أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - أسئلة حول المعلم يعقوب حنا القبطى















المزيد.....

أسئلة حول المعلم يعقوب حنا القبطى


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 6320 - 2019 / 8 / 14 - 02:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما جاء "نابليون بونابرت" الى مصر كان لديه هاجسا خوفّوه منه كثيرا، وهو الخشية من رفض المصريين له ولجيشه " رغم مظالم المماليك وعنتهم" وذلك بسبب أنه يعتنق الديانة المسيحية وباعتباره بالضرورة عدوا للإسلام والمسلمين.
كان المصريين عموما تحت حكم المماليك والعثمانيين في أكثر حالاتهم من التخلف الفكرى ولم يبرع المماليك آنذاك الاّ في بناء المساجد والسبل والخانقاهات، كذلك فقد كان المسيحيون في مصر في أضعف حالاتهم، واقع عليهم طبقات متعددة من الإضطهاد، من العثمانيين، ومن المماليك حكام البلاد، ومن المصريين الذين يغلب عليهم التصوف وجل قراءاتهم هو كتابى القرآن وصحيح البخارى، فقد كان الأقباط، (وهم الفئة الوحيدة التي لا شك في انحدارها عن المصريين القدماء)، يُعامَلون معاملة مواطنين من الدرجة الثالثة في بلدهم. كانوا يدفعون الجزية ويُلزَمون بارتداء ملابس وشارات معينة (الزنار، وعمائم صفراء وزرقاء وسوداء. بل وصل التمييز إلى إلزامهم بوضع أجراس في أعناقهم في الحمامات العامة لتمييزهم عن المسلمين إذا تجرّدوا من ملابسهم، كما كان يُحظر عليهم ارتداء ملابس معينة (مثل العمائم الخضراء والبيضاء)، وكانوا يُمنعون من ركوب الخيل. كذلك، حُظر عليهم حمل السلاح، وتعلية دورهم على دور جيرانهم المسلمين، وإذا مرّوا بمسجد لا بد أن ينزلوا من فوق الحمار أو البغل احتراماً للمسجد، كما حُرّم عليهم المرور في القاهرة راكبين، ولم تكن شهادتهم تُقبَل في القضاء، وغيرها الكثير من القيود).
لم يلجأ بونابرت الى إدعاء الإسلام "كما أشيع" (فقد اعتبر ذلك لعبة ساذجة)، وذكر في البيان الذى وزعه حال وصول جيشه لمصر ( لسنا كفار العصور الهمجية الذين ياتون اليكم لمحاربه اديانكم , اننا نعترف بان ايمانكم رفيع القدر...)، وكتب عنه المؤرخ اليسارى الشهير "فرانسوا روا" (لم يتقدم مستعمر اوروبي الى البلاد الاسلامية وهو مشبع بروح التسامح والاحترام والعطف مثل بونابرت خصوصا وانه لم يفكر ابدا في اعمال التبشير لصالح الديانه المسيحية وكان بعيدا كل البعد عن اي اعتبار ديني يسئ الى الاسلام )، هذا لا ينفى عن الحملة الفرنسية أنها كانت استعمارية جاءت لإحتلال مصر، كما وجّه بونابرت جيشه قائلا " ان الشعوب التي سوف نعيش معهم يدينون بالاسلام واول ما يؤمنون به هو "لا اله الا الله ومحمد رسول الله " فلا تنازعوهم في ذلك , بل عاملوهم كما عاملتم اليهود والايطالين واحترموا رجال الدين كما احترمتم الحاخامات والمطارنه واظهروا للمواسم التي امر بها القرأن والمساجد نفس التسامح التي اظهرتموه ازاء الاديرة والمعابد وازاء ديانه موسي والمسيح "، ولم يحاول "خصوصا في المرحلة الأولى لحملته" أن يظهر تعاطفه مع الطائفة المسيحية وردا منه على مكاتبتهم له في ديسمبر 1798أجاب " استلمت الكتاب الذي ارسلته الى الامه القبطية . وانه من دواعي سروري حمايه هذه الامه التي لن تكون من الان فصاعدا موضع الاحتقار , وعندما تتيح الظروف الشيء الذي لا اره بعيدا قد اسمح لها بان تقيم شعائرها الدينية علانية كما هو الحال في اوروبا حيث يتابع كل انسان عقيدته ".
بالنسبة لموضوع "المعلم يعقوب" فمعظم المؤرخين الإسلاميين يتهمونه ابتداءا بالخيانة والعمالة، فكثير من الشواهد تؤيد ذلك الرأي، لقد تعاون بشكل صريح مع الفرنسيين وكوّن جيشا من طائفته لمحاربة الثوار الذين هبّوا ضد الحملة الفرنسية، وكذلك فإن كثير من الكتّاب المسيحيين لم يبرروا تصرف المعلم يعقوب ولم يدافعوا عنه بما فيه الكفاية "ربما لعدم اتهامهم بعداء المسلمين" وأن معظم من أظهر تفهما لموقفه كانوا من بين الكتاب المسلمين، بل أن "سلامه موسي" إعتمدعلى هذه الكتابات ليكتب في جريدة "مصر" القبطية عده مقالات يمجد فيها اعمال الجنرال يعقوب الذي اعتبره اول من رفع صوته في مصر واوروبا مطالبا بحريه البلاد واستقلالها من الاحتلال العثماني، ولكن من المستغرب أن يحاول العثمانيين الإستعانة به إبّان انسحاب الفرنسيين.
ولد يعقوب حنا بمركز ملوي محافظة المنيا عام 1745م لأسرة قبطية ميسورة الحال ، تلقى تعليم القراءة والكتابة والحساب بإحدى المكتبات القبطية داخل الكنيسة ثم عمل كبير المساعدين لبعض أبناء الأقباط العاملين بجمع الأموال والضرائب والحسابات ..ثم تلقى بعد ذلك عملاً لدى "سليمان أغا" رئيس الإنكشارية ” الجنود الجدد ” وقد كان سليمان من كبار أغنياء المماليك مما جعل يعقوب يمتلك ثروة كبيرة من عمله لديه تذكر بعض الروايات التي ينقلها المؤرخ يعقوب نخلة روفيلة أن الأمير الذي كان يعمل في خدمته سمح له بتعلم الفروسية، بعدما توسم خيراً في شجاعته ومواهبه القتالية، وهو ما يُعَدّ استثناءاً، بحال صحته، في تلك المرحلة حين لم يكن مسموحاً لقبطي أن يركب الخيل، فضلاً عن حمل السيف.أحب يعقوب حنا المماليك وزعمائهم لأنه كان مديناً لهم بالفضل لدرجة أنه قاتل معهم جيوش حسن باشا القادمة من الآستانة عام 1786 لتثبيت دعائم الحكم العثماني بمصر .
