أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - إبراهيم فتحى ..تلك الشجرة السامقة المثمرة














المزيد.....

إبراهيم فتحى ..تلك الشجرة السامقة المثمرة


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 6370 - 2019 / 10 / 5 - 04:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رحلت بعيدا بعيدا تلك الروح القلقة المشدودة كوتر حاد النبرة، رغم كل هذا الهدوء الظاهرى للوجه الطفولى المبتسم دائما، رحلت الى ذلك المكان الذى تغيب عنده الشمس، يحملها قارب ملكى يمسك بمجدافه "أوزوريس" وبجانبه الإلهه العظيمة أمنا إيزيس تحمل صغيرها " حورس" الذى سينتقم لأبيه من عمه "ست" على الطريقة الشكسبيرية، إنه السياسى الشيوعى والناقد والأدبى والمترجم إبراهيم فتحى.
درس الطب لفترة قصيرة قبل أن يقرر تركه والإستدارة يسارا فى طريق العمل الشيوعى، كما بدأ رحلته مترجما، أول ترجماته كانت رواية "الهزيمة" للكاتب الروسى "فانز سيف" ليتابع رحلته بمزيد من الترجمات، وبعض المقالات فى نقد الشعر ليخص بها مجلة "المجلة" أولى المجلات الأدبية فى مصر التى كان يرأس تحريرها الأديب "يحيي حقى"، وكان يكتب لها أقلام فى قامة الدكتور "طه حسين" والأستاذ "محمود أمين العالم" وكبار كتّاب مصر والعالم العربى، وفى أوج الصراع والوحدة داخل الحركة الشيوعية المصرية جاءت أكبر الضربات لتلك الحركة فى يناير 1959، ليتم القبض على كل من له شبهة انتماء الى التيار الماركسى ويقذف بهم جميعا فى أتون الرمضاء، فى أبعد مكان بالصحراء، فى معتقل المحاريق بالواحات، وكان من بينهم ابراهيم فتحى، لمدة 5 سنوات تنتهى بالإفراج عام 1964 بعد أن صادق عبد الناصر قادة الإتحاد السوفييتى، وتبنى منهجا اشتراكيا منحازا للفقراء، وأصدر قوانين يوليو الإشتركية، واقترب الحزبين الشيوعيين من قرار الحل.
لكن عبد الناصر لم يلبث أن أصدر عام 1966 قرارا باعتقال "ابراهيم فتحى" وايداعه معتقل القلعة مع مجموعة من شباب الأدباء والشعراء منهم عبد الرحمن الأبنودى وسيد حجاب وجمال الغيطانى وصلاح عيسى وخليل كلفت وغالب هلسا وغيرهم بتهمة تكوين تنظيم شيوعى سرى، ومكثوا بالسجن الى أن حلّت هزيمة 1967 فتم الإفراج عنهم، وكانت تجربة قاسية بالنسبة لعدد من هؤلاء الشبان، لكن بالنسبة لصديقنا ابراهيم فتحى فكانت تلك التجربة بمثابة نزهة جعلته "كما قال" يقرأ ويكتب الكثير.
من ركام الهزيمة بدأت زمجرة وتمرد ذو الأفكار الإديولوجية وعلى رأسهم اليسار، وظهر ذلك فى بعض تجمعات اليسار بشقه القومى والإجتماعى حول بعض الإصدارات الثقافية منها تلك المجلات التى أصدرها "ابراهيم فتحى" كمجلة "جاليرى 67" و(جمعية كتاب الغد) ومؤتمر الأدباء الشبان 1968 وتوصياته الجادة، كما ظهر تجمع من خريجى "منظمة الشباب" وبعض الماركسيين حول مجلة "الطليعة" اليسارية.
بد ا ظهور حلقات يسارية صغيرة ذات طابع ثقافى وكان لتقاربها واندماجها مقدمة لظهور تنظيمات يسارية، منها مجموعتى "ابراهيم فتحى" و"خليل كلفت" بالقاهرة، ومجموعة أخرى بالأسكندرية أكبر نسبيا وأكثر وعيا كنا نطلق عليها "مجموعة باكوس" وتضم (فتح الله محروس وحسين شاهين وعبد المنعم ناطورة وابنه سعيد وطالب الصيدلة جمال عبد الفتاح "وهو الطالب الجامعى الوحيد تقريبا" وآخرين)، وكان لهذه المجموعة – كغيرها – صلات وثيقة بفصائل فلسطينية، كالشعبية "حبش" والديموقراطية "حواتمة"، وسبق وأن أرسلوا عنصر يقاتل معهم اسمه "صابر ربيع".
لا أكاد أصدق تلك القدرة الهائلة لهذا الرجل فى العمل ما بين الكتابة الأدبية العميقة والغزيرة وبين العمل السياسى الجاد وبين تلك الترجمات المتعددة فى آن واحد، فمنذ أن عمل مستشارا لدار الفكر المصرية, والتي كان يملكها ويديرها المناضل والمثقف لطف الله سليمان، وأصدرت هذه الدار عددا كبيرا من الكتب والترجمات, ساهمت في صياغة وسيادة مناخ فكري طليعي, وكان ذلك في عام 1958, وكان من إصدارات هذه الدار مسرحيات نعمان عاشور : الناس اللي فوق و الناس اللي تحت, وكتاب ثورة الجزائر لعلي الشلقامي، وكتاب الثورة العراقية لمحمد عودة, وألوان من القصة القصيرة المصرية قدم له الدكتور طه حسين, وكتب دراسة عن القصص للناقد محمود امين العالم، وصدر أيضا عنها الديوان الأول (كلمة سلام ) للشاعر صلاح جاهين وقدم له الشاعر كمال عبد الحليم، وكان لابراهيم فتحي دور في اختيار وتقرير نشر هذه الكتب, التي لعبت دورا أساسيا في صياغة مناخ ثقافي طليعي وتقدمي وثوري كبير في ذلك الوقت, قبل أن يغيب اليسار المصري كله في المعتقلات والسجون، أن ابراهيم فتحي هو الناقد الأهم الذي تابع وقرأ وكتب ونظر للكتابة جيل الستينات وله النصيب الأكبر في اكتشاف هذا الجيل لذاته الإبداعية، كما أن دراسته الطويلة «العالم الروائى عند نجيب محفوظ» تعد من أهم الدراسات التى كتبت عن أديب نوبل كما قال محفوظ ذلك بنفسه.
لتكتمل دائرة السجن بالنسبة لهذا المناضل فهو من القلائل الذين طالتهم السجون فى عهد مبارك، إذ اعتقلته السلطات في عام 1989 وهو يقترب من الستين من عمره، وكان معه المفكر الراحل الدكتور محمد السيد سعيد، وقد اطلقت إحدى المجلات الإنجليزية عليه (ناقد الرصيف).
فى تقديرى أن ابراهيم فتحى قامة فكرية صعب تجاوزها، فقد صاغ وحده "تقريبا" معظم الأدبيات المؤسسة لفكر "حزب العمال الشيوعى" فى بداياته المبكرة،
رغم أننى لم أقترب منه كثيرا فى حياتهالاّ أننى تعرفت عليه عن قرب فى سجن الحضرة بالأسكندرية فى سبعينات القرن الماضى، ولمرات محدودة بالأسكندرية حين كان يحضر لمتابعة القضية، حيث كان ينزل فى فندق صغير بجليم اسمه "سويس كوتاج" يملكه شيوعى قديم، كم كان انسانا رقيقا متواضغا ألوفا، كتب فى كل المواضيع، واستمع فى ندوته الأسبوعية بقهوة "على بابا" الى عشرات من الأدباء الشبان، مستمعا وقارئا وناقدا..وداعا المعلم الكبير..إبراهيم فتحى.



