أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج منصور - العراق: لماذا العنف ضد المرأة؟















المزيد.....

العراق: لماذا العنف ضد المرأة؟


جورج منصور

الحوار المتمدن-العدد: 6362 - 2019 / 9 / 26 - 10:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في بادرة تحسب له، اطلق رئيس جمهورية العراق برهم صالح، يوم 15 ايلول (سبتمبر) 2019 مشروع قانون لحماية الأسرة من العنف وخاصة النساء والفتيات والاطفال، هدفه دفع الاذى عن الضحايا ومناهضة العنف بكل الاساليب والسبل، بإعتبار انه يتقاطع مع القيم الاجتماعية والتعاليم الدينية السمحاء ومع ما جاءت به الآيات القرأنية.

تعتبرمنظمة الأمم المتحدة ان العنف الذي يمارس ضد المرأة، هو: "اي فعل عنيف تدفع اليه عصبية الجنس ويترتب عليه، او يرجح ان يترتب عليه، أذى او معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسمانية او الجنسية او النفسية، بما في ذلك التهديد بافعال من هذا القبيل او القسر او الحرمان التعسفي في الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة او الخاصة".

لقد بات العنف ضد المرأة ظاهرة تؤثرعلى مصداقية وسمعة العراق في المحافل الدولية، بعد ان تصاعد بوتائرسريعة في السنوات الاخيرة. وزادت بعد عام 2003 جرائم " الشرف" والقتل "غسلا للعار" تزامنا مع انهيار الاوضاع الامنية وتزايد العنف الطائفي والانقسامات المجتمعية في البلاد. ويعتبر العنف الاسري ضد النساء امرا تحاول المؤسسات الحكومية المعنية إخفاءه وعدم الاعلان عنه، بينما تقيد الاعراف العشائرية والتقاليد البالية في المجتمع بحصره في دائرة مغلقة وعدم اثارته او تقديم الدعاوى الخاصة يه الى المحاكم المختصة.

لقد اصبحت ظاهرة انتحار النساء في العراق مقلقة وفي تزايد، وهي في نهاية المطاف تعكس حقيقة ازدياد العنف الاسري تحت طائل تأثيرات الوضع الاقتصادي والمعاشي المتردي وعدم تكافؤ الفرص والبطالة واستلاب حرية المرأة، إضافة الى عمليات الارهاب التي طالت حيواتها ودمرت آمالها ومستقبلها.

وكانت قد توفيت في بغداد، خلال آب (اغسطس) و أيلول (سبتمبر) 2018، ولإسباب مجهولة، خبيرة التجميل رفيف الياسري، وبعد أسبوع توفيت رشا الحسن (إعلامية وصاحبة مركز للتجميل في بغداد) ثم اغتيلت الناشطة العراقية سعاد العلي في أحد أبرز المناطق التجارية بالبصرة، بعدها اغتيلت ملكة جمال بغداد ووصيفة ملكة جمال العراق لعام 2015 تارة فارس، من دون أن تعلن وزارة الداخلية أو الجهات الأمنية المسؤولة الأسباب الحقيقية وراء ذلك.


وعلى رغم توقيع العراق على اتفاقيات دولية ومواثيق لحقوق الانسان وموافقته على اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) في عام 1986 وكونه طرفا في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وكذلك في اتفاقية حقوق الطفل، ولديه دستور يؤكد على: "تمنع كل اشكال العنف والتعسف في الاسرة والمدرسة والمجتمع" حسب ما جاء في المادة 29(4). بيد ان العراق اخفق في معالجة ملف مناهضة العنف ضد المرأة.

وتشكل بنود بعض المواد في الدستور العراقي وقوانين اخرى كذلك، عقبة كأداء في حل الإشكالات المتعلقة بحقوق المرأة. إذ تبيح المادة 41 من قانون العقوبات العراقي المرقم 111 لعام 1969 للزوج بمعاقبة زوجته: "تأديب الزوج لزوجته في حدود ما هو مقرر بمقتضى القانون". بالمقابل ليست هنالك قوانين نافذة ورادعة للجريمة المرتكبة بدوافع "الشرف" لا بل ان المادة 130 من الدستور العراقي تقضي يتخفيف عقوبة من اقترفها.

وإن قامت الحكومة الاتحادية في عام 2013 بوضع استراتيجية وطنية لمناهضة العنف ضد المرأة، إلا انه لم تجر اصلاحات تشريعية ولم يصدر قانون خاص لحماية الاسرة والحد من العنف ضد المرأة. بيد ان حكومة اقليم كردستان قامت في عام 2004 بحظر الاحكام المخفضة لمرتكبي جرائم "الشرف". واسست في العام 2007 اللجنة العليا لمناهضة العنف ضد المرأة، ترأسها رئيس الوزراء السابق نيجرفان بارزاني، وكان لي شرف العضوية فيها، وزيرا لمنظمات المجتمع المدني في حكومة الاقليم. وعلى ضوء اللجنة استحدثت محاكم خاصة للتعامل مع العنف الاسري.


وفي عام 2011 اقر البرلمان الكردستاني قانونا لمناهضة العنف الاسري، لمعالجة الزواج القسري والزواج المبكر وختان الاناث وقضية الانتحار بسبب العنف الاسري والمعاشرة الزوجية بالاكراه. وقامت حكومة الاقليم بالاعلان عن استراتيجية لتطوير اوضاع المرأة وتمكينها للفترة (2013- 2019)، إضافة الى الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة في الاقليم (2012- 2016). ورغم كل تلك التشريعات والقوانين، إلا ان العنف ضد المرأة ما زال يشكل تحديا كبيرا يخدش سمعة الاقليم.