عرف "المعلم يعقوب" قبل الحملة الفرنسيية بحدة ذكائه وطموحه القوى، وكان يعمل "ككثير من الأقباط" في المسائل المالية لدى البكوات المماليك، وناصرهم في معاركهم المتعددة، ومنها معركتهم ضد الجيش العثمانى، ومشاركته في معركة "القبطان" التي اشتهر بعدها وأصبح من الوجهاء والأثرياء وأحد المراجع القبطية المعروفة والقيادية بين الأقباط، وهذا ما جذب قادة الحملة الفرنسية اليه مبكرا، وبعد استقرارالأمر نسبيا للفرنسيين بدؤوا بالإستعانة ببعض المسيحيين لمساعدتهم في ضبط الأمور المالية، فقرروا تعيين المعلم "جرجس الجوهري" مسؤلاً عن تنظيم الموارد المالية ، واستعان المعلم جرجس بيعقوب حنا عقب قيام يعقوب بعرض خدماته عليه وأخذ تزكية من الجنرال ديسيه الذي استعان به في حملته التي قام بها لإخضاع الصعيد ومطاردة جيش مراد بك وقد التحق يعقوب بالجنرال "ديزيه" واعجب اعجابا شديدا بهذا القائد الشاب لشجاعته ومهاراته الحربية، فما كان من "المعلم يعقوب" الا ان القي بقلمه واستل سيفه من غمده وخاض غمار معارك طاحنه وعرض نفسه للهلاك اكثر من مره الى جوار ديسيه، واعتبر نفسه جنديا من جنود بونابرت واخذ ينسي شيئا فشيئا اصله المصري القبطي، ومما يذكر أنه قاد فصيل من الجيش الفرنسي ضد قوة مملوكية في أسيوط واستطاع أن يحقق الانتصار ويهزم المماليك حتى تم تكريمه بتقديم تذكار له عبارة عن سيفٍ منقوش عليه ” معركة عين القوصية 24 ديسمبر 1798م.”
وبعد عودة نابليون بونابرت وبصحبته ديزيه لفرنسا، وقراره بتعيين الجنرال "كليبر" على رأس الجيش الفرنسي، كان أن استقر يعقوب في القاهرة يحيط به مجموعة مسلحة من الأقباط الذين عرفوا "بجيش المعلم يعقوب" كان يبلغ عدد افرادها 800 رجل وصفهم الجبرتي كما يلى " جمع شبان القبط وحلق لحاهم وزياهم بزي مشابهه لعسكر الفرنساوية مميزين عنهم بقبع يلبسونه على رؤسهم مشابه شكل البرنيطة وعليها قطعه فروه سوداء من جلد الغنم في غايه البشاعه مع مايضاف اليها من قبح صورهم وسواد اجسامهم وزفاره ابدانهم "، ويدل انحياز الجبرتى ضدهم على عنصرية، بالرغم من تشكيل مسلمين قبله لفرق تحارب الى جانب الفرنسيين، منهم فرقة "عمر القلعجى"، كما أن يعقوب حارب مع "كليبر" الذى أنعم عليه برتبة "كولينيل"
البعض يذكر أن جيش يعقوب لم يكن يجاهر بالحرب ضد الثوّار الذين يحاربون الفرنسيين ومنهم أقطاب من الطرق الصوفية، تحسبا لما ستأتى به الرياح، بل أنهم يذكرون أن الدور الرئيسى لتلك الفرقة كان حماية الأقباط وممتلكاتهم من إنتقام المسلمين " بصفتهم يحملون ديانة المستعمر الجديد"، ويذكرون أنهم سارعوا بحل تلك الفرقة بمجرد استعداد الفرنسيين للخروج من مصر.
خرج المعلم يعقوب بمن تبقى من جيشه في صحبة الجنود الفرنسيين العائدين، ويشاء القدر ان يصاب على السفينه التي كانت تقله الى فرنسا بمرض مجهول قضي نحبه على اثره، وبينما كان يحتضر طلب من الجنرال "بليار" الذي كان بجواره ان ينعم عليه بدفنه في قبر "ديزيه" نفسه القائد الفرنسي الذي لاقي حتفه في معارك اوروبا والذي كان يعقوب شديد التعلق به، ولكن لم تنفذ رغبته لانه توفي على ظهر الباخره، ولم يلقي قبطان السفينة بجثة يعقوب إلى البحر كالمعتاد في مثل هذه الحالة، بل استمع إلى رجاء من معه فاحتفظ بالجثة فى برميل من الخمر حتى وصلت السفينة إلى مارسيليا وهناك تم دفنه.
(كان ممَّن ركب في مصر السفينة بالاس تحت إمرتي، رجل قبطي من زعماء طائفته وله فيها نفوذ كبير. وقد منحه الفرنسيون لقب جنرال لينالوا تأييده. عنيت بعض العناية بهذا المنفي السيئ الحظ مما جعله يحادثني في [شؤون] بلاده. وقد صرح لي بأنه يعتقد أن أي أنواع الحكم في مصر أفضل من حكم الترك لها، وبأنه انضم للفرنسيين تلبية لباعث وطني علّه يخفف عن مواطنيه ما قاسوه).
هذا الاقتباس جزء من نص خطاب أرسله القبطان جوزيف إدموندس، ربّان السفينة الحربية بالاس، إلى اللورد الأول للبحرية الإنكليزية، بتاريخ 14 أكتوبر 1801، واعتقد أن ماورد في تلك الرسالة يفند القصة الشائعة لواحد من أكثر شخصيات مصر إثارة للجدل في العصر الحديث.
يذكرنى ما حدث من خروج يعقوب وجنوده مع الفرنسيين بما حدث في الجزائر بعد أكثر من قرن ونصف، حين خرج الجزائريين الذين حاربوا الى جانب الجيش الفرنسي بالجزائر (والذين يطلق عليهم الجزائريون لقب "الحركيين")، خانوا بلدهم وخرجو مع الجيش المستعمر غير مأسوف عليهم.السلام عليكم.