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المقاول والرئيس .. إذا اختلف اللصوص
- دور الأزهر في تخلف الخطاب الدينى
- الشعبوية في مصر بين الدين والسياسة والإقتصاد.
- الجماعة الإسلامية بمصر... شاهد عليها
- راقصات مصر في قلب السياسة
- حادثة إفك مارية القبطية
- خلية الأمل .. بين الحصار وضياع الأمل.
- فى الذكرى الثانية عشر لرحيل قديس اليسار/ أحمد نبيل الهلالى
- أسئلة حول المعلم يعقوب حنا القبطى
- الحراك الجزائري ..الى أين؟
- اتفاق الإعلان الدستورى في الخرطوم.. خطوة للأمام
- حول كتيب - مرض اليسارية الطفولى في الشيوعية- للينين
- عن سلطنة عمان .. وتنظيم الأسرة
- -سيدات القمر- للحارثية ..وتحولات سلطنة عمان
- ثورة ديسمبر في السودان وصراع الطبقات
- ما بعد إقرار التعديلات الدستورية في مصر
- رحيل الفنانة القديرة محسنة توفيق، أو -بهية- كما يعرفها المصر ...
- أمه راقية
- بين ثورتين (ثورة السودان وثورة 25 يناير في مصر)
- على هامش لقاء السيسى وترامب


المزيد.....




- مدير CIA يعلق على رفض -حماس- لمقترح اتفاق وقف إطلاق النار
- تراجع إيرادات قناة السويس بنسبة 60 %
- بايدن يتابع مسلسل زلات لسانه.. -لأن هذه هي أمريكا-!
- السفير الروسي ورئيس مجلس النواب الليبي يبحثان آخر المستجدات ...
- سي إن إن: تشاد تهدد واشنطن بفسخ الاتفاقية العسكرية معها
- سوريا تتحسب لرد إسرائيلي على أراضيها
- صحيفة: ضغط أمريكي على نتنياهو لقبول إقامة دولة فلسطينية مقاب ...
- استخباراتي أمريكي سابق: ستولتنبرغ ينافق بزعمه أن روسيا تشكل ...
- تصوير جوي يظهر اجتياح الفيضانات مقاطعة كورغان الروسية
- بعد الاتحاد الأوروبي.. عقوبات أمريكية بريطانية على إيران بسب ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - إبراهيم فتحى ..تلك الشجرة السامقة المثمرة