخشبة تحتاج جبابرة يطلبون حكمة من جبروت ربّ السماء ليعملوا ضمن مشورته لأنه بالحقيقة "إِنْ لَمْ يَبْنِ الرَّبُّ الْبَيْتَ، فَبَاطِلًا يَتْعَبُ الْبَنَّاؤُونَ" (مزمور 127: 1).
خلاصة الحديث، مهما كانت التشبيهات جميلة ومحفّزة للتفكير والتأمل والحوار المجتمعيّ البنّاء، علينا أن نُدرك أهمية دور التربية، وخاصة دور الأهل في بناء العائلة والمجتمع، إذ لا يجهل أحدنا أنّ للأهل مسؤولية تجاه المجتمع وليس فقط تجاه أولادهم، فأولادنا هم المستقبل، هم وجه المجتمع الحاليّ والعتيد. هنالك من يقول إن المعلم هو الذي يعمل كل الفرق، ومن الجانب الآخر هنالك من يقول إن الأهل يعملون كل الفرق، وغالبًا ما تكون الحقيقة مُحصلة العمل المشترك، بين البيت (المدرسة الأولى) وبين المدرسة (البيت الثاني) وبمساندة الأطراف والقوى المجتمعية، هي حقًا ما تعمل الفرق الحقيقي في بناء شخصيات ومستقبل أولادنا.
ليباركنا الرّبّ في مسيرتنا التربويّة لبناء مجتمع يرتقي في المحبة والعيش الكريم بسلام وأمان، وعمل الخير والتقدّم والتطور بالإنجازات والإبداع.



#عزيز_سمعان_دعيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة سلام من قنصل سلام
- إبدأ بنفسك
- العنف كفر
- الميلاد وثقافة السلام
- تعايش سليم
- مجتمعنا يفتقد السّلم المجتمعيّ
- ثقافة السلام ما بين زخم الأنشطة وتعاسة الواقع المُعاش
- الاختراعات والبحث العلمي في خدمة السلام
- للأهل دور هام
- المعلم في قوالب تشبيه
- ثقافة السلام تطلب تجنيد قوى
- كنز المجتمع ورُقيّه
- ثقافة انتماء وتكامُل
- الاستشارة التربوية قناة تمرير ثقافة السلم المجتمعي
- يقتلونا لماذا؟
- أهم إعلان على الإطلاق
- ثقافة السّلم رافعة لمجتمعنا
- السلام ترنيمة الملائكة
- لغة الحوار أساس ثقافة السّلام
- فاقد الشيء لا يعطيه


المزيد.....




- رئيس لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان يندد بالإبادة الجماعي ...
- البرلمان البريطاني يقر قانونا مثيرا للجدل لترحيل طالبي اللجو ...
- -طعنها بآلة حادة-.. داخلية السعودية تعلن إعدام الرويلي بعد إ ...
- انتشال 19 جثة لمهاجرين غرقى بسواحل صفاقس التونسية
- غارتان إسرائيليتان تستهدفان خيام النازحين في حي زعرب برفح
- جندته عميلة أوكرانية.. اعتقال المشتبه به الثالث في محاولة اغ ...
- الحكومة اليمنية تطالب الأمم المتحدة بإعادة النظر في التعامل ...
- الأمم المتحدة تدعو إلى إجراء تحقيق دولي بشأن المقابر الجماعي ...
- مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: نحاول إعادة تشغيل مستشفى الأ ...
- الأمم المتحدة: توزيع مساعدات على نحو 14 ألف نازح حديث في الي ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عزيز سمعان دعيم - الأهالي: ماذا يُشبهون؟