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحراك الجزائري ..الى أين؟
- اتفاق الإعلان الدستورى في الخرطوم.. خطوة للأمام
- حول كتيب - مرض اليسارية الطفولى في الشيوعية- للينين
- عن سلطنة عمان .. وتنظيم الأسرة
- -سيدات القمر- للحارثية ..وتحولات سلطنة عمان
- ثورة ديسمبر في السودان وصراع الطبقات
- ما بعد إقرار التعديلات الدستورية في مصر
- رحيل الفنانة القديرة محسنة توفيق، أو -بهية- كما يعرفها المصر ...
- أمه راقية
- بين ثورتين (ثورة السودان وثورة 25 يناير في مصر)
- على هامش لقاء السيسى وترامب
- الأيام الأخيرة في حياة -وفاء-
- دعاوى تعديل الدستور لتكريس إستبداد السلطة
- هل يوجد أمل فى إعادة النهج الديموقراطى لمصر؟
- الطريق الى ثورة 25 يناير
- قراءة جديدة لأحمد فؤاد نجم
- مرّة أخرى.. بين الشيخ والرئيس..خلاف مقنن.
- السترات الصفراء فى فرنسا.. ثورة أو ثورة مضادة؟
- بين الشيخ والرئيس
- الإستشراق المعكوس.. والحالة المصرية


المزيد.....




- فرنسا: الجمعية الوطنية تصادق على قانون يمنع التمييز على أساس ...
- مقتل 45 شخصا على الأقل في سقوط حافلة من على جسر في جنوب إفري ...
- جنرال أمريكي يوضح سبب عدم تزويد إسرائيل بكل الأسلحة التي طلب ...
- شاهد: إفطار مجاني للصائمين في طهران خلال شهر رمضان
- لافروف عن سيناريو -بوليتيكو- لعزل روسيا.. -ليحلموا.. ليس في ...
- روسيا تصنع غواصات نووية من جيل جديد
- الدفاع الأمريكية تكشف عن محادثات أولية بشأن تمويل -قوة لحفظ ...
- الجزائر تعلن إجلاء 45 طفلا فلسطينيا و6 جزائريين جرحى عبر مطا ...
- لافروف: الغرب يحاول إقناعنا بعدم ضلوع أوكرانيا في هجوم -كروك ...
- Vivo تكشف عن أحد أفضل الهواتف القابلة للطي (فيديو)


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - أسئلة حول المعلم يعقوب حنا القبطى