وفي الوقت الذي يصعب فيه الحصول على معلومات دقيقة من الجهات الرسمية المختصة في الحكومة الاتحادية عن ضحايا العنف وحوادث القتل التي تطال النساء وحالات الانتحار التي تنهي حيواتها والعنف الذي يمارس ضدها، تقوم حكومة اقليم كردستان، من خلال المديرية العامة للعنف ضد المرأة، بتقديم حصيلة الحوادث الخاصة بالعنف ضد المرأة، كل ستة اشهر، معززة بالارقام والتفاصيل المطلوبة.

في بيان وجهته منظمة اليونيسيف التابعة للامم المتحدة، لإنهاء العنف ضد النساء في العراق، تشرين الثاني (نوفمبر) 2018 اكدت على ان " لاتزال النساء والفتيات من خلفيات مختلفة في العراق عرضة للعنف إن كان في المنازل او في المدرسة او في الاماكن العامة". وبحسب درسة اجراها صندوق الامم المتحدة للسكان ان "63 في المائة من حوادث العنف القائم على النوع الاجتماعي في العراق مرتكبة من قبل احد افراد الاسرة". واضافت الدراسة: "ان التهديد ومخاطر العنف لازالت قائمة ضد النساء والفتيات، لا سيما العنف الجنسي والاستغلال الجنسي والمضايقة، وزواج الاطفال في مناطق النزوح، وتلك التي يعود اليها النازحون، إذ يتم تزويج فتيات بعمر 12 سنة".

كما تبعث الارقام والاحصائيات التي اعلنتها المديرية العامة للحد من العنف ضد المرأة في اقليم كردستان، الجمعة (26 تموز 2019)، عن مقتل وانتحار 55 امرأة في النصف الأول من عام 2019 القلق والارتياب، لما وصلت اليه اوضاع المرأة الكردستانية، إذ قتلت 22 امرأة وانتحرت 32 آخريات. وفي صباح الاول من ايلول (سبتمبر) 2019 أفرغ (ئاكو قاسم) 6 رصاصات في جسد زوجته (شادية جاسم) امام محكمة اربيل وارداها قتيلة، ثم سلم نفسه للشرطة في مدينة أربيل.

ان بعض قوى المجتمع الذكوري ترفض حقوق المرأة، وتعمل على سلب حريتها والحيلولة دون مساواتها بالرجل، والدفع بها إلى الصف الخلفي لإضعاف حريتها من خلال الادعاء بـ "غسل العار" و "تطهير الشرف". وتشير الاحداث اليومية إلى تنامي ظاهرة قتل النساء في العراق، وهي لعمري ظاهرة خطيرة ينبغي التعجيل بوضع حدٍ لها، من خلال تكثيف العمل لإعادة بناء الإنسان وتثقيفه وفق الأسس المدنية والتنوير الديني والاجتماعي وتنشيط دور المنظمات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني في عملية مكافحة الآفات الاجتماعية القديمة والعادات والتقاليد البالية التي تتناقض مع تعاليم الأديان السماوية ولوائح حقوق الإنسان الدولية وحقوق المرأة ومفاهيم الحرية الفردية وحرية المجتمع وأسس التحول صوب المجتمع المدني المتطور. إضافة الى اهمية تشديد القوانين التي ترفض وتمنع وتعاقب من يرتكب جرائم ما يسمى بـ "غسل العار وتطهير الشرف" ونزع الحصانة القانونية عنه وإنزال أقسى العقوبات بكل من يتجاوز على حياة المرأة، والتأكيد على الالتزام بشعار "لااحد يعلو فوق القانون".

إن التقاليد والعادات والأعراف الاجتماعية البالية في حياة المجتمع لا تختفي بسرعة، إذ ان زوالها يتطلب، اضافة الى حملة توعية واسعة واصدار القوانين الرادعة، الى نهضة صناعية وزراعية وتعليمية وثقافية تبنى على اساسها القاعدة المادية الأمتن للمجتمع المدني المتطور، بعيدا عن نظرة المجتمع الذكوري الضيق الذي يعتبرالمرأة "سلعة" تباع وتشترى و ينعتها ب "ناقصة العقل".



#جورج_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تجيز إيران بيع ألاعضاء ألبشرية؟
- هل تضمد زيارة البابا جراح مسيحيي العراق؟
- العراق... ويسألونني عن هيبتك؟
- هل تصلح العلمانية نظاما لإدارة الحكم؟
- العراق: دولة الظل العميقة؟
- العراق: هل نرفع الرايات البيضاء؟
- صفارة إنذار اياد علاوي
- هل علاء مشذوب المغتال الاخير؟
- ايران.. رسالة السيستاني هل وصلت؟
- العراق: رئيس الوزراء والنفخ في قربة مثقوبة
- العراق: هل ضاعت الهوية الوطنية؟
- العراق: 70 جعجعة بلا طحن
- تفاؤل عراقي رغم التركة الثقيلة
- ألعراق... الفرهود الاكبر!
- ألحكومة العراقية: شكرا، الشروط غير متوافرة!
- ألعراق: صراع الديكة!!
- ألعراق: أما لليل ان ينجلي؟
- العراق: سلمتك بيد الله!!
- العراق: هل من بصيص أمل؟
- هل دم النساء العراقيات مباح وقتلهن مستباح؟


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج منصور - العراق: لماذا العنف ضد المرأة؟